بقلم: منى سليمان
ما مستقبل العلاقات بين أنقرة وواشنطن، بعد فشل زيارة أردوغان لواشنطن في تحقيق أهدافها؟ وهل سينجح “أردوغان” في تقريب وجهات النظر مع واشنطن مرة اخرى، وما هي خياراته بعد قرار تسليح الفصائل الكردية السورية .. هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها المقال التالي للكاتبة منى سليمان حيث تقول:
يمكن القول بكل بساطة إن زيارة الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” لواشنطن قد فشلت في تحقيق أي من أهدافها، رغم أن الكثيرين قد عولوا عليها كثيرا لحل الخلافات في عدد من القضايا الثنائية العالقة بين البلدين وعلى رأسها الأزمة السورية خاصة بعد قرار واشنطن بتسليح الفصائل الكردية لمحاربة “داعش” الأمر الذي اعترضت عليه أنقرة، وقد توقع “أردوغان” نفسه قبل زيارته عقد “صفقة ممتازة” مع نظيره الأمريكي “دونالد ترامب”، بيد أن تلك التوقعات باءت بالفشل ولم تتحقق، فجميع القضايا التي طرحت في القمة التي استغرقت يومًا واحدًا لم تحل ولم يتم تقريب وجهات النظر بين واشنطن وأنقرة بل تباعدت أكثر وأتسعت هوة الخلاف بيد الحليفين، فلماذا فشلت الزيارة وما هو مستقبل العلاقات بين البلدين وهل سينجح “أردوغان” في تقريب وجهات النظر مع واشنطن مرة اخرى، وما هي خياراته بعد قرار تسليح الفصائل الكردية السورية، سنحاول معالجة ذلك فيما يلي:
أولا: أهمية زيارة “أردوغان” لواشنطن:
رغم فشل زيارة “أردوغان” لواشنطن إلا أنها أكتسبت أهمية خاصة لعدة أسباب ومنها:
*أنها الزيارة الأولى “لأردوغان” بعد انتخاب “ترامب” رئيسًا لولايات المتحدة الأمريكية وقد اعتبر كثيرون أن تلك الزيارة ستدشن لمرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين تتلاشي فيها الخلافات التي كانت قائمة أبان فترة حكم سلفه “باراك أوباما” الذي انتقد عدة مرات تراجع الحريات ومستوى حقوق الإنسان بتركيا.
*تلك الزيارة هي الأولى بعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية بتركيا الذي أجرى في 16 أبريل الماضي وتم تمريره بنسبة 51%، وحول نظام الحكم من البرلماني للرئاسي، وهو النظام الأقرب لنظام الحكم بالولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الخطوة ستكون عاملا لتقريب وجهات النظر بين البلدين.
*الزيارة هي الأولى بعد قرار واشنطن تسليح الفصائل الكردية السورية لمحاربة داعش بشمال سوريا، القرار الذي اتخذته واشنطن بغض النظر عن المصالح القومية التركية ومطالبات أنقرة بمنع تسليحهم.
*الزيارة تأتي بعد حدوث تقارب “تركي – روسي” ملحوظ في الآونة الأخيرة وهو ما أثار حفيظة واشنطن، حيث نجحت موسكو وأنقرة في احتواء الازمات المتكررة في العلاقات بينهما ، وعقد الرئيسان التركي “أردوغان” و”الروسي فلاديمير بويتن” قمتين خلال شهر واحد، حيث كانت أول زيارة خارجية “لأردوغان” بعد نجاح الاستفتاء لموسكو ومهدت تلك الزيارة للإعلان عن تفاق “تخفيف التوتر” بسوريا الذي تم استبعاد واشنطن منه، ثم عقدا “بوتين، أردوغان” قمة ثانية في بكين على هامش مؤتمر “طريق الحرير”، ويمكن تفسير هذا التقارب بانه سيكون مقدمة لانضمام أنقرة للمعسكر الشرقي و”منظمة شنغهاي”، خاصة مع استمرار الخلافات العلنية والأزمات المتكررة بين أنقرة ودول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية من جانب آخر.
*زيارة “أردوغان” أتت قبل أيام قليلة من جولة “ترامب” الخارجية الأولى التي خصها للشرق الأوسط دليلا على أولوية قضاياه على رأس أجندة العمل الأمريكية، حيث سيزور المملكة العربية السعودية وسيعقد فيها القمة العربية الإسلامية بهدف مكافحة الإرهاب، والهدف منها اقامة تحالف عربي اسلامي سني لمكافحة الارهاب ومواجهة النفوذ الايراني بالمنطقة، وبالطبع تم دعوة تركيا لها التي من المنتظر أن يكون لها دور كبير في ذلك التحالف.
كل تلك الأسباب كانت كفيلة بعقد قمة إستراتيجية بين “أردوغان” و”ترامب”، كان يجب أن يحددا فيها خريطة طريق وأجندة عمل لحل قضايا الشرق الأوسط العالقة بدءًا من الأزمة السورية والعراقية مرورًا بمكافحة الإرهاب والقضية الفلسطينية، بيد أن النتيجة كانت مخيبة للآمال ولم تنجح قمتهم في التوصل لحل لأى قضية.
ثانيا: دلائل وأسباب فشل زيارة “أردوغان” لواشنطن:
1_ دلائل فشل الزيارة:
حال تمت المقارنة بين زيارة الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” لواشطن بإعتباره آخر رئيس دولة شرق أوسطية زارها منذ شهر وبين زيارة نظيره التركي “أردوغان” سنتأكد أن زيارة الأخير قد فشلت تمامًا، فزيارة “السيسي” استمرت لمدة 6 أيام وعقد لقاءات مع مسؤولي البيت الأبيض والكونجرس ووسائل الإعلام الأمريكية، ووقعت عددا من الإتفاقات التجارية والعسكرية بين القاهرة وواشنطن، بعكس “أردوغان” الذي لم يلتق سوى “بترامب” ورحل سريعًا عن البيت الأبيض بعد يوم واحد فقط، كما ألغي اجتماعا كان مقررًا عقده في المركز الإسلامي بواشنطن دون إبداء أسباب كافية، ولم تتميز الزيارة بحفاوة الاستقبال كزياراته لبعض الدول الاخرى، ولم يكتف “أردوغان” بذلك الفشل بل أنه كان شاهدًا على مشاجرات دامية وقعت بين حراسه وموظفين بالسفارة التركية بواشنطن وعدد من المعارضين الأكراد الذين طالبوا بالإفراج عن رئيس حزب الشعوب الديمقراطي الكردي المعتقل “صلاح الدين دميرطاش”، أدت تلك المشاجرة لإصابة عدد من رجال الشرطة بواشنطن مما دفع الأخيرة لاستدعاء السفير التركي بواشنطن والاحتجاج له، وهو ما ينذر بحدوث أزمة دبلوماسية بين البلدين.
2- أسباب فشل الزيارة:
يبقي السؤال لماذا فشلت زيارة “أردوغان” لواشنطن؟ فشلت لاتساع مساحة الخلاف في وجهات النظر بين البلدين في كافة القضايا الثنائية، وتمسك كل طرف بوجهة نظره ورفض تقديم أى تنازلات لتضييق فجوة الخلاف، حيث:
*تسليح الفصائل الكردية السورية: جاء قرار “ترامب” في 9 مايو 2017 بتسليح الفصائل الكردية السورية وهي (وحدات حماية الشعب الكردية، قوات سوريا الديمقراطية) كالصفعة لأنقرة، بيد ان واشنطن رأت فيه ضرورة لمكافحة “داعش” لأن تلك الفصائل حققت تقدما مذهلا لوقف زحف “داعش” على مدن سوريا والعراق، وتجاهل واشنطن لإعتبارات الأمن القومي التركي ولرفض أنقرة تسليح تلك الفصائل التي تعتبرها إرهابية، جاء ردا على التجاهل التركي لواشنطن حيث عقدت أنقرة “الاتفاق الثلاثي” ثم اتفاق “تخفيف التوتر” أو “المناطق الآمنة” مع روسيا وإيران دون إبلاغ واشطن عنهما قبل التوقيع وهو ما يتنافي مع طبيعة العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، فضلا عن أن التقارب الروسي التركي يزعج واشنطن، ولذا فضلت الرد عليه بطريقتها وإزعاج أنقرة بتسليح الفصائل الكردية.
*الخلاف على تصنيف الجماعات الإرهابية: فقائمة الجماعات الارهابية مختلفة بين كلا من واشنطن وأنقرة، فعلي سبيل المثال تعتزم واشنطن اعلان “الاخوان المسلمين” جماعة إرهابية وهي التي تدعمها أنقرة، وكذلك بعض الفصائل المسلحة الكردية تعلنها أنقرة جماعة إرهابية وتدعمها واشنطن، وهذا خلاف كبير بينهما.
*تسليم “فتح الله جولن”: كان منتظرًا أن يطلب “أردوغان” من “ترامب” تسليم أنقرة المفكر الإسلامي التركي المقيم بالولايات المتحدة منذ 20 عاما “فتح الله جولن” إلا أن ذلك لم يحدث ولم يتطرقا لذلك الأمر من قريب أو بعيد، والمفاجأة أن “أردوغان” طالب بتسليمه رجل الأعمال الإيراني (يحمل جنسية تركية) المتهم بقضايا فساد بأنقرة “رضا ضراب” والمسجون بالولايات المتحدة لاتهامه في قضايا تتعلق بخرق العقوبات الامريكية الاقتصادية المفروضة على إيران، كما طالبه “ترامب” في المقابل بإطلاق سراح القس الأمريكي المعتقل بتركيا “أندرو برونسون” عقب الإنقلاب العسكري لإتهامه بصلته بحركة “الخدمة”.
*قضية الأرمن: من القضايا التي تزعج القيادة السياسية التركية هي إثارة قضية الإبادة الجماعية التي تعرض لها الأرمن على يد الدولة العثمانية، وفي أبريل 2017 وصف “ترامب” مجازر الأرمن في 1915 بأنها “إحدى أسوأ الفظاعات الجماعية في القرن العشرين”. مما اعترضت عليه أنقرة لأنه “معلومات خاطئة” “لترامب”.
*تراجع حقوق الإنسان بتركيا: لم يذكر البيان الرسمي الصادر عقب القمة أن الرئيسين تطرقا لتراجع حقوق الإنسان ومستوى الحريات والتعبير بتركيا عقب الإنقلاب العسكري المزعوم في 15 يوليو 2017، بيد أن الأمر محور إهتمام مؤسسة حقوق الإنسان الأمريكية التي أصدرت بيانًا يدعو “ترامب” لعدم إستقبال “أردوغان” لأن الأخير (أغلق 149 مؤسسة إعلامية و2099 مدرسة وجامعة وفصل 138 ألفا و147 موظفًا حكوميًا وأعتقل 50 ألفا و601 شخص وسجن أكثر من 230 صحفيًا)، كما اتهمته بتزوير نتائج الإستفتاء على التعديلات الدستورية. ومما لاشك فيه أن “أردوغان” قد فقد صورته السابقة لدى وسائل الاعلام والرأى والنخبة الأمريكية حيث كان يوصف خلال العقد الماضي بأنه الرئيس المسلم المعتدل المنفتح على الآخر الذي دمج بين الإسلام والديمقراطية بل وصفت تجربته بتركيا بأنها النموذج الذي يجب أن يحتذى به في كل الدول العربية لاسيما بعد ثورات الربيع العربي 2011. ولهذا لم يتفق الرئيسان على أى قضية أثيرت بينهما وهذا الخلاف قد أعترفت به وسائل الإعلام الأمريكية التي غطت القمة.
3_ محددات الموقف التركي والأمريكي:
يمكن تلخيص الموقف الأمريكي الحالي من تركيا بأن “ترامب” يريد دعم أنقرة لمكافحة الإرهاب بل ويريد منها التعاون مع الفصائل الكردية المسلحة إذا تطلب الأمر ذلك مقابل الإلتزام الأمريكي بحماية الأمن القومي التركي بإعتبارها دولة عضو بحلف “الناتو” والقبول بحل سياسي للقضية السورية فضلاً عن التجاهل الأمريكي لقضايا الداخل التركي وهي كثيرة .. فإشادة “ترامب” بشجاعة وقوة الجنود الأتراك ومحاربتهم بجانب القوات الامريكية والجنرال “ماك آرثر” هي دعوة صريحة لتكرار ذلك التعاون العسكري بين واشنطن وأنقرة لمحاربة الإرهاب و”داعش” في شمال سوريا وربما تمتد لمناطق أخرى في الشرق الأوسط، وهذا سيؤدي إلى مضاعفة العبء العسكري على الجيش التركي المنهك بعد عمليات التسريح والإقالة والأعتقال والتنكيل التي مورست ضده من قبل الرئيس “أردوغان” عقب الانقلاب العسكري المزعوم. وتجاهل “ترامب” الأحداث التركية الداخلية بدءًا من التشكيك بحدوث إنقلاب عسكري مرورًا بعمليات الإعتقال ضد كافة فئات المجتمع التركي إنتهاءًا بالإستفتاء علي التعديلات الدستورية، يدل على أنه غير مهتم بما يحدث داخل تركيا بعكس الموقف الأوروبي الذي يهتم كثيرا بذلك وأن كل ما يربطه بتركيا الآن هو مشاركتها في مكافحة الإرهاب، وهذا التجاهل ينذر بأنه لن يضغط مستقبلاً على “أردوغان” لإتخاذ خطوات إيجابية والعدول عن سياساته الداخيلة المستبدة، كما أنه لن يستجيب لدعوات الأخير لتسليم “جولن” وهذا لسببان أنه غير مقتع وإدارته بأن “جولن” مدان وأن الأمر برمته يخضع للقضاء الأمريكي.
أما الموقف التركي الحالي من الولايات المتحدة الأمريكية فيتركز على الرفض التام لتسليح أيًا من الفصائل الكردية المسلحة لأن تلك الأسلحة ستنتهي بيد حزب “العمال الكردستاني” العدو الأول للدولة التركية، ورغم اللغة العنيفة التي استخدمها “أردوغان” وأعضاء حكومته للتعبير عن رفضهم لذلك إلا أن واشنطن لم تلغ قرارها ولن تلغيه وما علي أنقرة سوى التعامل مع الأمر الواقع. وهذه هي القضية ذات الأولوية الأن فضلاً عن قضايا أخرى مثل مستقبل الرئيس السوري “بشار الأسد” حال تم إنهاء القضية، وتقاسم النفوذ بين القوى الاقليمية والكبرى بالمنطقة.
ثالثا: خيارات “أردوغان” الخارجية المقبلة:
من المؤشرات الحالية يتضح أن هناك رغبة روسية وأمريكية قوية في التعاون مع القوى الكردية في منطقة الشرق الأوسط المدنية منها والمسلحة لتكون أداة غربية لحل قضايا المنطقة، فعلى سبيل المثال إقليم كردستان العراق يراه البعض كجزيرة مستقرة نسبيا وسط بحر الفوضى العربي، وهناك تعاون عسكري ودعم سياسي روسي كبير كذلك مقدم للفصائل الكردية السورية، وهناك دعوات أمريكية تلوح بإمكانية إقامة دولة كردية علمانية قوية في وسط المشرق العربي تكون شبيهة بإسرائيل قائمة على أساس قومي عرقي علماني لحماية المصالح الأمريكية في المنطقة, وهذا الأمر سيكون ضد المصالح العربية والتركية والإيرانية. ولذا فإن تركيا وقعت لأول مرة بين شقي رحى الأول التجاهل الأمريكي لمصالحها والدعم المتزايد للأكراد على حساب الأمن القومي التركي والثاني البراجماتية الروسية في التعامل معها لتحقيق أقصي إستفادة من التعاون مع أنقرة في الملف السوري وهنا تقدم تركيا كل يوم تنازلات لموسكو لضمان الحد الأدني من مصالحها هي الأخرى. ولذا فإن خيارات أنقرة للرد على تسليح واشنطن للفصائل الكردية يتمثل في:
*إعلان إنسحاب القوات التركية المشاركة في المعارك بسوريا من عملية تحرير “الرقة” لان الفصائل الكردية المسلحة ستشارك فيها، وهذا بغية معاقبة واشنطن وعدم المشاركة في تحرير باقي المدن السورية من قبضة داعش.
*تلويح أنقرة بإتمام صفقة لشراء صواريخ منظومة (إس 400) الروسية، وهي بالطبع خطوة مزعجة لواشنطن فتركيا تعتمد بالاساس على التسليح الامريكي باعتبارها دولة عضو بحلف “الناتو”
*الموافقة على نقل قاعدة “أنجيرليك” العسكرية الأمريكية المستغلة من قبل “الناتو” وتستخدم لشن غارات شبه يومية على معاقل “داعش” للأردن.
*تركيا ربما تركز تحركها العسكري المقبل في شمال العراق عبر شن عملية عسكرية جديدة هي “درع دجلة” وهذا سيحقق لها عدة أهداف هي .. تأمين حدودها الجنوبية، الإيحاء بأنها مستمرة في محاربة الإرهاب، القضاء على نفوذ حزب “العمال الكردستاني” (بي كا كا) في سنجار التي تمركزت قواته فيها بعد تحريرها من قبضة “داعش” مما أدى لتوسع نفوذ وتواجد الحزب بالعراق فهو متواجد منذ 30 عام في جبال قنديل والان في سنجار وهذه العملية العسكرية ستحظى بقبول حكومتي اربيل وبغداد لانهما معترضتان على تواجد “بي كاكا” في عدة مدن عراقية هي (جبال قنديل، سنجار، تلعفر، بعشيقة) وهذه المناطق جميعها تشكل تهديدًا مباشرًا للحدود التركية.
*ربما يرفض “أردوغان” حضور القمة الإسلامية الأمريكية في الرياض يومي (21-22) مايو الحالي للتعبير عن تجاهله “لترامب”، كما أنه سيكون على موعد يوم 21 مايو لينصّب من جديد زعيماً لحزب “العدالة والتنمية” ويعيد بناءه مرة أخرى.
أن الخيارات الخارجية التركية ليست متعددة في ظل تعدد المتغيرات الاقليمية والدولية التي تشكل قيودًا على خيارات صانع السياسة الخارجية التركية، كما أن الوضع التركي الداخلي وتفاقم الأزمات الإقتصادية وهشاشة الوضع السياسي عقب الإنقلاب يؤثر سلبا ويضعف الموقف التركي في مواجهة أى طرف خارجي، وربما يتم تعقيد الوضع السياسي والعسكري أكثر من ذلك حال تمت مواجهات عسكرية مباشرة بين القوات التركية المتواجدة بسوريا والعراق والفصائل المسلحة الكردية المدعومة من واشنطن، فهل ينذر ذلك باحتمال حدوث مواجهات بين مستشارين أمريكيين يقومون بتدريب القوات الكردية وبين القوات التركية، أو ربما تحدث مواجهات بين القوات التركية والأمريكية حال قرر “ترامب” الدفع بقوات برية في سوريا لمحاربة الإرهاب مستقبلاً؟! المؤكد أن تركيا ليست في وضع يسمح لها بمواجهة واشنطن فهي لا ولن تواجه واشنطن سياسيًا أو دبلوماسيا أو عسكريًا، فهل ستنجح أنقرة في الحفاظ على مصالحها الإستراتيجية المتمثلة في منع قيام كيان كردي مستقل بشمال سوريا وتأمين حدودها من التنظيمات الارهابية أم ستتراجع عن تلك المصالح مثلما تراجعت وقبلت مضرة بتسليح قوات سوريا الديمقراطية الكردية؟!.
*باحثة دكتوراة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، متخصصة بالعلاقات الدولية والشأن التركي.