أنقرة (زمان عربي) – بعد ردة الفعل التي أبداها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موجهًا كلامه للرئيس الأمريكي باراك أوباما قائلا: “كيف لنا أن نثق بك؟ فمن هو شريكك، أنا أم الإرهابيون في كوباني؟”، وردت تصريحات محبطة من الولايات المتحدة لحكومة حزب العدالة والتنمية.
وأعلنت الولايات المتحدة رسميًّا أنها لا تعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا منظمةً إرهابية، الأمر الذي جعل الجانب التركي يستدعي السفير الأمريكي لدى أنقرة جون باس إلى مقر وزارة الخارجية.
وتوترت الأوضاع بين أنقرة وواشنطن، إذ تنظر الدولتان الحليفاان بنظرة مختلفة إلى حزب الاتحاد الكردي الذي يمثل الكيان الكردي في سوريا وجناحيه العسكريين؛ وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة.
وكان الرئيس أردوغان أبدى ردة فعل على ذهاب بريت ماكجورك الممثل الخاص للرئيس الأمريكي باراك أوباما للحرب ضد تنظيم “داعش” الإرهابي خلال الأسبوع الماضي إلى منطقة كوباني الواقعة تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي ولقائه مسؤولي وحدات حماية الشعب، حيث قال: “من هو شريكك، أنا أم الإرهابيون في كوباني؟”.
وأجاب جون كيربي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية على تصريحات أردوغان بقوله: “لا نعترف بحزب الاتحاد الديمقراطي منظمة إرهابية. وسنواصل دعمنا له”. وكانت تصريحات كيربي بمثابة دش بارد لأنقرة.
تشاووش أوغلو: لا أعرف هل نُسمي ذلك سذاجة أم ماذا؟
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إن الولايات المتحدة والدول الأوروبية ترى أن منظمة حزب العمال الكردستاني “منظمة إرهابية”، موضحًا أنه لا يمكن قبول عدم اعتبار حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يخضع لسيطرتها كمنظمة إرهابية.
وأضاف تشاووش أوغلو: “تنظيم داعش الإرهابي سيئ لأنه متطرف؛ لكن حزب الاتحاد الديمقراطي أفضل لأنه علماني! هل يمكن أن تكون مقاربة من هذا القبيل؟ هل يمكن أن يكون هناك تمييز بين المنظات الإرهابية بأن “هذا جيد وذاك سيئ”؟”، طبقا لقوله.
وأردف “لابد أن يكون للولايات المتحدة قرار في هذا الموضوع؛ هل يختاروننا (تركيا) كشريك لهم أم المنظمات الإرهابية؟ لقد أوضحنا بالوثائق للمسؤولين الأمريكيين والدول الصديقة بصورة واضحة للغاية كيف أن منظمة حزب العمال الكردستاني متداخلة مع حزب الاتحاد الديمقراطي. بأبسط الألفاظ لا أعرف هل نُسمي ذلك سذاجة أم ماذا نقول غير ذلك، لكن هذا أمر لا يمكن قبوله بأي شكل من الأشكال”، حسب تعبيره.
علاقات أنقرة مع حزب الاتحاد الديمقراطي معقّدة
على الرغم من الاعتراضات التي زادتها أنقرة تجاه حزب الاتحاد الديمقراطي في الفترة الأخيرة إلا أنه كانت حدثت تطورات أعطت انطباعاً مختلفاً لنظرتها السابقة إلى هذه المنظمة.
ونشرت الصحف الموالية لحكومة حزب العدالة والتنمية أخبارًا عن لقاءات صالح مسلم الرئيس المشارك لحزب الاتحاد الديمقراطي مع مسؤولي الدولة عدة مرات في أنقرة وإسطنبول. وانتقل الآلاف من قوات البشمركة إلى كوباني عبر الأراضي التركية بتصريح من أنقرة فيما بين شهري أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني 2014، بل ودعمت قوات حماية الشعب ضد تنظيم داعش.
وبعث رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو خلال مؤتمر حزبه بديار بكر في 25 يناير/ كانون الثاني من العام الماضي بتحياته وسلامه إلى كوباني الواقعة تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي. حيث قال: “أقبلُ كل أخ في كوباني من جبهته. كوباني هي أمانة التاريخ لنا”. وبعد ذلك بشهر في 22 فبراير/ شباط 2015 ظهرت ادعاءات مفادها أن الحكومة تتعاون مع حزب الاتحاد الديمقراطي أيضًا في أثناء نقل ضريح سليمان شاه في سوريا -الذي يُعد الأرض التركية الوحيدة لتركيا خارج البلاد- إلى منطقة أخرى بالقرب من الحدود.
أمريكا ترى “كردستان” في سوريا مستقبلاً
قال الدكتور بكر جوناي عضو هيئة التدريس بجامعة إسطنبول إن واشنطن التي لديها قناعة بأنه ستُؤسس دولة كردستان في نهاية المطاف في سوريا ستزيد من تعاونها مع حزب الاتحاد الديمقراطي بالرغم من تركيا.
ويرى جوناي أن حكومة أوباما التي لم ترغب في الزج بجنودها في مستنقع سوريا تسعى لحماية مصالحها في المنطقة عبر القوات المحلية مثل حزب الاتحاد الديمقراطي والبشمركة بأقل تكلفة.
فيما يرى مسؤول أمني لم يرغب في الإفصاح عن اسمه أن القوات الدولية التي تدير الحرب الأهلية في سوريا تستخدم أزمة الاتحاد الديمقراطي من أجل جر تركيا إلى المنطقة.
وقال المسؤول التركي إنه يرى أن القوات الفاعلة الدولية لم تسطع إنزال ضربة قاتلة على داعش التي تعد القوة المعارضة في ساحة القتال بسوريا، زاعمًا أن الحملة الأخيرة تهدف إلى جذب قوة كبيرة إلى المنطقة مثل تركيا والسعودية.
وأضاف: “القوات التي حاكت اللعبة في سوريا تسعى لجذب الجنود الأتراك إلى سوريا عن طريق تصعيد أزمة الاتحاد الديمقراطي من ناحية موقف أنقرة في موضوع كردستان سوريا. إذا نزلت القوات التركية إلى الساحة ستضطر إلى محاربة تنظيم داعش أيضًا، شاءت أم أبت. ويجب قراءة إعادة الحديث عن مذكرة الأول من مارس/ آذار (لعام 2003 لفتح الأراضي التركية للاستخدام الأمريكي في حربه بالعراق) في أنقرة التي تحدث عنها أردوغان مؤخرًا جنبًا إلى جنب مع تصريحات السعودية التي أعرب فيها عن استعدادها لإرسال قوات إلى سوريا”.