أنقرة (زمان التركية) – تتركز أجندة تركيا حاليًا على عملية “غضن الزيتون” التي بدأها الجيش التركي في منطقة عفرين السورية منذ العشرين من يناير/ كانون الثاني المنصرم، وعلى أساسها أعادت تركيا تصنيف أعدائها وحلفائها.
واليوم أعلنت وزارة الداخلية التركية رصد مكافأة قدرها 4 ملايين ليرة (أكثر من مليون دولار) لمن يقتل رئيس الحزب الديمقراطي السوري الكردي السابق صالح مسلم، وذلك رغم استقبالها الرسمي له في السابق.
وعقب انطلاق عملية “غصن الزيتون” قبل ثلاثة أسابيع اتهمت الحكومة، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حزب الشعب الجمهوري المعارض بمحاباة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بسبب عدم إعلانه تنظيمًا إرهابيًا.
وفي المقابل أصدر رئيس الحزب كمال كليجدار أوغلو تعليماته إلى نائب الحزب محمود تانال خلال اجتماع مجموعة نواب الحزب بالتقدم ببلاغ بشأن علاقة حكومة أردوغان بحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
وفي بلاغه أشار تانال إلى أنه رغم قرار الدائرة الثانية للمحكمة الجنائية في ماردين الصادر عام 2014 بشأن تصنيف وحدات حماية الشعب الكردية ووحدات حماية المرأة وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي تنظيمات إرهابية، إلا إنه في السنوات التالية لهذا القرار “تم استقبال زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي صالح مسلم في أنقرة استقبال الملوك، ولقائه بمسؤولين بارزين” ما يعني أن السلطات التركية تعاونت مع زعيم تنظيم إرهابي.
وتقدم تانال ببلاغ ضد رئيس الوزراء آنذاك أحمد داود أوغلو ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو بتهم “الترويج لتنظيم إرهابي” و”دعم واحتضان تنظيم إرهابي” و”مدح الجرم والمجرم” و”إساءة استخدام المنصب” و”عدم التبليغ عن الجرم والمجرم”.
من جانبه علق محامي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حسين آيدين على حملة تانال هذه، قائلاً أنها افتراءات وتمثل إهانة.
وكان مسلم قد زار تركيا عدة مرات أخرها في عام 2014 وأجرى لقاءات مع مسؤولين أتراك بارزين. وتظهر الصور التي التقطت في تلك الفترة استقبال أنقرة له بشكل رسمي بسجادة حمراء!
وفي السابع من يوليو/ تموز عام 2014، أفاد الكاتب الصحفي المقرب للسلطات التركية عبد القادر سلفي في مقاله بصحيفة “يني شفق” أن نظرة أنقرة تجاه حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي قد تغيرت، حيث نقل سلفي في مقاله عن مسؤول تركي قوله إنه من الممكن التحالف مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي نظرا للاختلاف الكبير بينه وبين تنظيم داعش الإرهابي.
وأضاف المسؤول التركي أن تركيا تنظر إلى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي كعنصر عقلاني يمكن التعاون معه، مشيرًا إلى إمكانية التحالف مع الحزب في حال تصرفه بطريقة عقلانية.
وأفاد سلفي في مقاله أنه من الممكن اعتبار المرحلة الأخيرة التي تم بلوغها فيما يتعلق بحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي كمرحلة عقلنة أنقرة، مشيرًا إلى دعوة أنقرة مسلم أثناء تولي داود أوغلو منصب رئيس الوزراء وبحث مسألة فتح مكتب للحزب في أنقرة في حال توافق مع سياسة أنقرة.
زيارات صيف 2013
كان كاتب صحيفة ستار سعادة أوروتش، أحد الكتاب الذين تناولوا مسألة مسلم في تلك الفترة، ففي مقاله الصادر في الأول من فبراير/ شباط عام 2014 تطرق أوروتش إلى تصريحات مسلم بشأن إعلان الاستقلال في روج أوفا.
وأفاد أوروتش أنه أجرى اتصالاً هاتفيًا مع مسلم، مشيرًا إلى تأكيد مسلم خلال الاتصال الهاتفي على ضرورة عدم اعتبار إعلانهم إقليمًا ذاتيًا على أنه استقلال، وإمكانية اعتباره من قبيل “إعادة تصميم البيت الداخلي”.
وذكر أوروتش في مقاله أن مسلم يرى أن القرار يشمل منطقة تضم مليوني نسمة، بينما يُقدر سكان المنطقة الكردية في سوريا بنحو 3 مليون نسمة، مؤكدًا أن مسلم أبلغ أنقرة بخططه هذه أثناء الزيارتين اللتين أجراهما إلى أنقرة خلال صيف عام 2013.
وأوضح أوروتش أنه بالنظر إلى الخطر الذي تشكله الجماعات السلفية يتبين أن هذا القرار في صالح تركيا، ويتبين من مقال أوروتش أن مسلم زار تركيا خلال صيف عام 2013.
مسلم: زيارتي تمت بناء على طلب من الخارجية التركية
عقب هذه الزيارة أجرى صالح مسلم مقابلة مع صحيفة رديكال، حيث أفاد الزعيم الكردي أنه تمت دعوته إلى تركيا لأول مرة بصفته رئيسًا لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بصورة رسمية.
وخلال إجابته عن سؤال بشأن كيفية تقييمه لهذه الزيارة، أشار مسلم إلى أن الزيارة تمت بناء على طلب من الخارجية التركية، وأنه سبق وأن أجرى لقاءات مع مسؤولين أتراك عبر طرق مختلفة، غير أنها المرة الأولى التي يطالب فيها مسؤولو الخارجية التركية منه إجراء اللقاء في إسطنبول، مفيدًا أنهم قبلوا الدعوة وتوجهوا إلى تركيا.
وأضاف مسلم أنهم التقوا بمسؤولين بارزين في الخارجية التركية، ما يعني أن باب تركيا مفتوح أمامهم، مفيدًا أن الزيارة عكست تغييرًا في سياسة تركيا، وأن الزيارة كانت إيجابية جدًا بالنسبة لهم، وشكل اللقاء خطوة مهمة جدًا.
كانت زيارة إيجابية جدًا
أدلى مسلم بتصريح بشأن هذه الزيارة خلال برنامج على قناة Nuçe TV المؤيدة للعمال الكردستاني، حيث أشار مسلم إلى خططهم لإنشاء إدارة مدنية مؤقتة في “روج أوفا”، وأن تركيا نظرت إلى الأمر بصورة خاطئة، لذلك كان اللقاء مع مسؤولي الخارجية التركية في إسطنبول.
وشدد مسلم على أن اللقاء كان إيجابيًا جدًا، حيث أوضحوا للجانب التركي فكرة الإدارة المؤقتة على الرغم من متابعة تركيا لكل الأحداث ووجود الكثير من الأمور لمناقشتها، مفيدا أنهم تناولوا خلال اللقاء المواجهات هناك وتعرض الشعب الكردي للحصار وسبل الدعم.
وأكد مسلم أن اللقاء كان جيدًا جدًا فيما يتعلق بالكشف عن النوايا الحسنة بين الطرفين، مشيرًا إلى اتفاق الطرفين على مواصلة اللقاءات.
لم يتم الرد على الرغم من القصف المدفعي
حول زيارة مسلم إلى تركيا في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2013، أجرى الزعيم الكردي لقاء مع موقع الجزيرة ترك في 2014، حيث ذكر في اللقاء أن أنقرة أبلغتهم مواصلة المساعدات الإنسانية، وأنها سترد في حال تعرض الجانب التركي لقصف مدفعي، مشيرًا إلى أن تركيا لم ترد إلى الآن على الرغم من وقوع قصف مدفعي بالفعل.
وذكر مسلم أنهم تناولوا مسألة فتح ممر أمني من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إليهم، ومنع وقوع أي خطر على الجانب التركي، مشددًا على احترامهم المنطقة الآمنة في حال اتخاذ قرار جماعي يتضمن تركيا في هذا الصدد.
وفيما يتعلق بالوعود التي قطعتها تركيا، أوضح مسلم أن تركيا تعهدت بتقديم المساعدات الإنسانية بدون أية شروط، مؤكدًا على تقديمهم الدعم من أقاليمهم الأخرى إلى كوباني، وأنه يتوجب عليهم العبور من الحدود التركية لتحقيق هذا الأمر.
وأوضح مسلم أنهم ينتظرون من تركيا الإيفاء بوعدها.
وخلال مداخلة على قناة تركية، قال مسلم مستنكرًا أن أردوغان استقبلهم في تركيا عام 2014 بترحاب، ثم بعد ذلك بعامين صنف حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي يترأسه تنظيمًا إرهابيًّا.