دوغان أرتوغرول
تشهد العلاقات التركية الإسرائيلية، التي تعيش ربيعها الثاني، مفاجآت جديدة حيث أفاد كاريل فالنسي خبيرة الشؤون الخارجية في صحيفة شالوم الناطقة بلسان اليهود الأتراك والصادرة في إسطنبول باللغة التركية التي نشرت مسبقا دلائل حول تحسن العلاقات بين إسرائيل وحكومة العدالة والتنمية أن تسريب تفاصيل اجتماع زيورخ كشف الطرفين على حين غرة.
وأجابت فالنسي على أسئلة دوغان أرتوغرول من صحيفة” زمان” على النحو التالي:
– برأيك كيف اتخذت حكومة العدالة والتنمية خطوة متطرفة لهذه الدرجة للتصالح مع إسرائيل؟
التطورات في الشرق الأوسط واضحة وجلية. بالنسبة لي الطرفان كانا ينتظران الوقت المناسب لتطبيع العلاقات بينهما. فالبلدان كانا في شغل شاغل بالانتخابات. وقبل الانتخابات الأخيرة التي شهدها البلدان كان هناك تساؤل ما إذا كانتا تشهدان تغييرا فعليا. لكن كل من نتنياهو والعدالة والتنمية ضمنا بقاءهم في السلطة والطرف الآخر كان قد أدرك هذا الأمر.
– خلال هذه المباحثات إسرائيل فتحت موانئها لتركيا، هل انعكست تجارة النفط على الرأي العام الإسرائيلي؟
منذ اندلاع الأزمة الروسية توقفت التجارة البرية مع تركيا، واستطاعت تركيا مواصلة تجارتها إلى العالم العربي من خلال رحلات رورو التي كانت تقوم بها إلى موانئ إسرائيل وعلى رأسها ميناء حيفا. وانعكست جميع الادعاءات التي نتحدث عنها على الرأي العام الإسرائيلي.
ما لفت انتباهي خلال زيارتي لتل أبيب في الربيع هو أن لا أحد كان يتوقع صلحا بين تركيا وإسرائيل. وكنت قد أكدت في مقالي يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني أن الشعب الإسرائيلي يدعم إحتمالية الوساطة في اللقاءات مع سوريا وداعش وفلسطين وإصلاح العلاقات مع تركيا لأسباب مختلفة كالغاز الطبيعي والسياحة لكن يصعب القول بأن الوضع عينه ينطبق على الرأي العام التركي.
– برأيك هل من المحتمل أن تتراجع الحكومة عن هذا التصريح؟
لا أعتقد. فعقب تصريحات المتحدث باسم العدالة والتنمية عمر تشيليك بأن الشعب الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية أصدقاء لتركيا يتم الإدلاء بتصريحات داعمة للقاءات بين تركيا وإسرائيل. فعلى سبيل المثال ما قاله بولنت أرينتش في إجابته على السؤال المتعلق بإسرائيل أن الأولوية هي المصالح القومية في السياسة الخارجية وأن جنوب تركيا مشتعل والوضع مع روسيا جلي وأن تركيا بحاجة إلى حلفاء وصداقات وإجراءات من شأنها أن تحميها.
– عمر تشيليك استخدم عبارة”إسرائيل صديقتنا”، ألا ترين أنها مبالغة؟
تصريح عمر تشيليك كان صريحا إلى حد ما. لكن ردود الفعل بشأن هذه الكلمات واحتمالية توقيع اتفاقية أظهرت أن قطاعا من الشعب التركي لم يكن مستعدا لأمر كهذا. ربما كان تسرب اللقاءات إلى وسائل الإعلام وضعا غير مستحب للطرفين لكنه كان فرصة جيدة لقياس رد فعل العامة.
عند ربط اسم إسرائيل لفترة طويلة بالإرهاب وقتل الأطفال وإظهار القضية الفلسطينية قضية دينية فإن ترسخّ هذا المفهوم أمر لا مفر منه،وسيتطلب الأمر بذل جهود لتغيير هذا المفهوم.
– ألا يوجد احتمال ليعاود العدالة والتنمية استخدام عباراته المعادية لإسرائيل في حال انخفاض حدة الأزمة الروسية؟
بالنسبة لي لقاء روما في شهر يونيو/حزيران الماضي كان نقطة تحول في المباحثات بين تركيا وإسرائيل. ولم يكن يوجد آن ذاك أزمة مع روسيا. ولهذا لا أعتقد أن يحدث تراجع في هذا الموقف.لكن تسرب التفاصيل إلى وسائل الإعلام يتطلب الإسراع في توقيع الإتفاقية دون إضاعة وقت.
– ذكرت أن أردوغان سيزور غزة عبر إسرائيل. هل هذا تخمين منك أم لديك معلومات مؤكدة بهذا؟
عملت على تجميع أجزاء الأطروحة. وتوصلت إلى أن تركيا لن تتنازل عن شروطها الثلاثة فقد اعتذرت إسرائيل بالفعل وأعتقد أنهم سيتفقون بطريقة ما على مقدار التعويض التي ستدفعه لضحايا مافي مرمرة ولم يبق سوى رفع الحصار عن قطاع غزة.
عند النظر من جانب إسرائيل نجد أنها أعلنت بشكل قطعي أنها لن ترفع الحصار البحري عن قطاع غزة. وفي هذه الحالة يظل الخيار الوسطي هو تسهيل إجراءات المعابر الحدودية برا. وبالنسبة لتركيا تسهيل إجراءات هذه المعابر أي تسهيل دخول رؤوس الأموال التركية إلى قطاع غزة يعني وصول المساعدات التركية لسكان القطاع بسهولة أكثر وأن تركيا ستصبح دولة مهمة وصاحبة كلمة في إعادة إعمار قطاع غزة من جديد. وأعتقد أن أردوغان يرغب في إظهار دعمه للشعب الفلسطيني من خلال بنائه المستشفيات والجوامع والمباني والمنازل، في غزة، وتقوية موقف تركيا بزيارته إلى قطاع غزة.
– حسنا، ماذا عن تصريحات أردوغان والعدالة والتنمية المعادية لإسرائيل خلال السنوات الأخيرة؟
برزت في السنوات الأخيرة القرارات العاطفية في العلاقات بين الدولتين والتصريحات المتعلقة بالسياسة الداخلية. أصبحنا في مرحلة تبرز فيها المصالح المشتركة وتفرض على الطرفين أن يكونا نفعيين. وعند النظر إلى الأحداث التي تجري في سوريا ولكنها تفيض إلى العالم فإن تركيا بحاجة إلى حليف قوي ومستقر في جنوب سوريا. فعلاقاتها العسكرية والدبلوماسية مهمة جدا والوضع كذلك بالنسبة لإسرائيل.
– ألا تعتقدين أن قيام أردوغان بزيارة قطاع غزة عبر إسرائيل بحصوله على إذن من السلطات الإسرائيلية بعدما عجز عن القيام بها عبر مصر يعد مشكلة بالنسبة للقاعدة الشعبية للحزب وسكان غزة وحماس؟ كيف ستبرر الحكومة هذا؟
أعتقد أن المباحثات مع إسرائيل ستتصدر الرأي العام العالمي إذا ما أفضت إلى نتائج إيجابية. فزيارة أردوغان لقطاع غزة ستكون تطورا مهما لدرجة ستختفي التفاصيل. وخصوصا أنه لا يوجد خيار آخر في ظل عدم تحسن العلاقات التركية مع مصر. فأمير قطر كان قد دخل غزة عبر مصر. وفي حالة حدوث هذا فإن أردوغان سيكون أول رئيس دولة يدخل غزة عبر إسرائيل. والسؤال هنا هو هل ستسمح إسرائيل بحدوث هذا أم لا. وسنتمكن من معرفة هذا فقط بعد تطبيع العلاقات وعودة السفراء إلى مهامهم.
– لماذا لم توافق إسرائيل على هذه الخطوة؟ هل تمثل خطورة سياسية بالنسبة لنتنياهو؟
لم تسبق أن وافقت إسرائيل على مثل هذا وستكون هذه المرة هي الأولى. وبالتالي يجب عليهم مبدئيا اتخاذ قرار متسائلين هل سنسمح بعبور رئيس أجنبي. ثانيا الشعب الإسرائيلي على دراية بأقوال العدالة والتنمية المعادية لإسرائيل. لهذا يجب حساب أبعاد تنفيذ قرار كهذا جيدا.
– ذكرت أن حماس أيضا أرادت ترحيل العاروري. فما مصدر هذه المعلومة؟
نُشرت أنباء مختلفة في هذا الشأن.فقد ذكر الإعلام التركي أولا أن العاروري ترك البلاد بمحض إرادته لكن الجانب الإسرائيلي صرّح بأن تركيا هي من رحّلت العاروري خارج حدودها. وأعتقد أن قادة حماس كانوا يشعرون بالقلق من قوة العاروري. ولهذا لم يبدوا رد فعل كبير على أنباء ترحيله.
– إذن لماذا سبق رئيس الوزراء الإسرائيلي الجانب التركي وأعلن هذا أولا؟
تسريب تفاصيل اجتماع زيورخ إلى وسائل الإعلام كشف الجميع على حين غرة. فالجانب التركي كان يريد حل قضية العاروري في صمت وهدوء. لكن كان يجب على نتنياهو أن يعلن هذا لشعبه. هناك نقاشات بشأن تعويضات تقدر ب20 مليون دولار وأراد نتنياهوا إقناع شعبه بأنهم سيدفعونها لكنهم جعلوا الجانب التركي يرحل العاروري خارج تركيا.
– لماذا هذه الاتفاقية مهمة لإسرائيل أو نتنياهو؟
إسرائيل تريد صديقا لها في الجوار بأي حال من الأحوال. ومنذ تأسيسها لديها علاقات مع تركيا تحافظ عليها بطريقة أو بأخرى. فالعلاقات الدبلوماسية بين البلدين كانت دائما متذبذبة،ولكن البعد التجاري والاستخباراتي لعلاقاتهما كانت مستمرة وأرادا أن يضيفا البعد العسكري من جديد ويوجد موضوع الغاز الطبيعي. وتتزامن أيضا مصالحهما المشتركة كما تتشابه التهديدات التي تواجهانها.
– تقولين إن نتنياهو يستهدف عام 2023. العدالة والتنمية أيضا يستهدف 2023 أليست هذه صدفة غريبة؟
نعم اهتمام كلا الطرفين بعام 2023 صدفة مثيرة. فنتنايهو هذه الأيام يناقش إجراء انتخابات مبكرة داخل حزب الليكود لضمان استمرار رئاسته للحزب حتى عام 2023.