(زمان التركية)ــ رأي الكاتب عدنان عبدالرزاق في مقال له بموقع (زمان الوصل) أنه سيكون من الأفضل لو ترك رئيس النظام السوري بشار الأسد مكانه رسميا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأن تتفاوض روسيا مباشرة مع تركيا فيما يخص وجودها بسوريا.
وجاء ربما من المنطق والضرورة، استبدال الأسد ببوتين، خلال أي حديث عن قرار سوري، إذ لم يعد لبشار الأسد، بعد أن سلم زمام أموره للرئيس الروسي، أي قرار، حتى داخل سورية، ولو من قبيل زيارة مدينة حلب لاستثمار “تحريرها” إعلامياً وشعبياً، رغم حاجته الماسة، لإعادة ولو شيء من ماء الوجه، بعد الإهانات المتكررة التي لاقاها، ربما أفقعها بالمستعمرة الروسية في حميميم.
لذا، الحديث عن تركيا والأسد، لا بد أن تمر من روسيا، إن لم نقل حصرها بروسيا المحتلة للأرض والقرار والثروات السورية، ما يدفعنا للسؤال أولاً، عن التقارب التركي الروسي، وهل وصل مرحلة التحالف.
أعتقد أن إسقاط تركيا للطائرة الروسية في تشرين الثاني نوفمبر 2015، كانت ذروة الخلافات بين الطرفين، وإبانها تأكدت تركيا من “دفش” أوروبا وواشنطن لها، لتصطدم مع موسكو، ما دفعها منذ ذاك، للتهدئة وقبول الشروط الروسية بالمصالحة ودفع “دية” الطائرة وطياريها.
وتعمقت القناعة التركية، بعداء واشنطن ومعظم الدول الأوروبية لمشروعها، خلال الانقلاب الفاشل الذي ضرب تركيا في منتصف تموز يوليو 2016، ففي الوقت الذي زودتها خلاله موسكو بمعلومات استخباراتية عن الانقلاب والانقلابيين، أكدت التحقيقات ومجريات ما بعد الانقلاب، ضلوع واشنطن وبعض العواصم، ربما أمستردام التي آوت أكثر من نصف الانقلابيين، بالتخطيط وربما أكثر.
هذان السببان برأينا، دفعا أنقرة لإعادة النظر بعلاقتها بموسكو، والتي لاقت ترحيباً روسياً، حتى للقضايا العالقة، سياسية كانت أم اقتصادية، وبدأ مشوار “شهر العسل” ولم يزل، رغم توقعات الطلاق بأي لحظة اختبار، على الأرجح ستكون بسوريا أو منها.
قصارى القول: يتفق محللون، بمن فيهم الأتراك والروس، على أن العلاقات بين البلدين، لم تدخل “الاستراتيجية” ولن تدخل، حتى وإن حكمتها مشروعات اقتصادية بمئات مليارات الدولارات “السيل” لنقل الغاز الروسي بعضها.
كما أن العلاقة تعدت “التكتيك” بعد التفاهمات وغض الطرف، حتى فيما كان مبدئياً لدى كلتا العاصمتين، فتركيا التي رأت بنظام الأسد فاقداً للشرعية وبمواجهته الثورة بالحديد والنار جريمة، قلما أشارت للمجازر الروسية التي تنال من آلاف السوريين المدنيين شهرياً، لتحصد بالمقابل، ورغم ما قيل عن نصب موسكو منظومة صواريخ “اس 400” خصيصاً لها، ثمرات عدة، كانت عملية درع الفرات في آب أغسطس 2016 أولها، وربما لا تكون عمليات عفرين آخرها، بعد التواجد التركي بإدلب وريف حلب.
نهاية القول: عود على بدء، لم تُبنَ العلاقات التركية الروسية على أسس ومصالح دائمة، بل جاءت لسد الفراغ ضمن تحولات حرجة ولكلا الطرفين، ما يعني انهيار العلاقة بمجرد زال الفراغ أو ملأه آخر، أو تضاربت المصالح حول التحولات، والتي تعتبر سوريا، أو بشار الأسد تحديداً، أكثرها بروزاً واحتمالا للتصادم.
بالأمس، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن الوضع معقد في عفرين، والحل غير ممكن إلا عبر الحوار بين دمشق وأنقرة.
ليأتي الرد التركي سريعاً، وعبر الرئيس أردوغان خلال كلمة لفرع حزب العدالة والتنمية بقهرمان مساء أمس السبت “هناك بائسون يدعوننا إلى الجلوس مع الأسد لحل الأزمة السورية… كيف نجلس مع من قتل مليوناً من مواطنيه”.
وأشار الرئيس التركي، وإن لم يسمِّ روسيا، بشجبه لما يجري بالغوطة، بل وضرب قوات بلاده للميليشيات التي أتت قبل أيام لمساندة “بي كي كي” بحرب عفرين “لن تغضّ الطرف عن الذين يتسترون على الإرهابيين أياً كانوا، وعملياتنا ضد القوافل التي تحمل مساعدات للإرهابيين أكدت ذلك”.
إذا، ورغم اللامستحيل بالسياسة، بيد أن التقارب التركي الأسدي، حتى من مقياس المصالح، يبدو مستحيلاً وغير ممكن، ما يرجح التصادم بين تركيا وروسيا بسوريا أو عليها…ولو بعد حين.