إسطنبول (زمان التركية) – في هذا الخبر ستقرأون القصة المأساوية للأطفال الذين يقبعون في سجون تركيا بسبب اعتقال أمهاتهم بتهمة مجرد الانتماء إلى حركة الخدمة من دون توجيه تهمة مادية ملموسة أو المشاركة في محاولة الانقلاب الفاشلة، وذلك استنادًا إلى قرارات حالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس رجب طيب أردوغان بدعوى التصدي لمحاولة الانقلاب ثم تحولت إلى أداة لقمع المعارضين أو المختلفين معه.
يذكر أن الإحصاءات الرسمية تكشف أن سجون تركيا تضمّ حوالي 18 ألف سيدة ومعهن أطفال يبلغ عددهم نحو 700 طفل، وذلك بتهمة ارتباطهن بملهم حركة الخدمة الداعية الإسلامي قتح الله كولن الذي يتهمه أردوغان بتدبير الانقلاب الفاشل، إلا أنه رفض الاستجابة لدعوة كولن بتشكيل لجنة دولية لتقصي حقائق هذا الانقلاب والكشف عن المجرمين الحقيقيين الذين يقفون وراءه والمحرضين عليه، على الرغم من أن كولن أعلن استعداده للعودة إلى تركيا والقتل شنقًا إذا ما أثبتت هذه اللجنة ولو واحدًا من اتهامات أردوغان.
نقدم لكم المؤتمر الصحفي الذي عقدته الكاتبة الصحفية الشابة “نور أنير كيلينتش” من صحيفة “يني آسيا” التركية بعد خروجه من السجن، وكلماته تجسد المعاناة الكبيرة التي يتعرض لها الأطفال الرضع في ظروف السجن، على الرغم من أن القانون ينص على عدم سجن الأم المرضعة.
السلام عليكم!
هذا ليس سلامي وإنما أبلغكم سلام النساء الأسيرات في السجون
أبلغكم سلام الشابات المظلومات اللائي أرسلنه برفقة دموعهنّ
عندما جاء موعد الإفراج عني بعد 357 يومًا من السجن
ودّعتني زميلاتي في السجن بدموعهنّ
وأكدْن أنهنّ لن ينسين ما فعله المشرفون على صحيفة “يني آسيا” من أجلهن
لا أريد أن أحزنكم بالحديث عما تعرضت له من تعذيب نفسي وانتهاكات
الموضوع الوحيد الذي سأتحدث عنه هو الأطفال الأسرى في السجون
ما أصعب أن يكون لك طفل خلف القضبان!
هذه الصالة مكتظة الآن بالأمهات والآباء
بقاء الطفل محصورًا بين علبة خرسانية صعب للغاية
بالتأكيد الأمهات يعرفن جيدًا
فالأطفال إذا أرادوا تناول شيء معين لا يأكلون غيره
كان هناك أطفال يريدون أكل بطاطا مقلية
ولأنها غير موجودة كانوا لا يأكلون شيئًا لثلاثة أو أربعة أيام
لعدم وجود بطاطا مقلية
عندها لا تعرف الأم ماذا تفعل؟
بعض الأطفال يظنون أن السجن مكان عمل أمهاتهم
والبعض الآخر يعتقدون أنه سكن طلابي
والبعض يعتقدون أن الأمهات يعملن هناك كطبيبات أو معلمات
دائمًا يقولون: متى سينتهي العمل لنذهب يا أمي؟!
لا نريدك أن تعملي وتكسبي!
متى سنخرج من هنا؟ أين أبي؟!
مَن هؤلاء العسكريون والحراس؟
الطفل الذي يعتقد أن أمه في السجن لكسب النقود
يبدأ يشعر بالكراهية تجاه كل شيء متعلق بالنقود
حتى كان هناك أطفال يرفضون خلع ملابسهم الوسخة
ويقولون لأمهاتهم إنهم لا يريدون منها ملابس جديدة
بل يريدون أن يخرجوا من هنا
أعمار هؤلاء تتراوح ما بين ثلاثة أو أربعة
لذا أسألكم أن تدعوا لهؤلاء الأطفال كثيرًا
عندما أطلقوا سراحي بعد 357 يومًا
لو كانوا سألوني: هل تريدين أن تخرجي من هنا
أم تريدين أن يخرج الطفل عاكف البالغ من العمر 30 يومًا فقط
ومعه أمه وشقيقه مراد البالغ 4 سنوات فقط؟
لكنت طلبت منهم أن يطلقوا سراحهم دون أدنى تردد!
فقد كتبت في صحيفتنا عن الصعوبات التي تواجه الأطفال
وعن عدم وجود ألعاب وأقلام ليلعب بها الأطفال
لكن كما يقال: إذا كان إيمان فهناك إمكان دائمًا!
لذلك كنت أقضي معظم وقتي في سبيل إسعاد الأطفال
من خلال الاهتمام بهم وقراءة الكتب معهم
كنت ألعب مع الأطفال كأنني أسجل قيدهم في المدرسة
من خلال الجلوس على طاولة بلاستيكية
لكن سأل أحدهم: هل يمكن أن تكون مدرسة بدون حقائب؟!
صنعنا حقائب مدرسية بقطع الملابس المستخدمة في المطبخ!
لقد أحضرت لكم بعض الأدوات التي يلعب بها الأطفال في السجن
هاتان علبتا أدوية صنعنا منهما سيارة للطفل مراد
مراد كان يضمّها وينام معها ولا يعطيها أحدًا
لأنها كانت لعبتها الوحيدة
وهذه عجلات السيارة صنعناها من الأغطية البلاستيكية
أما هذا الذي يشبه بالجيلاتين المغطي للسيارة
فصنعنا من أكياس الشاي!
مراد كان يقف أمام القمامة ويمنع النساء من إلقاء الأشياء فيها
ويقول لهن: أختي نور ستصنع منها ألعابًا لنا لا تلقوها!
وهذه الدمية صنعناها من الجوارب وفي داخلها قطن
الأطفال كانوا يلعبون بها ولا يتركونها أبدًا
أمّ عاكف أرسلت معي منديل طفلها البالغ 30 يومًا فقط
سأسلمه لرئيس تحريرنا الأستاذ كاظم كولتشيوز
وهو أعلم أين سنحتفظ به