تقرير: محمد أبو سبحة
(زمان التركية) ــ 2 مايو / آيار هو اليوم العالمي لحرية الصحافة، لكن كغيرها، تراجعت حرية الصحافة في تركيا بشكل ملحوظ في العامين الأخيرين، وتحديدًا منذ إعلان “حالة الطوارئ” في البلاد عقب الانقلاب العسكري الفاشل في منتصف يوليو/ تموز 2016، فباتت “معاناة الصحافة والصحفيين” في تركيا عنوانًا لتقارير المنظمات والهيئات الدولية المعنية بالحريات وحقوق الإنسان.
فهناك 145 صحفيًا وعاملاً في مجال الصحافة ما زالوا يقبعون في السجون التركية منذ وقوع انقلاب عام 2016.
وفي 25 أبريل/ نيسان الماضي قضت محكمة تركية في إسطنبول بسجن 14 من موظفي صحيفة (جمهوريت) التركية المعارضة بتهم دعم “الإرهاب”، وبرأت ثلاثة في قضية وصفت بأنها “مسيسة” وتمس حرية الصحافة تحت حكم الرئيس رجيب طيب أردوغان.
وتعليقا على ذلك قالت منظمة العفو الدولية إنه على تركيا التوقف عن استخدام “حالة الطوارئ” كذريعة للتضييق على الصحفيين والمعارضة والحقوقيين وقادة المجتمع المدني.
وجاء في التقرير للمنظمة بعنوان “مواجهة العاصفة” أن “الحكومة التركية تواصل استخدام حالة الطوارئ لتقليص المساحة المخصصة لوجهات النظر المعارضة أو البديلة”، وأضاف “لقد حان الوقت لأن ترفع تركيا حالة الطوارئ المفروضة حاليا والتدابير الصارمة التي رافقتها والتي تتجاوز الإجراءات الشرعية لمكافحة تهديدات للأمن القومي”.
واستمرارًا لمسلسل إغلاق الصحف وتأميمها في تركيا، الذي كانت صحيفة “زمان” أول ضحاياه، داهمت قوات الأمن التركية نهاية شهر مارس/ أذار الماضي المقر الرئيسي لجريدة (أوزجورلوكجو ديموقراسي) الكردية والمطبعة الخاصة بعد تغطياتها الخبرية التي كانت تعارض عملية “غصن الزيتون” العسكرية في عفرين السورية، وأعلنت السلطات التركية مصادرة ممتلكات الصحيفة المعارضة وتعيين وصي على الصحيفة والمطبعة وتحويل ممتلكاتها إلى “صندوق تأمين الودائع الادخارية” التابعة لرئاسة الوزراء.
العمل في الصحافة “محط شبهات”:
وصنف مؤشر منظمة صحفيون بلا حدود حرية الصحافة في تركيا لعام 2017 في المرتبة 155 من بين 180 دولة. مفيداً أن انتقاد الحكومة، والعمل في مؤسسة إعلامية، محط شبهات والتواصل مع مصادر حساسة أو استخدام تطبيق مراسلات مشفرة تسبب في اعتقال الصحفيين في تركيا بتهمة الإرهاب.
فالسلطات التركية أقدمت على إغلاق نحو 178 مؤسسة إعلامية بحجة دعم انقلاب 2016، خلال الفترة بين 20 يوليو/ تموز و 31 ديسمبر/ كانون الأول عام 2016 وسجن نحو 150 صحفياً للسبب نفسه.
وطالب الشهر الماضي تقرير المفوضية الأوروبية السنوي تركيا باعتبارها متقدمة للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، بإنهاء الاعتقال المؤقت المنافي للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والإفراج عن الصحفيين والكتاب والأكاديميين والناشطين الحقوقيين.
وفرضت الحكومة التركية سيطرتها على مؤسسة الاتصالات والإنترنت منذ فبراير/ شباط 2014، عقب تمريرها قانونًا يسمح بفرض الرقابة الشاملة على شبكة الإنترنت، والاحتفاظ ببيانات مستخدمي الشبكة العنكبوتية بين سنة وسنتين.
أردوغان: أناضل من أجل الصحفيين!:
ومطلع العام الحالي منحت لجنة حماية الصحفيين ومركزها مدينة نيويورك الأمريكية، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جائزتين في فئتين من بين 5 فئات لانتهاكات حرية الصحافة.
وحصد أردوغان المركز الأول، متفوقا على الرئيس الأمركي دونالد ترامب، في فئة زعماء العالم الذين لا يتحملون الانتقاد، وأرجعت اللجنة الأمر إلى استهداف السلطات التركية باستمرار الصحفيين والقنوات الإخبارية ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في فضايا إهانة أردوغان.
لكن أردوغان بعدها بيومين وجه رسالة إلى الصحفيين الأتراك بمناسبة يوم الصحفيين، الموافق العاشر من يناير/كانون الثاني، قال فيها إنه “ناضل من أجل حرية الصحافة”!
وأضاف أردوغان في رسالته أنه ناضل كي تتمكن الأصوات والثقافات المختلفة من التعبير عن نفسها وأفكارها بحرية تامة، على الرغم من تضرره من الإعلام على مدار مسيرته السياسية، مشددا على أنه سيواصل نضاله من أجلهم.
وزعم أردوغان أن تركيا حاليا تقع ضمن الدول المتقدمة في حرية الصحافة وتكنولوجيا الاتصالات الحديثة والتواصل الاجتماعي والصحافة الإلكترونية، متمنيا أن يحصل الصحفيون العاملون على أجواء صحفية تتمتع بأجواء عمل مريحة ويحصلون فيها على حقوقهم وتمكنهم من تطوير أنفسهم.
تضييق اقتصادي على الصحف والصحفيين في تركيا:
وفي محاولة للتضييق الاقتصادي على الصحف المحلية، مرر البرلمان أوائل العام حزمة من القوانين، أفقدت الصحف المحلية نصيبها من الإعلانات الرسمية، حيث يوجد نحو 1156 صحيفة محلية يحق لها الحصول على نصيب من الإعلانات الرسمية على الصعيدين المحلي والإقليمي، خرج 90 بالمئة منها من الحسبان.
ولوحظ أن الإعلانات الرسمية مثل إفلاس الشركات وغيرها نشرت عقب تمرير تلك القوانين على الموقع الإلكتروني لهيئة الإعلانات الصحفية وحدها بدلاً من نشرها في الصحف المحلية، بعد أن كانت الإعلانات الرسمية تعد في الماضي من أهم مصادر دخل الصحف المحلية التي تعاني من مشاكل مالية في الوقت الراهن.
وفي السياق ذاته، باتت معدلات توظيف الصحفيين في تركيا الأدنى من بين الوظائف الأخرى، وتشير بيانات هيئة الإحصاء التركية إلى أن عدد معدلات التوظيف في قطاع الصحافة والإعلام بلغت 54.6 في المئة، ويقول مراقبون إن العمل في المهنة بات يمثل “خطرًا” على أصحابها، فقرر بعضهم هجر المهنه أو حتى الهجرة من تركيا..