(زمان التركية)ــ بعد أن دخلت عملية “غصن الزيتون” العسكرية ضد وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا أسبوعها الثاني، وسط تنيدات محلية خاصة من “القومية الكردية” بعدم شرعية العملية، زعم الإعلام التركي بحسب تقرير لصحيفة (أحول تركيا) العثور على وثائق تكشف عن سابقة شن الجيش التركي عمليات مشابهة في شمال سوريا خلال حرب الاستقلال.
وقال تقرير “احوال تركية”: في منطقة عفرين شمال غربي سوريا، وبعد استعانتها بالمساجد والمصلين ورجال الدين لإقناع الشعب التركي بمشروعية وضرورة شن هذه الحرب.
فقد عملت وسائل إعلام تركية على النبش في التاريخ بحثا عن تأكيد مصداقيتها وتقوية موقفها تجاه الرأي العام، لتعلن أنها عثرت على وثائق تاريخية تظهر تنفيذ الجيش التركي عمليات مماثلة بالمنطقة ذاتها، ضد القوات البريطانية والفرنسية بالتعاون مع وحدات المقاومة الوطنية المحلية، خلال حرب الاستقلال (1919–1923).
المؤرخ والكاتب التركي أنس دمير، وفي كتابه “أرضي الميثاق الوطني التي لا يمكن التنازل عنها في ضوء الوثائق الجديدة”، أفرد مساحة تناول فيها تاريخ عفرين، بحكم وجودها في نطاق الأراضي المنصوص عليها في الميثاق.
و”الميثاق الوطني” (بالتركية العثمانية “ميثاق ملّي”)، مجموعة قرارات اتخذها آخر برلمان عثماني (مجلس المبعوثان)، انعقد في 28 يناير 1920.
وتضمنت القرارات حدود الدولة، ونصوصا تقول إن الأغلبية الإسلامية العثمانية التي تعيش داخل حدود هدنة موندروس (اتفاقية وُقعت في 30 أكتوبر 1918)، هي جزء لا يتجزأ من الدولة.
إلا أن تلك القرارات أزعجت الحلفاء (بريطانيا وفرنسا وإيطاليا) الذين كانوا يحتلون أجزاء من أرض الأناضول، ودفعتهم إلى احتلال إسطنبول (شمال غرب)، وحل برلمان الدولة العثمانية في 16 مارس 1920.
وأظهرت الوثائق التي تضمنها الكتاب، تنفيذ الجيش التركي عمليات عسكرية ضد القوات الفرنسية المحتلة لعفرين، ما بين عامي 1920 و1921.
هذه العمليات جرت، وفق الوثائق، في إطار الأنشطة والتدابير المتخذة لضمان أمن منطقة الأناضول، وصد القوات الأجنبية الساعية لاحتلالها عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى (1914–1918).
إحدى الوثائق أشارت إلى رسالة موجهة عام 1921 من “رئاسة التشكيلات والعمليات في عموم سوريا” التابعة للجيش التركي (قوات المقاومة الوطنية)، إلى الجيش الثاني المتمركز جنوبي هضبة الأناضول.
الرسالة تضمنت في فحواها، أن وحدات القوات الوطنية التركية في منطقة عفرين بحاجة إلى أسلحة وذخيرة.
وقال دمير، إن تركيا لم تخسر منطقة عفرين خلال الحرب العالمية الأولى.
وأشار إلى أن الدولة العثمانية كانت تملك وحدات عسكرية تابعة لها على خط “عفرين-تل رفعت-اعزاز”، بعد التوقيع على هدنة موندروس، التي أنهت العمليات القتالية بين الدولة العثمانية والحلفاء خلال الحرب العالمية الأولى.
وتابع دمير: “في تلك الفترة كان الجيش السابع في القوات المسلحة التركية بقيادة مصطفى كمال باشا (أتاتورك)، ومقره ناحية راجو في عفرين، مسؤول عن قيادة العمليات في المنطقة”.
كما كانت القوات التركية تمتلك مقراً آخر وسط مدينة عفرين، فيما أشرفت القوات التابعة للجيش الثالث على خط الدفاع الممتد بين بلدة دير جمال في منطقة اعزاز بمحافظة حلب حتى نهر عفرين، كما قال دمير.
وأضاف: “رئاسة التشكيلات والعمليات في عموم سوريا المعنية بدعم وحدات المقاومة المحلية ضد القوات المحتلة الأجنبية، طلبت عام 1921 من الجيش الثاني (تركي) دعم القوات الوطنية التركية في عفرين بالأسلحة”.
وأكد المؤرخ التركي استناداً للوثائق التاريخية أن “مصطفى كمال باشا استجاب للطلب، ودعم القوات الوطنية في عفرين بالأسلحة التي تم جلبها من أضنة (جنوب)”.
وأضاف دمير: “رغم بدء سريان هدنة موندروس، فإن بريطانيا هاجمت في مارس 1919 عفرين، وأقدمت على احتلالها بصورة غير مبررة ولا مشروعة، منتهكة بنود الهدنة والقانون الدولي”.
وأوضح أن “القوات المحتلة البريطانية والفرنسية واجهت مقاومة باسلة من سكان المنطقة الأتراك والأكراد والعرب الذين انتظموا في صفوف القوات الوطنية، وقد أمدّها أتاتورك بالدعم اللازم، لكن القوات الغازية لم تتوانَ عن سلخ هذه المنطقة”.
وشبّه دمير قوات الجيش السوري الحر المنضوية تحت لواء عملية غصن الزيتون في يومنا هذا، بالقوات الوطنية التي قارعت المحتلين الأجانب في تلك المرحلة.
وشدد على أن العملية “باتت تمثل حاجة ملحة من أجل ضمان أمن الأناضول (تركيا)”.
وأعلنت تركيا السبت الماضي انطلاق عملية عسكرية سمتها “غصن الزيتون” بهدف “إرساء الأمن والاستقرار على حدود تركيا والمنطقة، والقضاء على وحدات حماية الشعب الكردية وداعش في مدينة عفرين”.
وتعتبر تركيا عناصر وحدات حماية الشعب الكردية تنظيما إرهابيا وامتدادا لحزب العمال الكردستاني في سوريا.