ناقش موقع (أحوال تركيا) في حوار مع زعيم حزب الوطن التركي “اليساري القومي” دوغو بيرينشيك، السعي التركي للانضمام إلى التحالف الأورو-آسيوي، على حساب التخلي عن عضوية حلف الناتو، والإيجابيات التي ترجوها تركيا من وراء هذه المجازفة.
وجاء في حوار “أحوال تركية” الآتي:
توجد شائعات عن وجود تحالف سري بين القوميين اليساريين وأردوغان. هل توجد شراكة من هذا النوع؟ وما سبب هذه التلميحات؟
دعنا ننظر إلى الحقائق. في بداية عام 2014 كان حزب الوطن في قلب الصراع ضد منظمة فتح الله غولن الإرهابية خلال آخر 50 عاما. طيب أردوغان تعاون مع فتح الله غولن لتشكيل حكومته بعد 2003.
إذا قررت تركيا محاربة منظمة غولن، فهل هذا هو موقف طيب أردوغان أم موقف حزب الوطن؟ لقد أثبتنا أن منظمة غولن تنظيم إرهابي عالمي مقره الولايات المتحدة وقد (بدأنا عملية) تطهير أمريكان جلاديو.
أما عن حزب العمال الكردستاني فإن حكومة حزب العدالة والتنمية بدأت المحادثات (عملية السلام مع العمال الكردستاني) وقد حصل حزب العمال على مناطق لدينا في جنوب شرق البلاد لبسط سلطته بها.
حكومة حزب العدالة سلمت البلديات إلى حزب العمال. وإذا كانت القوات المسلحة التركية شنت هجوما ضد حزب العمال منذ 24 يوليو 2015 فالفضل يعود إلى حزب الوطن.
كان حزب الوطن يدافع عن وجود علاقات طيبة مع روسيا عندما كان أردوغان يتباهى بإسقاط طائرة روسية. حزب الوطن كان يزور موسكو ودمشق وطهران. الآن انظر إلى وضع تركيا؛ بدأت عملية آستانة وتشكل التحالف التركي-الإيراني-الروسي، وسوريا ضمنه (التحالف) بشكل غير مباشر. هذا هو انتظار حزب الوطن.
إذا كان بإمكان حكومات حزب العدالة والتنمية تنفيذ برنامجكم، إذن لا يوجد داع لديكم للانضمام إلى المعارضة؟
سيكون 2018 عام حاسم لأن إفلاس الاقتصاد القائم على الاقتراض سيكشف عن نفسه بوضوح هذا العام.
(تركيا) مدينة بأكثر من 400 مليار دولار. و(الاقتصاد التركي) يحتاج مئة مليار دولار بشكل طارئ هذا العام. حجم الحساب الجاري وعجز الميزانية مئة مليار دولار أيضا… كلاهما يقتربان من نحو مئتي مليار دولار وحكومة حزب العدالة ليس لديها (قناة موثوقة) لإيجاد هذا المال.
لذلك، سنعاني في العام المقبل من تبعات التحول إلى اقتصاد إنتاجي. وهذا أيضا يمكن ترجمته إلى سعي إلى حلول جديدة في تركيا وبحث عن حوكمة جديدة. (حتى) كبار مستشاري الرئيس يقرون بأن الاقتصاد يواجه صعابا كبيرة.
هذا هو نفس الشيء الذي تقوله السفارة الأمريكية لشخصيات مقربة منها، إنهم يقولون “2018 سيكون جحيما على تركيا”.
لقد قلت إن الناخبين سيرفضون التعديلات الدستورية في الاستفتاء الدستوري العام الماضي. هل كنت متأكدا من ذلك؟
كنا مخطئين بنسبة 0.5 بالمئة. معسكر “لا” لم يحقق الفوز، لكن الرفض كان 49.5 في المئة. وأيضا كانت هناك بعض (الأصوات) الملفقة.
سمحت هيئة الانتخابات العليا بفرز مظاريف غير مختومة وبطاقات اقتراع غير مختومة في ساعات المساء (يوم الاستفتاء). القانون غامض.
ينبغي أن تكون المظاريف وبطاقات الاقتراع مختومة. وهذا مخالف للقانون، ويجعل الاستفتاء غير شرعي. وقد وقعت بعض الأنشطة الاحتيالية الأخرى أيضا. وقد جرى إبلاغنا بهذه الأنشطة. لذلك، “لا” كانت ستفوز.
قلت إن تركيا تسير باتجاه تحالف أورو-آسيوي. هل تركيا عالقة بين حلف الناتو والتحالف الأورو-آسيوي؟
تركيا فصلت نفسها عن منظومة الأطلسي. لا يمكن لتركيا العودة على منظومة الأطلسي بعد الآن لأن منظومة الأطلسي تعني تركيا منقسمة. ومنظومة الأطلسي تعني تأسيس كردستان وهي إسرائيل ثانية.
ومنظومة الأطلسي تعني أيضا لتركيا الغرق في الديون. وتركيا الآن في وضع مضاد للناتو والولايات المتحدة. ولتحسين اقتصادها وأمنها تحتاج تركيا إلى مقاومة التهديدات الآتية منهما.
أصدقاء تركيا الآن هم إيران والعراق وسوريا وروسيا والصين وجمهوريات وسط آسيا. تركيا تطرق باب منظمة شنغهاي للتعاون.
في التحالف الأورو-آسيوي أي الدول يمكن ان تكون نموذجا بالنسبة لتركيا كدولة علمانية وحرة وفقا للمبادئ الحديثة والديمقراطية؟ أي الدول تعتقد أنها تشبه تركيا في تطورها السياسي؟
لا يمكن لأي بلد أن يكون نموذجا لتركيا. تركيا شكلت نموذج الثورة الكمالية الخاص بها. لا يوجد سوى حل واحد لتركيا وهو استكمال ثورة أتاتورك. وأعني هنا تركيا جمهورية وقومية وشعبوية ودولة وعلمانية وثورية.
أنت أيضا ضد حلف الأطلسي؟ لكن أليست تركيا داخلة في علاقة وصاية جديدة مع روسيا بالنظر إلى انحراف التحالف حيث توجد عقوبات روسية على تركيا في قطاعي الزراعة والسياحة ومفاوضات منظومة الصواريخ الروسية إس-400؟
العلاقات التركية-الروسية ليست بها اختلالات تقود إلى وصاية روسية. العلاقات الروسية-التركية متوازنة. الأمر الثاني، الإدارة التركية لديها فرصة لتقييم هذا الموقف بشكل موضوعي والتقدم وفقا لذلك التقييم.
لقد كتبت مقالا بعنوان ’هل يستطيع أردوغان التحول إلى أمريكا مجددا؟’ هل لديك هذا الانطباع؟ وماذا يحدث لو عادت تركيا إلى أمريكا وحلف الناتو؟
هذا نقاش دائر داخل المجتمع. البعض يريد من طيب أردوغان العودة إلى أمريكا. لذلك يفضلون عودته. وهذا سبب كتابتي للمقال. وفي رأيي لا يمكن لتركيا أن تعود إلى أمريكا. لأن عودة تركيا إلى هذا التحالف ليست خيارا، فالإدارة ليس لديها مجالا للتذبذب. تركيا وأمريكا على طرفي نقيض، ويمكننا أن نرى ذلك في الاقتصاد أيضا حيث يواجه الاقتصاد التركي بعض التهديدات العملياتية.
أيضا لا يمكن لتركيا الإبقاء على اقتصاد يعتمد على الاقتراض. وكل هذه النقاط توجه تركيا إلى التحرك باتجاه تحالف أورو-آسيوي.
في العام الماضي، التقطت صورة في بكين وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ وأردوغان ورئيس قازاخستان نور سلطان نزار باييف في المنتصف. هذه صورة مستقبل العالم. لن تتغير هذه كثيرا.
أود أن أسأل عن الجيش التركي والخامس عشر من يوليو. البعض يقول إنه يوجد مجموعة “من المؤيدين لبيرينشيك” في الجيش، هل هذا صحيحا؟
لا، هذا ليس صحيحا. الصحف الأمريكية تزعم ذلك. الصحف الألمانية تزعم ذلك. مايكل روبن المسؤول السابق في البنتاجون وسي.آي.إيه ينشر ذلك باستمرار. شهد الجيش عملية تطهير ضخمة. ويوجد تقرير خطير يفيد بأن الجيش التركي أرسل المحاكمات الخاصة بمنظمة غولن. والعدد وفقا للتقرير كما يلي: التطهير شمل 30 ألف جنرال وضابط وصف ضاب، وطالب عسكري وفرد يعملون في المؤسسات العسكرية.
إذا عدنا إلى الخامس عشر من يوليو، لقد قلت في بيان ’عندما أبلغنا دوجين أن القوات التركية نشطة على نحو غير طبيعي وأبلغناه أن ينقل هذا الأمر إلى الحكومة التركية. نقل ذلك إلى رئيس بلدية أنقرة مليح غوكجيك. لقد علمت الحكومة بخطط الانقلاب. وما دمت علمت بذلك، فكيف يمكن أن يخفى ذلك على المخابرات الوطنية؟’
سؤالي الأول؛ لماذا مليح غوكجيك؟ والسؤال الثاني؛ إذا علمت المخابرات والحكومة (بمحاولة الانقلاب) سلفا، فلماذا انتظرا حتى بعد (وقوع محاولة الانقلاب)؟
سألني نائب رئيس الحزب الكولونيل المتقاعد حسن أتيلا يوغور عن ذلك من قبل. وقد أجرى مقابلة مع صحيفة يني شفق في ذلك اليوم (14 يوليو). قال لي أتيلا يوغور : ’قبل اجتماع المجلس العسكري الأعلى – أعتقد أن المجلس كان سيجتمع في نهاية يوليو هذا العام- من المتوقع أن تقوم منظمة غولن بانقلاب’. وقال ’لأنهم يتعرضون لتطهير فلن يتمكنوا من الوصول لأسلحة بعد الآن ولذلك فإنهم يجهزون لمثل هذه المحاولة قبل أن يتعرضوا لتطهير كامل,
طلبت من الجنرال يوغور أن يذكر ذلك في المقابلة مع يني شفق. وطلبت منه أيضا أن ينقل ذلك إلى الحكومة.
إذن، نقلت ذلك إلى صحيفة يني شفق وليس للمخابرات أو الحكومة؟
بالطبع، لا أعرف كيف لم يكن لدى المخابرات معلومات عن شيء كهذا رغم حصول الجنرال يوغور عليها…لأنه حتى نحن علمنا بذلك في نهاية اليوم.
الأمر الثاني، السيد ألكسندر دوجين زارنا قبل 15 يوليو بيومين بناء على دعوتنا. وكان لديه أيضا اجتماعات مع مستشارين للرئيس ومع مليح غوكجيك.
لقد زار أيضا رئيس الوزراء بن علي يلدريم. وقال لنا “نحن نلحظ نشاطا غير معتاد داخل الجيش التركي”. إليك ما قاله بالضبط ’الدولة الروسية تلحظ نشاطا غير معتاد داخل الجيش التركي’ وقد طلبت منه أن ينقل هذه المعلومات إلى مسؤولي الحكومة خلال اجتماعاته.
التقينا مرة أخرى وقال إنه نقل المعلومات إلىى الإدارة؟ نقل دوجين هذه المعلومات ليس فقط إلى مليح غوكجيك في 14 يوليو لكن إلى مستشارين كبار في فريق أردوغان أيضا.
قلت إن ألكسندر دوجين التقى بمستشارين كبار لدى أردوغان في 14 يوليو. من هم؟
لا أريد أن أذكر أسمائهم ولا أعرف على وجه التحديد. لقد كان لديه موعدا رسميا مع اثنين أو ثلاثة من كبار المستشارين. وبالتأكيد هذه (الاجتماعات) مدونة في السجلات الرسمية. والأهم من ذلك، دعني أقول لك شيئا؛ لقد وزعنا 400 ألف كتيب في أنحاء تركيا في أول يوليو، أي قبل 15 يوما من محاولة الانقلاب. في البند الأول من هذا الإعلان قلنا إن الولايات المتحدة تنفذ “مشروع حوكمة” لتنصيب حكومة غير شرعية (في تركيا).