(الزمان التركية) – في ظل تراجع الحريات في تركيا سارعت منظمات المجتمع المدني في تركيا والعالم لتوثيق هذا التراجع في مستوى الحريات، وقد نشرت مؤسسات بحثية كثيرة ومنظمات المجتمع المدني ملفات وكتب بعدة لغات، تتحدث فيها عن انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا، ومن ضمن هذه الملفات، الملف الذي نطرحه بين يدي القارئ والذي بعنوان (تركيا بعد الانقلاب: حالة الطواريء والتعذيب والإفلات من العقاب) حيث يسلط الضوء على الانتهاكات الشخصية وانتهاكات الملكية الخاصة والتعذيب، وقد أعد هذه الملف عددة منظمات دولية ومحلية، وإليكم الملف كاملا بالإنجليزية والعربية:
تعريفات لبعض المصطلحات الواردة في البحث
- الاتفاقية: اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
- الحزب: حزب الشعب الجمهوري
- المجلس: مجلس أوروبا
- اللجنة: اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب والمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة
- الاتحاد: اتحاد المحامين التقدميين بتركيا
- الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان: الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية
- لجنة مناهضة العنصرية والتعصب: لجنة مناهضة العنصرية والتعصب التابعة لمجلس أوروبا
- الشبكة الأوروبية: الشبكة الأوروبية للمستشارين بالقضاء
- الاتحاد الأوروبي
- المجلس الأعلى التركي: المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين التركي
- منظمة هيومن رايتس ووتش
- عهد الحقوق المدنية والسياسية: العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
- منظمة غير حكومية.
- الآلية الوقائية الوطنية
- البروتوكول الاختياري: البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة
- مراسلون بلا حدود: منظمة مراسلون بلا حدود
- اللجنة الفرعية لمكافحة التعذيب.
- نقابة المحامين الأتراك.
- نقابة الصحفيين الأتراك.
- توكي: الإدارة العامة للإسكان التركية.
- الليرة: الليرة التركية.
- القوات المسلحة التركية.
- مؤسسة القضاة والمدعين.
الفهرس
تعريفات لبعض المصطلحات الواردة في البحث
القسم الثاني – متابعة الملاحظات الختامية 7
الفقرة التاسعة: الإفلات من العقاب على أفعال التعذيب وسوء المعاملة 7
الفقرة 10(د): بيانات إحصائية عن ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة. 10
السجون ومراكز الاحتجاز في شمال شرق منطقة الأناضول. 12
الفقرة 33: حالات الوفاة أثناء الاحتجاز 16
حالات الانتحار وحالات الوفاة في أعقاب محاولة الانقلاب.. 18
الفقرة 37: مراقبة مراكز الاحتجاز 21
الفقرة 43: المدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون والقضاة وأعضاء النيابة العامة والمحامون 22
القضاة وأعضاء النيابة العامة والمحامون. 26
الملحق – لقاءات مع القضاة وأفراد الأسرة والمحامين. 29
ملخص الموضوع
لحقت محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في الخامس عشر من يوليو- تموز 2016م عملياتِ تطهير تستهدف المواطنين من جميع الفئات والتوجهات، وخاصة من قطاعات التعليم والإعلام والتجارة والجيش والقضاء. وقد قيدت بشدة عمليات التطهير المستمرة والتدابير التي أُدخلت تحت ذريعة حالة الطوارئ من الحقوق والحريات الفردية.
وحالة الطوارئ التي فُرضت نتيجة لمحاولة الانقلاب منحت رئيس الوزراء ووزارته السلطة للحكم بأمر المراسيم وتجاوز البرلمان.
وكان أول مرسوم تحت حالة الطوارئ هو زيادة فترة الاعتقال دون توجيه اتهام من أربعة أيام إلى ثلاثين يوماً، مما أشعل المخاوف بأن هذا التمديد سيقوّض من الحماية ضد أعمال التعذيب وسوء المعاملة وكذلك يحد من الحق في الحصول على محاكمة عادلة. وقد علقت العديد من الأحكام الأخرى الواردة في مراسيم الطوارئ بتركيا من إجراءات الوقاية الأساسية ضد التعذيب وسوء المعاملة بما في ذلك رفع أوجه الحماية للمحاكمات العادلة.
تكشف الملاحظات الختامية (CAT/C/TUR/CO/4) للتقرير الدوري الرابع لتركيا بشأن تطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب الستارَ عن أعداد مهولة من حالات التعذيب وسوء المعاملة المتكررة بانتظام التي مارستها السلطات في تركيا في الأعوام الأخيرة، ومر أغلبها دون عقاب. وقد زادت محاولة الانقلاب الفاشلة من الوضع المتفاقم لحقوق الإنسان في الدولة مما مهد الطريق – ضمن أمور أخرى – أمام ممارسات التعذيب وسوء المعاملة التي لم يسبق لها مثيل في جميع أنحاء الدولة.
ونتيجة لذلك، وثّق المدافعون عن حقوق الإنسان الانتهاكات الواسعة الانتشار، بما في ذلك الحالات المزعومة من الإعدام دون محاكمة، والاعتقال التعسفي والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة، وكذلك الاختفاءات القسرية.
وظهرت الادعاءات الخطيرة بسوء المعاملة والتعذيب بعد محاولة الانقلاب الفاشلة وتشمل الضرب المبرح والاغتصاب والإيذاء اللفظي والنفسي وكذلك الحرمان من الطعام والماء والعلاج. وقد ظهرت معالم سوء المعاملة والتعذيب الواضحة على العديد من الضحايا بعد الإفراج عنهم.
لم يهتم ممثلو الحكومة كثيراً بإخفاء أغلب الأدلة على سوء المعاملة والتعذيب التي كشفت عنها الصحافة أو وسائل الإعلام الاجتماعي، بما في ذلك فترة الأيام الأوائل التي تلت محاولة الانقلاب. غير أنهم كثيراً ما ادعوا عدم وجود أي حالات تعذيب أو سوء معاملة في السجون بل إن جميع المزاعم كانت “دون وجه حق” وأكدوا على أن “تركيا لا تتسامح أبداً مع التعذيب.”
إضافة إلى ذلك، أدلى ممثلو الحكومة بأكثر من بيان أكدوا فيه على أن حالات سوء المعاملة بل والتعذيب لن تخضع لأي تحقيقات.
وأعلن رئيس العدل في رده على تقرير منظمة العفو الدولية بتاريخ 24 يوليو أنه “لا يرد أي احتمال بوجود تعذيب في سجوننا”.
وفي أواخر شهر سبتمبر الماضي أكد رئيس نقابة المحامين التركية أثناء وجوده في واشنطن بأنه “ليس هناك دليل بوجود تعذيب في تركيا”.
وفي أوائل أكتوبر 2016م، رفض رئيس اللجنة الفرعية البرلمانية للسجون المقترحَ الذي قدمه حزب الشعب الجمهوري بضرورة إجراء اللجنة الفرعية تحريات في ادعاءات وجود تعذيب وسوء معاملة في السجون ووصف الاقتراح بأنه “دعاية سياسية”. وبعدها أعلن صراحةً أن “الحكومة سوف تتجاهل الادعاءات بوجود تعذيب ومعاملة غير حسنة إذا كان الضحايا من أنصار حركة غولن”.
وقد وجهت ستة اتحادات لحقوق الإنسان بتركيا[1] الانتقادات لبيان رئيس اللجنة الفرعية البرلمانية في خطاب مفتوح أرسلته إلى البرلمان التركي، ووصفت بيانه بأنه “غير مقبول”. وفي الخطاب زادت جمعيات حقوق الإنسان من تأكيدها على “احتجاجها على المشرّع بسبب موقفه من الادعاءات بالتعذيب، فلا يجوز أن يتعرض أي فرد للتعذيب والمعاملة غير الحسنة لأي سبب”.
فمبدأ عدم التمييز وهو مبدأ أساسي وعام في حماية حقوق الإنسان وضروري لتفسير وتطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب، التي تكون تركيا إحدى الدول الأطراف بها، تعطل تماماً بعد محاولة الانقلاب.
تحظر الاتفاقية[2] بكل وضوح ممارسات بعينها، عندما تنفذ الممارسات “لأي سبب من الأسباب التي تقوم على التمييز أيّاً كان نوعه…”، وبموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، تلتزم تركيا بضمان حماية المعتقلين المعرضين للتعذيب قبل محاولة الانقلاب أو وبعدها؛ سواء كان سبب اعتقالهم علاقاتهم المزعومة بحركة غولن والجماعات الأخرى أو لا، وذلك عبر إدانة جميع أعمال العنف والإيذاء ضد هؤلاء الأفراد ومعاقبة من يفعل ذلك.
القسم الأول – المقدمة
التمهيد:
في الساعات الأخير من يوم الخامس عشر من يوليو- تموز لعام 2016م، حاول فصيل صغير من القوات المسلحة التركية يطلقون على أنفسهم اسم “مجلس السلام الوطني” الإطاحة بحكومة الرئيس رجب طيب أردوغان عبر السيطرة على عدة مناطق حيوية في أنقرة وإسطنبول ومواقع أخرى.
وأرجعت جماعة “مجلس السلام الوطني” أسباب التخطيط للانقلاب إلى تراجع العلمانية وتقليص الحكم الديمقراطي وإغفال حقوق الإنسان وفقدان تركيا لمصداقيتها في الساحة الدولية.[3]
في الوقت الذي شهدت فيه الشوارع احتشاد المواطنين، تخلى العشرات من الجنود المؤيدين للانقلاب عن دباباتهم وسياراتهم العسكرية الأخرى.
وتمكنت القوات المؤيدة للحكومة من هزيمة مخططي الانقلاب وأُحبطت محاولة الانقلاب خلال حوالي 12 ساعة. فقُتل 294 شخصاً على الأقل وأصيب أكثر من 1500 آخرين أثناء محاولة الانقلاب، وذلك وفق المصادر الرسمية.[4]
وفي ليلة الخامس عشر من يوليو وقبل عدة ساعات من الكشف عن تفاصيل محاولة الانقلاب، أعلن الرئيس أردوغان في اتصال عبر الهاتف الذكي مع قناة سي إن إن تركيا أن فتح الله غولن -وهو رجل دين إسلامي يبلغ عمره 77 عاماً ويعيش في عزلة في ولاية بنسلفانيا- هو مدبر الانقلاب.
وبحلول السابع عشر من يوليو 2016، أعلنت الحكومة وكذلك هيئة الأركان العامة بالجيش أن جميع مناحي الدولة أصبحت تحت سيطرتهما التامة والمطلقة؛ إلا أنه في يوم 20 يوليو 2016م، أعلنت الحكومة حالة الطواريء لمدة ثلاثة أشهر، وفي 19 أكتوبر 2016م تم تمديد حالة الطواريء لثلاثة أشهر أخرى، وفي يوم 3 من يناير 2017م تم تمديدها مرة ثانية ولمدة ثلاثة أشهر إضافية.
وفي 21 يوليو 2016، أُبلغت الأمم المتحدة ومجلس أوروبا بالقرار بشأن حالة الطوارئ، وكذلك بإشعار عدم التقييد الذي أرسله المعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
وأعربت مؤسسة الصحفيين والكتّاب عن قلقها تحديداً بشأن المزاعم الكثيرة والمستمرة والمتكررة والمنتشرة حول الاستخدام النمطي للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي يرتكبها العاملون بالأجهزة المعنية بإنفاذ القانون بعد محاولة الانقلاب.
أ. غرض التقرير
أعد هذا التقرير خصيصاً ليشارك في الدورة التاسعة والخمسين للجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب المقبلة التي ستعقد من 7 نوفمبر إلى 7 ديسمبر 2016. وأرسلت محتويات التقرير إلى اللجنة في هيئة “معلومات” تحريرية بموجب إجراءات المتابعة للملاحظات الختامية (CAT/C/TUR/CO/4)[5]، بعد النظر في التقرير الدوري الرابع لتركيا (CAT/C/TUR/CO/4)[6].
ينصب اهتمام التقرير على التدابير التنفيذية (التطبيقية) أكثر من التشريعية (القانونية) في أعقاب محاولة الانقلاب التي أجريت في الخامس عشر من يوليو- تموز، ويركز بشدة على الامتثال لمواثيق حقوق الإنسان الدولية التي تكون جمهورية تركيا طرفاً فيها.
وكان الغرض الرئيس من التقرير هو أن يكون مرجعاً للجنة مناهضة التعذيب و الهيئات الأخرى المنشأة بموجب المعاهدات، وكذلك المؤسسات الدولية والإقليمية عند اقتراح التوصيات المناسبة بهدف ضمان التنفيذ والامتثال لأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان المتعلقة بهذا الأمر.
بناء على ذلك، لا يحتوي التقرير على أي توصيات وهدف التقرير لا يتيح استخدام نتائجه لأي غرض خلاف تلك سابقة الذكر، وبالطبع عند الحديث عن الحد الذي ينعدم فيه إنفاذ القانون المحلي والدولي، يوصى بإجراء المزيد من التحقيقات.
تود مؤسسة الصحفيين والكتّاب أن تعرب عن عرفانها إلى جميع من ساهم في التقرير وخاصة جميع الأفراد الذين سهلوا إعداد التقرير رغم المخاطرة الشخصية البالغة في سبيل ذلك.
ينبع هذا التقرير من تفسير مؤلفيه[7] “لنص وروح” القانون الدولي لحقوق الإنسان وقد يختلف تفسيره – حقيقةً – عن تفسير المسئولين الأتراك.
ب. منهجية التقرير وصياغته
أعدت مؤسسة الصحفيين والكتّاب التقريرَ الذي يغطي الفترة من 15 يوليو حتى 31 أكتوبر 2016 تحديداً وفق المعلومات التي صرّح بها أفراد عائلات ضحايا التعذيب وسوء المعاملة ومحاميهم والمعلومات المتناولة عبر رصد المصادر المفتوحة بما في ذلك وسائل الإعلام التابعة للحكومة.
يصعب بشدة دعم المزاعم المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان بعد محاولة الانقلاب بالأدلة والبراهين. غير أن مؤسسة الصحفيين والكتّاب ترى أن الادعاءات المذكورة في التقرير منطقية بناء على تحليل الحالات من مصادر مختلفة.
في أغلب الحالات المذكورة في التقرير، قررت مؤسسة الصحفيين والكتّاب ألا تكشف عن هوية الضحايا ومصادر المعلومات بهدف حماية الأفراد من الأعمال الانتقامية المحتملة.
يبنى هذا التقرير وفق دواعي قلق بارزة تتعلق بأولويات المتابعة بموجب إجراءات الملاحظات الختامية ذاتها (CAT/C/TUR/CO/4)[8] للجنة مناهضة العنف. وينصب تركيز التقرير على هذه الفقرات من الملاحظات الختامية:
- الفقرة التاسعة: الإفلات من العقاب على أفعال التعذيب وسوء المعاملة.
- الفقرة العاشرة (د): بيانات إحصائية عن ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة.
- الفقرة الحادية والثلاثون: ظروف الاحتجاز.
- الفقرة الثالثة والثلاثون: حالات الوفاة أثناء الاحتجاز.
- الفقرة السابعة والثلاثون: مراقبة مراكز الاحتجاز.
- الفقرة الثالثة والأربعون: المدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون والقضاة وأعضاء النيابة العامة والمحامون.
القسم الثاني – متابعة الملاحظات الختامية
الفقرة التاسعة: الإفلات من العقاب على أفعال التعذيب وسوء المعاملة
تؤكد مؤسسة الصحفيين والكتّاب على أن حكومة تركيا لديها الحق في إجراء التحقيقات الدقيقة في الأحداث التي أدت إلى محاولة الانقلاب وفي محاكمة جميع المسئولين عنها والذين يقع عليهم مسئولية ذلك.
وفي الماضي أتاح الإفلات من العقاب على سوء المعاملة واستخدام المسئولين المفرط للقوة، وقلة التحريات، وندرة حالات التغريم والسجن بأمر المحكمة لسوء المعاملة والتعذيب الفرصةَ أمام المذنبين للإفلات من العقوبة أمام القتل والتعذيب.
وتعرب مؤسسة الصحفيين والكتّاب عن قلقها الشديد بأن كل ما أدت إليه حالة الطوارئ التي أُعلنت بعد محاولة الانقلاب العسكري هو مضاعفة خطر المعاناة والإفلات من العقاب في الدولة. لم يكتف المسئولون الحكوميون “بالتأكيد بقوة” على عدم معاقبة مرتكبي أفعال التعذيب وسوء المعاملة ضد من يزعم أنهم على علاقة بمحاولة الانقلاب، بل كذلك دعوا الشعب صراحةً إلى “تقديم يد العون” في حربهم الشعواء ضد مؤيدي حركة غولن.
وقد صرّح الرئيس أردوغان بأنه “لا مكان آمن لأنصار غولن”، وتعهد وزير الداخلية الجديد بأن “يستمر في عملياته ضد أعضاء حركة غولن حتى رحيل آخر عضو فيها،” في حين أقسم أحد مستشاري الرئيس أردوغان في تغريدات على حسابه الرسمي على موقع تويتر بأنه سيدفع المنتمون إلى حركة غولن “بأن يسعلوا دماً.”
وقد “تعزز” قانونيّاً مناخ الإفلات من العقاب في تركيا بعد صدور المرسوم بقانون رقم 667[9] الذي ينص على أن ” المسئوليات القانونية والإدارية والمالية والجنائية لن تُطرح للنقاش فيما يخص الأفراد الذين اتخذوا قرارات وأدوا مهامهم في نطاق هذا المرسوم بقانون.”[10]
ويبدو أن “السياسات” الجديدة المفروضة والنداءات المتكررة للمواطنين قد لاقت صداها في الأماكن التي يُحرم فيها الأفراد من حرياتهم بداخل بعض شرائح المجتمع في تركيا وفي المهجر.
وكان الناشط الاجتماعي ت.ي. ضمن أوائل من شهد على “الواقع” الجديد في المناطق التي تُحرم من الحرية. فاعُتقل ت.ي. وهو عضو بمنظمة حقوق الإنسان Halkevleri في يوم 1 يوليو 2016 بموجب ادعاءات بأنه ينشر دعاية سياسية لمصلحة إحدى المنظمات الإرهابية. وبعد الإفراج عنه في 12 أغسطس، تمكن من رواية ما شهده والممارسات اللاإنسانية التي تعرض لها في سجن تيكيرداغ من الفئة الخامسة، مما يؤكد تقارير سابقة بأن ضحايا عمليات التطهير بعد الانقلاب يتعرضون بانتظام إلى سوء المعاملة والتعذيب وغيرها من ضروب المعاملة المهينة من القائمين على السجون. ويزعم ت.ي. في خطابه بأن “حالة الطوارئ أدت إلى الاستبداد والتعذيب وانتهاكات الحقوق في السجون، ضمن أمور أخرى. وقد انتعش مرتكبو أفعال التعذيب كما لو أنهم كانوا ينتظرون هذه اللحظة، فهم يشعرون بالطمأنينة تجاه عواقب ما يرونه ملائماً للسجناء بموجب أوضاع حالة الطوارئ.”
وتشعر مؤسسة الصحفيين والكتّاب كذلك بالقلق إزاء قلة التحقيقات في ادعاءات تعذيب وإعدام خارج نطاق القانون وحتى قطع رؤوس جنود عزّل أثناء استسلامهم في صباح يوم 16 يوليو مع انهيار محاولة الانقلاب. وتظهر الصور الدموية التي تداولتها وسائل الإعلام الاجتماعي أحد الجنود أثناء قطع الحشود لرأسه وجسده المغطى بالدم على أحد الجسور على مضيق البوسفور في إسطنبول، في حين مجموعة مسلحة بالأحزمة والأدوات الحادة أعدمت ستة جنود آخرين حسب التقارير. وكذلك حاولت الحشود إلقاء جثث الجنود أعلى الجسر إلا أنهم “صرفوا النظر عن نيتهم تلك” مع تدخل الشرطة حسب التقارير.
وفي 6 مايو 2016، اقترب شخص يدعى م.ش. من الصحفي “كان دوندار” أثناء حديثه مع صحفيين خلال استراحة قصيرة من جلسة محاكمة أمام محكمة شاغلايان في إسطنبول وأطلق رصاصتين على ساقي دوندار وهو يصرخ “أنت خائن.” لم تصب الطلقتان دوندار لكن واحدة منهما أصابت الصحفي ياغيز شنكال في ساقه. ألقي القبض على المعتدي لاحقاً ليواجه عقوبة بالسجن تتراوح بين 30 و47 عاماً. وأثناء انتظاره المحاكمة، أفرج عنه بتاريخ 24 أكتوبر 2016. وبعد الاعتداء، أدانت إحدى محاكم إسطنبول الصحفي دوندار الذي كان حينها رئيس تحرير جريدة “جمهورية” اليومية وحكمت عليه بالسجن لمدة 10 أشهر، وحكمت على مدير مكتب الصحيفة في أنقرة إرديم غول بالسجن خمس سنوات.
د.في. رجل أعمال مقيم في تركيا أقر للصحفيين بفخر أنه نفذ هجوماً بالأسلحة النارية على متجر يمتلكه أحد مؤيدي غولن المزعومين في كيركالي (منطقة الأناضول الوسطى)، وأفرج عنه بعد فترة قصيرة من اعتقاله في 10 سبتمبر 2016. وفي اعترافه بالهجوم بالأسلحة النارية صرح بأنه “قد أدى واجبه تجاه القضية” وأضاف أنه “سيقف مع الدولة في إجراءاتها الصارمة ضد أتباع غولن.”
في 22 سبتمبر 2016، ضُرب أحد مواطنى مدينة تشاناكالي (شمال غرب تركيا) الذي كان معتقلاً بموجب التحقيقات ضد حركة غولن، على رأسه بعصا حديدية أثناء خروجه من مستشفى ولاية تشاناكالي. وكان المعتدي أثناء طرقه لرأس الضحية يصرخ “لا مكان للخائن!” حسب التقارير.ولم ترد أي معلومات حول أي اعتقالات تخص هذه القضية حتى الآن.
وألقي القبض على د.نازيرا تيرزي أرملة اللواء سميح تيرزي في 17 أغسطس 2016 بسبب مزاعم بتهديدها لأحد كُتاب العدل لرفضه إصدار توكيل رسمي لها. وتقول التقارير بأنه في يوم 15 أغسطس 2016، توجهت د.تيرزي إلى الشهر العقاري لإصدار توكيل رسمي. فتعرف عليها أحد كُتاب العدل وإلى جانب رفضه إصدار الوثيقة لها، أظهر مقطع فيديو أذاعته وسائل الإعلام التركية كاتب العدل وهو يحاول أن يعتدي على د.تيرزي بسكين.
وفي 11 أغسطس 2016، صرح القنصل العام التركي في روتردام، هولندا للصحفيين بأنه “إلى جانب الجهود الرسمية، ينبغي على جميع المواطنين ومنظمات المجتمع المدني القيام بكل ما يلزم ضد حركة غولن.” وفي اليوم التالي (12 أغسطس 2016)، تعرض حسن جوجوك مراسل صحيفة زمان التركية المصادرة في الدنمارك للاعتداء في أمستردام وأصيب في رأسه. وقد “برر” المعتدي أفعاله بحقيقة أن القنصلية اعتبرت حركة غولن منظمة إرهابية. وفي أوائل سبتمبر 2016، أفادت الشرطة الهولندية بأنها حققت في 150 بلاغ قدمه مؤيدو حركة غولن بالتهديدات والترويع الذي يتعرضون له على وسائل الإعلام الاجتماعي. ووفقاً لوكالة رويترز، أسفرت التحقيقات عن اعتقال مواطن هولندي من أصول تركية يبلغ 42 عاماً ومن المتوقع إجراء المزيد من الاعتقالات.
في 9 سبتمبر 2016، أصدرت محكمة فرنسية حكماً بالسجن لمدة 8 أشهر وغرامة قيمتها 23000 يورو ضد م.واي. وهو شاب من أصول تركية عمره 28 عاماً بعد أن اعترف بالهجوم على سبعة مراكز تعليمية وثقافية تابعة لحركة غولن في فرنسا وفق ما ورد في التقارير. ألقت الشرطة الفرنسية القبض على م.واي. في 3 أغسطس بعد اعتدائه بالمطرقة على مركز هورايزون الثقافي التابع لغولن في شمال شرق فرنسا.
الفقرة 10(د): بيانات إحصائية عن ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة.
حالة الطوارئ التي مُددت لثلاثة شهور إضافية تبدأ في 19 أكتوبر 2016 أعطت الحكومة سلطات واسعة للحكم بالمراسيم ومنحت المسئولين الحكوميين الحصانة من المحاكمة لتنفيذ مهامهم بموجب هذه المراسيم.
فرضت إجراءات الحكومة منذ محاولة الانقلاب جواً من الخوف والغضب والقلق بين الشعب التركي بوجه عام. فالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان أو جمع المعلومات حولها أو إدانتها – خاصةً انتقاد إجراءات الحكومة أو انتهاكاتها يجلب معه مجازفة إطلاق لقب “إرهابي” أو “خائن” أو “مؤيد للانقلاب” على الفرد أو المؤسسة.
فتوثيق عدد الحالات التي اشتملت على التعذيب وسوء المعاملة في الفترة التي تلت الانقلاب والتبليغ عنها كان مهمة صعبة بسبب نفي الحكومة المطلق لوجود أي حالة من حالات التعذيب على يد الحكومة وقلة التحريات في الادعاءات وحجب التقارير الطبية وحجب الاستشارات الفعالة وعزل المحتجزين وعرقلة المراسلات الصادرة وتحجيم التواصل مع المحامين وأفراد الأسرة.
في النصف الأول من عام 2016، واصلت تركيا احتلال المرتبة الأولى بلا منازع في دول العالم التي تفرض الرقابة على موقع تويتر. وخلال الفترة المذكورة كانت طلبات فرض الرقابة على 14953 حساب على تويتر (من أصل 20571 طلب مقدم من حول العالم) صادرة من تركيا.
رغم ذلك لم تستطع الإجراءات السالفة الذكر من إخفاء جميع الأدلة على التعذيب التي تشمل صور مؤثرة لأوجه وأجساد الضحايا مغطاة بالدم وقد انتشرت في جميع أرجاء الدولة. وأحياناً كان المعتدون أنفسهم ينشرون بفخر على وسائل الإعلام الاجتماعي صور ومقاطع فيديو تقشعر لها الأبدان تدعم ادعاءات التعذيب لمئات المعتقلين في أحداث ما بعد الانقلاب. وكذلك دقت منصات الإعلام الاجتماعي طرقاً جديدة لتوثيق التعذيب والمعاملة غير الحسنة، وفي الوقت نفسه صرفت عنها مخاطر الانتقام. ويأتي مثال على ذلك من حساب تويتر لصاحبه م.ت. وهو نائب في البرلمان من أكبر حزب معارض “حزب الشعب الجمهوري” وعليه تُنشر باستمرار روايات التعذيب وسوء المعاملة بدون تحديد المصادر.
رغم عدم إمكانية الحصول على بيانات إحصائية دقيقة حول ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة، تعكس الأدلة المتكررة والمنطقية الاستخدام الموسع والروتيني للتعذيب وسوء المعاملة. إضافة إلى شهادات أقارب الضحايا المفزعة، كما أبدت المؤسسات الخيرية ورجال وسيدات الأعمال وأعضاء البرلمان مخاوفها من أساليب التعذيب المبالغ في قسوتها الممارسة في الدولة.
في 17 أكتوبر 2016، صرّح رئيس المحكمة الدستورية التركية بأن المحكمة استلمت رقماً قياسيّاً من العرائض الفردية إذ قُدم أكثر من 40 ألف عريضة بعد محاولة الانقلاب في 15 يوليو. وعدد العرائض المقدمة منذ 15 يوليو يفوق عدد العرائض للعامين 2014 و2015 مجتمعين. وفي منتصف أكتوبر 2016، صرّح أكبر أحزاب المعارضة في تركيا “حزب الشعب الجمهوري” بأنه استلم شكاوى من قرابة 35 ألف فرد ممن تأثروا سلباً بالتطهير المستمر ضد أعضاء حركة غولن. وأعلن الحزب أن الشكاوى سُلمت خلال الاجتماعات المباشرة والمراسلات عبر البريد الإلكتروني والمحادثات الهاتفية.
وتعرض خصيصاً الأفراد المعتقلون كجزء من القمع الحكومي لحركة غولن لما يوصف “بأساليب التعذيب الهمجية” المرتكبة بمنهجية وتشمل الاعتداء البدني والانتهاك الجنسي (الاغتصاب)، وقلع الأظافر، وإيلاج الأجسام الغريبة في فتحة الشرج.
وألقى رئيس اتحاد المحامين التقدميين كلمة أمام الجمعية العامة لنقابة المحامين في أنقرة بتاريخ 16 أكتوبر 2016 بعد أن أفزعته الممارسات المقيتة السالفة الذكر وفيها ناشد المحامين للدفاع عن الجنود والموظفين الحكوميين والقضاة وأعضاء النيابة العامة والمواطنين العاديين (أي من يزعم تأييدهم لحركة غولن) الذين يتعرضون للتعذيب الممنهج.
وقد وثّق من سبق اعتقالهم وأفراد أسرهم والإعلام والمدافعون عن حقوق الإنسان استخدام أساليب التعذيب وسوء المعاملة التالية ضمن أساليب أخرى:
- الضرب المبرح.
- الاعتداءات الجنسية بما فيها الاغتصاب.
- التجويع والحرمان من الماء والعلاج.
- الإجبار على أوضاع مجهدة لمدة تصل إلى 48 ساعة.
- الاعتداءات اللفظية والتهديد.
- تكبيل اليدين خلف الظهر لفترات طويلة.
- التعليق بحبل مربوط بالسقف مع التكبيل.
- الصعقات الكهربائية.
- قلع الأظافر.
- إيلاج أجسام غريبة في فتحة الشرج ومن ضمنها الزجاجات.
- سوء المعاملة باستخدام مكيفات الهواء (هواء ساخن في النهار وبارد في الليل).
- سكب الماء المثلج.
- تنقيط البلاستيك الذائب على الأطراف.
تظهر مزاعم استخدام التعذيب وسوء المعاملة من جميع الأماكن تقريباً، إذ تُرتكب في أماكن الاحتجاز القانونية وغير القانونية والسجون ومخافر الشرطة والصالات الرياضية (الجيمنازيوم)، والمراكز الرياضية، والمستودعات، والاسطبلات، والمباني المهجورة والأندية الصحية وأي أماكن أخرى يُحرم فيها الأفراد من حرياتهم.
ويزعم تعرض المحتجزين إلى التعذيب أو سوء المعاملة في المواقع التالية:
- سجن آياش في حي سينجان في أنقرة.
- صالة الألعاب الرياضية في مقر شرطة أنقرة.
- صالة الألعاب الرياضية في أكاديمية شرطة أنقرة.
- مقر القوات الخاصة في حي غولباشي في أنقرة.
- زنزانات الحبس الانفرادي في سجن سيليفري بإسطنبول وسجن سينجان بأنقرة.
- مركز شرطة فاتان بإسطنبول.
- مستودع خلف مقر شرطة أنقرة.
- صالة الألعاب الرياضية في أكاديمية شرطة غفر أوكان في ديار بكر.
- صالة الألعاب الرياضية باغلار في ديار بكر.
وذكرت كذلك مصادر مختلفة الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان التي تشمل التعذيب وسوء المعاملة في المرافق التالية:
سجن تكيرداغ
جاءت تقارير عديدة من ضمنها تقارير مصادر مفتوحة من سجن تكيرداغ (شمال غربي تركيا) تشير إلى أن ضحايا عمليات التطهير التي لحقت بالانقلاب يتعرضون بشكل ممنهج إلى سوء المعاملة والتعذيب وغيرها من ضروب المعاملة المهينة من القائمين على السجن.
كلية الشرطة بأنقرة
اعتقل مؤمن كوروغلو أستاذ الفيزياء بكلية الشرطة بأنقرة بسبب علاقته المزعومة بمحاولة الانقلاب في 15 يوليو. وبعد احتجازه ظهرت صوره على وسائل الإعلام الاجتماعي وهو في عناء واضح إذ كمم أفراد الشرطة فمه بشريط لاصق وأجبروه على رفع شعار “رابعة”. واستخدمت إشارة أصابع اليد الأربعة المسماة “بشعار رابعة” لأول مرة من أنصار الإخوان المسلمين في مصر وزاد استخدامها مؤخراً رمزاً لمؤيدي أردوغان.
السجون ومراكز الاحتجاز في شمال شرق منطقة الأناضول
في أواخر أغسطس 2016، انضم أحد أعضاء جمعية حقوق الإنسان بتركيا إلى بعثة من 18 شخصاً توجهوا إلى حي شيرناك وحي نصيبين التابع لمحافظة ماردين (في منطقة جنوب شرق الأناضول) لزيارة الأماكن التي حرم فيها أشخاص من حرياتهم.
وأثناء الزيارة لاحظت الجمعية أنه إضافةً إلى الاكتظاظ وأحوال السجن الرديئة، قد “ظهرت من جديد أساليب تعذيب اشتهرت ببشاعتها كانت تستخدم سابقاً في السجون، وتضمنت هذه الأساليب استخدام أدوات تعذيب كانت تستخدم أثناء فترات الانقلابات السابقة؛ مثل التعليق بحبل مربوط بالسقف مع التكبيل والصدمات الكهربائية.
سجن سيليفري
تابعت جمعية حقوق الإنسان بتركيا سجن سيليفري بإسطنبول في أوائل سبتمبر 2016. ورصدت الجمعية الاكتظاظ وأحوال السجن الرديئة ونقص الرعاية الطبية (يُزعم أن ذلك بسبب حالة الطوارئ) وعدم تعرض المحتجزين إلى الضوء والهواء النقي فيتبادل السجناء الوقوف عند النوافذ للحصول على بعض الهواء النقي. وتعتبر الجمعية أن فترة الاحتجاز لمدة 30 يوم وعدم إمكانية الحصول على المساعدة من المحامين والسرية المفروضة على التحقيقات تشكل “ضرباً من ضروب التعذيب في حد ذاتها.” ورصدت الجمعية كذلك ازدياداً في العقوبات التأديبية فأصبح التفتيش الشخصي بعد التعرية إلزاميّاً عند الدخول إلى الزنزانات والخروج منها. وذكرت الجمعية أنه إذا رفض أحد التعرض إلى التجريد من ملابسه “تدخل العنف.”
في 14 أكتوبر 2016، تعرضت السجينة أ.ب. وهي مريضة كلى إلى الضرب المبرح والسحل في زنزانتها من حرس السجن بينما كانت تتحدث إلى والدتها عبر الهاتف. ثم أرسلت لاحقاً إلى مستشفى السجن ومنها أحيلت إلى المستشفى العام. ووفق الجريدة اليومية التي كانت أول من كشفت عن هذه الحالة، لا تزال أ.ب. محتجزة في سجن سيليفري رغم نزيفها المستمر.
في منتصف أكتوبر 2016، عرضت جريدة يومية أن مكتب النائب العام الرئيسي بإسطنبول اتخذ قراراً بمنع تواصل أنصار حركة غولن المزعومين بالعالم الخارجي طوال حالة الطوارئ السارية. وبموجب القرار لا يُسمح لأنصار حركة غولن المزعومين المحتجزين في سجن سيليفري “بكتابة الرسائل أو إرسال الفاكسات خلال حالة الطوارئ.”
سجن مانيسا
أشار أكثر من مصدر، منه المحامون وأفراد الأسرة إلى ممارسات التعذيب وسوء المعاملة المروعة التي يتعرض لها السجناء والمحتجزين في سجن مانيسا في غرب تركيا. وصدرت تقارير عديدة من سجن مانيسا تتعلق بأساليب التعذيب المستخدمة التي كانت أحياناً تغير من ملامح وجه الأشخاص إلى الحد الذي يصعب التعرف عليه من شدة التعذيب. وكشف عديد من السجناء إلى أفراد أسرتهم عن استخدام غرف تعذيب معزولة الصوت في السجن.
وكان أقارب السجناء الذين يأتون لزيارتهم يتعرضون للضرب من حراس السجن من وقت لآخر إضافة إلى السجناء، بينما تكررت الحالات التي تكون فيها والدة السجين حاضرة أثناء تعرض ابنها للمعاملة المهينة. ووفق وسائل الإعلام، فإن عدد البلاغات الجنائية التي قدمت إلى مكتب النيابة العامة بمانيسا ضد مدير سجن مانيسا المغلق من الفئة العشرين بعد زيارة أقارب الضحية كثيرة.
إدارة شرطة آفيون
وردت تقارير عن وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان في إدارة شرطة آفيون (غربي تركيا) التي تشمل أفعال سوء المعاملة والتعذيب مزعومة ضد من يشتبه في كونهم أنصار حركة غولن. ووفق شهادات أقربائهم المروعة، تعرض المعتقلون للضرب في مركز شرطة آفيون حسب ما ذكروا ولمدة 10 أيام قبل الإدلاء بشهاداتهم. وعادةً ما استمر الضرب والإهانة إلى ليالٍ بأكملها من ضباط شرطة أغلبهم سُكارى. وعندما تخور مقاومة المعتقلين للضرب كانوا يجبرون على شرب الكحول. إضافة إلى ذلك، دائماً ما كان يُهدد المعتقلون باحتجاز زوجاتهم.
وفي أكثر من حالة، أجبر ضباط الشرطة معتقلاً في قسم الشرطة على شرب الكحول رغماً عنه، وكسروا نظارته وجرحوا وجهه بالزجاج المهشم وتركوا ندبات على وجهه.
اعتقل أ.هـ. رئيس نقابة أكتيف سين للمعلمين في آفيون بسبب علاقته المزعومة بحركة غولن. ويُزعم أن أ.هـ. تعرض للضرب المبرح حتى أنه لم يستطع المشي لفترة. وكي يتمكن من التعافي من إصاباته حضر أمام النيابة ليدلي بشهادته بعد 10 أيام فحسب. وأغلقت نقابة أكتيف سين للمعلمين في جميع أنحاء البلاد بعد محاولة الانقلاب.
إدارة شرطة أنطاليا
اعتقلت دائرة مكافحة التهريب والجرائم المنظمة التابعة لإدارة شرطة أنطاليا المعلّم إ.ب. من منزله في 24 يوليو 2016. استفسرت أسرته عن مصيره لدى إدارة الشرطة لكنهم قوبلوا بالرفض والإهانة على حسب التقارير. وعلمت أسرته عن مكانه عن طريق معلومة أدلاها لهم أحد أقاربه بأنه موجود في مستشفى أنطاليا أتاتورك الحكومية. إضافة إلى ذلك، علمت أسرته برحلاته اليومية من الاحتجاز إلى وحدة الرعاية المركزة في مستشفى سيما يازار في أنطاليا بين يومي 24 و29 يوليو 2016، حيث أجريت له جراحة لترميم تمزق الأمعاء الناتجة عن إدخال جسم غريب (يُقال أنها زجاجة) في شرجه. ورغم الأدلة الجلية على التعذيب، أُجبر الطاقم الطبي على إصدار تقرير طبي يؤكد على أن الضحية لم يتعرض للأذى. وبعدها في وقت لاحق كشفت وسائل الإعلام التركية عن أسماء ضباط الشرطة من دائرة مكافحة التهريب والجرائم المنظمة التابعة لإدارة شرطة أنطاليا الذين يزعم تورطهم في حالة إ.ب. ومن ضمنها إدخال زجاجة في أمعاء الضحية مما أدى إلى تمزقها. ولم تتمكن أسرته من رؤيته إلا مرة كل أسبوعين ومن وراء نافذة زجاجية.
الفقرة 31: ظروف الاحتجاز
كان النظام الجنائي التركي حتى قبل محاولة انقلاب 15 يوليو نظاماً مجهداً إذ اكتظت السجون وانتشرت القضايا غير المحسومة في المحاكم. وامتلأت السجون بسرعة إلى أقصى سعتها في الأيام والأسابيع التي تلت محاولة الانقلاب، ووجد الكثير من المحتجزين أنفسهم يتناوبون للنوم حتى في المساحات المشتركة وعادةً بلا أي فراش. وكذلك استخدمت السلطات الساحات الرياضية والخيام المتنقلة وغيرها من مرافق الاحتجاز غير الرسمية لاحتجاز عشرات الآلاف المجمعين لصلتهم بمحاولة الانقلاب.
وفي أغسطس 2016، أعلنت السلطات عن خططها للإفراج عن 38 ألف سجين (تقريباً خُمس السجناء الأتراك) من المجرمين المدانين لإفساح المجال أمام موجة الصحفيين والمعلمين والمحامين والموظفين الحكوميين والقضاة المعتقلين بعد محاولة الانقلاب وذلك بموجب القوة التي منحتها لهم حالة الطوارئ. وأفرج عن أكثر من 35 ألف سجين بحلول أكتوبر 2016.
وفي 14 أكتوبر 2016، صرّح المدير العام للسجون ومنشآت الاحتجاز بتركيا خلال اجتماع لدى لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان التركي أن السجون بتركيا مكتظة لما يفوق سعتها بعد إلقاء القبض على قرابة الـ40 ألف معتقل (اعتقل 34000 منهم بسبب صلتهم بحركة غولن) بعد محاولة الانقلاب. ووفق المعلومات التي أدلى بها المدير العام تمتلئ السجون بقرابة 195 ألف سجين في 372 سجناً في تركيا وهي زيادة بنسبة 4% عن السعة القصوى.
غير أن مؤسسة الصحفيين والكتاب تلاحظ بقلق وجود تفاوت شاسع بين البيانات المذكورة التي أدلى بها المدير العام للسجون ومنشآت الاحتجاز والبيانات التي رصدتها المنظمات غير الحكومية. وفي 20 أكتوبر 2016، أعلنت جمعية حقوق الإنسان أنه وفق ملاحظاتها وتحليلاتها تحتجز السجون 220 ألف فرد في تركيا مما يفوق السعة القصوى 183 ألف بحوالي 37 ألف شخص (أي ما يزيد عن 20%).
وتؤكد جمعية حقوق الإنسان في تقرير أخير لها أنه مع وصول رقم المحتجزين المتهمين بتورطهم مع حركة “الخدمة ” إلى 35000؛ فإن الصور المزعجة لمعسكرات الاعتقال المسربة إلى وسائل الإعلام تدعم المزاعم المؤكدة بالتعذيب والممارسات اللاإنسانية أثناء الاحتجاز من سلطات إنفاذ القانون التركية. ويزعم أن أكثر من 35000 معتقل يجبرون على البقاء عراة ومكبلين في صالات الألعاب الرياضية مع حرمانهم من حقوقهم الإنسانية الأساسية أي الماء والطعام واللقاء مع المحامين (التواصل)، إضافة إلى ذلك، يتعرض المعتقلون إلى الإيذاء الجسدي والنفسي.
وفي رسالة مجهولة المصدر أرسلت إلى صحيفة يومية، يصف محامي تركي من المنطقة الشرقية عمره 50 عاماً وخبرته المهنية 26 عاماً، أوضاع الاحتجاز بعد اعتقاله بسبب صلاته المزعومة “بالمنظمة الإرهابية.” وحسب رواية المحامي، احتجز عشرة معتقلين في زنزانة صغيرة لا تتعدى مساحتها على 16 متر مربع. ونام اثنين من المعتقلين على الأرض لأن عدد الأسرة لم يكفي. لم يُسمح بقراءة الكتب وأتيحت الفرصة للمحتجزين أن “يغتسلوا” بالماء الساخن في دلاء بلاستيكي لدقائق معدودة مرتين أسبوعيّاً.
ووصف الناشط الاجتماعي ت.ي. تفصيلاً أحوال الاعتقال بعد الإفراج عنه في 12 أغسطس 2016، فأخبر بوابة إخبارية تركية بالمعاملة التي تعرض لها هو والمحتجزين الآخرين في سجن تكيرداغ من الفئة الخامسة وهي:
- توفير المياه مرة واحدة كل 24 ساعة ولمدة ساعة واحدة فقط.
- ضياع المقتنيات الشخصية للسجناء ولم يستعيد أي سجين شيئاً كان يقتنيه.
- لم يُسمح بالأدوات الأساسية مثل الإبريق وغلاية الشاي.
- استحال الحصول على الكتب والصحف والمجلات من الخارج، ولم يُسمح باستعارة الكتب من مكتبة السجن.
- جُرد السجناء من ملابسهم بينما يفتشهم الحراس. ومن قاومهم تعرض للضرب والتعذيب.
- اعتدى الحراس على السجناء كلما سنحت لهم الفرصة. بل إنهم حتى “مسحوا” الأرض بالسجناء، وحذروا بعضهم من النقاط المحددة التي قد تكون مكشوفة لكاميرات المراقبة.
- تعرض سجناء 30 زنزانة إلى الاعتداء الجسدي في أسبوع واحد.
- حُرم السجناء من حقهم في الكشف الطبي كي لا يتاح لهم الحصول على تقارير طبية. وكان المعتقلون التي كسرت أذرعهم والذين أصيبوا في رؤوسهم ووجههم، والمعتقلون ذوي الإصابات على أرجلهم وظهورهم وغيرهم العديد من المحتجزين المصابين بإصابات خفيفة ضمن الذين حرموا من الحصول على الكشف الطبي.
- كانت هناك غرفة مصممة خصيصاً للعقاب الجسدي تُعرف باسم “الغرفة المعزولة بالإسفنج”[11] وفيها يُجبر السجناء على الانتظار مع تكبيل أيديهم وأقدامهم. وفيها تُجلد أقدام السجناء ليومٍ أو يومين. ومن يؤخذ إلى تلك الغرفة ليتلقى العقوبة البدنية كان يُمنع أيضاً من الذهاب لمستشفى السجن أي يُمنع من الحصول على تقرير طبي.
- وكانت التهوية في جميع زنزانات السجن التي من المفترض أن تغلق الساعة الثامنة مساءً، تُغلق في الرابعة مساءً كنوع من العقاب.
- أجبر ستة إلى تسعة سجناء على مشاركة زنزانة مخصصة لثلاثة أفراد، وفيها يفترش العديد من السجناء الأرض رغم أن ظروف المكان لم تلائم هذا الوضع.
- لم يُسمح بالشوك والسكاكين مع الوجبات. ولم يقدم سوى ثلاثة كراسي في كل زنزانة التي كان (أحياناً) يشغلها حوالي ستة أفراد.
- لم تلب الاحتياجات الطبية للمحتجزين وتُرك أصحاب الأمراض المزمنة دون علاج.
- لم يُسمح لشكاوى السجناء ولجنة حقوق الإنسان التابعة للبرلمان بالوصول إلى السلطات المعنية، فمزقت الخطابات أو تسلم المتلقون أظرف فارغة.
الفقرة 31: حالات الوفاة أثناء الاحتجاز
أعربت مؤسسة الصحفيين والكتاب عن قلقها تجاه حالات الوفاة أثناء الاحتجاز على خلفية محاولة الانقلاب في 15 يوليو 2016 والتي وقعت في ظروف مريبة.
وأبدت المؤسسة قلقها الشديد تجاه تشجيع المواطنين المستمر على التجسس على بعضهم البعض، وهو مناخ يحرض حتميّاً على الانقسام في المجتمع ويشعل الريبة والخوف اللذان تغلغلا في الحياة العامة وكذلك يخلق مناخاً يشبه “الدولة البوليسية”،كما أن القوانين المحلية التي أقرتها مؤخراً وزارة الداخلية التركية في 31 أغسطس تدعم هذه الأساليب، وتمنح المكافئات المالية إلى الأشخاص الذين “يساعدون” قوات الأمن على العثور على مرتكبي “أعمال الإرهاب” لما قيمتها 4 مليون ليرة تركية (1.340.639.84 دولار أمريكي).
وساهمت عمليات التطهير التي تُرتكب في مناخ من الخوف والذعر، مع وضع يغيب تماماً فيه دور القانون في الدولة في الضغوط النفسية المتزايدة على المواطنين الأتراك ليس في تركيا فقط. فالحكومة التركية نفسها اعترفت مؤخراً بتقديم المواطنين خارج تركيا لبلاغات كاذبة ضد آخرين بشأن علاقاتهم المزعومة بحركة غولن لتعزيز مصالحهم الشخصية.
إن عدد الأشخاص الذين فقدوا أرواحهم أثناء احتجازهم في فترة مابعد محاولة الانقلاب أفسد على التصريحات الرسمية إرجاعها حالات وفاة كثيرة إلى الانتحار. ويزعم أقارب أغلب المحتجزين أنهم بالتأكيد لم يحملوا صفات الأشخاص الذين قد يقدمون على الانتحار، واضعين الروايات الرسمية محل الشك.
فقد ألقي القبض على العقيد إسماعيل شاكماك في فترة ما بعد محاولة الانقلاب ووُجد ميتاً في سجن سيليفري بإسطنبول بتاريخ 23 يوليو 2016. فعُثر على شاكماك مشنوقاً بأغطية سريره في بيت الدرج بالسجن.
واعتقل مدرس المرحلة الثانوية غوكان أجيكولو يوم 23 يوليو 2016، على افتراض أنه من أتباع فتح الله غولن، وحسب ما ورد في التقارير الصحفية، أدخل أجيكولو المستشفى يوم 28 يوليو 2016 بسبب مرض السكري والمعاملة القاسية، لكنه أعيد إلى الاحتجاز في دائرة مكافحة الإرهاب حيث وافته المنية في يوم 5 أغسطس 2016، في الوقت الذي نفى فيه والده وجود أي علاقة له في محاولة الانقلاب، وقال إن ابنه منع من علاجه في الستة أيام الأخيرة من حياته، كما لم يحضر السيد أجيكولو إلى أي محكمة ليواجه أي اتهامات موجهه إليه، لكنه مع ذلك منع من مراسم الجنازة لأنه وُسم بلقب “خائن”، وصرحت مؤسسة الصحفيين والكتّاب أن مكتب المدعي العام الرئيسي بإسطنبول قد بدأ في تحقيقات في وفاة السيد أجيكولو لكن لم تظهر أي نتائج إلى النور منذ أن أعلن عن التحقيقات.
كما ألقي القبض على مصطفى تورير وهو رجل أعمال من جنوب تركيا وأرسل إلى سجن الاسكندرونة في خضم إجراءات القمع الشديدة في أعقاب محاولة انقلاب 15 يوليو. وتوفي مصطفي مريض السكري بنوبة قلبية في الاحتجاز يوم 31 يوليو 2016، إثر الضغط والصدمة.
وحارس السجن عمر شوبوكلو الذي ألقي القبض عليه يوم 31 أغسطس 2016 بسبب صِلاته المزعومة بحركة غولن، عثر عليه ميتاً في السجن في محافظة إزمير غرب البلاد في 1 سبتمبر 2016. لم يصدر أي تصريح عن سبب وفاته ثم أرسلت جثته إلى معهد إزمير للطب الشرعي لإجراء تشريح.
وفي 9 سبتمبر 2016، أعلنت السلطات المسؤولة عن سجن موغلا من الفئة الخامسة (في جنوب شرق تركيا) عن وفاة بديع ك. دون الكشف عن أي معلومات أخرى تخص الظروف التي تحيط بحالة الوفاة.
عثر على وكيل النيابة سيف الدين ياغيت – 47 عاماً – الذي كان معتقلاً في منطقة بورصة الغربية مشنوقاً في حمام السجن في 16 سبتمبر 2016. كان ياغيت واحداً من أعضاء النيابة الذين تابعوا التحقيقات في ادعاءات بوجود مخالفات في الإدارة العامة للإسكان التركية (وتعرف باسم توكي) في أواخر 2013، وظهرت ادعاءات بالفساد تدين أربعة وزراء وأحد أبناء رئيس الوزراء السابق أردوغان. ونفت ابنة السيد ياغيت المزاعم بأن والدها على علاقة بحركة غولن، وأضافت كذلك أن موت والدها لم يكن انتحاراً بل جريمة قتل، إذ إن والدها لم يحمل صفات الأشخاص الذين قد يقدمون على الانتحار، وفي 10 أكتوبر 2016، ناشدت مؤسسة “المنبر المنادي بالقضاء المستقل في تركيا” جميع السلطات الأوروبية وخاصة جميع هيئات مجلس أوروبا والاتحاد الأوروبي “لمطالبة اللجنة الأوروبية لمكافحة التعذيب للتحري عن كل ادعاء فردي بالتعذيب وظروف كل حالة انتحار لقضاة وأعضاء النيابة المحتجزين، خاصةً وفاة سيف الدين ياغيت المزعومة.”
انتحر ضابط الصف أو.أي. وعمره 39 عاماً في يوم 10 أكتوبر 2016 في مركز الشرطة في مدينة إسكي شهير في شمال غرب تركيا حيث احتجز لروابطه المزعومة بحركة غولن. أوردت التقارير أن أو.أي. أنهى حياته بعد أن شرب محلول تنظيف حصل عليه من الحمام في مركز الشرطة الذي كان محتجزاً فيه.
لقى أحمد أوك حتفه وهو مواطن عمره 61 عاماً من مدينة مرسين (جنوب تركيا) إثر تعرضه لنوبة قلبية في سجن آنامور في 20 أكتوبر 2016. كان أحمد أوك ضمن الـ34000 شخصاً المحتجزين بسبب علاقاتهم المزعومة بحركة غولن. وأدخل مستشفى آنامور العامة بعد تعرضه لأزمة قلبية قرابة الساعة 4:30 صباحاً في 20 أكتوبر. وتوفى أوك رغم جهود الأطباء.
حالات الانتحار وحالات الوفاة في أعقاب محاولة الانقلاب
انتحر الرقيب فرحات داش داخل دبابة عسكرية في مطار صبيحة كوكجن بإسطنبول يوم 15 يوليو 2016 بعد أن اكتشف أن دبابته تورطت في محاولة الانقلاب حسب ما ورد في التقارير. فاختار الرقيب داش أن يطلق الرصاص على نفسه بدلًا من أن يتبع أوامر قائده لإطلاق النار على المدنيين أثناء محاولة الانقلاب الفاشلة يوم 15 يوليو.
وانتحر نجمي أكمان محافظ مقاطعة أحمدلي بمدينة مانيسا يوم 18 يوليو 2016، بعد يومين من توقيفه عن العمل بسبب صلته بحركة غولن، وحسب ما أوردته التقرير الصحفية، فإن السيد أكمان “سحب مسدس حارسه وأطلق الرصاص على رأسه”، وأعلن عن وفاته في مستشفى بالمقاطعة.
ونائب رئيس الشرطة في مدينة كيركلاريلي باقي بيكيي أطلق الرصاص على نفسه يوم 18 يوليو 2016 بعد أن أدرك أنه سيتعرض للاعتقال في تحقيقات مكافحة الانقلاب، حسب المزاعم.
ونائب رئيس الشرطة في حي غودول بأنقرة موطلو شيل أطلق الرصاص على نفسه يوم 20 يوليو 2016، بعد أن أوقف عن عمله حسب إجراءات التحقيقات في حركة غولن.
وأطلق العقيد حسن يوجيل الرصاص على نفسه في مبنى هيئة أركان الحرب يوم 20 يوليو 2016. ووفق التقارير الإعلامية، كان يوجيل يعاني من الاكتئاب إثر فشله في منع محاولة الانقلاب.
وأطلق نائب رئيس الشرطة في حي أولوس في مدينة بارتين الرصاص على نفسه ومات في 21 يوليو 2016، بعد إصدار مذكرة اعتقال في حقه بسبب علاقاته المزعومة مع حركة غولن.
وانتحر ضابط الشرطة خليل غوك يوم 21 يوليو 2016 في مركز الشرطة التابع للمقر الإقليمي لمراقبة حركة المرور في أكشاكوجا (شمال غرب تركيا) مستخدماً سلاحه بعد أن علم أنه مشتبهاً به بسبب علاقاته المزعومة مع حركة غولن.
أردى المقدم ليفنت أوندير نفسه قتيلاً يوم 22 يوليو 2016 في مبنى القيادة في محافظة سيرت جنوب شرق البلاد بعد أن لام نفسه لفشله في منع مخططي الانقلاب، حسب ما ورد في التقارير. ووفق التقارير الإعلامية، أصدر مكتب محافظ سيرت تصريحاً يقول فيه أن أوندير “تعرض لانهيار عصبي بعد محاولة انقلاب 15 يوليو والأحداث التي تلتها…لأنه لم يتمكن من منع خطط إرهابيي الانقلاب.” وأضاف التصريح أن أوندير أدلى بشهادته أمام النيابة بمحض إرادته.
انتحر أمين كومورجولير الأستاذ المساعد بجامعة عدنان مندريس في مدينة أيدين بالقفز من الدور الرابع من مبنى الجامعة يوم 26 يوليو 2016. وقبل الإقدام على الانتحار، قوبل طلبه بمقابلة رئيس الجامعة بالرفض وهو الشخص المسئول عن “عملية مكافحة غولن” داخل الجامعة.
انتحر رجل الأعمال فيدات شافلي المقيم بمدينة إسبرطة (جنوب غرب تركيا) يوم 2 أغسطس 2016. وأعلنت الشرطة في البداية أن رجل الأعمال قتل نفسه بعد أن قفز من شرفة بالطابق الرابع، لكنها غيرت روايتها وقالت إن الضحية فقد توازنه وسقط من الطابق الرابع بينما كان يحاول الهرب من الشرطة التي حاصرت منزله. كانت هناك تحريات حول السيد شافلي بسبب علاقته المزعومة بحركة غولن.
وفي الساعات الأولى من يوم 10 أغسطس 2016، انتحر رئيس الشرطة أحمد بيشلي- 39 عاماً – في حي بيلين بمقاطعة هاتاي. وحسب ما ذكر في وكالات الأنباء التركية، قامت الشرطة في مدينة هاتاي بعملية لإلقاء القبض على بيشلي وطلبوا منه تسليم سلاحه، فرفض بيشلي الانصياع لأوامرهم وقتل نفسه بسلاحه حسب المزاعم.
وكان مصطفى غونيلير الذي عمل معلماً لمدة 25 عاماً في مدرسة حكومية في حي عثمانلي في مقاطعة بيلجيك ضمن الآلاف الذين صُرفوا من وظائفهم. وحسب تقارير وسائل الإعلام التركية، تعرض غونيلير “لانهيار عصبي” بمجرد سماعه أنباء تسريحه من العمل وانتحر في بيته في الساعات الأخيرة من يوم 6 سبتمبر 2016 بتركه للغاز الطبيعي مفتوحاً قبل خلوده إلى النوم.
قُتل ي. ش. رئيس حزب العدالة والتنمية في شاكران بمحافظة إزمير (غرب تركيا) بعد أن أطلق عليه الشرطي إ.ك. الرصاص في 13 سبتمبر 2016 بعدما اتهم القتيل الضابط بدعمه لغولن وبتواصله مع فتح الله غولن نفسه.
وعُثر على ناظر الروضة علي درابشي مشنوقاً في مدرسته في إقليم قيصري يوم 20 سبتمبر أول بالعام الدراسي الجديد في تركيا. وكانت زوجته قد فصلت من عملها لعلاقاتها المزعومة بحركة غولن. وتزعم الشرطة أنها وجدت رسالة كتبها درابشي مكان الواقعة تقول: “الموت على الباب. لا نعرف متى سيأتي.”
وانتحر الشرطي آدم تيراش – 26 عاماً – في حديقة عامة بالقرب من جادة عدنان مندريس في مرسين (جنوب تركيا) قرابة الساعة الحادية عشرة صباحاً بالتوقيت المحلي يوم 4 أكتوبر 2016. وتوفي في وقت لاحق من اليوم في مستشفى توروس الحكومية تاركاً ابنه. وكان تيراش واحداً من مجموعة ضمت 12801 شرطي (قرابة 5 بالمائة من تعداد قوات الشرطة بأكملها) وتشمل 2523 قائد شرطة صرفوا عن العمل يوم 3 أكتوبر 2016 بسبب الاشتباه في اتصالهم مع حركة غولن. إضافة إلى اعتقال السلطات لعدد 12801 شرطيّاً في ذلك اليوم، اعتقلت السلطات كذلك 33 ضابط قوات جوية وأوقفت بث محطة IMC في منتصف إذاعتها، بعد اتهامات بنشر “الأفكار الإرهابية”. وفي وقت سابق من ذلك اليوم، أعلن نائب رئيس الوزراء أن مجلس الوزراء وافق على تمديد حالة الطوارئ لتسعين يوماً إضافية.
وفي يوم 5 أكتوبر 2016، أقدم ضابط الشرطة إمرا أوغوز الذي يبلغ من العمر 32 عاماً على الانتحار في ساحة مركز شرطة بايبورت (شمال شرق تركيا). ووفق مصادر عدة، انتحر أوغوز عندما أتى لتسليم مسدس الخدمة في ساحة مركز الشرطة وتوفي لاحقاً في مستشفى بايبورت العامة. وكان بايبورت واحداً من مجموعة ضمت 12801 شرطي (قرابة 5 بالمائة من تعداد قوات الشرطة بأكملها) وتشمل 2523 قائد شرطة صرفوا عن العمل يوم 3 أكتوبر 2016 بسبب الاشتباه في اتصالهم مع حركة غولن.
وفي يوم 10 أكتوبر 2016، انتحر حسن طشتان وهو إمام مسجد عمره 53 عاماً من إقليم مرسين (جنوب تركيا) في مسكن بجوار مسجد زيتنلي بهجي في مدينة توروسلار بعد إمامته لصلاة العشاء. وصرّح القائمون على المسجد أن السيد طشتان كان يعاني من الاكتئاب عقب اعتقال ابنه م.ت.، ويعمل معلمّا في مدينة حقاري، بموجب التحقيقات في حركة غولن.
وفي 31 أكتوبر 2016، عُثر على أنور شينتورك – عمره 31 عاماً ويعمل حارساً بالسجن – مشنوقاً في بيت الدرج في الطابق الثامن في المبنى الذي يسكنه. وكان شينتورك ضمن الآلاف من العاملين في هيئات إنفاذ القانون الذين صرفوا من وظائفهم في جميع أنحاء تركيا بسبب الاشتباه في علاقتهم بحركة غولن.
وانتحر ضابط الشرطة هـ.ت. وعمره 42 عاماً بشنق نفسه في إقليم شوروم (منطقة البحر الأسود) يوم 21 أكتوبر 2016. وقد أبلغت زوجته ش.ت. الشرطة أن زوجها كان مفقوداً منذ فترة. ووفق تقارير الإعلام التركي، عثر زملاء هـ.ت. وبصحبتهم قوات الدرك على جثته وهي معلقة على شجرة في منطقة الغابات في أطراف مدينة شوروم. وكان هـ.ت ضمن الآلاف الذين فصلوا من وظائفهم بسبب علاقاته المزعومة بحركة غولن.
وانتحرت طالبة الثانوي ب.ن.م. يوم 24 أكتوبر 2016 بقفزها أعلى سور قلعة بويابات (في شمال تركيا) لتلقى مصرعها. وحسب ما ورد في التقارير الإعلامية فإن ب.ن.م أقدمت على الانتحار بعد أن أزعجها زملاؤها ومدرسوها بسبب علاقة والدها المزعومة بحركة غولن. وكان والدها س.م. قد صرف من وظيفته في مدرسة بويابات شيهيت إرسوي غورسو يوم 1 سبتمبر 2016.
وانتحر الضابط كاهيت كوركماز ذا خبرة 18 سنة وعمره 44 عاماً في مركز شرطة شيكيرج في حي عثمانغازي بمدينة بورصة (غرب تركيا). وحسب ما ورد في التقارير الإعلامية، أنهى كوركماز حياته يوم 25 أكتوبر مستخدماً سلاحه بعد أن أقام صلاته. وقبل إنهائه لحياته بيده بدقائق أخبر زملاءه أنه يخاف أن يعتقل بسبب علاقته المزعومة بحركة غولن. وبحسب التقارير التي أذاعتها وسائل الإعلام، يُذاع أن كوركماز قد ترك رسالة لأهله يقول فيها: ” أحبكم كثيراً. وليس لديكم ذنب في انتحاري. مخاوفي هي ما دفعتني للإقدام على ذلك.”
الفقرة 37: مراقبة مراكز الاحتجاز
تشعر مؤسسة الصحفيين والكتّاب بقلق بالغ تجاه التقارير التي تفيد بالممارسة المنهجية للتعذيب في تركيا في أعقاب محاولة الانقلاب في الـ 15 من يوليو 2016، والتي صاحبها ارتفاع عدد الاعتداءات الموجهة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان.
وكذلك تبدي مؤسسة الصحفيين والكتّاب مخاوفها البالغة تجاه تصرفات الحكومة منذ محاولة الانقلاب التي خلقت مناخاً من الخوف والاضطراب والقلق بين الشعب التركي بوجه عام.
فكان إجراء التحقيقات حول انتهاكات حقوق الإنسان أو جمع المعلومات عنها أو نقل التقارير عنها أو انتقادها علانيةً في المناطق التي تنعدم فيها حرية الأشخاص – وخاصة انتقاد إجراءات الحكومة أو انتهاكاتها يحمل معه حتماً مجازفة اتهام الفرد أو المؤسسة “بالإرهاب” أو “الخيانة” أو “دعم الانقلاب.” بل اختار العديد من المحامين – وقرارهم مفهوم – ألا يترافعوا عن موكلين متهمين بالتورط في محاولة الانقلاب أو الارتباط بحركة غولن خوفاً من ربطهم بمناصري غولن إن ترافعوا عنهم.
والخطوة الأولى للبدء في مواجهة قضية حقوق الإنسان للآلاف من الأفراد المعتقلين قبل محاولة الانقلاب الفاشلة وبعدها هي زيارة المراقبين الوطنيين والدوليين الحياديين للسجون.
والمؤسسة الأوروبية الوحيدة المسموح لها الدخول إلى منشآت الاحتجاز والأماكن التي يحرم فيها الأشخاص من حرياتهم هي اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب والمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة.
قامت اللجنة بزيارة تركيا في النصف الأول من عام 2016 وأجرت زيارة أخرى خاصة من 29 أغسطس إلى 6 سبتمبر 2016. وكان غرض الزيارة الأخيرة هو التحقق من المعاملة وظروف الاعتقال التي يتعرض لها الأشخاص المحتجزين لارتباطهم بمحاولة الانقلاب. وسوف ترسل اللجنة تقريرها إلى السلطات التركية في نوفمبر 2016. وكذلك تنتوي اللجنة التحقيق في المعاملة التي يتلقاها الأشخاص المسلوبة حريتهم خلال زيارة أخرى غير معلنة في عام 2017.
وقبل الزيارة الخاصة للجنة منع التعذيب إلى تركيا (29 أغسطس إلى 6 سبتمبر) بعدة أيام، شددت إدارة الشرطة الوطنية على جميع موظفيها باتباع القواعد الدولية للاحتجاز وللكف عن استخدام مراكز الاحتجاز غير الرسمية كي يتأكدوا إن كان المحتجزون يتعرضون إلى أي ضرب من ضروب المعاملة غير الحسنة.
وأجرى كذلك وفد من أربعة أفراد تابع للجنة الفرعية لمكافحة التعذيب زيارة إلى تركيا من 6 إلى 9 أكتوبر 2016 ولا ترد أي معلومات عن أي زيارة متوقعة في المستقبل القريب.
وعلى المستوى المحلي، في الوقت الذي وجه فيه مجلس حقوق الإنسان والهيئات الحكومية الأخرى والمقررين الخاصين بالأمم المتحدة وجمعيات حقوق إنسان مختلفة انتقادات لمؤسسة حقوق الإنسان التركية السابقة بسبب عدم التزامها بمبادئ باريس، أتاح القانون الصادر بتأسيس مؤسسة حقوق الإنسان المساواة التركية في 20 أبريل 2016 بأن تكون المؤسسة مستقلة تماماً عن الهيئة التنفيذية ويتكون مجلسها من ثمانية أعضاء تختارهم الحكومة وثلاثة آخرين يختارهم الرئيس.
وكان من ضمن أدوار مؤسسة حقوق الإنسان والمساواة التي تسلمتها مؤسسة حقوق الإنسان السابقة هو أن تكون الآلية الوقائية الوطنية بموجب البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ غير أن تأسيس هيئة غير مستقلة بتاتاً وعدم التزامها بمبادئ باريس لا يسمح بوجود آلية وقائية وطنية خاضعة للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وكان أيضاً تأسيس مجلس حقوق الإنسان والمساواة التركي منافيّاً للتوصيات التي صدرت أثناء الزيارة الأخيرة للجنة الفرعية لمنع التعذيب التي نادت بتأسيس آلية وقائية وطنية “مستقلة بالكامل، ومزودة بالموارد، ومتعددة التخصصات، ومهنية، وشديدة الشفافية” وذات سلطة قوية.
إضافة إلى ذلك، أعدت اللجنة الأوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب التابعة لمجلس أوروبا التقرير الخامس لتركيا (نُشر يوم 6 أكتوبر 2016) بعد زيارة اللجنة لتركيا في نوفمبر 2015 وترصد فيه التطورات حتى 17 مارس 2016. ويتضمن التقرير توصيتين ينبغي إعطاء الأولوية لتطبيقهما حيث وصى “بضرورة تفويض هيئة مستقلة تماماً عن الشرطة وقوات الأمن الأخرى وإدارات النيابة بالتحقيق في الحالات المزعومة لسوء سلوك الشرطة بما فيها سوء المعاملة.”
ويتضح الآن أنه بموجب الظروف الراهنة لا تستطيع الهيئة المؤسسة حديثاً ولا مجلس حقوق الإنسان والمساواة التركي تشكيل هيئة فعالة لمكافحة التعذيب في تركيا، حتى إن زودت رسميّاً بمفوضية متنقلة لتزور جميع المناطق التي يُحرم فيها الأفراد من حرياتهم بموجب المادة الرابعة من البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وأخيراً بأمر مرسوم صادر في 1 سبتمبر، حلت الحكومة مجالس مراقبة السجون بنية حجب أي ادعاءات بالتعذيب وسوء المعاملة من النفاذ خارج أسوار السجون.
الفقرة 43: المدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون والقضاة وأعضاء النيابة العامة والمحامون
تبدي مؤسسة الصحفيين والكتاب مخاوفها الشديدة تجاه التقلص المتسارع لمساحة المجتمع المدني والمعارضة بينما تُستغل مراسيم الطوارئ –حسب المزاعم – لغرض واحد وهو إتاحة الانتهاكات الشديدة لحقوق الإنسان وإخراس المعارضة. فالقيود المفروضة بموجب حالة الطوارئ تتخطى القيود التي يسمح بها القانون الدولي لحقوق الإنسان وتشمل القيود غير المبررة على الحرية والتعبير وحرية الإعلام.
المدافعون عن حقوق الإنسان
اعتقل الناشط ت.ك. يوم 24 سبتمبر 2016 بسبب تورطه المزعوم في اختراق حسابات البريد الإلكتروني لوزير الطاقة التركي مع منظمة القرصنة “ريدهاك”. وبعد قضاء ت.ك. 12 يوماً رهن الاحتجاز، تحدث للإعلام عن أحوال الاحتجاز والمعاملة السيئة للمعتقلين. هُدد ت.ك. بالاغتصاب بينما تعرض أعضاء المنظمة الآخرين إلى التعذيب وسوء المعاملة بأساليب عدة تشمل التعليق بحبل مربوط بالسقف مع التكبيل. ووفق رواية ت.ك. كان ضرب المحتجزين أحد الممارسات “الشائعة” ولم تقتصر سوء المعاملة على المحتجزين ضمن إجراءات القمع المتخذة ضد مجموعة القرصنة.
الصحفيون
“أنا صحفي تركي عمري 23 سنة ولم يعد لدي أي حلم أو خطة أو أمل. أخشى ألا يسمحوا لأحد بممارسة الصحافة قريباً في بلدي سوى دمياتهم الذين يدفعون لهم. ينمو الخوف يوماً بعد يوم مع الاعتقالات والتهديدات والقمع. والأسوأ هو مشاهدة أناس سعداء بالأمر ويصفونه بعملية “التطهير”. نصحوني بألا أخاف لأنهم لم يأتوا لاعتقالنا نحن. لقد كانوا سعداء في الثمانينيات لأنهم أتوا من أجل الشيوعيين. وكانوا سعداء في التسعينيات لأنهم أتوا من أجل المحافظين وفي العقد الأول من الألفينيات جاءوا من أجل الثوار المعارضين للفاشية وهم هنا الآن من أجل أتباع غولن. والأمر الوحيد الذي يدور ببالي الآن هو مقولة مارتن نيمولر بأنه في الغد لن يبقى أحد ليدافع عني.[12]”
وفي المؤشر العالمي لحرية الصحافة لعام 2016 الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود جاء ترتيب تركيا في المركز المتدني رقم 151 من أصل 180 دولة. وفي التقرير الصادر في سبتمبر 2016 تعرض المنظمة تفصيلاً الاضطهاد والتضييق على الصحفيين بحكم القضاء والرقابة المنهجية للإنترنت والتضييق على التعددية وتمركز ملكية المنافذ الإعلامية البارزة في أيدي “أصدقاء الحكومة”.
وفق ما جاء في التقرير فإن حالة الطوارئ قد “أزالت ما تبقى من شبكات الأمان ورفعت صناعة القرارات الحكومية الاستبدادية إلى مستويات غير مسبوقة: يسجن الصحفيون دون إبداء أي سبب، وتغلق المنافذ الإعلامية بجرة قلم وتتخذ الإجراءات العقابية دون أي نوع من أنواع المحاكمة.” ومنذ محاولة الانقلاب “وقع الصحفيون من جميع التوجهات السياسية ضحايا لانتهاكات غير مسبوقة لحرية التعبير والحق في توفير الأمان والحق في الحصول على محاكمة عادلة ودفاع المحامين والمساعدة القانونية الفعالة.”
وبموجب البيانات الواردة من جمعية الصحفيين الأتراك، خسر حوالي 2500 صحفيّاً وموظفاً بالمؤسسات الإعلامية وظائفهم منذ محاولة انقلاب 15 يوليو بعد إغلاق المؤسسات التي كانوا يعملون بها بموجب مراسيم حالة الطوارئ. وسُجن أكثر من 130 صحفيّاً حتى يوم 31 أكتوبر 2016.
وفي إجابة إلى استفسار كتابي أرسله نائب بالبرلمان عن حزب الشعب الجمهوري في الولايات المتحدة[13]، قال وزير العدل بأن “المسجونين لا يمكن اعتبارهم صحفيين” وتابع أن “الأرهابيين هم من في السجون.”
وفي يوم 9 أغسطس 2016، أثناء عرض البرنامج الإخباري اليومي (عناوين الصحف اليوم) المذاع على القناة التركية المؤيدة للحكومة “كانال 24″، هاجم علانيةً الكاتب الصحفي د.إ الصحفيين أو.ت. وإ.يو. وإي.د. الذين يعيشون في المنفى بسبب معارضتهم السياسية للحكومة التركية وما يراه بأنه علاقة وطيدة بحركة غولن. وواجه الصحفيون الثلاثة الذين يعيشون في المنفى التهديدات بالإعدام خارج نطاق القانون عبر مقارنة حالاتهم بحالات تتعلق بالمنظمة الإرهابية “أسالا” (أي الجيش الأرمني السري لتحرير أرمينيا) التي وسع نشاطها بين الأرمن بالخارج بين عامي 1975 و1985. فبين العامين 1975 و1985، رصدت 84 حالة، فقتل 46 شخصاً وأصيب 299 آخرون. وبعدها انتشرت أنباء عن اغتيال عدد كبير من أعضاء منظمة “أسالا” في الخارج على يد المخابرات التركية. وبكل علانيةً هدد د.إ. الصحفي ومقدم برنامج (عناوين الصحف اليوم) الصحفيين الأتراك الثلاثة بأن أنهى برنامجه بقوله – “…سنفاجئكم في أسرتكم وسنشنقكم في الصباح.”
وفي يوم 19 أكتوبر2016، تحدث النائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض إلى صحيفة يومية وروى أحداث زيارته للصحفيين[14] المحتجزين في سجن سيليفري في إسطنبول. وصرّح النائب عن حزب الشعب الجمهوري بأن الصحفيين في سجن سيليفري كانوا يتعرضون للإهانة البشعة من أفراد الشرطة أثناء استجوابهم ولم تسمح لهم إدارة السجن بكتابة الخطابات أو الكتب أو استلامها. وكذلك كشف النائب للصحيفة حقيقة معاناة بولاش ذي الـ65 عاماً وألباي ذي الـ72 عاماً الشديدة مع المشكلات الصحية في السجن.
وفي يوم 29 يوليو 2016، اعتقل الصحفي هاشم سويليميز مع 16 من زملائه. وفي وقت الاعتقال كان هاشم يتعافى من جراحة ثانية بالمخ خضع لها قبل احتجازه بفترة قليلة.
ألقي القبض على الصحفية الأسبانية بياتريس يوريبو يوم 5 أغسطس 2016 بسبب تغريدات نشرتها عن الرئيس أردوغان. ولاشتباهها بالتعاون مع ما يُسمى “بمنظمة فتح الله غولن الإرهابية (FETÖ)” رغم نفيها التام لذلك، تعرضت للاستجواب لمدة 36 ساعة في صالة ألعاب رياضية ثم أطلق سراحها يوم 6 أغسطس بعدما أجبرت على التوقيع على وثيقة تفيد بأنها ستغادر تركيا “بمحض إرادتها”. وحسب ما روته وسائل الإعلام، تعرضت السيدة يوريبو للتفتيش بعد تجريدها من ملابسها عندما كانت رهن الاعتقال وحرمت من الطعام والماء ومنعت من الرعاية الطبية ومنعت من حقها في الاتصال بالسفارة الأسبانية أو أسرتها أو محاميها.
وفي يوم 6 أغسطس 2016، اعتقلت الصحفية الأمريكية ليندسي سنيل بسبب مزاعم بأنها “اخترقت منطقة عسكرية” بعدما عبرت الحدود إلى تركيا من سوريا حيث كانت تصور فيلماً عن تعرض المدنيين للقصف الجوي في الريف بالقرب من مدينتي حلب وإدلب الواقعتين تحت سيطرة الثوار. وقالت سنيل أنه في حجزها تشاركت زنزانة مع عضو مزعوم في داعش وأنها “لم تتمكن من الاتصال بزوجها أو أي شخص آخر طوال أكثر من شهرين”. وعندما سافر زوجها إلى إسطنبول بعد اعتقالها ليدعم قضيتها، اعتقل هو أيضاً يوم 22 أغسطس 2016 لاشتباهه المزعوم في التورط في محاولة الانقلاب.
والصحفية آسلي أردوغان وهي روائية حائزة جوائز اعتقلت يوم 19 أغسطس 2016 لاتهامها “بأنها عضوة في منظمة إرهابية” و”بأنها تسعى إلى تدمير الوحدة الوطنية.” وأجابت السيدة أردوغان – وهي مريضة بالسكري – على أسئلة الصحفيين خلال محاميها وأبلغتهم بقلة الرعاية الطبية التي يمكن أن تؤدي إلى ضرر دائم لها. واشتكت السيدة أردوغان من المعاملة اللاإنسانية التي تعرضت لها التي تضمنت عدم وجود فراش لائق وعدم الحصول على الضوء والهواء النقي في سجن بكيركوي بإسطنبول. وأعلنت كذلك عن نيتها لدق وشم على رسغها الأيسر بعد إطلاق سراحها إحياءً لذكرى دق النازيين للوشم قسريّاً على المعتقلات في معسكر اعتقال أوشفيتز. وسيحمل وشمها التاريخ 16/8/16 وهو اليوم الذي اقتحمت فيه الشرطة منزلها. وقال أحد نواب البرلمان عن المعارض الرئيسي حزب الشعب الجمهوري أثناء مظاهرة أمام سجن بكيركوي للنساء يوم 7 أكتوبر 2016 أن القائمين على السجن “لا يلبون الحاجات الأساسية للصحفيين المعتقلين كما هو ظاهر في حالة آسلي أردوغان التي تحاول أن تدخل سترة لها إلى السجن منذ 15 يوماً.” وشدد كذلك على أنه “لا يسمح بإدخال احتياجات السجناء الأساسية مثل معطف أو وسادة أو بطانية رغم الطلبات التي تلقتها إدارة السجن.”
ويعاني الصحفي عمرو سونكان الذي اعتقل يوم 26 يوليو 2016 من مرض بالكلى. ووفق التقارير الإعلامية، لا يتلقى سونكان العلاج الملائم وإذا طال الأمر قد تتطور الحالة إلى فشل كلوي.
واعتقلت الصحفية لالي كمال يوم 30 يوليو 2016 هي والصحفيون السابقون بصحيفة “زمان” على بولاش وأحمد توران ألكان ونورية أكمان ومصطفى أونال وشاهين ألباي بسبب علاقاتهم المزعومة بحركة غولن. وفي أوائل سبتمبر 2016، أبلغ محامي لالي كمال أحد المواقع الإخبارية أن صحة موكلته في تدهور وأنها قد تلقى حتفها في السجن. وأطلق سراح لالي كمال ونورية أكمان يوم 11 أكتوبر2016 بإفراج مؤقت لحين محاكمتهما بتهم “تتعلق بالإرهاب.”
والصحفي عدنان كوميك ويعمل مراسلاً لصحيفة آزاديا ولات اعتقل في طريقه من إقليم بيتليس إلى سيرت يوم 27 سبتمبر 2016. وحسب مارواه كوميك، تعرض للتعذيب من أفراد الشرطة عن طريق تنقيط البلاستيك الذائب على قدميه لمدة يومين كان محتجزاً فيهما في مركز اعتقال غير رسمي (في مبنى غير مسكون في بيت ليس) بجنوب تركيا. فاعتقل الكثير من المراسلين التابعين لصحيفة آزاديا ولات خلال هجوم للشرطة في أغسطس 2016 بسبب اتهامات بالإرهاب، وبعدها علقت الصحيفة النشر مؤقتاً.
فاعتقل صالح إليتاش ويعمل موزعاً لصحيفة آزاديا ولات في مارس 2016 واحتجز في سجن مانيسا في انتظار المحاكمة بتهمة الإرهاب. وفي أكتوبر نقل والده (رمضان إليتاش) إلى صحيفة يومية أخبار تفيد بتعرض ابنه والمعتقلين الآخرين إلى الضرب من وقت لآخر وبحرمانهم من الحق في الحصول على المساعدة الطبية.
وفي 11 أغسطس 2016، الصحفية آيشنور باريلداك وهي مراسلة سابقة لجريدة الزمان اليومية اعتقلت بسبب متابعة “فؤاد آفني” لها على تويتر وهو أحد المبلغين عن المخالفات الأتراك وقد كشف سابقاً عن تفاصيل عدد من العمليات الخاصة بالشرطة والقضاء عبر الإعلام الاجتماعي. وفي رسالة أرسلتها باريلداك من السجن إلى إحدى الصحف اليومية، كشفت أنها تعرضت إلى عنف والتحرش الجنسي. وتضمنت رسالتها كذلك معلومات حول الأحوال في السجن بما في ذلك حالة قاضية سابقة قطعت الشرايين في رسغيها بسبب المعاملة القاسية.
القضاة وأعضاء النيابة العامة والمحامون
المناخ الطبيعي لتحقيق استقلال القضاة والمحامين وأعضاء النيابة العامة هو المناخ الديمقراطي. وتُرجع جميع معاهدات حقوق الإنسان البيئة الطبيعية لحماية حقوق الإنسان ودعمها إلى المجتمع القائم على الديمقراطية.[15] فالديمقراطية الفاعلة تضمن الفصل بين السلطات وكذلك بحسب ما أورده المقرر الخاص الأول المعني باستقلال القضاة و المحامين يكون “مبدأ الفصل بين السلطات …هو حجر الأساس الذي ترتكز عليه أساسيات استقلال القضاء وحياديته.” [16]وعلى الدول احترام وحماية استقلال القضاء وأعضاء النيابة والمحامين من الضغوطات والتدخل والترويع والهجوم وضمان أمانهم.[17]
ولاحظ المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بقضايا التعذيب أن القضاة وأعضاء النيابة والمحامين بالذات عرضة لانتهاكات حقوق الإنسان المنصوص عليها في المادتين (9) و(14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ولاحظ أن العاملين بالنظام القضائي معرضون للخطر أو يتعرضون لمواقف قد تتسبب في انتهاك حقوق الإنسان الخاصة بهم خاصة أمام الضغط الحكومي. [18] وحسب تقرير المقرر الخاص، تنطوي أكثر هذه المواقف على التضييق والتخويف والتشهير والتهديد لكنها كذلك قد تتضمن الاختفاءات القسرية والاغتيالات أو إعدام القضاة وأعضاء النيابة والمحامين بإجراءات موجزة، لا لسبب أكثر من كونهم يؤدون أعمالهم.[19]
بعد ساعات معدودة من محاولة الانقلاب عزل أولاً المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين التركي وعددهم 2745 قاضيّاً وعضواً بالنيابة ثم أمر بإلقاء بالقبض عليهم.[20] وفي يوم 27 يوليو 2016، أعلن وزير الداخلية عن اعتقال 1684 قاضيّاً ومدعيّاً عاماً، بينما خلال يومين فقط (29 يوليو) تضاعف عدد القضاة والمدعين العامين المحتجزين (إلى 3048). وبحلول منتصف أكتوبر فُصل 3640 قاضيّاً ومدعيّاً عاماً من وظائفهم.
وفي 21 أكتوبر 2016، قال نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين التركي “إنه سيُسمح للقضاة وأعضاء النيابة العامة الذين فصلوا من وظائفهم بسبب علاقاتهم المزعومة بحركة غولن إذا أصبحوا “مخبرين”. وأعلن نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين التركي أثناء حواره مع وكالة أنباء أنهم ” سيناقشون في الجمعية العامة إبقاء القضاة والمدعين العامين (الموقوفين) في وظائفهم ممن كانت اعترافاتهم (بخصوص حركة غولن) أكثر نفعاً وفائدة.”
وأقر مرسوم حكومي صادر بتاريخ 23 يوليو 2016 بالفصل النهائي للقضاة والمدعين العامين الذين “يُعتبرون أعضاءً في المنظمات الإرهابية أو في هياكل أو هيئات أو جماعات تنفذ أنشطة تنافي قرار مجلس الأمن الوطني أو تحتمل أن تكون ذات صلة بها”، وسيحرم هؤلاء القضاة والمدعون من ممارسة مهنتهم نهائيّاً.
إلا أن المرسوم السابق ذكره ينافي “مبادئ الأمم المتحدة الأساسية لاستقلال القضاء،”[21] الذي صدقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1985. وبموجب المبادئ الأساسية، لا يفصل أو يعزل القضاة إلا بعد “محاكمة عادلة”، و”إلا بأسباب عدم الصلاحية أو السلوك الذي يجعلهم غير أكفاء للقيام بمهامهم.” إضافةً إلى ذلك، توجب المبادئ الأساسية ” أن تكون الإجراءات التأديبية أو إجراءات الفصل أو العزل خاضعة للمراقبة من هيئة مستقلة،” وكما هو واضح لم يكن الوضع كذلك بعد مجرد ساعات قليلة من محاولة الانقلاب.
وبناء على المعلومات التي حصلت عليها الشبكة الأوروبية للمستشارين بالقضاء، فإن نقل القضاة وعزلهم واضطهادهم لا يتفق مع مبادئ استقلال القضاء. وكان فشل المجلس الأعلى التركي في توفير أي إجابة مرضية قد أجبر مجلس إدارة الشبكة الأوروبية للمستشارين بالقضاء على “التوصل للنتيجة بأن المجلس الأعلى التركي لم يعد يستوفي متطلبات الشبكة الأوروبية للمستشارين بالقضاء بأن يكون مستقلاً عن السلطتين القضائية والتشريعية كي يكفل استقلالية القضاء التركي.” وبالتالي “قرر المجلس بالإجماع بأن يقترح على جمعيته العامة النظر في تعليق صفة المراقب للمجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين التركي من الشبكة الأوروبية للمستشارين بالقضاء ” خلال الاجتماع العام الاستثنائي الذي سينعقد في ديسمبر 2016.[22]
وفي تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش بعنوان “تركيا: حبس ظالم للقضاة وأعضاء نيابة عامة” الصادر بتاريخ 5 أغسطس 2016، تشير المنظمة إلى قضية “الضغوط على القضاة والقيود على حقهم في الحصول على دفاع،” مما فعليّاً يجبر العديد من المحامين على عدم تمثيل القضاة والمدعين العامين المتهمين بالتورط في الانقلاب الفاشل أو في حركة غولن، بسبب خوفهم من ربطهم مع “أنصار غولن” إذا قاموا بذلك.
وفي تقرير لاحق بعنوان “شيك على بياض، تعليق تركيا للإجراءات الوقائية من التعذيب في مرحلة ما بعد الانقلاب” الصادر بتاريخ 25 أكتوبر 2016، تقول منظمة هيومن رايتس ووتش أن 79 نقابة للمحامين أعلنت عن “اعتقال 202 محامٍ في احتجاز سابق للمحاكمة.”[23]
وفي أكتوبر، قال رئيس نقابة المحامين بإسطنبول الذي قاربت مدة رئاستة على الانتهاء بكل فخر معترفاً أثناء اجتماع الجمعية العامة بأن النقابة رفضت تقديم الخدمات للذين يواجهون قضايا ضمن اضطهاد الحكومة لحركة غولن.
وفي 2 أكتوبر 2016، رفضت محكمة في محافظة هاتاي الجنوبية النظر في قضية ضد رجلٍ يقول المدعون إنه عضو بحركة “الخدمة “[24] لمجرد حيازته تطبيق “بايلوك” (ByLock)[25] مثبت على هاتفه. وبعد إصدار الحكم بفترة قصيرة، اتُهم القاضي علانية بأنه عضو بحركة “حزمة” وقد يجد نفسه رهن التحقيقات.
وإضافةً إلى المحامين والقضاة والمدعين المحتجزين، يتعرض كذلك المحامون الذين يمثلون موكليهم إلى سوء المعاملة والضرب. فالمحامي ج.د. الذي يترافع عن الشاب هـ.إ وعمره 17 عاماً ومحتجز في سجن مالتيب المخصص للشباب في إسطنبول نفسه تعرض لسوء المعاملة عندما تجرأ على أن يطرح أسئلة بشأن صحة ادعاءات التعذيب التي يعاني منه موكله الذي تلاه بإضراب عن الطعام. وقالت وسائل الإعلام التركية إن المحامي التقى بمدير السجن المناوب وأخبره بأن موكله “يتحمل عواقب عدم احترامه لقوانين السجن.” وعندما حذره المحامي من العواقب القانونية لذلك، أمر مدير السجن الحراس بإخراج المحامي من الغرفة وتعرض للضرب حسب الأقوال مما ترك ندبات وجروح في جسده.
اعتقلت نسيبي أوزير رئيسة الغرفة الثانية للمجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين التركي خلال الأيام الأولى بعد محاولة الانقلاب بتهمة علاقاتها المزعومة بحركة غولن. وحسب أقوال محاميها بتاريخ 9 سبتمبر، أُدخلت إلى حجز انفرادي في سجن بكيركوي بإسطنبول. دخلت أوزير في اضراب عن الطعام يوم 27 سبتمبر احتجاجاً على الحجز الانفرادي وعدم الاستجابة إلى التماسها.
واعتقل مراد أرسلان، الرئيس السابق لجمعية القضاة والمدعين، بتاريخ 19 أكتوبر 2016 في أنقرة بموجب التحقيقات في حركة غولن. وأفادت وسائل الإعلام أن أرسلان قد عزل من منصبه في ديوان المحاسبة في يوليو 2016.
الملحق
لقاءات مع القضاة وأفراد الأسرة والمحامين
في أكتوبر 2016، أجرت مؤسسة الصحفيين والكتاب لقاءات مع عائلات خمسة عشر قاضيّاً[26] من أنقرة وإسطنبول متهمين بروابط مزعومة مع حركة غولن. كما احتُجز اربعة عشر محاميّاً من الخمسة عشر في الأيام الأولى التي تلت محاولة الانقلاب، وتحدث أفراد أسرتهم عن تلقيهم المعاملة نفسها والظروف نفسها التي لاقاها القضاة أثناء الاعتقال من الاستجوابات إلى الحبس الانفرادي.
- من 17 إلى 25 ديسمبر 2013، أجرت الشرطة مداهمات مدبرة أسفرت عن اعتقال ستين مشتبهاً ضمن التحقيقات في أكبر قضية فساد في تاريخ تركيا السياسي الحديث. فالغضب الشعبي الشاسع أجبر أربعة وزراء على الاستقالة بينما اعتبر رئيس الوزراء آنذاك أردوغان التحقيقات بأكملها محاولة انقلاب تستهدف حكومته. وبعدها بدأت الحكومة في تسريح الآلاف من ضباط الشرطة والمدعين والقضاة. وكان قاضي المحكمة الإدارية بأنقرة أ.إي.ج. ضمن القضاة الذين حكموا بعدم شرعية الإجراءات الإدارية لفصل ونقل ضباط الشرطة المشاركين في التحقيقات. وفي ديسمبر 2014، نُقل أ.إي.ج. من المحكمة الإدارية إلى محكمة الضرائب. وفي يوليو 2015، انتقل أ.إي.ج مرة أخرى بغير وجه حق من محكمة الضرائب إلى مجلس الدولة. وعُزل أ.إي.ج من منصبه يوم 21 أغسطس 2016، وبعدها صدرت في حقه مذكرة توقيف.
- احتُجز هـ.م.أ القاضي بأنقرة يوم 17 يوليو وأُرسل إلى إدارة شرطة أنقرة. وكانت السعة الطبيعية لغرفة الحجز التي احتجز بها هي من 2 إلى 3 أفراد، لكنه تشاركها مع 16 معتقلاً آخر وقت احتجازه. ووقت الاحتجاز لم يكن لدى المعتقلين ما يكفي من الطعام وكانوا دائماً يشعرون بالجوع. وفي يوم 21 يوليو، نُقل مكبل اليدين إلى سجن سيليفري وبقي مكبلاً في السجن لمدة 24 ساعة. وحتى تاريخ 31 أكتوبر ما زال في حبس انفرادي (4 متر مربع) رغم وجود تقرير طبي يفيد بأنه مصاب برهاب الأماكن المغلقة وبمرض نقص الأكسجين.
- اعتقلت ن.إ. القاضية بإسطنبول يوم 18 يوليو ورُحلت إلى الاحتجاز الاحترازي بمحكمة الأناضول الواقع في الطابق الخامس من مبنى المحكمة. لم يكف عدد الفراش في حجرة الاحتجاز (نامت أغلب المحتجزات على الأرض) ولم يدخلها ضوء الشمس ولم يكف الطعام وكانت الغرفة دوماً باردة. وفي 21 يوليو 2016، نُقلت ن.إ. إلى سجن بكيركوي للنساء وحجزت في الحبس الانفرادي يوم 9 سبتمبر 2016. ورغم تعرضها لأزمة نوبة هلع ورغم تعاطيها أدوية مضادة للاكتئاب. وإضافةً إلى ذلك، حُظرت الكتب واستحال استلام أو إرسال أي رسائل. وسجلت جميع اتصالاتها مع محاميها حتى الآن (وهي ساعة واحدة في الأسبوع).
- اعتقل القاضي س.ك. من أنقرة ورُحل إلى إدارة شرطة أنقرة حيث جرى استجوابه ويداه مكبلتان خلف ظهره. وبعدها نُقل إلى سجن سينجان (وسط منطقة الأناضول) واحتجز في زنزانة تسع 6 أفراد لكنه في حالته تشاركها مع 25 معتقلًا. ولم يحصلوا سوى على 50 غراماً من الخبز وقطع ضئيلة من الجبن (منتهي الصلاحية) لليوم كله. واستخدم قرابة الـ100 معتقل حمّامين فقط. لا يزال القاضي س.ك. في الحبس الانفرادي منذ 8 أكتوبر في سجن سيليفري بإسطنبول.
- تعرض قضاة أنقرة الأتي ذكرهم “ج.ت.ت، أو.أ، س.ش، أي.ز، أي.ك، د.أ” للاستجواب وهم مكبلو الأيدي خلف ظهورهم في إدارة شرطة أنقرة. ونُقلوا إلى سجن سينجان (وسط منطقة الأناضول) واحتجزوا في زنزانة تسع 6 أفراد فقط إلا أن الزنزانة فيها ما يقرب من 25 معتقلا. ويحصل كل واحد منهم على 50 غراماً من الخبز وقطع ضئيلة من الجبن (منتهي الصلاحية) لليوم كله. كما أن قرابة الـ100 معتقل يستخدمون حمّامين فقط. ولا يزالون حتى الآن في الحبس الانفرادي منذ 9 سبتمبر في سجن سينجان.
- تعرض قاضي أنقرة م.ف.إي و د.م.س للاستجواب وهما مكبلان اليدين خلف ظهرهما في إدارة شرطة أنقرة. ونُقلا إلى سجن سينجان (وسط منطقة الأناضول) واحتجزا في زنزانة تسع 6 أفراد لكنه في حالتهما يتشاركا مع 25 معتقلاً. ولم يحصلا سوى على 50 غراماً من الخبز وقطع ضئيلة من الجبن (منتهي الصلاحية) لليوم كله. واستخدم قرابة الـ100 معتقل حمّامين فقط. لا يزال القاضي م.ف.إي و د.م.س في الحبس الانفرادي منذ 9 أكتوبر في سجن كيريكالي كيسكين وهو منشأة مبنية حديثاً. لا تتوفر مياه الصنابير إلا من الساعة السابعة إلى التاسعة صباحاً. وتعاني المنشأة من مشاكل بالتدفئة ويتعرض المعتقلون لدرجات حرارة شديدة البرودة، حسب ما روته مصادر عديدة.
- كما تعرض كل من القاضي “هـ.ج.ب، هـ.س” للاستجواب وهما مكبلان اليدين خلف ظهرهما في إدارة شرطة أنقرة. ونُقلا يوم 20 يوليو إلى سجن سينجان (وسط منطقة الأناضول) واحتجزا في زنزانة تسع 6 أفراد لكنه في حالتهما تشاركها مع 25 معتقلاً. ولم يحصلا سوى على 50 غراماً من الخبز وقطع ضئيلة من الجبن (منتهي الصلاحية) لليوم كله. واستخدما قرابة الـ100 معتقل حمّامين فقط. ولا يزال القاضي هـ.ج.ب و هـ.س. في الحبس الانفرادي منذ 8 أكتوبر في سجن كونيا إريغلي.
- تعرض قاضي أنقرة ز.ي. للاستجواب وهو مكبل اليدين خلف ظهره في إدارة شرطة أنقرة. ونُقل إلى سجن سينجان (وسط منطقة الأناضول) واحتجز في زنزانة تسع 6 أفراد لكنه في حالته تشاركها مع 25 معتقلاً. ولم يحصلوا سوى على 50 غراماً من الخبز وقطع ضئيلة من الجبن (منتهي الصلاحية) لليوم كله. واستخدم قرابة الـ100 معتقل حمّامين فقط. لا يزال القاضي ز.ي. في الحبس الانفرادي منذ 8 أكتوبر في سجن سيليفري بإسطنبول.
[1] خطاب مشترك (بتاريخ 13 أكتوبر 2016) من جمعية هلسنكي للمواطنين وجمعية حقوق الإنسان بتركيا وجمعية الأبحاث في حقوق الإنسان وجمعية جدول أعمال حقوق الإنسان وجمعية حقوق الإنسان والتضامن مع الشعوب المضطهدة ومؤسسة حقوق الإنسان التركية.
[2] اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أواللاإنسانية أو المهينة.
[3] http://www.haber3.com/asker-trt-binasinda-iste-darbe-bildirisi-3977124h.htm
[4] وفق إحصاءات حكومية أجريب بعد محاولة الانقلاب.
[5] http://tbinternet.ohchr.org/_layouts/treatybodyexternal/Download.aspx?symbolno=CAT%2fC%2fTUR%2fCO%2f4&Lang=en
[6] http://tbinternet.ohchr.org/_layouts/treatybodyexternal/Download.aspx?symbolno=CAT%2fC%2fTUR%2f4&Lang=en
[7] مؤسسة الصحفيين والكتّاب
[8] http://tbinternet.ohchr.org/_layouts/treatybodyexternal/Download.aspx?symbolno=CAT%2fC%2fTUR%2fCO%2f4&Lang=en
[9] نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 23 يوليو، 2016
[10] المرسوم بقانون رقم KHK/667ـ المادة التاسعة
[11] وفي الأماكن الأخرى التي يُحرم فيها الفرد من حريته كانت تسمى “الغرف المعزولة بالإسفنج” باسم “غرف التعذيب المعزولة الصوت.”
[12] مقتطف من كتاب “تركيا: سجن الصحفيين” لغوكشي آكيوز
[13] نهاية أكتوبر 2016.
[14] الصحفي علي بولاش والصحفي والكاتب أحمد ألتان والأستاذ الجامعي محمد ألتان والكتاب الصحفيون مراد أكسوي وأحمد توران ألكان وشاهين ألباي ومصطفى أونال.
[15] تقرير المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة و المحامين (A/HRC/32/34)، الفقرة 39.
[16] راجع التقرير E/CN.4/1995/39 الفقرة 55
[17] تقرير المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة و المحامين (A/HRC/32/34)، الفقرة 40.
[18] تقرير المقرر الخاص للجمعية العامة للأمم المتحدة المعني بمسألة التعذيب (E/CN.4/2004/56) الفقرة 37؛ وراجع أيضاً تقرير الجمعية العامة للأمم المتحدة (A/62/207) الفقرة رقم 25.
[19] أفاد المقرر الخاص أنه في عام 2006 “كانت 55 بالمائة من المراسلات المتعلقة بحوالي 148 حالة في 54 دولة تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان للقضاة والمحامين وأعضاء النيابة العامة وقيادات المحاكم. وشكل التهديد والترهيب وأعمال العنف الموجه ضد المحامين 17 بالمائة من المراسلات التي نشرها المقرر الخاص؛ في مقابل 4 بالمائة ضد القضاة وأعضاء النيابة العامة. وشكل الاعتقال القسري والتضييق القضائي 26 بالمائة من المراسلات التي تتعلق بالمحامين ونسبة 4 بالمائة منها تعلقت بالقضاة وأعضاء النيابة. وشكل اغتيال المحامين والقضاة وأعضاء النيابة حوالي 4 بالمائة من العدد الإجمالي للمراسلات.” تقريرالجمعية العامة للأمم المتحدة (A/62/207) الفقرة رقم 25.
[20] http://www.yenisafak.com/en/news/turkish-authorities-order-2745-judges-prosecutors-to-be-detained-2495101
[21] المبادئ الأساسية لاستقلال القضاء. قرارا الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 40/32 و40/146.
[22] https://www.encj.eu/index.php?option=com_content&view=article&id=222%3Ahsykencjposition&catid=22%3Anews&lang=en
[23] حتى 20 سبتمبر 2016.
[24] تُعرف حركة غولن أيضاً باسم “حركة حزمة” وتعني “الخدمة” بالعربية.
[25] يُقال أن أعضاء أو أنصار حركة غولن يستخدمونه.
[26] لن تُعلن عن هويات القضاة خوفاً من تعرضهم للأعمال الانتقامية.