واشنطن (وكالات): قالت صحيفة “صنداي تايمز” اليوم الأحد إن الرئيس السوري بشار الأسد وشقيقه ماهر مطلوبان للقضاء الأمريكي لاتهامهما في جريمة قتل مزدوجة راح ضحيتها كل من الصحفية الأمريكية ماري كولفن والمصور الفرنسي ريمي أوشليك في شمال سوريا عام 2012.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن كولفن، التي كانت مراسلة حربية للصحيفة في ذلك العام في سوريا “تم استهدافها عمدا وقتلها بقذائف المدفعية، بتكليف من ضباط سوريين” لإسكاتها نهائيا عما كانت ناشطة فيه، وهو كتابتها لتقارير عدة عن ضحايا مدنيين كانوا يسقطون بالعشرات في حمص المحاصرة في ذلك الوقت من قوات النظام، على حد ما قالته شقيقة لكولفن في حيثيات وموجبات دعوى أقامتها أمس السبت لدى “محكمة قطاع كولومبيا” أي في العاصمة الأمريكية واشنطن.
وحددت كاثلين كولفن في دعواها كلا من بشار الأسد وأخيه العقيد الركن ماهر، قائد “الفرقة الرابعة” بجيش النظام، إضافة إلى 9 ضباط آخرين في الجيش وأجهزة الاستخبارات والشبيحة المقرّبين، كمسؤولين عن قتل شقيقتها والمصور أوشليك، علما بأن اثنين من المراسلين الأجانب، أحدهما بول كونروي، وكان في سوريا كمصور لمجلة ” تايم” Time الأمريكية، كانا بين المستهدفين أيضا.
الانقضاض المدفعي على المراسلة التي قضت يومها بعمر 56 سنة، أي ضعف عمر المصور الفرنسي القتيل معها، كان وفقا للدعوى، جزءا من حملة منسقة وضعها النظام السوري بأواخر عام 2011 لفرض التعتيم الإعلامي على بطشه بمواطنيه الثائرين عليه، عبر قتل أو اعتقال المتواصلين منهم مع صحفيين محترفين يكتبون التقارير لوسائل إعلامية يراسلونها، أو قتل الصحفيين أنفسهم لإسكاتهم نهائيا.
وجاء في الدعوى أن الاستخبارات السورية كانت تراقب كولفن حين كانت تقيم في بيروت، وتكتب تقاريرها منها إلى “صنداي تايمز” وحين علمت في أوائل 2012 بنيتها التسلل إلى سوريا، قامت بالتحضير لقتلها وقتل صحفيين آخرين، عبر مخطط أعده مسؤولون كبار في “خلية إدارة الأزمات” التي أسسها النظام السوري، للقضاء على معارضيه وكتبة التقارير الصحفية المعادية، وأشرفت على المخطط وحدة عسكرية خاصة بحمص في الحرس الجمهوري، كما قوة للاغتيالات خاصة أيضا، عناصرها من “شبيحة” النظام ويرأسها خالد الفارس، أحد المسؤولين عن قتل الصحفية، فضلا عن ارتكاب وحدته لجرائم حرب وقتل مدنيين عمدا بالآلاف.
ومعظم المعلومات الواردة في الدعوى المكونة من 32 صفحة، ومنها أن ماهر الأسد نفسه “قدم سيارة سوداء اللون وفاخرة، هدية إلى خالد الفارس، لقتله كولفن والمصور الفرنسي” مصدرها منشقين كبار عن النظام، إضافة إلى وثائق رسمية تم الحصول عليها، وفي جميعها قرائن بأن النظام كان يرصد اتصالات الصحفية إلكترونيا من مركز سري داخل شقة في حي بابا عمرو بحمص، وكانت عميلة في الاستخبارات تقوم بتحديد مستمر للمكان الذي تتواجد فيه مراسلة “صنداي تايمز” بعد تمكنها من التسلل إلى سوريا، والتمركز في حمص.
وتم قتل كولفن والمصور، بسيل من قذائف مدفعية استهدفتهما معا بعد التعرف إلى مكانهما في حمص، وإحداها سقطت قربهما وهما يغادران المكان الذي كانا فيه فرارا، فأردتهما للحال، وأنهت حياة صحفية، في سيرتها التي طالعت “العربية.نت” ملخصا عنها، أنها ولدت في نيويورك، وصرفت 26 سنة من حياتها مراسلة في ساحات النزاع الدولي، منها في 1991 بالعراق، وبعد 8 سنوات في تيمور الشرقية، ثم في 2001 بسريلانكا، وهناك أصابتها شظية من قذيفة للجيش بإحدى عينيها، ولم تعد ترى عبرها شيئا، فغطتها بقماشة سوداء.
والدعوى على الأسد وأخيه، والتسعة المبشّرين الآن بجحيم المطاردة الأمريكية، أقامها بالوكالة عن شقيقة الصحفية القتيلة مركز معروف باسم Center for Justice & Accountability في كاليفورنيا.
وأضافت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية الأحد الى خبر “صنداي تايمز” أن المركز استمر 3 سنوات يجمع المعلومات ويتأكد من صحتها، وأنها معززة بشهود ثقة، ملمين بكل ما يدين النظام ورؤوسه.
أما الأخت التي فقدت شقيقتها، فورد عنها قولها في الدعوى: “كانت خاضعة للمراقبة دائما، ولم تكن تعرف ذلك. أنا أشعر بقوة أنهم أسكتوها، ولا يمكنني أن أترك ما فعلوه يمر من دون جلب قتلتها إلى العدالة، وأعتقد أنها كانت ستفعل الشيء نفسه فيما لو انعكست الأدوار” أي أن تكون هي القتيلة وأختها الصحافية هي الباقية على قيد الحياة.