لندن (الزمان التركية) –تناول الكاتب الصحفي الخبير في الشؤون الدبلوماسية بقسم الأخبار في هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية “BBC” جوناثون ماركوس في مقال له بعنوان: “لماذا تعتبر الحرب التي تشنها تركيا في شمال سوريا مهمة؟”، عملية “غصن الزيتون” العسكرية والتحركات العسكرية التركية في الشمال السوري.
وفقد أوضح ماركوس أن تركيا لا تزال تتعامل مع الأكراد على أنهم تهديد لأمنها، بالرغم من التعديل والتغيير المستمر في سياساتها تجاه سوريا، مشيرًا إلى أن تركيا لن تقبل بأي حال من الأحوال أي وجود للأكراد في شمال سوريا باعتبارهم امتدادًا لحزب العمال الكردستاني الذي يؤرق مضاجعها في الأطراف الجنوبية الشرقية من البلاد.
ووصف ماركوس أن الهدف من عملية عفرين التي تشنها تركيا هو الحيلولة دون تكوين الأكراد دولة مستقلة في شمال سوريا، موضحًا أن الأهم من ذلك هو التركيز على مدى تقدم واستمرارية العمليات العسكرية المستمرة منذ أسبوعين خلال الفترة المقبلة.
وأوضح أن وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا هي الحليف الأكثر ثقة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، قائلًا: “إن تنظيم وحدات حماية الشعب الكردية يتكون من أفضل المحاربين الذين تلقوا تعليمًا مناسبًا لطبيعة المنطقة. حققت تلك القوى نجاحات كبيرة في مواجهة داعش، وتمكنوا من السيطرة على المناطق المطهرة من داعش”.
وأكد ماركوس أن عملية عفرين تضع العلاقات التركية الأمريكية في مأزق، قائلًا: “يشير المسؤولون العسكريون الأمريكان إلى أن الدعم المقدم لتنظيم وحدات حماية الشعب الكردية سيستمر، مع وضع مسافة في العلاقة مع الأكراد، لافتين إلى أن الغرض من ذلك تجنب حدوث أزمة دبلوماسية محتملة مع تركيا. هذا الوضع يضع واشنطن في موقف حرج؛ فتركيا شريكة أمريكا في حلف الناتو تحارب تنظيم وحدات حماية الشعب الكردية الحليف الأكبر في المنطقة. وقد تسوء الأوضاع أكثر”.
وأوضح أن احتمالية انتقال عملية عفرين إلى منبج أيضًا تحمل مخاطر أن تطل شرارة النار الجنود الأمريكان في المنطقة، قائلًا: “يتمتع الأكراد بمكانة هامة في إستراتيجية واشنطن تجاه سوريا. لقد تراجع التواجد الداعشي في المنطقة بشكل كبير بفضل العمليات العسكرية. إلا أن سياسات واشنطن في المنطقة تغيرت. فإستراتيجيتها الجديدة تهدف إلى زيادة الدعم المقدم إلى نظام بشار الأسد، محاولة لمنع الصعود الإيراني في سوريا، والتي تحاول زيادة نفوذها السياسي في البلاد. ومن جانب تعمل على الحيلولة دون زيادة النظام السوري المدعم من إيران، نفوذه في بعض المناطق المحددة، وعلى الجانب الآخر تريد تقليل الهيمنة الدبلوماسية الروسية على الأرض”.
وشدد على أن السياسات الأمريكية تحتاج إلى شركاء موثوقين مثل الأكراد بحكم معرفتهم الجيدة للمنطقة، قائلًا: “أظهرت الأزمة السورية أن سياسات أمريكا القائمة على ضرورة هزيمة داعش في سبيل إحلال الاستقرار في المنطقة، تعرضت للفشل. فبعض المناطق في سوريا أصبحت أكثر اضطرابًا وتحولت إلى ساحات حرب”.
وعن المقاومة الكردية في مواجهة عملية عفرين التركية، قال: “بعض المناطق يظهر فيها وجود الجماعات والتنظيمات المدعومة من قبل إيران. وهناك مناطق بعينها تخضع لسيطرة الجماعات المعارضة المقاومة للقاعدة. وهذه الأدلة دليل على عدم وجود استقرار ونظام في ربوع سوريا. أمَّا سطو ونفوذ الجماعات الإسلامية المتشددة فقد تراجع بشكل كبير. ولكن هل ستنجح إستراتيجية أمريكا الجديدة في المنقطة التي تسعى لتقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، في تخفيض حدة التوترات في المنطقة؟ تمثل عملية عفرين خطرًا كبيرًا بالنسبة للحكومة التركية؛ لذلك فإن تقدم الجيش التركي بطيء والوضع صعب”.