أنقرة (زمان التركية) – أعادت عملية “غصن الزيتون” التي تقودها حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا للأذهان العلاقات الحميمة السابقة بين الرئيس رجب طيب أردوغان وحزب الاتحاد الديمقراطي السوري.
وعلى الرغم من أن أردوغان يحارب اليوم وحدات حماية الشعب الكردي الذراع المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري الكردي، إلا أنه كانت تربط بينهما علاقات حميمة قبل ثلاث سنوات، إذ عقد أردوغان علاقات قوية مع أكراد سوريا بحيث منح زعيم الاتحاد الديمقراطي السوري الكردي صالح مسلم جواز سفر تركي، ثم استضافه في العاصمة أنقرة لبحث مستقبل سوريا ووضع الأكراد هناك.
فضلاً عن ذلك، فإنه سمح بمرور مجموعة من قوات البشمركة التابعة للإدارة الكردية المحلية في شمال العراق من الأراضي التركية إلى الأراضي السورية من أجل مناصرة أكراد “كوباني” تجاه تنظيم داعش.
وكان صالح مسلم قال خلال مشاركته في برنامج على قناة سي إن إن التركية في عام 2014: “إن الجانب التركي تعهد لنا بتقديم الدعم لمنع سقوط مدينة “كوباني” شمال سوريا ذات الأغلبية الكردية”، وذلك خلال اللقاءات التي أجراها بمدينة إسطنبول (2014 – 2015).
وأضاف مسلم أنه أجرى لقاءات مع رئيس الوزراء التركي آنذاك رجب طيب أردوغان ومسؤولين بارزين، وعلق على التوجه الجديد لأردوغان قائلا أنه “استضافهم في بيته قبل يوم، ومن ثم أعلنهم عناصر إرهابية في اليوم التالي”، على حد قوله.
وشدد مسلم على كونهم مجموعة تقاتل ضد تنظيم داعش الإرهابي، نافيًا أي علاقة لهم بتنظيم العمال الكردستاني في تركيا.
وكان مسلم قد أجرى لقاءات مع مسؤولين أتراك خلال زيارته إلى تركيا في عام 2014، حيث تم خلال اللقاءات بحث قضية كوباني وتوقعات الطرفين من بعضهما البعض.
وذكرت صحيفة جمهوريت أن رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش كان الوسيط في اللقاء مع رئيس الوزراء آنذاك أحمد داود أوغلو.
وفي عام 2016 أصدرت تركيا قرار اعتقال بحق مسلم، بعد أن أطاح أردوغان بطاولة مفاوضات سلام مع حزب العمال الكردستاني.
وفي تلك الفترة تطرق مسلم إلى قرار الاعتقال الصادر بحقه من تركيا خلال مؤتمر أقيم في العاصمة البريطانية لندن، مؤكدا أن الاتهام الزائف وقرار الاعتقال لا يمثلان أية أهمية بالنسبة لهم.
وفيما يلي نقدم لكم القسم المتعلق بالموضوع من مقال كتبه محمد عبيد الله، أحد كتاب موقع “زمان العربية” في 9 سبتمبر/أيلول 2017 وحمل عنوان “تأسيس كردستان على يد أردوغان!”.
العلاقات مع أكراد سوريا
بعد التدخل الفعلي في الأزمة السورية، اضطر أردوغان عقب فشل جهوده المباشرة الرامية لإسقاط نظام بشار الأسد إلى الاستعانة بتنظيم داعش حينًا، وحزب الاتحاد الديمقراطي السوري الكردي، حينًا آخر، ما لطّخ صورته وصورة تركيا إقليميًّا ودوليًّا.
كانت علاقات حميمة تربط بين أردوغان وأكراد سوريا قبل ثلاث سنوات، إذ عقد علاقات سياسية قوية معهم بحيث منح زعيم الاتحاد الديمقراطي السوري الكردي صالح مسلم جواز سفر تركيا، ثم استضافه في العاصمة أنقرة لبحث مستقبل سوريا ووضع الأكراد هناك.
وهناك كثير من الكُتاب، منهم أمره أوسلو، الكاتب الصحفي والخبير الأمني، والمتخصص في إستراتجيات حزب العمال الكردستاني، حذروا حكومة أردوغان من أن ساساته الخاصة بالأزمة السورية ستدفع الكيان الكردي في سوريا إلى إعلان حكم ذاتي في الشمال السوري على غرار المنطقة الكردية في الشمال العراقي، إلا أنه أصمّ آذانه على هذه التحذيرات. بل كان إعلام أردوغان يقدم هذه السياسات كدليل على قوة “تركيا الجديدة” ودورها الإقليمي والعالمي!
التذبذب بين داعش والعمال الكردستاني
لكن بعد فوات الأوان شعر أردوغان بضرورة إقامة توازن بين داعش والكيان الكردي السوري عندما أعلن الأخير حكمًا ذاتيًّا في منطقة كوباني وعفرين في يناير عام 2014.
وفي إطار سياسة التوازن بين داعش والكيان الكردي السوري لأردوغان، شنّ داعش هجومًا شرسًا على الأكراد المسيطرين على مدينة كوباني وجوارها في 13 سبتمبر/أيلول 2014، ما دفع بعض أُسَر الأكراد إلى التوجه نحو الأراضي التركية. واتهم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي وقياديو العمال الكردستاني أردوغان بتحريض داعش على أكراد سوريا، مهدِّدًا إياه بإنهاء مفاوضات السلام الكردي في حال سقوط مدينة كوباني. وكذا أعلن الإرهابي المحبوس في سجنٍ بجزيرة إمرالي عبد الله أوجلان أن استمرار هدنة العمال الكردستاني مع تركيا منوط ببقاء كوباني تحت سيطرة الأكراد.
وعندما رفض أردوغان المساعدة لمقاومة الأكراد ضد داعش، اندلعت مظاهرات في كل أرجاء تركيا سُمّيت “أحداث كوباني” تمخضت عن مقتل 34 شخصًا، واعتقال 112 شخصًا بتهمة مقاومة القوات الأمنية والإضرار بالمال العام. لكن أردوغان استسلم أخيرًا للضغوطات المحلية والدولية ورضي بمرور مجموعة من قوات بشمركة التابعة للإدارة الكردية المحلية في شمال العراق من الأراضي التركية إلى الأراضي السورية من أجل مناصرة أكراد كواباني تجاه داعش.
واعتبارًا من حادثة مقتل 32 شابًّا كرديًّا في هجوم انتحاري نفذه داعش في 20 يوليو/تموز 2015 لمنع توجههم من تركيا إلى مدينة كوباني، وقيام العمال الكردستاني بالانتقام بعد يومين من هذا الهجوم الغاشم من خلال قتل شرطيين تركيين وهما نائمان على فراشهما بحجة انتماءهما إلى داعش، تحولت الأراضي السورية والتركية على حد سواء إلى ساحة للصراع بين هذين التنظيمين.
https://www.youtube.com/watch?v=lJkZcUyGAkY