بقلم: عبد السلام كمال أبو حسن
من المعروف أن الشخصية المكياليفية هي شخصية متغيرة المزاج لا تثبت على رأي ولا يقر لها قرار ، وأنّ دستورها التي تتبناه هو” الغايه تبرر الوسيلة”، ومن أجل الوصول إلى الغاية لا مانع عند هذه الشخصية من قمع الآخرين، واستخدام أشد الأساليب قسوة ووحشية للوصول إلى غايتها. ومن صفاتها أنها تتمتع بشخصية متقلبة الأحوال والأطوار، محركها إلى ذلك حب السلطة والمصالح المادية النفعية، تؤمن دائمًا بنظرية المؤامرة مما يجعلها تعيش في حالة عدم استقرار.
ولو نظرنا إلى شخصية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لو جدنا عدة قواسم مشتركة بينه وبين هذه الشخصية المكياليفية، ومن ضمن هذه القواسم هو تمتع الرئيس التركي بشخصية متقلبة، وهذه الصفة تجعله ينسى أكثر تصريحاته ولا يذكرها، وبالتالي يفعل عكس ما يصرح به دائمًا ولنلقِ بعض الأمثلة على ذلك.
1- دائما كان يردد أردوغان في خطابته أنه تلميذ نجم الدين أربكان، وكما هو معروف عند أهل السياسة أن أربكان يلقب بأبو الإسلام السياسي في تركيا، كما يلقب الإستاذ فتح الله كولن بأبو الإسلام الاجتماعي.
إلا أنه ومن أجل مطامع أردوغان السياسية انقلب على أستاذه أربكان، وأنشأ حزبًا سياسيًا جديدًا يختلف في مبادئه وأفكاره عن حزب أربكان، مما دفع نجم الدين أربكان أن يتهم أردوغان في كثير من خطاباته بعمالته للغرب والنظام الصهيوني العالمي.
2- لو نظرنا إلى حادثة مافي مرمرة الشهيرة ونظرنا إلى ما قاله الرئيس التركي في هذه الحادثة والخطابات العصماء والكلمات الرنانة التي استعملها، وقارناها بتصريحاته بعد التطبيع مع الكيان الصهويني لو جدناها مغايرةً تمامًا لما قاله، فبعد أن كان يقول في الإعلام: “إنّه هو من أعطى الإذن للمساعدين بالذهاب”. وجدناه بعد التطبيع مع الكيان الصهويني يقول لمن ذهب مع السفينة: ” عندما أردتم أن أن تساعدوا هل أخذتم الإذن من الرئيس؟، نحن نقوم بواجبنا تجاه غزة وعندما نقوم بهذا نقوم به وفق القوانين الدولية”. وهذا التصريح أثار حفيظة المنظمين لهذه القافلة واعترضوا عليه.
https://www.youtube.com/watch?v=AQtmdFdrYAg
3- وكذلك اشتهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كل خطاباته بأنه يبدأ بذكر الله تعالى وهذا شيئ يحمد له، وقد استطاع بهذه الشعارات أن يكسب قلوب الإسلامين في تركيا.
إلا أن الرئيس التركي عندما يجلس مع الإسلاميين يركز دائما في ترديد الشعارات الإسلامية ويذكر لهم أمجاد العثمانين، بل ويقول: “نحن أحفادهم نسعى لعودة الخلافة والدولة العثمانية الإسلامية”، وعلى النقيض تجده عند جلوسه مع العلمانين في تركيا أو في المحافل الدولية، يركز دائما على ترديد هذه المصطلحات أن حزبه حزب علماني وأنه يسير على خطى مؤسس الدولة التركية الحديثة والمقصود به أتاتورك.
4- وهذا التقلب وحب السيطرة دفعا أردوغان للاختلاف مع أقرب الناس إليه ورفيق دربه أحمد داود أغلو، وذلك بعد تصريحات أغلو بأن النظام البرلماني هو المناسب لتركيا عكس ما يريده أردوغان، مما دفع أحمد داود أغلو للاستقالة من الحزب والحكومة لأنه لم يتقبل أن يتدخل أردوغان في صلاحياته.
5- ولا نستطيع أن ننسى أيضا موقف أردوغان المتناقض في القضية السورية فمن جهة نجد أردوغان ينتقد بشار الأسد ويصفه بأفظع الألفاظ ويعمل على دعم المعارضة المسلحة في سوريا، إلا أنه وفي الوقت ذاته لا يمانع بأن يكون بينه وبين إيران اتفاقيات سواء اقتصادية أو عسكرية، وكما قال أردوغان قبل ذلك في إيران : “إنّ إيران هي بيتنا الثاني”. ومما لا يخفى على أحد دور إيران في الأزمة السورية فلم كل هذا التناقض.
https://www.youtube.com/watch?v=uioSIwGrpmc
وكثير من التناقضات سواء على صعيد الأزمة الروسية أو الأزمة المصرية التي يقول رئيس الوزراء شيئا صباحا ومساء يقول أردوغان شيئا أخر، أو الأزمة الأخيرة مع حركة الخدمة أو غيرها من الأزمات التي لا مجال لذكرها هنا.
وقد يأتي بعض المدافعين عنه ويقول هذه هي السياسة أنها متقلبة لا تبقى على حال أبد، وأنه يجب على السياسي أن يتكيف وفق المصالح ويتخذ القرارت طبقا لذلك وخلاف هذا من المبررات التي قد يقولها أهل السياسة ، وكل هذا من وجهة النظر السياسية صحيحة إلى حد ما، إلا أن أي سياسي يسير في السياسة وفق مبادئ ارتضاها لنفسه من الصعب عليه أن يغيرها بين يوم وليلة، وهذا ما لم نلمسه في الشخصية الأردوغانية، ولذلك نجد حليف الأمس عند أردوغان عدو اليوم وعدو الأمس حليف اليوم، ولذلك أقول للعرب لا تعقدوا أمالكم على شخص قد يخيب أمالكم.