تقرير: يافوز أجار
أنقرة (الزمان التركية): أدلى نائب حزب الشعوب الديمقراطي الكردي عن مدينة أنقرة عضو هيئة “مفاوضات السلام” التي جرت مع منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية سرّي ثريا أوندر بتصريحات مثيرة، قال فيها إن الزعيم الإرهابي عبد الله أوجلان هو أول من نبّه إلى خطورة “كيان حركة الخدمة”، على حد وصفه.
وزعم نائب الحزب الكردي أوندر أن إطلاق سراح الزعيم الإرهابي المحبوس عبد الله أوجلان وحصوله على حريته مجدداً سيشكل أكبر حاجز أمام حدوث الانقلابات العسكرية. ولفت إلى أن أوجلان هو أول من أشار إلى “كيان حركة الخدمة” ثم ادعى قائلاً: “نحن أيضاً راقبنا هذا الكيان طوال مباحثات السلام الكردية. وكان هذا الكيان يبذل جهوداً جبارة لإفساد وإفشال هذه المباحثات. فكان دائماً يبادر إلى تطوير عمليات استفزازية كلما اتخذت في هذا الصدد خطوات ملموسة ومستديمة، وكان للسيد أوجلان تحذيرات تاريخية في هذا المضمار”، على حد قوله.
حرية وأمن أوجلان بمثابة حاجز أمام الانقلابات
وواصل أوندر حديثه زاعماً: “أهم شئ يمكن قوله في أعقاب الانقلاب الفاشل والأحداث الأخيرة هو أن أمن وحرية أوجلان هما بمثابة عائق أمام الانقلابات العسكرية. ولم يُكشف النقاب في تركيا حتى الآن عن إجراء وحاجز أكثر تأثيراً ونجاعة من هذا. تعالوْا نعمل سوياً لتصفية ومحاسبة الانقلابيين والقضاء على ظروف الانقلاب من خلال توسيع نطاق المجالات الديمقراطية. وأول خطوة لتحقيق هذا هو العمل على توفير الحرية والأمن والظروف الصحية المناسبة للسيد أوجلان”.
أوجلان يسبق أردوغان في استخدام عبارة “الكيان الموازي”؟
كان عبد الله أوجلان هو أول من استخدم عبارة الكيان الموازي في وصف حركة الخدمة التي تستلهم فكر الأستاذ فتح الله كولن في 15 سبتمبر/أيلول عام 2013 أثناء مباحثات السلام التي أجريت معه في محبسه بجزيرة إمرالي الواقعة في مدينة بورصا شمال غرب تركيا، وذلك قبل شروع أردوغان في إلصاق هذا الوصف بحركة الخدمة عقب تحقيقات الفساد في 17-25 ديسمبر/ كانون الأول عام 2013. ولذلك يقول أوندر “أوجلان هو أول من أشار إلى كيان حركة الخدمة، وكان له تحذيرات تاريخية في هذا الصدد”.
والكتاب الصادر في أوروبا عن دار نشر (Mezopotamya) أي “بلاد مابين النهرين” المقربة من العمال الكردستاني بعنوان “الإنقاذ الديمقراطي وبناء الحياة الحرة: ملاحظات إمرالي” يتضمن محاضر المفاوضات التي جرت بين وفد الحزب الكردي والزعيم الإرهابي أوجلان بمحبسه في إطار مفاوضات عملية السلام.
ويشير الكتاب، الذي يتضمن الملاحظات الخاصة بهذه اللقاءات التي عقدت منذ 3 يناير/ كانون الثالث 2013 وحتى 14 من مارس/ آذار 2015، في قسمٍ تحت عنوان “أنا أصبحتُ إنساناً حراً سياسياً” إلى قول أوجلان: “أمْن ديار بكر يعمل كدولة موازية، وحركة الخدمة هي التي تدير وتقود هذه الدولة الموازية. فهي تسعى لإجبارنا على استخدام العنف”، على حد زعمه. ولعله يقصد بذلك مراكز دروس التقوية وصالات القراءة التي فتحتها حركة الخدمة في المناطق الكردية لتثقيف وتبصير الشباب الأكراد وفتح الطريق أمامهم للالتحاق بالجامعات؛ ذلك لأن نشاطات هذه المراكز حالت دون التحاق هؤلاء الشباب بالمنظمة الإرهابية، باعتراف أسرهم والمسؤولين الحكوميين.
كما أن الكتاب يتضمن تلك العبارات التي يقولها أوجلان للسلطة السياسية الحاكمة: “عليكم القضاء على الدولة الموازية أولاً، ثم نحن نسحب عناصرنا المسلحة. فلا يمكننا أن نفعل ذلك في ظل وجود عناصر هذه الدولة الموازية”.
“الأخذ والعطاء” بين أردوغان وأوجلان
بحسب المحاضر التي نشرتها جريدة “ملّيَتْ” التركية بتاريخ 28 فبراير/ شباط 2013، والتي تحتوي محادثات وفد حزب الشعوب الديمقراطي الكردي مع أوجلان في محبسه، في إطار “مفاوضات السلام الداخلي”، يقول النائب الكردي “سري ثريا أوندر المذكور أعلاه لأوجلان: “هناك قضية انتقال تركيا إلى النظام الرئاسي.. فالرأي العام حساس جداً في هذا الموضوع؟ فيردّ عليه أوجلان بقوله: “من الممكن أن نُعمِل الفكر في النظام الرئاسي ونتبناه. فنحن نقدّم دعمنا لرئاسة السيد رجب طيب أردوغان. لذلك يمكننا الاتفاق معه على أساس هذا النظام الرئاسي”. وعندما تساءل أوندر: “ولكن كيف سيكون حينها وضعكم وموقعكم؟”، أجاب أوجلان مبتسماً: “عندها لن يكون هناك حبس، ولا إقامة جبرية، ولاعفو.. لن يبقى هناك أي داعٍ لمثل هذه الأمور؛ لأننا سنصبح أحراراً جميعاً”، ما يكشف أن هذه المفاوضات كانت تجري في إطار النظام الرئاسي مقابل حرية أوجلان أو حتى منح حكم ذاتي له في المناطق الكردية.
لكن عندما أعلن زعيم الحزب الكردي صلاح الدين دميرطاش عزمه على خوض غمار الانتخابات التشريعية في 7 يونيو/ حزيران 2015 كحزب مستقل بدلاً عن المرشحين المستقلين كما كان سابقاً، وتحدى أردوغان قائلاً: “لن نسمح لك بفرض النظام الرئاسي”، ومن ثم حصل على 80 مقعداً برلمانياً، تحطم حلمُ مرشحي حزب أردوغان “العدالة والتنمية” في دخول البرلمان بشكل تلقائي بدلاً عن المرشحين الأكراد، وبالتالي تشكيلهم الحكومة منفردين وإعلانهم النظام الرئاسي. وبعد ذلك بالضبط تفجّرت كل الأحداث التي شهدتها تركيا في الآونة الأخيرة والتي حولت المناطق الكردية إلى بحيرة دماء؛ ذلك أن الحزب الكردي تخطى العتبة الانتخابية، مخترقاً بذلك بنودَ الاتفاقية التي تمّ التوصل إليها في محافل خفية. وبذلك زال “السبب” الذي كانت مفاوضات السلام مع الأكراد تجرى من أجله. فأطاح أردوغان بطاولة عملية السلام في 28 يوليو/ تموز 2015، ثم قال كبير مستشاري أردوغان يالتشين أكدوغان: “ليس بمقدور الحزب الكردي بعد اليوم إلا أن يصوّر فيلماً عن مسيرة السلام”.
يُذكر أن العديد من الصحفيين المقربين لأردوغان، بينهم الكاتب الصحفي عبد الرحمن ديليباك، زعموا أن هذه المرحلة ستنتهي بإطلاق سراح أوجلان ومنح الحرية له، والزجّ بالأستاذ كولن في السجن بدلاً عنه بصفته “إرهابياً”.