القاهرة (الزمان التركية): ترجمت صحيفة “الوطن” المصرية، تقريرًا عن “دويتشه فيله” الألمانية، يتناول الوضع الاقتصادي التركي بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، وما يواجه تركيا من مخاطر اقتصادية شديدة.
وقال التقرير إن بولنت توفنكجي وزير الجمارك والتجارة التركي، كشف في تصريح يكشف ما ينتظر الاقتصاد التركي من مخاطر، أن الانقلاب الفاشل كلّف البلاد 100 مليار دولار خسائر، أي نحو 12.5% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر بنحو 800 مليار دولار، ونقلت عنه صحيفة «حرييت» التركية أن الخسائر تتضمن مبان مدمرة، ومعدات عسكرية وتراجع الطلب الخارجي على السلع وتراجع السياحة، بالإضافة إلى خسائر بمليارات أخرى في السياحة والسفر والتجارة والإنتاج قبل الانقلاب الفاشل، بسبب الهجمات الإرهابية والمقاطعة الروسية.
وقبل ذلك تعرضت تركيا أيضا لخسائر إضافية مهمة بعد قطع طريق التجارة البري بينها وبين أسواق الخليج عبر الأراضي السورية.
وكانت أكثر من 80 ألف شاحنة تركية تعبر هذه الأراضي متوجهة إلى هذه الأسواق الهامة جدا لتصريف المنتجات التركية.
وقد انعكست هذه الخسائر بشكل سلبي على الليرة التركية التي فقدت نحو ثلث قيمتها خلال السنوات الثلاث الماضية.
وبعد الانقلاب الفاشل مؤخرا أدار المزيد من الاستثمارات الأجنبية ظهره لتركيا بسبب زعزعة الاستقرار السياسي والإجراءات القمعية التي يقوم بها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ضد المعارضين والمثقفين والإعلاميين ممن يخالفونه الرأي.
فمنذ وصول حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان إلى السلطة ابتداء من عام 2002 تغنى الكثيرون بتركيا كمثال للنجاح الاقتصادي.
ويتمثل هذا النجاح، الذي أطلق عليه «المعجزة الاقتصادية التركية» في إصلاحات وأجواء ثقة أدت إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي التركي بأكثر من الضعف في غضون عشر سنوات.
ورافق ذلك تقليص نسبة البطالة وزيادة تدفق الاستثمارات ومضاعفة دخول العاملين واستقرار سعر الليرة التركية.
وهكذا صعدت تركيا الذي سماها بعض الخبراء «النمر الاقتصادي الصاعد» خلال «الحقبة الأردوغانية» إلى المرتبة السابعة عشرة بين أهم القوى الاقتصادية العالمية.
غير أن الأضواء لم تسلط طوال فترة النجاح تلك على الوجه الآخر لهذا الازدهار، الذي اعتمد بشكل كبير على التمويل بالعجز والاقتراض المتزايد من الخارج.
ويدل على ذلك وصول الدين الخارجي التركي إلى 406 مليارات دولار بحلول نهاية العام الماضي 2015، أي ما يزيد على 50 من الناتج المحلي الإجمالي التركي حسب نشرة موقع الاستثمار والتجارة الألماني «GTAI».
أما الاحتياطيات من النقد الأجنبي فيقدرها التقرير بحوالي 91 مليار دولار أواخر العام المذكور، يمكن بفضلها تمويل الواردات لحوالي 6 أشهر فقط.
أكبر المشاكل هروب رؤوس الأموال خلال السنوات الماضية من حقبة حزب العدالة والتنمية تمكنت حكومات الرئيس أردوغان من خدمة فوائد الديون المتزايدة ودفع أقساطها بفضل تدفق الاستثمارات وعوائدها.
غير أن المشكلة الآن تتمثل في خوف عالم المال من الاستثمار في تركيا بسبب فرض حالة الطوارئ والتضييق المتزايد على الحياة الليبرالية ومؤسسات الرأي والشخصيات المعارضة.
ويعكس هذا الخوف قيام صناديق استثمار وبنوك عالمية مثل «أفيفا/ Aviva» و«جي ايه ام/ GAM» و«مورجان ستانلي» و«سوسيتيه جنرال» و«بي ن بي باريباس» و«سيتي غروب» بسحب قسم من أموالها من البورصات والسندات التركية حسب تقرير صفحة «تاغسشاو»، التابعة لموقع القناة الألمانية الأولى (ARD) في 27 يوليو 2016.
ويتهدد تركيا حسب «تاغسشاو» سحب مئات المليارات من الاستثمارات الأجنبية إذا استمرت السياسات الحالية التي تلاقي انتقادات حادة حتى من قبل أقرب أصدقاء أردوغان في أوروبا والولايات المتحدة.
ويزيد من نسبة المخاطر حسب «وكالة ستاندارد آند بورز» للتصنيف الائتماني حاجة البلاد إلى إعادة جدولة أكثر من 40% من ديونها الخارجية، وهو الأمر الذي يتطلب أخذ قروض جديدة بشروط أصعب بسبب تخفيض التصنيف الائتماني لتركيا من قبل الوكالة المذكورة ووكالتي «موديز» و«فيتش».