محمد كاميش
كتب الصحفي بجريدة” حريت” تولجا طانيش أن الدعوى التي رُفعت بحقه قبل عدة أيام قد أسقطت.
وكان طانيش قد أورد بعض الادعاءات المتعلقة بنقل النفط الكردي، ذاكرا اسم “برات ألبايراق” وزير الطاقة الجديد صهر الرئيس رجب طيب أردوغان، وذلك في كتابه “POTUS&Beyefendi”.
وعلى أثر ذلك رفع أردوغان وصهره ألبايراق دعوى قضائية بحق طانيش. ولكن المدعي العام قال إزاء هذه الدعوى: “لا مجال للملاحقة”. وأمر بعدم ملاحقة طانيش.
وذكر طانيش في زاويته الصحفية أن هذا القرار يدل على صحة المعلومات والوثائق التي أوردها في كتابه، ولا سيما المعلومات المتعلقة بتسويق النفط الغامض.
ومن المثير أن يتسلم ألبايراق الذي ورد اسمه في عمليات نقل النفط الكردي التي تحدث عنها طانيش في كتابه المذكور، منصب وزير الطاقة في الحكومة الجديدة التي تشكلت يوم أول من أمس.
إن تركيا صارت حبيسة داخل طوق ناري يحترق منذ سنوات عدة، ولا تدرك جيدا ما يجري حولها على أرض الواقع. وقد زاد إسقاط الطائرة الروسية، وردة الفعل الروسية من اشتعال هذا الحريق. علما بأن الأخبار التي أوردتها وكالة الأناضول للأنباء حول الاضطرابات التي شهدها جبل التركمان، كانت تنذر بوقوع أزمة بين البلدين.
وينبغي التنويه بأن كل أزمة تمر بها تركيا، تعيق عودتها إلى وضعها الطبيعي. حتى إنه ليس هناك احتمال في ظل هذه الظروف لعودة تركيا إلى طبيعتها، وإعادة تفعيل القوانين بشكل أو بآخر لتغدو دولة دستورية. فالعودة إلى الوضع الطبيعي تعني تسليط الضوء على المناطق الرمادية، والبدء بالتساؤل عما يجري حولنا. وحين نمر بمرحلة غير طبيعية، يبدأ التساؤل عن وجود شرائح في تركيا لها تأثير في التجارة التي تسيطر عليها داعش ولا سيما تجارة النفط. كما سيجري البحث عن إجابات للأسئلة المتعلقة بالأسلحة التي أُدخلت إلى سوريا، والأموال التي أنفقت على اللاجئين السوريين. ويجب على وحدات الرقابة في الدولة أن تتقصى هذه الأمور.
ولاشك في أن لغة الكراهية الموجهة إلى حركة الخدمة هي من أهم وسائل تشكيل المناطق الرمادية. وفي ظل كل هذه الاضطرابات التي تحيط بنا، يتم إلهاء الرأي العام بالضغوط الممارسة على رجال الأعمال الذين يقومون بأعمال خيرية، وإلقاء القبض على الذين نذروا أنفسهم للخدمات التعليمية. وتتعرض وسائل الإعلام للمصادرة أو إخراجها من القمر الصناعي بذرائع مختلفة لا أصل لها، من أجل التهرب من مثل هذه التساؤلات الحرجة فقط. والسبب الكامن وراء كل هذه العمليات هو الحيلولة دون طرح هذا السؤال: “ما الذي يجري حولنا”؟
كما أن انتشار الفوضى في جنوب شرق تركيا، وفرض حظر التجول في بعض المدن منذ أيام عديدة، ليضيق الناس ذرعا بالحياة، وعدم إجراء امتحانات الانتقال للمرحلة الدراسية الإعدادية في عدد من البلدات، تشير لنا بأن الأمور تخرج عن السيطرة يوما بعد يوم.
وثمة غموض واضح أمامنا فيما يتعلق بمصير العلاقات التركية الروسية بعد إسقاط الطائرة الروسية، ومدى تأثير ذلك في تركيا. كما أنه ليس من المعلوم إلى جانب من ستقف الدول الغربية حيال الأزمة بين تركيا وروسيا. ذلك لأن داعش التي تهدد العالم الغربي بأسره، هي أيضا مشكلة كبيرة أخرى.