إسطنبول (زمان عربي) – كانت القسطنطينية تلمع في نظر العالم بأسره. وكأنها محفورة في قلب العالم. والشرق والغرب كانا يريدان الاستيلاء عليها. فقادة البلاد البعيدة نظموا حملات وحاولوا اختراق أسوارها مرات عدة. ولم يتخطها أحد لكنهم لم ييأسوا. مثل الزعماء المسلمين الكثيرين الذين خرجوا لينالوا بشارة رسولنا الكريم ووصلوا إلى أعتاب أسوارها.
ولسيدنا محمد بشرى تتعلق بهذه المدينة حين قال:”لتفتحن القسطنطينية، ولنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش”. وبناء على هذه البشارة حشد زعماء مسلمون ابتداء من العصور الإسلامية الأولى جيشوهم برا وبحرا. وكان أبو شيبة الخدري رضي الله عنه قد شارك في إحدى الحملات التي نظمت لفتح هذه المدينة في عهد الصحابة. والخدري هو إبن السيدة حليمة وأخو الرسول في الرضاعة كما أنه كان وسيلة لوصول العديد من الأحاديث إلى يومنا هذا.
وعلى الرغم من عمره المتقدم أراد أبو شيبة الخدري المشاركة في هذه الغزوة المباركة. فقطع آلاف الكيلومترات ووصل إلى أعتاب القسطنطينية. فقد أراد أن ينال هو أيضا بشارة الرسول بفتح هذه المدينة وأن يلعب دورا في تحويل عاصمة العالم إلى مدينة إسلامية ولكن الغزوة لم تتكلل بالفتح.
واستشهد أبو شيبة الخدري في أثناء تلك الغزوة عن عمر يناهز 86 عاما. ودُفن أخو الرسول في الرضاعة عند أسوار القسطنطينية.وبعد قرون مضت كان فتح القسطنطينية من نصيب السلطان محمد الفاتح في مايو 1453 ميلاديا. وعقب الفتح أمر السلطان الفاتح بتحديد مدافن الصحابة الذين وفدوا إلى هنا قبل عدة قرون واستشهدوا.
حينها تم تحديد قبري أبي شيبة الخدري وأبي أيوب الأنصاري وأقيم لهما ضريحان. ومع مرور الوقت لم ينس سكان إسطنبول هذين الصحابيين الكريمين وزاروا ضريحيهما بالدعاء طوال القرون. ضريحا الصحابيين يقعان في منطقة قريبة من بعضهما البعض. فضريح الخدري يوجد في ظل الأسوار بمنطقة أيوان سراي على بعد بضع مئات المترات من جامع السلطان أيوب الذي يوجد بفنائه ضريح أبي أيوب الأنصاري.
قد يكون من المفيد التذكير دائما بأن إسطنبول تأوي العديد من الصحابة الكرام رغم عدم تحديد مدافنهم بوضوح إلا القليل منهم.