إسطنبول (زمان عربي) – الجنة هي نعيم مقيم ينعم أهلها بالأكل والشرب والاستمتاع بالملذات والحور العين ونعم أخرى كثيرة دون عناء. فما هي الحكمة من خلق مكان هادئ يمتلئ بالنعم الدائمة من دون كد أو تعب؟
هناك حقائق ثابتة لا تقبل الجدل وهي أن الشخص الكريم الباسط يديه يرغب في إطعام وسقيا المحتاجين. فصاحب الخزائن الدائمة يريد إغاثة المحتاجين ومساعدة الفقراء. فالشخص المحبوب يريد أن يسعد أحبابه.
يمكننا سرد الكثير من الصفات المشابهة لهذه فكل من يمتلك هذه الصفات يسعد بتقديم العون بدون مقابل. فإطعام وسقيا المولى عز وجل، -وهو صاحب الخزائن الدائمة والمحب للخير والذي وسع كرمه كل المخلوقات- لعباده من أهل الجنة إلى ما لا نهاية هي رغبة صفاته الجميلة تلك.
نعم إنه لاشك في وجود لذة إلهية نجهل كنهها في إدخال الله عباده الصادقين الجنة وتخليدهم فيها وإطعامهم وسقياهم وإظهار جماله على عباده المشتاقين إليه.
فرضا المولى عز وجل لا يشبه رضا عباده مثلما لم تشبه أي من صفاته صفاتهم. فله رضا مقدس يتناسب مع ذاته القدسية التي لا تشعر بحاجة إلى أي شيئ. كما أنه يتصف أيضا بالكمال والجمال اللامتناهي. فهو يريد وجود عباد يشتاقون إليه ويستحسنون جماله بصورة دائمة. لأن الجمال الدائم لا يرضى باشتياق مؤقت.
بمعنى أن كون الناس فقراء ومحتاجين ويعشقون الحياة الأبدية وإدراكهم أنهم مدينون بالشكر تجاه النعم ويعشقون ربهم الذي يعينهم والذي يتصف بصفات الكمال والرحمة والكرم، يتطلب بقاء أهل الجنة في الجنة بصورة أبدية.
وإلا فإن صاحب الرحمة اللامتناهية، التي تحقق رغبات ومطالب حشرة في هذا العالم، لن ينسى ولن يهمل رغبة الإنسان الذي كرمه.وكما لا يعقل لمن يسمع صوت البعوض ألا يسمع دوي المدفع، فكذلك لا يعقل للمولى عز وجل الذي يظهر عطفه ورحمته على عباده بشكل جلي في هذه الدنيا، ألا يعلم حوائجهم الفطرية في العالم الأخروي.