بقلم: باسكين أوران
أنقرة (زمان التركية) – في مرحلة ما كان العالم بأسره والعالم العربي على وجه الخصوص يتحدث عن “النموذج التركي” باعتباره الأمثل.
وفتحت حكومة أردوغان تركيا المنغلقة على نفسها على العالم الخارجي باتباعها سياسة “صفر مشاكل”، ومكنت هذه الانفتاحات تركيا من تكوين صداقات مع اليونان التي كانت تركيا على شفا حرب معها، بالإضافة إلى مصر وسوريا والعديد من الدول الأخرى.
وأشاد العالم العربي وأوروبا التي احتفت بالانفتاحات الديمقراطية في تركيا بـ”النموذج التركي”.
أما الآن فبات النظام التركي محليا نظامًا يدير البلاد بمراسيم منافية للدستور في ظل غياب حزب معارض فعلي، فتحولت تركيا إلى حكم الفرد الواحد الذي يحبس الكتاب ويفرق التظاهرات الاحتجاجية بالغاز والهراوات، وأصبحت دولة بوليسية تجر الأمهات في الشوارع وتسحلهم على الأرض.
أما على الصعيد الدولي فبات أردوغان الرئيس الذي يروج للحرب باستمرار لأهداف استعمارية مستغلاً الصراع التنافسي بين أمريكا وروسيا.
تنص المادة العشرين من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية الخاصة بالأمم المتحدة التي وقعتها تركيا في أغسطس عام 2000 وصدق عليها العدالة والتنمية الحاكم في تركيا في يونيو/ حزيران عام 2003 على حظر كافة أشكال الترويج للحرب، ما يعني أن ما يحدث الآن انتهاك صريح للدستور.
من لا يمتلكون أبناء سيذهبون بأنفسهم لأداء الخدمة العسكرية أما المسؤولين فسيرسلون بالنيابة عن أبنائهم أبناء هذا الشعب إلى الموت في مستنقع الشرق الأوسط، متحدثين عن الشهادة، وكل هذا ليس لتحرير الوطن من الاحتلال بل لاحتلال وطن الآخرين.
الأمر ليس بسيطاً، فتركيا في الماضي قللت من شأن الشرق الأوسط والعرب لكنها لم تبادر إلى احتلال بلدانهم.
الأمر ليس بسيطاً، فلا فرق بيننا وبين إسرائيل المعتدية على الفلسطينيين.
الأمر ليس بسيطًا، فتركيا في الماضي نازعت كثيرا مع القوى الاحتلالية لكن لم تهدد أحدا “بالدفن” ولم تعارض أحدًا غير مكترثة على هذا النحو. تركيا اليوم لا تعارض جهة واحدة بل جهتين، الأولى الولايات المتحدة بسبب وحدات حماية الشعب الكردية والثانية روسيا بسبب تقدم نظام الأسد صوب الشمال.
الأمر ليس بسيطاً، فتركيا عادت في الماضي الأكراد وأهانتهم بوصفهم “أتراك الجبل”، لكنها لم يسبق وأن وصفتهم “بأصحاب المؤخرات المتسخة”.