إسطنبول ( زمان عربي): نفى المفكر الإسلامي التركي فتح الله كولن ادعاءات السلطات التركية حول ضلوعه في محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا مساء يوم الجمعة الماضي، متحدياً إياهم بطلب تشكيل لجنة تحقيق دولية للكشف عن ملابسات الانقلاب، وأكد أنه سيقبل أية نتائج يتوصل إليها هذا التحقيق مهما كانت.
وفي إطار رده على أسئلة أبرز الصحف الدولية، وفي مقدمتها نيويورك تايمز وسكاي نيوز والجاردين والفايننشال تايمز، المتعلقة بالتطورات الأخيرة على الساحة التركية، نفى كولن تورطه، أو حركة الخدمة التي تستلهم فكره والتي يسميها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالكيان الموازي ويصفها بأنها منظمة إرهابية، بالقيام بمحاولة الانقلاب الفاشل في تركيا، واصفًا الاتهامات الموجهة إليه في هذا الصدد بأنها مجرد افتراءات وعارية عن الصحة تماماً. ودعا كولن إلى تشكيل لجنة دولية لإجراء تحقيق شامل حول محاولة الانقلاب وكشف المتورطين فيه بقوله: “إن كان هناك ادعاء من هذا القبيل، فلتتولَّ لجنة دولية التحقيق في الأمر. وليقرر العالم ما إن كانت هذه الادعاءات حقيقية أم لا وفقا لنتائج تحقيق هذه اللجنة الدولية، وأنا مستعد لقبول النتيجة حتى ولو كانت مليئة بالأكاذيب، وحتى لو استأجروا شهوداً كذابين مقابل الأموال ليوقعوا على أوراق ووثائق تتضمن تلك الافتراءات”.
وفي إجابته على سؤال لأحد الصحفيين حول تعليقه على أقاويل قيام أردوغان بسيناريو كهذا من أجل توطيد قوته داخل الجيش، قال كولن: “لا أستطيع وصف كل ما حدث خلال محاولة الانقلاب بأنه مجرد سيناريو قبل أن يتم تحقيق شامل حول ملابسات الحادث. وهذا الوصف يكون من قبيل الافتراء. والمؤمن لا يفتري على أحد.”
ولفت كولن إلى تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري التي ذكر فيها أن الولايات المتحدة لم تتلقَّ طلباً رسميًّا من السلطات التركية بشأن إعادته إلى تركيا، وأضاف أن وزير الخارجية الأمريكي طالب الحكومة التركية بتقديم أدلة تثبت تورطه في محاولة الانقلاب الفاشلة هذه. وتابع: “هذه ليست المرة الأولى التي تطالب فيها تركيا بإعادتي، فقد سبق أن اتهمونا من قبلُ بوقوف محبي حركة الخدمة وراء تحقيقات الفساد والرشوة التي جرت في السابع عشر من ديسمبر/ كانون الأول عام 2013، ولا صحة لهذه الادعاءات. بل هي محض افتراءات.”
واستدرك كولن قائلاً: “مع أنني لا أعاني هنا من أية مشكلة أمنية، إلا أن مكتب التحقيقات الفيدرالي قبض على شخص كان اختفى في غابة قرب محل إقامتي من أجل ترصدي والقيام بمهمة مسندة إليه. على الرغم من أنني أشعر بأمن وطمأنينة في مكاني، لكن لو طلبتني تركيا فأنا مستعد للاستجابة والعودة إلى بلدي. إلا أنني أعتقد أنهم لن يعثروا على أي شيء. ذلك لأن هذه الاتهامات الجديدة الموجهة إلينا ليست إلا افتراء وبهتانا مثل الافتراءات السابقة.”
ليس لمحاولة الانقلاب تفسير منطقي
وقال كولن: “لقد تقدمت السلطة الحاكمة في تركيا مراراً وتكراراً إلى رئاسة الأركان العامة وطالبتها بطرد العسكريين الذين لا يبايعونها ولا يفكرون مثلها بتهمة “الانتماء إلى الكيان الموازي”. ومن المحتمل أنها فرضت وأملت ذلك على رئاسة الأركان. ولعل أحداً يظهر نفسه وكأنه قريب منا، لكنه في الحقيقة تابع لهم، قد بادر إلى تحريض عدة ضباط لحياكة سيناريو وصناعة فيلم من هذا القبيل. أي من المحتمل أن يكون الأمر كذلك. يبدو أن هذا السيناريو تم إعداده من قبلهم، كما يمكن استنباط ذلك من قولهم “هذه الخطوة (المحاولة الانقلابية) قد سهلت أمرنا، فمن السهولة بمكان طرد كل من تورط في هذه العملية، ولا داعي لاستطلاع رأي رئيس الأركان العامة ولا القادة العسكريين”. وإلا ليس لهذا الأمر تفسير منطقي، بل هو شبيه بمسرحية”.
دعوة إلى الشعب التركي لضبط النفس
وأوضح كولن أن أردوغان لديه “حساسية” تجاه الذين رفضوا مبايعته، ثم وجه دعوة إلى الشعب التركي قائلاً: “ما أريد أن أقوله للشعب التركي هو أننا عانينا من الانقلابات العسكرية كثيراً. ففي السابع والعشرين من مايو 1960، إذ كنت إماماً في أحد جوامع مدينة أديرنة ولم أكن قد أديت الخدمة العسكرية بعد، تعرضت لضربات انقلاب 27 مايو. كما تم حبسي عقب المذكرة العسكرية في 12 مارس/آذار من عام 1971، ثم قضت المحكمة بتبرئة ساحتي آنذاك. ثم طاردوني طيلة ستة أعوام خلال الانقلاب العسكري الذي حدث في 12 سبتمبر/ أيلول عام 1980. بعد ذلك صدر قرار بعدم ملاحقتي. أما أثناء الانقلاب العسكري في الثامن والعشرين من فبراير/ شباط 1997، الذي سميته بـ”عاصفة يونيو/ حزيران”، فرفع نوح مته يوكسال دعوى قضائية ضدي، وجرت محاكمتي هنا في الولايات المتحدة. توجهت إلى المدعي العام في ولاية نيوجيرسي الأمريكية وأدليت بإفادتي، ثم صدر قرار ببراءتي. ثم وافقت المحكمة العليا في تركيا على براءتي. وبصفتي شخصاً عانى كثيراً من الانقلابات وتعرض لضرباتها، يمكنني أن أنصح الشعب التركي برفض كل الانقلابات”.
واختتم كولن بقوله: “إن الزمن هو خير مفسّر. اتركوا الأمر للزمن ليفسّر حقيقة ما حدث. فالله سيظهر الحقيقة كما هي إن عاجلاً أم آجلاً، وسيراها الجميع عياناً. وكما أن كل الأحداث الماضية وقعت ومضت وأصبحت جزءاً من التاريخ، كذلك ستمر هذه الحادثة الأخيرة وستكون جزءاً من التاريخ بإذن الله تعالى.”