باريس (زمان التركية)ــ تحدث الكاتب الروائي التركي أورهان باموق الحاصل على جائزة نوبل للأدب عام 2006 في حوار مع المجلة الفلسفية، خلال تواجده بمدينة باريس، عن انقلاب تركيا وتحولها نحو “نظام أوتوقراطي” حسب وصفه.
وأورهان باموق، واجه الكثير من المصاعب بسبب جرأته، ومعروف عنه الوقوف على الحياد. وبحسب التعريف الذي جاء في مقدمة الحوار فهو “ديمقراطي شجاع، دافع دائما عن حرية التعبير غير متردد على الدوام بهذا الخصوص، .. كسر الطابو حينما أقر بمسؤولية بلده في تصفية الأرمينيين عام 1915 .توبع قضائيا، وتعرض لتهديدات بالقتل، فكان ضروريا أن يغادر. كي يعاود الكرة بشكل أفضل.هكذا يكرر اليوم أيضا، بصوت متزن لكن بلهجة حازمة : (لا مستقبل لبلد دون حرية التعبير!) ”
أكد الروائي التركي أورهان باموق في حواره مع أنه لا يوجد للأتراك أي مبرر ولا بديل عن “حرية التعبير”، وحول ما شهدته تركيا طيلة فترة حكم العدالة والتنمية، قال: “أنا سعيد للتطورات الاقتصادية التي عاشتها تركيا طيلة السنوات الخمسة عشر الأخيرة، لكن لا مستقبل مع انعدام حرية التعبير. إمكانية التطرق إلى ما وقع سنة 1915 -مذابح الأرمن-، تشكل قضية لحرية التعبير. حاليًا، نحن قلقون من القمع، وفقدان الحرية. نعاين أشياء مرعبة. فبعد محاولة الانقلاب الفاشلة سنة 2016، أسرعوا إلى طرد 130 ألف شخص، قضاة، وموظفين في سلك الشرطة.بعضهم، لم يعثر ثانية على عمل، فوقعت مجموعة من حالات الانتحار، ولا أحد يتكلم عن ذلك في الصحف. أيضا، اعتُقل ما يناهز 50 ألف شخص، والعديد منهم دون محاكمة، مما يحيلنا على أسوأ الروايات الكافكاوية. ألقي ب 70 صحفيا في السجن واتهامهم بالإرهاب. هكذا مشهد الوضعية مثلما تبلور خلال السنوات الثلاث الأخيرة. أنا غاضب وقلق جدا، بكل أسف صارت الأوتوقراطية تفرض نفسها أكثر مما أمكنني تصوره.
موكدا على أن هناك “نسبة 49% من الأفراد يرفضون وجود هؤلاء على سدة الحكم، ومن الصعوبة أن تجبرهم على أي شيء، ينبغي تذكر ذلك”.
ورغم اعترافه بأن بأن تركيا لاتنعم بديمقراطية، إلا أن باموق يرى أنه “حتى في ظل سلطة دولة قذرة، نعتبر النموذج الأكثر ديمقراطية مقارنة مع باقي البلدان الإسلامية، ونتباهى بذلك. إذن، الوضع معقد جدا. القضايا التي أستحضرها في رواياتي تسكن قلوب كل الأتراك.لاشيء أسود أو أبيض. فلا يوجدة،من جهة مسلمون متخلفون، ثم آخرون ليسوا كذلك. الوضع تتجاذبه الأطراف، مرتبك، وتمتزج ضمنه المواقع بالأشياء، وهذا هو المهم”.
وحول ما يقوم به الآن في مثل هذه الظروف، قال الكاتب الروائي التركي أورهان باموق،: “أكتب روايات. ليس من أجل تغيير المجتمع. بالتأكيد، يمثل هذا السعي إحدى محفزاتي، لكن يبقى بعده في غاية الصغر. مادمت أومن أكثر في مفعول التأويلات الصحفية. أحيانًا، تشعر بأنك مكبوت، فتنزع بالتالي إلى الإدلاء بآراء سياسية، ممارسا هذا التطهير. غير أنهم لم يتابعوني قط بسبب رواياتي، لكن دائما جراء أحاديثي إلى الصحافة”.
وتشهد تركيا تراجعًا حادًا في الحريات العامة وانتهاكات شديدة لحقوق الإنسان، منذ انقلاب يوليو/ تموز عام 2016، الذي شهد عودة العمل بحالة الطوارئ، التي مكنت لكل تلك التجاوزات.