أنقرة (زمان التركية) – سلطت وسائل الإعلام الأمريكية الضوء على حبس السلطات التركية للعديد من النساء المنتميات إلى “حركة الخدمة” برفقة أطفالهن الرضع بتهمة الانتماء لتنظيم إرهابي، وذلك عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة صيف 2016، بينما لم يصدر بحقهن إلى الآن حكم قضائي.
ونشرت شبكة (فوكس نيوز) الأمريكية، خبرا تطرق إلى وضع الأطفال القابعين داخل السجون التركية برفقة أمهاتهم، حيث كشف الخبر عن وجود 668 طفلاً دون السادسة من العمر داخل السجون برفقة أمهاتهم بناء على ماورد في التقرير الذي استندت إلى مصادر رسمية.
وأفاد الموقع أن هذا الرقم يشكل فيه الأطفال دون سن الواحدة 23 في المئة، كما لا يشمل آلاف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و18 عاما. وتشير بيانات وزارة العدل التركية إلى وجود 560 طفلا دون سن السادسة داخل السجون.
مدرسة المرحلة الابتدائية عائشة هي أحد الأمهات اللاتي يمكثن خلف القضبان الحديدية برفقة طفلها البالغ من العمر 4 سنوات، وذلك بعد اعتقالها بتهمة الانتماء لتنظيم إرهابي. وتروي عائشة كيف يمكث 23 مسجونة داخل زنزانة تسع 10 أشخاص فقط، حيث تؤكد عائشة أنها لا تستطيع نسيان عجزهن عن تطعيم أطفالهن وبكاء أطفالهن بالليل واحتراقهم بالشاي الساخن.
وخلال مقابلتها مع “فوكس نيوز” من داخل مخيم اللاجئين باليونان، أوضحت عائشة مدى خطورة الزنزانة على الأطفال حيث اصطدم رأس طفل تعلم السير حديثا بطريقة سيئة بالسرير الحديدي الذي ينامون عليه، مفيددة أنها مرت بأوقات صعبة داخل السجن.
ويرجع التقرير المشار هذا “الظلم” إلي أن مراسيم الطوارئ التي أعلنت عقب المحاولة الانقلابية.
من جانبه يؤكد الدكتور ألين ماندوزا، رئيس مؤسسة فكرية إنجليزية، أنه لا مكان للأطفال داخل السجون في الدول المتحضرة أيا كان السبب، مؤكدًا أن هذا الوضع سيترك آثارا صادمة على هؤلاء الأطفال الأبرياء سيصعب التخلص منها على مدار حياتهم.
المدرسة كام البالغة من العمر 34 عامًا من مدينة إزمير التي لجأت وأسرتها إلى ألمانيا مع والدة أخرى اعتقلت في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2016 لمجرد امتلاكها حسابًا في بنك آسيا الذي افتتحه الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان في 1995 مع ملهم حركة الخدمة فتح الله كولن.
وتوضح كام التي مكثت داخل الزنزانة برفقة نجلها البالغ من العمر 7 أشهر وطفلين آخرين أن إدارة السجن لم تسمح بزحف الأطفال وحظرت الألعاب ولم يحصلوا حتى على مياه نظيفة. وشددت كام على أنهم عُوملوا معاملة الإرهابيين وتم تهميشهم وإهانتهم قائلة: “لا أدري أيهما كان أسوء وجود طفلي الرضيع معي داخل الحبس أم طفلي البالغ من العمر 11 عامًا بالخارج. كنت ألحظ تغييرات نجلي ونموه في أوقات الزيارة”.
نور حياة يلديز هي ربة منزل تبلغ من العمر 27 عاما كانت تترقب توأمها عندما تم اعتقالها في أغسطس/آب عام 2016، فعندما كانت في الأسبوع الرابع عشر من حملها صعدت يلديز على متن الحافلة المتجهة من سينوب للخضوع للفحص الطبي، غير أن قوات الأمن قامت باعتقالها بحجة استخدام تطبيق بايلوك للمحادثة الذي زعمت السلطات أولاً أنه وسيلة تواصل الانقلابيين ومن ثم اعترفت بوقوع أخطاء كبيرة في الاعتقالات المستندة إلى تهمة استخدامه.
وأوضح محاميها أن يلديز لم تقم حتى بتحميل التطبيق، غير أن يلديز تعرضت داخل السجن للإجهاض وهي في الأسبوع التاسع عشر من الحمل وفقدت طفليها.
فيليز يافوز هي ضحية أخرى اعتقلتها السلطات من المستشفي قبل مرور 24 ساعة على وضع حملها. وعلى الرغم من اعتراضات الأطباء، نُقلت فيليز على كرسي متحرك من المستشفى إلى مديرية أمن مرسين.
أما محامية حقوق الإنسان نور فتقول إنها اعتقلت بعد أن أوشى بها أحد الأشخاص من السكن الذي كانت تقيم به في عام 2008. وتعتبر نور نفسها محظوظة نظرا لأنه تم الإفراج عنها بعد 5 أيام بسبب معاناتها من مرض القلب والربو لتتجه بعدها إلى الولايات المتحدة، محاولة تسليط الضوء على أوضاع الأمهات والأطفال القابعين داخل السجون التركية.
هذا ويزعم المسؤولون الأتراك أن هذه الاعتقالات لازمة من أجل الأمن القومي، وأن المعتقلين يقبعون داخل السجون بصورة تتوافق مع القوانين، وتم تهيئة شتى الأجواء اللازمة، لكن العديد من المنظمات الحقوقية والناشطين يؤكدون أن الوضع لا يزال مقلقًا للغاية.
جدير بالذكر أن تركيا شهدت العام الماضي محاولة انقلاب قتل خلالها حوالي 250 شخصًا.
واتهم الرئيس رجب طيب أردوغان والحكومة التركية حركة الخدمة بالوقوف وراء الانقلاب وقتل المواطنين الأبرياء، إلا أن الأخيرة نفت هذه التهم جملة وتفصيلا على لسان ملهم الحركة فتح الله غولن.
وطالب غولن بفتح تحقيق دولي حول الانقلاب، لكن السلطات التركية لم تستجب له حتى الآن.
وحبست السلطات التركية منذ محاولة الانقلاب أكثر من خمسة وخمسين ألف شخص، من بينهم 18 ألف سيدة وما يقرب من 700 طفل مع أمهاتهم بتهمة الانقلاب، حسب بيانات وزارة العدل التركية.