(زمان التركية)ــ طرح الكاتب المصري د. مجدى علام في مقاله بصحيفة الوطن عدة تساؤلات حول سر الوجود التركي القطري المفاجئ في السودان؛ وسأل الكاتب إن كانت تركيا وقطر اتفقتا على أن تهديد مصر يمكن أن يتم بمساندة السودان.
بعد جلسة عاصفة، عالية الصوت، شامخة الشمم، وإعلان حنجورى من خليفة المسلمين «أردوغان» بأن القدس فلسطينية، وأن المسجد الأقصى دونه الروح والدم، ووسط جوقة الإعلام المحتشد وراءه مؤيداً دائماً بعد أن حبس وسجن كل مَن يعارضه قولاً وفعلاً وظناً وشكاً.
وأعلن لا فُض فوه نقل السفارة التركية (يعنى اعتراف كامل بتطبيع مع إسرائيل عسكرياً وسياسياً، ولكنه نقل السفارة التركية من تل أبيب إلى القدس الشرقية)، محرراً بذلك المسجد الأقصى من الاحتلال الإسرائيلى.
وفى نفس الوقت كان «البشير» قد أعلن من قلب الخرطوم النابض أن فيلق القدس (500 عسكرى) جاهز لتحرير القدس والمسجد الأقصى من الخرطوم إلى فلسطين عبر البحر الأحمر، ولمَ لا فقد دخل سيدنا موسى فلسطين عن طريق البحر الأحمر (من خليج السويس)، ولكن مع اختلاف بسيط أنه مر بمنطقة أرض مصرية اسمها سيناء، ولكن «البشير» لا يريد أن يمر من مصر إلى القدس، و«أردوغان» طريقه أسهل سوف يمر من تل أبيب إلى القدس بعتاده وعدته وسط ترحيب إسرائيلى وعالمى بالجيشين التركى والسودانى.
رغم أن تركيا هى التى فرطت فى فلسطين وتركت مصر وحدها تتحمل عبء حرب مع عصابات اليهود التى تدربت جيداً فى الحربين العالميتين الأولى والثانية، وعرفت طريقها إلى قلب وعقل أوروبا بما يسمى الشأن اليهودى، ولكن «أردوغان» المشتاق إلى أمنية الخلافة أراد أن يصحح صورة تركيا التى فرّطت فى فلسطين، ليعيد إلى المسلمين المسجد الأقصى من جزيرة «سواكن» بالبحر الأحمر على أرض السودان بجوار مصر وفى مواجهة السعودية، رغم بُعد المسافة عن إسرائيل.
سواكن المصرية يعطيها مَن لا يملك لمن لا يستحق، إن كلاً من «البشير» و«أردوغان» نسى أو تناسى أن سواكن مصرية وليست تركية أو سودانية، منذ استخلصتها مصر من الأتراك عام 1865، وفى ضوء قرار الخليفة التركى بتاريخ 1873/6/8 ثم عام 1879 للخديو توفيق مفوضاً على مصر والسودان، ورفضت الحكومة المصرية إخلاء الجزيرة أو التخلّى عن السودان، ومنذ عام 1865 ومصر هى التى عمّرت الجزيرة وبنت المنازل بدلاً من الأكواخ، وشيدت مسجداً ومدرسة ومستشفى وقامت بتوصيل المياه، وإنشاء محطة رفع مياه ومكتب بريد وتلغراف، وظلت تتبع مصر، وأمرت القاهرة جعفر باشا، حكمدار السودان، بإرسال معونات غذائية إلى أحمد مختار بك، محافظ سواكن، واستمرت السيادة المصرية عليها، ورفضت مصر عام 1885 بعد الاحتلال الإنجليزى لمصر أن ينسحب الجيش المصرى من سواكن.
فهل يا ترى هذا الوجود التركى فى السودان وتشاد على حدود مصر جاء رداً على الوجود المصرى مع اليونان وقبرص على حدود تركيا؟ أم أن تركيا وقطر (خصوصاً قطر) رأتا سفينة الأبحاث الصينية وغيرها من سفن الأبحاث التى ستأتى بحثاً عن البترول والغاز أمام مثلث حلايب وشلاتين المصرى؟ أم هو خوف قطر من توافر المال والسلاح فى اليد المصرية؟ فرأوا أن تهديد مصر يتم بمساندة السودان، و أن تدمير مصر هو هدف سودانى – تركى – قطرى لا يختلف عليه الثلاثة؟ أم إنه الهوى الإخوانى للدول الثلاث: قطر راعية الإرهاب، وتركيا خليفة السّنّة، والسودان الإخوانى؟ حيث يريدون هزيمة شخصية للسيسى وعودة عاجلة للإخوان. إن وضع التعاون العسكرى المصرى – اليونانى ليس موجهاً لتركيا، ولكنه موجه ضد الطمع الإسرائيلى فى الغاز والبترول بالبحر المتوسط، ومحاولة الاستيلاء على الحقول اللبنانية والفلسطينية فيه، أما تركيا فلا حدود لها فى الترسيم البحرى المصرى – اليونانى، فلا داعى لاعتبار أن الوجود المصرى تهديد لتركيا إذاً، وطبعاً ولا قطر ولا السودان، ثم جاءت شكوى السودان لمجلس الأمن ضد اتفاقية مصر والسعودية لترسيم الحدود البحرية متضمناً الشاطئ المصرى أمام حلايب وشلاتين المصرية التى يعرف السودان قبل غيره أنها مصرية، لولا هطل أحد وزراء الداخلية المصرية بطلب محافظ البحر الأحمر السودانى الإشراف على رعاية قبائل العبابدة والبشايرة من حيث الخدمات، وصحح حسنى مبارك الوضع منذ التسعينات.