أنقرة ( زمان عربي): شنت السلطات التركية حملة استهدفت الهيئة الإدارية لاتحاد رجال الأعمال والصناعة “توسكون” الذي امتدحه من قبل كل من رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان ورئيس الجمهورية السابق عبد الله جول لمجرد تقديم المسؤولين فيه منحاً دراسية وزكاة للطلبة المحتاجين.
وصدرت قرارات اعتقال بحق أشهر رجال الأعمال في تركيا وعلى رأسهم رئيس توسكون رضا نور ميرال، كما أن السلطات الأمنية جعلت الموقوفين ينتظرون في غرفة لا يعمل بها مكيف هواء ومُنعوا من الحصول على الأدوية التي يستخدمونها.
وتتواصل الهجمات على أصحاب الشركات ورجال الأعمال في تركيا بشكل متزايد، إذ أصبحت الجمعية التركية لرجال الأعمال والصناعة، أحد أهم الروابط العمالية التركية في العالم، أحدث محطات هذه الحملة التي جاءت في إطار جريمة الانتماء إلى مايسمى بالكيان الموازي، والتي اختلقها الرئيس أردوغان عقب تحقيقات الفساد والرشوة في 17 ديسمبر/كانون الأول عام 2013.
وشهدت 4 مدن مركزها إسطنبول يوم أمس حملات ضد رجال أعمال بسبب منحهم منحا دراسية وزكاة للمحتاجين والطلبة. كما تم إصدار قرارات اعتقال بحق 51 رجل أعمال، من بينهم رئيس الجمعية رضا نور ميرال، وقد تم فعلاً حبس 30 من الذين صدر بحقهم قرارت الاعتقال. وتصف المصادر الحملة ضد الجمعية بأنها تستهدف ترهيب وتخويف عالم الأعمال.
وتضم الجمعية، التي تعمل منذ عام 2005، في بنيتها نحو 7 اتحادات فيدرالية و211 جمعية عمالية. كما تمتلك الجمعية، التي تعد بمثابة الجسر التجاري بين رجال الأعمال الأتراك والأجانب، ممثلين في أهم خمسة مراكز أعمال في العالم من بينهم بكين وبروكسل وموسكو وواشنطن.
أردوغان سبق أن قال: “لم تعتمد هذه الجمعية على مراكز نفعية معينة بل على الشعب التركي”
ونظمت الجمعية، التي تتمتع بعلاقات قوية مع السياسيين، عشرات اجتماعات الأعمال في الداخل والخارج. وشاركت في أغلب هذه البرامج العديد من الوزراء مثل بولنت أرنتش وعلي باباجان وظفر شاغليان وأجمان باغيش ومحمد شيمشك ونهاد أرجون، بالإضافة إلى رئيس الوزراء آنذاك أردوغان والرئيس التركي السابق عبد الله جول. وامتدحت إدارة الدولة الأنشطة التي تقوم بها الجمعية.
وذكر أردوغان حينها أن انطلاقة الجمعية لم تكن لمهمة تجارية فقط، بل لتحقيق نمو الاقتصاد التركي وخدمة البلاد والشعب التركي وإكساب تركيا شهرة عالمية، وقال: “توسكون لم تتمسك بالجشع بل بالقناعة ولم تحرص على الربح بل على المشاركة والتشاطر ولم تدافع عن الاستغلال بل التشاور. وكشفت عن اختلافها عن نظيراتها الأخريات بوضعها مصلحة الشعب التركي والبلاد قبل مصلحتها وتمسكها بمبادئها بإخلاص. والأهم أن توسكون لم تعتمد على أصحاب المصالح المحددة ولا شركاء المصلحة بل على الشعب التركي”.
فتحت سوق أفريقيا لتركيا
عقدت جمعية توسكون نحو 10 قمم مع الدول الأفريقية جمعت من خلالها السوق الإفريقي، الذي يتمتع بإمكانات كبيرة مع تعداد سكاني يقدر ب1.1 مليار نسمة، برجال الأعمال الأتراك. وشارك أردوغان في افتتاح هذه اللقاءات العملاقة. وخلال فترة قصيرة بدأت الجسور التجارية، التي أقامتها توسكون تؤتي ثمارها.
ففي عام 2008 ارتفع حجم الصادرات التركية إلى 50 دولة، من بينها تنزانيا ونيجيريا وموزمبيق، إلى 3 مليارات و212 مليون دولار، بعدما كانت مليارا و86 مليون دولار في عام 2005. وفي عام 2013 وصل هذا الرقم إلى 4 مليارات و103 مليون دولار.
وانعكست فضيحة الفساد والرشوة في عام 2013 على الصادرات أيضاً، فبعد إبقاء الحكومة جمعية توسكون خارج اللعبة شهدت الصادرات التركية إلى الدول الإفريقية انخفاضا حادا لتتراجع في عام 2014 إلى 3 مليارات و997 مليون دولار بانخفاض بلغ 2.6 في المئة. وفي عام 2005 كان حجم الصادرات التركية لدول شمال أفريقيا، المؤلفة من مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب، 2 مليار و544 مليون دولار ثم تجاوز هذا الرقم حاجز عشرة مليارات في عام 2010، لكنها تراجعت مرة أخرى في عام 2014 إلى 9 مليارات و757 مليون دولار بانخفاض بلغ 2.8 في المئة.
يشار إلى أن الحملات المنظمة ضد حركة الخدمة تقودها محاكم الصلح والجزاء التي أسسها أردوغان بعد أن اعتقلت قوات الأمن آنذاك رجالاً من الدائرة المقربة منه بتهمة الفساد والرشوة في نهاية عام 2013، وعلى رأسهم رضا ضراب، رجل الأعمال الإيراني الحاصل على الجنسية التركية، الذي اعتقلته السلطات الأمريكية مؤخراً بتهمة خرق العقوبات المفروضة على إيران عبر شبكة غير قانونية، تضم بنوكاً وشركات كبرى وتم إيداعه السجن.