محمد كاميش
عرض المدعي العام الذي أتم التحقيق حول إعلان الحكم الذاتي في بلدة سور بديار بكر أمامنا مدى فظاعة المشهد مجددا من خلال لائحة التهم التي أعدها.
يذكر المدعي العام أنه تم تحديد 293 موقعا حرجا في بلدة سور. حيث ورد في لائحة الاتهام وجود حواجز وخنادق وعراقيل وكمائن مجاري وقنابل مخبأة تحت الأرصفة وأسلاك قنابل متصلة بالبيوت، وكمائن كبيرة من الألغام، وكمائن من الخنادق والحواجز والمواقع في هذه النقاط الخطيرة.
كما ذكرت اللائحة أنه تم نصب كمائن من المتفجرات حول كثير من الأماكن المقدسة كالجوامع والكنائس، وتم وضع راجمات صواريخ في هذه المواقع. في حين أن أكثر من 250 موقعا من بين الـ 293 موقعا نُصبت فيه كمائن من المتفجرات.
إن كيفية نظرتكم إلى هذه الحادثة هي المهمة. فمن جانب نجد أن تنظيما إرهابيا يجعل الحياة اليومية في مناطق يسكنها مدنيون شبه مستحيل، ولكن الجانب الآخر من السؤال هو الأهم: “ما الذي كانت تفعله الحكومة، عندما فعل التنظيم الإرهابي ذلك”؟
فلو كان الأمر يقف عند بضع قنابل أو كمائن لتفهمنا الوضع، لكنهم جهزوا 293 موقعا من هذه المواقع، علما بأنهم نصبوا كمائن متفجرة في أكثر من 250 موقعا من هذه المواقع. لكن المسؤولين لم ينتبهوا إلى ذلك حتى انتخابات 7 يونيو/ حزيران.
ولم تقف لائحة الاتهام عند هذا فحسب. بل أفادت بأن قناصي العمال الكردستاني متمركزون في 8 مواقع من بلدة سور، كما يوجد قناصون برصاص خارق للدروع في 4 مواقع من البلدة. كما يُذكر أنه تم زرع قنابل في كامل المدخلين الأمامي والخلفي لجامع سليمان (رضي الله عنه) ،وفي حال تفجير هذه القنابل قد يتعرض هذا الجامع الأثري لأضرار فادحة.
برأيكم أين كانت الدولة عندما جهز الإرهابيون كل هذه “المشاريع الإنشائية”؟! ألم تعلم وحدات المخابرات بذلك؟ تذكروا أن أحد مسؤولي المخابرات قال في مفاوضات أوسلومع ممثلي منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية: “إننا نعلم أنكم تزرعون المتفجرات في المدن”. وتذكروا مقولة مسؤول آخر في المخابرات: “اذكروا لنا أسماء موظفي الدولة الذين يزعجونكم في شرق البلاد، ونحن سنتصرف معهم”.
فحين بدأت مسيرة السلام، وتمت قراءة رسالة زعيم المنظمة السجين مدى الحياة في تركيا عبد الله أوجلان أمام مئات الآلاف من الناس في ديار بكر، وحين صرح الكردستاني بأنه سينسحب من المدن، كانت التقارير المقدَّمة لمجلس الأمن القومي التركي ورئاسة الوزراء تذكر بأن الكردستاني مستمر في التسليح، ويكدس الأسلحة والذخائر في البيوت استعدادا لحرب المدن، ويخبِّئ آلاف الأسلحة والقنابل في البيوت. فتذكروا أننا كلما كنا نحذر نحن الصحفيين من ذلك حينها، كنا نُتَّهم بأننا نحب السلاح وإراقة الدماء.
ونحن نرى مرة أخرى من خلال هذه اللائحة التي أعدها المدعي العام، أن الكردستاني قد كدَّس الأسلحة في سور وغيرها من المدن، وأن الإدارة السياسية تغاضت عن ذلك كله. كما أن المطالبة بدعم سياساتها التي تغيرت فجأة بعد انتخابات 7 يونيو/ حزيران، دون دفع ثمن هذا الخطأ الجسيم المتعمد، أمر غير منطقي وغير مفهوم. لكن شهداءنا ومواطنينا الأبرياء هم الذين يدفعون ثمن التسيب الكبير لمسؤولي العدالة والتنمية.