برلين (زمان التركية)ــ قارن الكاتب ماجد ع محمد في مقال نشر له بموقع (باسنيوز) الكردي بين الأجواء في عفرين خلال سيطرة حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي على المدينة الواقعة شمال سوريا، وما حل بها بعد سيطرة الفصائل التي قادتها تركيا للسيطرة على المدينة ذات الغالبية الكردية قبل شهر.
وقال الكاتب الكردي إنه قبل العملية العسكرية في عفرين “المنطقة كانت تعيش حالة التعبئة الأيديولوجية الأوجلانية، وكانت عقلية التفرد والشمولية والاحتكار والاستبداد هي المهيمنة من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي والأجنحة العسكرية التابعة له، وقد منع الحزب الوكيل انتعاش الحياة السياسية في المنطقة، وفرضَ الأتاوات على المواطنين بوجهٍ عام، وساق الشباب للقتال في مناطق لا تعني أهل المنطقة بشيء، وجعل المنطقة كلها بلون أيديولوجي يميل إلى التكلس العقائدي، يثير الغيظ ويبعث على النفور، ومن ثم إبعاده لكل أصحاب الاختصاص والشهادات العليا، وحكر السلطة وتوزيع المناصب على الموالين لتلك الأيديولوجيا، ومن ثم اعتماده على كل المنافقين والمصفقين لها من فئة المتلونين الذين كانوا مصفقين لحزب البعث العربي الاشتراكي قبله كما غدوا مصفقين للجيش الحر بعده!!”
ويرصد الكاتب أيضًا الوضع بعد أن سيطر الجيش الحر على مركز مدينة عفرين في بقوله “انتقلت من الحفرة إلى الهاوية؛ إذ بالرغم من نفورهم من العقل الشمولي برمته للسلطة السابقة، إلاّ أنهم راحوا يسردون حالة ما تعيشه المنطقة راهناً فيقولون: بأن المنطقة كانت سابقاً أهدأ وأأمن منطقة في محافظتي حلب وادلب! بينما الآن فهي تعيش حالة الفوضى العارمة، فلا أمن ولا أمان ولا استقرار ولا بمقدور المواطن السير من قرية إلى قرية أخرى بدون خوف التعرض إما للابتزاز أو للسرقة أو السلب والنهب والسطو المسلح، كما يشيرون إلى أن الحزب السابق رغم علمانيته إلاّ أنه لم يكن ليتدخل في شؤون الدين وعقائد الناس فيها، إلاّ اللهم من باب استثمار أصحابها سياسياً، بينما اليوم فاليزيدي لا يتجرأ على أن يعلن عن هويته أو يمارس طقوسه الدينية، والمزارات أهينت على مرأى العامة من قبل بعض الفصائل الراديكالية، والمواطن يعيش في بيته وهو مرعوب ولا يعرف متى ينقضون على منزله، فحالة الخوف والقلق والرعب يعيشها العفريني منذ سيطرة المقاتلين التابعين لتركيا على عفرين، مؤكدين بأنه حتى مجرد مفهوم الحرية لم يعد له أثر، لا قولاً ولا عملاً، باعتبار أن اللون الاسلاموي غلّف سماء المنطقة برمتها، وبأن نساء وبنات عفرين حرمن من كل شيء اسمه السفوربعد غزوة عفرين، وغدا الحجاب سيّد الموقف لدى كل إناث المنطقة، والأهم من ذلك كله أنه طوال السنوات السابقة لم تشهد المنطقة أية حالة من حالات اغتصاب النساء لا من قِبل أنصار الحزب ولا من قِبل أحد من عناصر فصائله العسكرية، بينما اليوم وخلال أقل من شهر على دخول الفصائل إلى عفرين، فتحدث النشطاء عن حالات اغتصاب من قبل بعض العناصر الهمجية التي تحتفي بارث التخلف، والمتكئين على فقرات من الثقافة الثيوقراطية التي لم تعد تناسب الإنسان في هذا الزمان، مثل: السبي والغنائم، تلك الثقافة التي لا تتواءم البتة مع ما جاء في الاعلان العالمي لحقوق الانسان، كما تتعارض جملةً وتفصيلا مع صلب قيم الديمقراطية والليبرالية في العصر الراهن”.
وتسائل الكاتب ماجد ع محمد بعد المقارنة التي أجراها بين أجواء المرحلتين، بالقول “فهل هناك بشرى يؤمن بحرية الإنسان وكرامته وأمنه وأمانه الفردي أو المجتمعي يفضل الفوضى على الاستقرار؟ وهل ثمة مَن بمقدوره وبكل عنجهية أن يقول بأن المنطقه تحررت بينما هي عملياً دخلت مرحلة ظلامية أخرى؟ ”
وأضاف “صار خوفاً من إرهاب الفصائل حتى بعض الملحدين يرتادون الجوامع، والعلماني غدا يشعر بأنه في قندهار وليس في عفرين المعروفة بلا تدينها، كما أن عفرين لِمن لا يعرفها واقعياً، فقبل دخول جحافل المقاتلين إليها كان نسبة الفتيات المحجبات فيها لا تتجاوز 10% في كل المنطقة، بينما اليوم بفضل بعض الكتائب الفالحة في ممارسة الإرهاب الديني، فمن الرعب الذي تعيشه النساء في المنطقة فقد لا يجد المراقب امرأة سافرة في كل عفرين.
عموماً ما من حنينٍ يشد الإنسان العاقل إلى مرحلة حكم الفكر الشمولي الصّلد، ليس تهرباً من الاعتراف بحقيقة أن الوضع في عفرين هو أسوأ بكثير مما كان عليه من كل النواحي، وأن عفرين بالتالي انتقلت من حكم وسطوة الأيديولوجيا القنديلية إلى حكم فئة لا تشبه إلاّ قندهار الأفغانية؛ إنما العاقل يقول هذا من ذاك، وأن خلاص العفرينيين مرهون فقط بدحر العسكر وعودة المجتمع المدني، ونعيد القول بأن السابق واللاحق على سويةٍ واحدة، باعتبار أن الطرفين شموليين، أحدهما شمولي يميني والآخر شمولي يساري؛ والسابق مشاركٌ في الخراب كاللاحق”.
وختم الكاتب ماجد ع محمد مقاله محملا تركيا ما آلت وستؤول إليه الأمور في عفرين، وقال “تركيا الآنكدولة علمانية تعتبر نفسها من أولى الدول الديمقراطية في الشرق الأوسط، فهي مسؤولة قبل أي جهة أخرى عن انتشار الفكر الظلامي على حدودها، كما أنها تتحمل كل ما يحصل في عفرين من سلب ونهب وسطو وابتزاز بحق أبناء عفرين من قبل بعض الكتائب المقاتلة، كما أنها مسؤولة عن أمن وسلام واستقرار المنطقة برمتها، باعتبار أنها أنهت حكم الإدارة السابقة التي كانت على الأقل قد حققت السلم والأمان لمواطني المنطقة طوال حكمها، وتركيا الآن بما أنها وضعت يدها على عفرين بناءً على التوافقات الدولية، وغدت عفرين علناً من مناطق نفوذها أمام العالم، فهي مسؤولة إذن أمام المجتمع المحلي والدولي عن كل الانتهاكات اليومية التي تحصل بحق أبنائها،بما أن الكتائب المقاتلة التي سيطرت على عفرين تدربت داخل أراضيها، وتسلحت من قِبلها، ودخلت بأمرتها، وحاربت تحت رايتها.”