اسطنبول 27 ديسمبر كانون الأول (رويترز) – انفجر أطفال غادة
الخمسة في البكاء رعبا عندما اقتحمت الشرطة الشقة البائسة التي
يعيشون فيها في اسطنبول عند الفجر وأمرت الأسرة بركوب حافلة دون
حتى أن تفصح عن السبب.
كانت أسرة غادة (36 عاما) المكونة من سبعة أفراد من مدينة حلب
في شمال سوريا بين مجموعة من اللاجئين الذين اعتقلتهم الشرطة قبل
أسبوعين وأرسلوا إلى مركز احتجاز في الشطر الآسيوي من المدينة حيث
أمضوا عدة أيام تحت حراسة الشرطة تحيط بهم أسوار عالية فوقها أسلاك
شائكة.
وقالت غادة وهي تجلس مع أطفالها في شقتهم بالدور السفلي في
إحدى الضواحي الفقيرة في اسطنبول حيث تعيش الآن مع أسرة أخرى بعد
الإفراج عنهم بمساعدة أصدقاء “كأننا كنا مجرمين.”
وتقول منظمات الإغاثة ومنظمة العفو الدولية إن السلطات التركية
تعتقل العشرات وربما المئات من المهاجرين السوريين من الشوارع
وأحيانا تستهدف المتسولين وترسلهم إلى مراكز الاحتجاز.
وتقول المنظمات إن هذه العملية أسفرت عن ترحيل البعض إلى سوريا
رغما عنهم. وقالت منظمة العفو الدولية الشهر الماضي إنها أجرت
مقابلات مع 50 أسرة لاجئة احتجزتها الشرطة. وأضافت أن السلطات رحلت
أكثر من 100 أسرة.
وتنفي تركيا أنها ترغم اللاجئين على العودة إلى سوريا وتقول
إنها لا تحتجز إلا السوريين الذين تربطهم صلات بجريمة.
وقال مسؤول حكومي كبير مشترطا عدم الكشف عن هويته لحساسية
الموضوع سياسيا إنه يجري نقل اللاجئين الذين تربطهم صلات بعصابات
إجرامية إلى مخيم في منطقة دوزيجي بمحافظة عثمانية في جنوب تركيا
حيث تقيد حركتهم للحفاظ على النظام العام.
ووصف المسؤول هذا الإجراء بأنه جزء من “حملة على الجريمة
المنظمة” تشمل أقل من واحد في المئة من اللاجئين السوريين البالغ
عددهم 2.2 مليون لاجيء.
وفي حين أن جانبا كبيرا من العالم الغربي لم يدرك حجم أزمة
اللاجئين سوى خلال فصل الصيف عندما غادر مئات الآلاف من السوريين
تركيا متجهين إلى أوروبا فقد كانت تركيا تتبع سياسة الباب المفتوح
أمام اللاجئين السوريين منذ أوائل عام 2011 كما أنفقت أكثر من
ثمانية مليارات دولار على المساعدات الانسانية للسوريين.
وأقامت تركيا مخيمات للاجئين تعتبر من بين أفضل المخيمات في
العالم ووفرت لهم الرعاية الصحية والتعليم. لكن معظم اللاجئين
يعيشون خارج المخيمات حيث لا يسمح لهم بالعمل بصفة قانونية.
وقالت غادة عن مداهمة الشرطة لمنزل أسرتها “كانت الشرطة تطرق
الباب وكأنها تريد كسره. ارتعبنا ولذلك لم نفتحه. ثم عاملونا
وكأننا ارتكبنا جريمة. ولم يفسروا لنا السبب أو يقولوا أين كانوا
سيأخذوننا.”
وألقت الشرطة أيضا القبض على آية (25 عاما) التي تقيم اسرتها
المكونة من أربعة أفراد في الشقة الصغيرة نفسها بالدور السفلي ثم
أفرجت عنها دون أي تفسير.
وقالت آية وهي تحمل طفلتها التي كانت تسعل بين ذراعيها “لسنا
مجرمين. لم نرتكب أي أخطاء.”
وقالت إنها تفضل البقاء في تركيا على أن تجرب الأسرة حظها في
أوروبا التي تبدو أكثر اختلافا.
وأضافت “نحن نشعر بالفعل كالغرباء هنا. وإذا ذهبنا إلى هناك لا
نستطيع أن نتصور كيف ستبدو. لسنا متسولين. نحن بشر نعمل بكرامتنا.
نحن فقراء لكننا لا نؤذي أحدا.”
* مركز إيواء
ويتولى حراس سريون ورجال الشرطة وقوات مكافحة الشغب حراسة مركز
الاحتجاز الذي كانت الاسرتان محتجزتين فيه وهو عبارة عن مبنى كبير
في حي بنديك الذي تسكنه الطبقة العاملة في شرق اسطنبول. وقد منع
الحرس رويترز من دخول المركز.
وقال مسؤول عند الباب إنه يستخدم “كمركز لإيواء السوريين قبل
نقلهم إلى مخيم في عثمانية” تقول الحكومة إنه يضم اللاجئين الذين
تربطهم صلات بعصابات الإجرام.
وقال صاحب مطعم للوجبات السريعة في المنطقة إن المركز أصبح
نشطا قبل عام. وأضاف أن حافلتين على الأقل تقلان لاجئين إلى المركز
كل أسبوع. وقال إنه شاهد ذات مرة رجلا يحاول الهرب عبر الأسلاك
الشائكة.
وأضاف أن السوريين يأتون في كثير من الأحيان لطلب الإفراج عن
أقارب محتجزين بالمركز. وكثيرا ما يعودون دون أن تتحقق رغباتهم.
وقالت غادة إن السوريين في المركز يعتقدون إنهم إما سيرسلون
إلى اقليم عثمانية أو ترحلهم السلطات إلى سوريا. وقال مسؤولو إغاثة
إن اللاجئين يرغمون عند وصولهم إلى عثمانية إما على البقاء في
المخيم طوال إقامتهم في تركيا أو يوقعون وثائق تفيد أنهم سيعودون
إلى سوريا بمحض إرادتهم.
* الاتحاد الاوروبي يسعى لفرض قيود على الهجرة
وقد اكتسبت معاملة تركيا للاجئين السوريين اهتماما دوليا منذ
أن جازف نحو نصف مليون لاجيء بحياتهم وغادروا تركيا بحرا سعيا
للوصول إلى اليونان هذا العام.
وتحت وطأة تدفق اللاجئين طلب الاتحاد الاوروبي من تركيا تشديد
الرقابة على حدودها والحد من أعداد المغادرين وذلك مقابل مساعدات
واستئناف المحادثات بشأن ضم تركيا إلى عضوية الاتحاد.
وإذا قلت أعداد اللاجئين المهاجرين إلى أوروبا فقد يؤدي ذلك
إلى زيادة الضغط على السلطات التركية لضمان إبعادهم عن شوارع
تركيا.
وقال فولكان جورنداج من منظمة العفو الدولية إن الاعتقالات
تزايدت فيما يبدو منذ توصلت أنقره إلى اتفاق مع بروكسل. وأضاف أن
أوروبا عليها التزام أن تضمن أن شركاءها الأتراك لا يخالفون حقوق
الانسان وقال “إنه لأمر صادم أن تستخدم أموال الاتحاد الاوروبي في
تمويل برنامج احتجاز غير مشروع وإعادة” اللاجئين.
وقال مسؤول إغاثة مطلع على عمليات الاحتجاز إن كثيرين من
المستهدفين كانوا يتسولون في تركيا وهي وسيلة شائعة يلجأ إليها
اللاجئون كي يقيموا أودهم حيث أنهم ممنوعون من البحث عن عمل.
وأضاف المسؤول أن عشرات الأسر اعتقلت في واحد من أكثر أحياء
اسطنبول حركة.
وتابع “وهذا يحدث كل يوم. إذا أخذوا شخصا من منطقة معينة
فسيستمرون حتى يتم تطهير الحي كله.”