القاهرة (زمان التركية)ــ عقدت مؤسسة ياسر عرفات، اليوم الثلاثاء الاجتماع الحادي عشر لمجلس أمنائها، في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، بالتزامن مع إعلان الإدارة الأمريكية عن تسريع عملية نقل سفارتها إلى القدس المحتلة في مايو/ أيار القادم.
وبدأ الاجتماع، بكلمة رئيس مجلس أمناء المؤسسة، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وقال إنه لا يصح أن يتسرب اليأس إلى قلوبنا بشأن القضية الفلسطينية، وأكد أنه طالما هناك صمود، فهناك حقوق يدافع عنها شعوبها.
وأضاف: ما زال هناك أمل وجميع الفلسطينيين صامدون، وركز على ضرورة التوصل إلى إطار للعمل الجماعي في إطار العمل المدني، مشددا على أن تغيرات العالم السريعة، لا يجب أن تؤثر على مسار العمل العربي.
من جهته، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن الجامعة العربية تضم صوتها إلى صوت الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في مطالبة المجتمع الدولي بالتفكير في آلية دولية متعددة الأطراف لرعاية عملية السلام، تضم جميع القوى الدولية والإقليمية الفاعلة والمؤثرة، تنبثق عن مؤتمر دولي يعقد منتصف العام الجاري، ويلتزم الأسس المرجعية لعملية السلام بين فلسطين وإسرائيل، ويضع إطارا زمنيا محددا لمفاوضات الحل النهائي.
وأضاف أبو الغيط: في كلمته التي ألقاها نيابة عنه الأمين العام المساعد للجامعة للشؤون السياسية السفير حسام زكي، خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماع مجلس الأمناء، إن القضية تمر بواحدة من المنعطفات الصعبة والتاريخية، علينا عربا وفلسطينيين، شعوبا وقيادات، نخبا ومثقفين، أن نكون على قدر هذه المسؤولية التي تفرضها علينا اللحظة، وأن تأتي استجابتنا في مستوى التحدي الذي يواجهنا.
وقال إن الموقف صار واضحاً تماماً. ثمة محاولة مكشوفة لتصفية القضية الفلسطينية وتفريغها من محتواها الوطني والإنساني. نحن لا نتحدث عن حدث معزول أو تطور عارض، وإنما عن سياسة ممنهجة اتبعها للأسف الطرف الذي يُفترض فيه الاضطلاع بدور الوساطة النزيهة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
معتبرا أن القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ثم الإعلان منذ أيام عن اعتزام الولايات المتحدة نقل سفارتها إلى المدينة المحتلة في مايو القادم، تزامناً مع الذكرى السبعين للنكبة .. يعكس انحيازاً كاملاً للطرف الإسرائيلي، وغياب أي قراءة منصفة لطبيعة وتاريخ النزاع القائم في المنطقة منذ عقود.
وأكد أن هذا القرار يُمثل الحلقة الأخطر في سلسلة متواصلة من الإجراءات والقرارات تصب كلها في اتجاه فرض الأمر الواقع على الفلسطينيين، وإجبارهم على التنازل عن الثوابت الجوهرية للمشروع الوطني الفلسطيني، وفي القلب منه إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة. والهدف واضحٌ، ولم يخفه أركان الإدارة الأمريكية ذاتها الذين تحدثوا عن إزاحة قضايا القدس واللاجئين من طاولة التفاوض. علامَ يكون التفاوض إذاً؟ وأي معنى يبقى لقضايا الحل النهائي إن لم يكن من بينها ملفا القدس واللاجئين؟
وزاد: إن الموقف الفلسطيني حيال هذه السياسة الأمريكية غير الرشيدة هو أبعد ما يكون عن المزايدة أو التطرف. لقد أعرب الرئيس أبومازن عن استعداده للتفاوض، على أساس المرجعيات المعروفة للعملية السلمية كما تجسدها القرارات الدولية وكما رسم مسارها اتفاق أوسلو. أما الحلول الجزئية والمؤقتة فهي مرفوضة جملة وتفصيلاً.. شكلاً ومضموناً. وأما محاولات التمهيد لتفريغ القضية من محتواها عبر إجراءات مثل نقل السفارة الأمريكية للقدس أو تقليص دعم الأونروا – توطئة للقضاء عليها- فلن يكون من شأنها سوى عزل الطرف الذي يحاول تمريرها وفرضها على الشعب الفلسطيني، ومن ثمَّ تعطيل المسار السلمي وتجميده.
وختم قائلاً: لم نكن في أي وقت أحوج من استذكار وتدبر إرث الرئيس الشهيد ياسر عرفات مما نحن الآن، ذلك أن اللحظة الحالية هي لحظة صمود واستمساك بالثوابت الوطنية ودفاع عن جوهر القضية التي من أجلها عاش ومات عرفات. وما من شكٍ في أن كل جهدٍ تقوم به مؤسسة عرفات من أجل الحفاظ على سيرة القائد المؤسس ونشر الوعي بها بين الأجيال الجديدة .. هو جهد تشتد إليه الحاجة اليوم. فالشعب الفلسطيني، ومن ورائه الشعوب العربية جميعاً، تحتاج إلى ما ينعش ذاكرتها ويكرس وعيها بذاتها ويحفزها على الدفاع عن مُقدساتها وثوابتها الوطنية والإنسانية. كل التحية والتقدير لما تبذله هذه المؤسسة من صيانة للتاريخ انتصاراً للحاضر والمستقبل بإذن الله.