عمر نورالدين
ماذا يجري في تركيا؟.. سؤال فرض نفسه داخل تركيا وخارجها مع تطور الأحداث بشكل متسارع فور الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية في 7 يونيو/ حزيران الماضي، والتي أسفرت عن تحجيم حزب العدالة والتنمية بسلبه القدرة على تشكيل الحكومة منفردا بعد 3 دورات متتالية.. وإسقاط الإرادة الشعبية لمشروع أردوغان الرئاسي ” بالنكهة التركية”.. ما يجري في تركيا كأنه انقلاب، لكن في ثوب مدني، يقوده من يتحدثون دائما عن إرادة الشعب ويختزلون الديمقراطية في صناديق الانتخابات.
حسنا، لماذا لم يحترم هؤلاء صناديق الانتخابات، ولماذا رفضوا الانصياع لها عندما لم تأت بما يشتهون، أو بما يطمعون؟.. الإجابة ببساطة هي أن الانصياع لإرادة [one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]من يعيدون تصميم تركيا ورسم صورتها لتتناسب معهم فقط ولتكون على مقاسهم الشخصي لم تعجبهم قطعا نتيجة الانتخابات، ولذلك وضعوا خطة الانقلاب على ما جاءت به الصناديق، وليس مهما هنا حجم التضحيات، سواء التضحية بسلام البلاد واستقرارها أو بأرواح العشرات من أبنائها في حرب داخلية لا طائل من ورائها، أو نقل البلاد إلى حقبة متوترة يعاد فيها أداء المشاهد القديمة نفسها بإخراج جديد للصراع بين الجيش لتركي ومنظمة حزب العمال الكردستاني، لتصبح الحرب وقودا يتغذى عليه الساسة والطامعون في الحكم الفردي، وتأسيس الديكتاتورية في تركيا التي يقولون عنها ” تركيا الجديدة” .[/box][/one_third]الشعب وما عبرت عنه في صناديق الانتخابات كان من شأنه أن يفتح الطريق لفتح ملف التحقيقات في قضايا الفساد والرشوة التي تفجرت في 17 و25 ديسمبر/ كانون الأول 2013، والتي ستظل بقعة سوداء في ثوب حزب العدالة والتنمية، وستظل تهديدا يحيط بأعناق من كانوا على رأس السلطة في هذه الفترة، وليس فقط الوزراء الأربعة الذين استقالوا بسبب هذه الفضيحة المدوية التي لم تشهد تركيا مثيلا لها من قبل والذين فرضت من أجلهم حماية خاصة عن طريق الحيلولة دون إحالتهم لمحكمة الديوان العليا .. التي لو كانوا دخلوها لسببوا باعترافاتهم زلزالا كان سيطيح بأكبر الرؤوس في الدولة.
ليس هذا فحسب، لكن من يعيدون تصميم تركيا ورسم صورتها لتتناسب معهم فقط ولتكون على مقاسهم الشخصي لم تعجبهم قطعا نتيجة الانتخابات، ولذلك وضعوا خطة الانقلاب على ما جاءت به الصناديق، وليس مهما هنا حجم التضحيات، سواء التضحية بسلام البلاد واستقرارها أو بأرواح العشرات من أبنائها في حرب داخلية لا طائل من ورائها، أو نقل البلاد إلى حقبة متوترة يعاد فيها أداء المشاهد القديمة نفسها بإخراج جديد للصراع بين الجيش لتركي ومنظمة حزب العمال الكردستاني، لتصبح الحرب وقودا يتغذى عليه الساسة والطامعون في الحكم الفردي، وتأسيس الديكتاتورية في تركيا التي يقولون عنها ” تركيا الجديدة” .
في داخل الخطة الكثير من التفاصيل المزعجة، أبرزها عدم الالتفات إلى تردي الأوضاع الاقتصادية، وزيادة مساحة الفقر والجوع، أو تراجع تصنيف تركيا الائتماني، أو تهاوي معدل النمو وزيادة البطالة وفرار الاستثمارات، أو حالة الخوف والفزع التي تسيطر على المجتمع بسبب ظهور شبح الإرهاب وإلقائه بظلاله الثقيلة على البلاد من جديد، لأن كل ذلك مقصود.. ولأن هناك في تركيا الآن من يردد ما قاله ديكتاتوريون أسقطتهم شعوبهم من قبل :” أنا أو الفوضي”.
كان مؤسفا حقا أن يقرأ الناس خبرا حمل صدمة كبيرة للمشاعر، عندما اتصل رئيس الجمهورية بأسرة أحد الشهداء معزيا ، فإذا جراح الناس تتحدث وآلامهم تنفتح وتصرخ بأن ما يجري في تركيا كله لصالح مشروع أردوغان الخاص، لكن الرد كان مؤلما حقا عندما سأل أردوغان شقيقة أحد الشهداء من الجنود: ” هل أجبره أحد على اختيار هذه المهنة”.
ربما لم يجبر أحد هذا الجندي بالفعل على اختيار هذه المهنة، لكن حتما هناك من أجبروه على الموت في وقت كان يمكن لتركيا أن تتجنب هذا السيناريو الأحمق لاستدعاء[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]هل في تركيا الآن من لا يدرك أن ما يجري في البلاد وما يتم اللجؤ إليه من تكتيات على شاكلة فشل مشاورات تشكيل الحكومة الائتلافية، ثم الإعلان عن الانتخابات المبكرة في مطلع نوفمبر/ تشرين أول المقبل، واللجوء إلى تشكيل حكومة أقلية للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية التركية، وتصميمها لمحاولة النيل من شعبية حزبي الحركة القومية والشعوب الديمقراطي، إنما يهدف بالأساس إلى الوصول إلى هدف شخص واحد وتحقيق حلمه بنظام رئاسي بالنكهة التركية؟[/box][/one_third] الإرهاب وجعله واقعا من أجل التهديد بالفوضى إذا لم يكن العدالة والتنمية على رأس السلطة منفردا.
ولأنه لابد من تبرير، فقد خرج مفتى إسطنبول سريعا بفتوي تطالب أهالي الشهداء بأن يلجموا أنفسهم ويكتموا أصواتهم حتى من البكاء على فراق فلذات أكبادهم، بدعوى أن البكاء والنحيب سيحرم شهداءهم م دخول الجنة.. إنه مخطط للسيطرة على العقول، وجعل الناس ترضى بأن تتجرع المر وهم صامتون.
هل في تركيا الآن من لا يدرك أن ما يجري في البلاد وما يتم اللجؤ إليه من تكتيات على شاكلة فشل مشاورات تشكيل الحكومة الائتلافية، ثم الإعلان عن الانتخابات المبكرة في مطلع نوفمبر/ تشرين أول المقبل، واللجوء إلى تشكيل حكومة أقلية للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية التركية، وتصميمها لمحاولة النيل من شعبية حزبي الحركة القومية والشعوب الديمقراطي، إنما يهدف بالأساس إلى الوصول إلى هدف شخص واحد وتحقيق حلمه بنظام رئاسي بالنكهة التركية؟
ربما يكون هناك من يغمضون أعينهم، أو حتى يعصبونها بشريط أسود، لأنهم يرفضون رؤية الحقيقة أو لأن ولاءهم لشخص بيده مصالحهم يدفعهم إلى هذا السلوك، لكن هناك في المقابل صدورا تغلي بنيران فقد الأحبة من الأبناء والأزواج والأقارب، وهناك من يصمتون بينما لا يعني صمتهم الإقرار بصحة ما يرون .. هؤلاء يعرفون أن تركيا يعاد تصميمها من أجل شخص واحد، وهؤلاء من سيقولون كلمتهم في أي انتخابات.. حتى وإن وصلت تركيا إلى درجة التشبع من كثرة ما توجهت إلى صناديق الاقتراع في العامين الأخيرين .. فكل مغامرة ولها عواقب.