إسطنبول (زمان عربي) – استطاع الملك تحتمس الثالث سادس فراعنة الأسرة الثامنة عشرة في مصر الفرعونية أن ينتصر في نهاية المطاف في المعركة التي استمرت ردحًا من الزمان ضد المملكة الميتانية ليعلن بذلك قوة مصر حسبما هو معروف في العالم. ووقع ذلك قبل ألف وبضعة أعوام من تاريخ هيردوت أو بمعنى آخر في القرن الخامس عشر قبل الميلاد.
وعليه يطلب الفرعون إقامة أحجار كبيرة في معبد الكرنك تخليدًا لذكرى هذا النصر. فسرعان ما نُحتت الصخور وقُلّم حجران ضخمان رقيقان. وبعدها أُقيم الحجران اللذان يمثلان صرح القوّة على جانبي المعبد، ثم يرتفعان إلى السماء لأمتار طويلة. ويأمر تحتمس الثالث بحفر اسمه وحكاية أحداث النصر على كل أجزاء الحجرين بالهيروغليفية لغة الكتابة المصرية القديمة.
وكتب على الواجهة الأولى: “بعدما قدّم تحتمس الثالث ملك مصر العليا والسفلى من الأسرة الثامنة عشرة القربان للإله آمون أمر بتشييد وإقامة هذه الأعمدة بمساعدة حورس في العيد الثلاثين من حكمه بعدما ضم جميع البحار والأنهار تحت لوائه وذلك من أجل أن تجلب الأوقات المزيد من الأعياد”.
بعد ذلك تم حفر قصة الفرعون على كافة أجزاء الواجهة:
بعدما قدم تحتمس القربان في كل عجز ووقار لآمون الذي يتجلى في اسمه الخفي والمقدس، طلب منه المساعدات والعون، واعتزم صديق الجنوب وملك مصر العليا والسفلى الحاكم العظيم على توسعة حدود دولته حتى بلاد مابين النهرين.
وأمر الفرعون الذي اختير من قِبَل الشمس ويملك تاج مصر العليا والسفلى ويحظى بالاحترام والمحبة والقوة الشديدة والثروة والقوة التي يمنحها حورس الذي ينشر في العالم ألوانه الذهبية عند مطلع الشمس بتشييد هذا المعلم من أجل والده رع.
ونثر الفرعون حاكم مصر العليا والسفلى، الذي يحمل لقب ابن الشمس والذي يحظى بإحسان عند الآله حورس، النور على جميع الأفق بفضل عدله وقدرته.وتزعم جيشه. وراح يصول ويجول في المتوسط، وهزم العالم بأسره إلى أن وسّع حدود دولته حتى النهرين وتوجه بعزم إلى بلاد ما بين النهرين، وخاض غمار حروب شعواء.
وتُزين الجزء السفلي من المِسَلّة الكتابات التي تحكي قصة مرحلة إقامتها في المكان الموجودة عليه اليوم.
وبعد مرور قرون طويلة، يطلب قسطنطين الثاني ملك روما إقامة هذه المسلات في مدينتيه الكبيرتين تخليدًا للذكرى العشرين لجلوسه على عرشه. وعليه تم تحميل هذه الأحجار البالغة وزنها أطنانًا على ظهر سفينة وتم نقلها إلى الإسكندرية عبر نهر النيل.
وتُرك إحداها في الإسكندرية وأُرسل الآخر إلى روما. وبعد مرور فترة قصيرة، طلب الإمبراطور الجديد ثيودوسيوس فيعام 390 تزيين عاصمته القسطنطينية بالمسلة الموجودة في الإسكندرية.
وفي نهاية المطاف نُصبت المسلة في عهده في ميدان المدينة. حيث إنه يزيّن ساحة الألعاب الواقعة أمام القصر منذ عصور طويلة. وتم نحت كتابات وصور خلال نصب المسلة على حجر وتم تركيبها أسفل المسلة.
على الرغم من كل هذا الكم من الزلازل والاضطرابات على مدى 16 قرنًا من الزمان لم تتحرك المسلة من مكانها. وتواصل ارتفاعها في شموخ نحو السماء باعتبارها أكبر معلم تاريخي في المدينة وعمره 3500 سنة.