برلين (الزمان التركية) – كشف محضر التحقيق في أحداث ليلة انقلاب 15 يوليو/ تموز 2016 أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان علم بمحاولة الانقلاب أثناء وجوده في قصر “توب كابي” بمدينة إسطنبول في 11 يونيو/ حزيران 2016، أي قبل وقوعه بـ34 يومًا.
بحسب الأقوال التي أدلى بها ضابط الصف حسين جولار في إدارة مكافحة الإرهاب والتي تم إدراجها ضمن ملفات التحقيق، فإن الرئيس أردوغان – الذي صرح في وقتٍ سابق بأنه علم بوقوع الانقلاب من صهره وزير الطاقة برات ألبايراق – حصل على معلومات الاستعداد للانقلاب قبل وقوعه بشهر كامل من الرائد الطبيب أراي سردار يورداكول، وأن النائب البرلماني ذا الخلفية العسكرية شيرين أونال وأحمد ألبايراق من صفوف حزب العدالة والتنمية الحاكم كانا على علم بتفاصيل الانقلاب قبل وقوعهأيضًا.
ويؤكد ضابط الصف حسين جولار أن نائب حزب العدالة والتنمية عن مدينة إسطنبول الفريق المتقاعد شيرين أونال وأردوغان كانا على علم مسبقبالتجهيز للانقلاب. وبعد مرور أشهر من الانقلاب كانت ظهرت مقاطع الفيديو تثبت أن شيرين أونال أجرى زيارة للرئاسة أركان الجيش في يوم الانقلاب عند الساعة 16:00، وأجرى لقاء مع رئيس الأركان خلوصي أكار.
وقال جولار في أقواله: “جميع المعلومات التي توصلت إليها أبلغتها إلى الرائد طبيب أراي سردار يوراكول الذي تعرفت عليه قبل عامين، وهو أوصلني بنائب حزب العدالة والتنمية عن مدينة إسطنبول الفريق المتعاقد شيرين أونال. حصلنا على وساطة من السيد أحمد ألبايراق حتى تمكنا من إبلاغ الرئيس أردوغان بما لدينا من معلومات حول الاستعداد للانقلاب في قصر “توب كابي” في 11 يونيو/ حزيران، عن طريق الرائد طبيب أراي سردار”.
وناقش الكاتب الصحفي المعروف أحمد نسين أحداث الانقلاب مع أحد قادة الجيش من ضحايا الانقلاب رفض الكشف عن وجهه خلال برنامج تليفزيوني أذيع على قناة آرتي تي في (Artı Tv)، حيث قال القائد العسكري إن هناك شكوكًا حول المعرفة المسبقة للانقلاب قبل وقوعه، مؤكدًاأن رئيس الأركان خلوصي أكار كان بإمكانه نشر بيان قصير وإجهاض الانقلاب قبل انطلاقه.
وأعاد القائد العسكري للأذهان توجه رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية هاكان فيدان إلى رئيس الأركان خلوصي أكار عقب البلاغ الذي جاء إليه، وأضاف: “ماذا يفعل رئيس أركان الجيش بعد اللقاء مع هاكان؟ يقوم بإصدار أوامر بعدم السماح لخروج الدبابات إلى الشوارع، وإرسال قائد القوات البرية إلى قيادة القوات الجوية، ليستصدر أمرًا بغلق المجال الجوي. هذه التصرفات قد تكون أشبه بأحداث “فيلم أكشن”، ولها دلالات معينة لدى المواطن العادي أو المشاهد العادي، غير أن هذه الحركات من الناحية العسكرية لا قيمة لها، وليست سوى عرض، حيث إنها ليست عملية عسكرية منظمة مقصودة”.
وفصّل القائد العسكري قائلاً: “ماذا يفعل أي قائد عندما يتلقى بلاغًا عن تحرك في الجيش؟ إن جاءكم نبأ تحرك ما فرد الفعل المعتاد هو القيام بتوجيه أوامر لكل الوحدات العسكرية وليس وحدات معينة. بناءً على ذلك فإن المطلوب من رئيس الأركان في تلك الليلة كان أن يخرج ويقول: “وفقًا للمعلومات التي حصلنا عليها من مصادر موثوقةٍ، هناك تحركات غير قاونوية داخل القوات المسلحة، وأريد من أفراد الجيش وقوادهم الذين يقعون تحت أمري أن لا يشاركوا في أي أعمال غير قانونية، لكن ذلك لم يحدث”.
جدير بالذكر أن السلطات التركية تتهم “حركة غولن” بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة فيما تنفي الحركة أي علاقة لها بالانقلاب، كما دعا الأستاذ فتح الله غولن لتشكيل لجنة دولية للتحقيق في ملابسات الانقلاب وأعلن استعداده لتسليم نفسه للسلطات التركية في حال إثبات وقوفه وراء الانقلاب، الطلب الذي لم يلق أي صدى إيجابي لدى أردوغان.
يشار إلى أن المعارضة التركية تصف أحداث 15 تموز بـ”الانقلاب تحت سيطرة أردوغان”، الرأي الذي أيدته تقارير استخبارية دولية صدرت من الاتحاد الأوروبي والمخابرات البريطانية والألمانية، كما أن أردوغان كان نعت محاولة الانقلاب بـ”هدية من الله”، وأكد أنها فرصة كبيرة لتطهير المؤسسة العسكرية من العناصر التي لا يرغبها.
كما سبق أن اعترف أردوغان في حوار مع قناة الجزيرة بأن الأجواء التي أتت بها محاولة الانقلاب مكنته من إطلاق حركة التصيفة الشاملة في كل مؤسسات الدولة وأنها لم يكن بإمكانها القيام بذلك قبل هذه المحاولة، نظرًا لصعوبة إقناع أركان الدولة والشارع التركي بضرورة مثل هذه العملية.