باريس (وكالات) – كشفت استقالة وزيرة العدل الفرنسية كريستيان توبيرا اليوم الأربعاء عن حجم الانقسام الذي يسود الغالبية الاشتراكية الحاكمة ومجمل مكونات اليسار حيال سياسة الرئيس فرانسوا هولاند وحكومته في التعامل مع قضايا الهوية والهجرة والإرهاب.
وسبق لوزيرة العدل الفرنسية أن أعلنت أكثر من مرة أنها تعارض اقتراح الحكومة بإسقاط الجنسية عمن يثبت تورطهم بقضايا إرهاب، وتأتي استقالتها في نفس يوم عرض المشروع على النواب.
وعلقت توبيرا على استقالتها قائلة بأن” المقاومة تكون بالصمود أحيانا وبالرحيل أحيانا أخرى…لتكون الكلمة الفصل للأخلاقيات والحق” وهي بذلك تدين موقف سياسة رئيس وحكومة حزبها الذي لطالما بنى خطابه الانتخابي والسياسي على مهاجمة الأطروحات اليمينية المتشددة في التعامل مع قضايا الهجرة والهوية، بالرغم من مبادرة الرئاسة إلى إصدار بيان يشير إلى أن رحيل الوزيرة جاء بقرار متوافق بينهما.
وأقر البرلمان الفرنسي في اعقاب هجمات باريس تعديلا أوليا يكرس حالة الطوارئ لفترات متجددة ويسمح لمصالح الأمن بتنفيذ مداهمات وفرض الإقامة الجبرية على أفراد وجمعيات دون العودة إلى القضاء، بمجرد الاشتباه في أنهم يشكلون تهديدا على الأمن العام.
ويصر هولاند على تمرير تعديل دستوري يسمح بسحب الجنسية ممن يحملون جنسية مزدوجة ويدانون في قضايا الإرهاب، احدى أهم الخطوات التي أعلنها عقب هجمات باريس التي تبناها تنظيم “داعش” وأودت بحياة نحو 130 شخصا، وانتقدت شخصيات اشتراكية وحقوقية عديدة الخطوة وتساءلت عن جدوى العقوبة لأنها “موجودة أصلا في القانون المدني الفرنسي بالنسبة للأشخاص الذين يرتكبون جرائم خطيرة جدا”.
وسبق القضاء الفرنسي أن أقر قرارات حكومية بإسقاط الجنسية عن أئمة وأشخاص مدانين في قضايا إرهاب أو متهمين بالترويج لما يسميه القانون الفرنسي الخطاب المتطرف، ودعت منظمات حقوقية إلى تعويض سحب الجنسية بحرمان المدان بعد أن يغادر السجن من حقوقه المدنية بل طالب البعض بتوسيع العقوبة لتشمل أيضا الأصليين الذين يحملون جنسية واحدة في حالة تورطهم في قضايا إرهاب، ومشروع القانون الجديد يميز بين الفرنسيين ويستهدف بالأساس ذوي الأصول الإسلامية، ولا يكترث هولاند لهذه الانتقادات خاصة بعد ان توافقت معظم استطلاعات الرأي على دعم الفرنسيين للقانون ولمجمل القرارات التي اتخذها بعد التفجيرات، ويسعى هولاند بحسب مراقبين ليجعل من سياسته الأمنية عماد حملته الانتخابات الرئاسية القادمة بعد حوالي عام.