إسطنبول ( زمان عربي): أصدرت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية قرارا مهما يتعلق بمولدافيا لكنه يمس تركيا أيضاً يرفض اعتقال الأشخاص استنادا إلى ما يسمى بـ”الاشتباه المعقول” وبناءً على اتهامات مرسلة ونمطية فقط.
ويعني قرار المحكمة الأوروبية توثيق عدم قانونية عمليات الاعتقال التي تشهدها تركيا منذ الكشف عن فضائح الفساد والرشوة في 17 ديسمبر /كانون الأول العام 2013، والتي تستند إلى قانون “الاشتباه المعقول”، الذي سنّته الحكومة لتنفيذ قرارات الاعتقال ولو لم تكن هناك أدلة إدانة مادية ملموسة.
وأصدرت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية خلال الأيام الماضية قراراً غاية في الأهمية، حيث إن بترو بوزادجي، المولدافي الذي يعمل كمدير لمؤسسة عامة اعتقل لمدة شهرين في عام 2007 بتهمة ممارسة فساد، وفرضت عليه الإقامة الجبرية لمدة ثمانية أشهر، تقدم إلى المحكمة الأوروبية بدعوى أن عملية اعتقاله تمت دون تقديم أدلة مادية كافية. وأصدرت المحكمة بدورها قرارا حول اعتقاله يقضي بأن بوزداجي حُرِم من حريته بسبب اتهامات ومبررات نمطية، وأن هذا انتهاك صارخ للمادة 5/3 من اتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية التي تنظم حرية الفرد وحقه في التمتع بالأمن والأمان.
وأكدت المحكمة من خلال قرارها الأخير في هذا الصدد أن الاشتباه المعقول ليس كافياً للاعتقال على ذمة التحقيق وأنه لا بد من تقديم براهين وأدلة مادية والربط بين الأشخاص والأدلة. وهذا القرار يتعلق بشكل مباسر مع قرارات الاعتقال التي تصدرها محاكم الصلح والجزاء في تركيا التي أسسها الرئيس رجب طيب أردوغان ليدير من خلالها العمليات التي يريدها، إذ أصدرت تلك المحاكم قرارات اعتقال بحق المئات وقرارات استيلاء على شركات تجارية ومؤسسات إعلامية وتعليمية، وذلك بناء على عبارات واتهامات مرسلة واعتماداً على قانون الاشتباه المعقول، الأمر الذي رفضته المحكمة.
وفي تقييمه لقرار المحكمة الأوروبية شدد المحامي التركي عمر تورانلي على أن هذا الاجتهاد للمحكمة سيبطل من أساسه منطق قضاة محاكم الصلح والجزاء في تركيا الذي يتنافى مع القانون وبالتالي سيلغي كل قراراتهم التي أصدروها حتى الآن استنادا إلى هذا المنطق.
وأضاف تورانلي: “هذا القرار يلقي جميع قرارات محاكم الصلح والجزاء في سلة القمامة وليس فقط تلك التي تتعلق بقراراتها الخاصة بعمليات سفسطة “الكيان الموازي”. فالمحكمة تشترط في قرارها تقديم براهين وأدلة مادية، وتؤكد أن الاشتباه المعقول ليس سبباً كافياً للاعتقال، وتنص على أن قرارات استمرار الاعتقال لا بد أن تستند إلى أدلة مادية ملموسة وليس عبارات واتهامات مرسلة. لكن قرارات الاعتقال واستمرارِ الاعتقال الصادرة بحق موكلي تستند إلى عبارات نمطية بحتة. فلا يوجد في أي قرار ارتباط بين الشخص والواقعة. كانت توجد فقط عبارات فضفاضة”.
وأعلن تورانلي أنهم سيدرجون قرار المحكمة الأوروبية في عرائضهم القانونية وسيطالبون المحاكم بإخلاء سبيل موكليهم، وفي حال تجاهلت المحاكم التركية هذا القرار سيلجؤون مباشرة إلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية قائلاً: “سنتقدم بطلبات إخلاء سبيل إلى المحاكم وسنقدم قرار المحكمة الأوروبية هذا وسنطالب بإخلاء سبيل جميع موكلينا، إذ أن هذا القرار يتعلق بضحايا محاكم الصلح والجزاء كافة. يجب على جميع الضحايا استخدام هذا القرار. فهذا القرار يبطل ويلغي مفعول محكام الصلح والجزاء تماماً. ومحاكمنا مجبرة على الامتثال لهذا القرار، فهناك اتفاقيات تربطنا بنظام القضاء الدولي. لهذا نحن مجبرون على الامتثال لقرارات محكمة حقوق الإنسان الأوروبية وتنفيذها. وإن تجاهلت المحكام التركية هذا القرار فسنتجه مباشرة إلى المحكمة الأوروبية”.