فنلندا (زمان عربي) أنهى العلامة عبد الله بن بيّه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة ومقره أبو ظبي زيارة للعاصمة الفلندية هلسنكي دامت ثلاثة أيام.
تأتي هذه الرحلة استجابة لدعوة تلقاها رئيس المنتدى من وزير الخارجية الفنلندي للمشاركة في مؤتمر “المصالحات والحوار الوطني” الذي عقدته الوزارة في الفترة ١٦-١٨ من نوفمبر الجاري.
مؤتمر “المصالحات و الحوار الوطني “
أدان ابن بيه حوادث باريس وطالب بحل قضية الأقلية المسلمة في ميانمار وهنأ تونس على مسارها التصالحي
في افتتاحه المؤتمر بدأ العلامة بن بيّه كلمته بإدانة لحوادث القتل والاعتداء التي تستهدف الأبرياء في أنحاء العالم، ومن بينها الأحداث التي ضربت مؤخراً العاصمة الفرنسية باريس.
في سياق آخر رحب الشيخ بمشاركة وفد من ميانمار في المؤتمر داعياً أن تكون الانتخابات البورمية الأخيرة بداية لإنصاف الأقلية المسلمة المضطهدة منذ زمن طويل في هذا البلد، كما هنّأ الوفد التونسي المشارك في المؤتمر على المسار العقلاني التصالحي الذي سلكته البلاد.
وقد تمحورت كلمة العلامة حول دور المنظمات غير الحكومية في تحقيق السلام والمصالحات في العالم، حيث أوضح أن عمل المنتدى يتركز على المجال الديني، فالمنتدى ينطلق أولاً من معالجة نظرية، تتعلق بنصوص دينية، لتقديم الدواء المضاد: الذي يتمثل في «نصوص مواجهة». ثم يقوم بترشيح التأويل الصحيح.
كما يعقد المنتدى ندوات ومؤتمرات، لتوثيق الصلة بالمراجع الدينية، لإعطائه الصبغة الأكثر ثقة ومصداقية. كما يهتم المنتدى بتدريب الأئمة الذين يمكن أن يكونوا وسطاء، لهم مكانتهم في المجتمع ويقومون بدورهم، مع كل ما يكتنف ذلك من الصعوبات، ويهدف هذا التدريب إلى تكوين عقلية منفتحة على رؤية المشتركات، ومن هناك تتم مرافقة هؤلاء الأئمة في رحلة الدعوة إلى السلم سواء عن طريق وسائل الإعلام أو وسائل الاتصال، أو من خلال ندوات وورشات.
وقد اعتبر العلامة بن بيّه في ختام كلمته، هذا المؤتمر والأنشطة المماثلة له فرصة للعمل معاً وتبادل الخبرات والتجارب، ولتعلم كيفية استغلال طاقات المجتمع المدني، لنشر ثقافة السلم والحوار، و لحرمان الفكر المتطرف من الحواضن الشعبية.
وبهذه المناسبة حث الحكومات للانخراط في العمل الثقافي، باعتباره أهم وسيلة لمكافحة الإرهاب والتطرف، كما جدد الدعوة لتخصص ميزانيات للسلام كما تخصص موازنات للحرب.
بعد كلمته تم فتح الحوار بين العلامة بن بيّه والمشاركين في المؤتمر حيث تناولت الأسئلة موضوعات السلام والأقليات في العالم وطرق مكافحة الأفكار المتطرفة.
زيارة لوزارة التعليم:
ابن بيه: التعليم قد يمثل حلاً مهماً لمشاكل المنطقة العربية والإسلامية.
في إطار هذه الزيارة أيضاً قام العلامة عبد الله بن بيّه بزيارة لوزارة التعليم الفنلندية، حيث استمع لشرح من الوزير المفوض عن المبادئ والمميزات التي جعلت من التعليم في فنلندا أفضل نظام تعليمي في العالم، أوضح الوزير أن فنلندا تعتمد مبدأين هما مبدأ عدالة الفرص و مبدأ احتواء الجميع اللذان يكفلان أن يحظى كل أفراد المجتمع بتعليم عالي المستوى ومتناسب مع احتياجاتهم. وقد أشار الوزير إلى أن المعلم يلعب دوراً مهماً في العملية التعليمية ولذا فإنهم يحرصون على أن يكون المعلم الفنلندي متعلماً و محفزاً على الدوام.
وقد شرح الوزير أن التعليم الفنلندي يهدف إلى أن يخرج منه الطالب وقد فهم مجموعة من القيم والمفاهيم من أهمها أن يكون قادراً على التعلم المستمر وأن يكون عضواً فعالاً في المجتمع الديموقراطي وقادراً على تقبل التغير وأن يطور قدراته في التواصل والتعاون مع الغير.
و قد علق العلامة على عرض الوزير بأهمية التعليم وخصوصاً في المجتمعات التي تعاني من أزمات ونزاعات، حيث إن التعليم يقدم فرصاً للأجيال الناشئة ويزودهم بالأدوات اللازمة للتعاطي مع الحياة وفهم المتغيرات وتحليلها تحليلاً يراعي المنطق والتاريخ، قائلاً إن التعليم قد يمثل حلاً مهماً لمشاكل المنطقة العربية والإسلامية.
لقاء مع مسلمي فنلندا:
ابن بيه حث المسلمين في فنلندا على اتخاذ السلم منهجاً وذكرهم بأهمية العلم الشرعي
كما عقد الشيخ اجتماعاً مجدولاً مع مجموعة من مسلمي فنلندا بينهم قيادات وأئمة مساجد وأعضاء في المجلس البلدي، وقد ألقى الشيخ كلمة حثهم فيها على اتخاذ السلم منهجاً والنصيحة طريقة والرفق أسلوباً، مبيناً أن الإسلام يأمر بالحكمة وينهى عن العبثية وأن العنف ما هو إلا نوع من العبث. كما تحدث الشيخ عن أهمية إبراز الصورة الحقيقية للإسلام خصوصاً في هذه الفترة التي يوصم فيها بالإرهاب والعنف بسبب أفعال مجموعة تدعي الانتماء إليه، مذكراً أن عموم المسلمين في الغرب لا يتحملون ذنب ما أجرم هؤلاء الأفراد والمجموعات القليلة بل هم في مجملهم مسالمون ومتفاعلون مع مجتمعاتهم.
في الوقت ذاته نوّه العلامة بن بيّه بأهمية نشر العلم الشرعي لأن أكثر من يقعون ضحية جماعات العنف المتطرف هم جاهلون بدينهم مما يسهل استغلالهم من قبل هذه الجماعات، ذاكراً إمكانية تدريب الأئمة والقادة بالتعاون مع المنتدى وغيره من الجهات الفكرية في العالم الإسلامي.
بعد انتهاء كلمة العلامة فتح الحوار مع الحضور حيث أجاب رئيس المنتدى على أسئلتهم التي تعلقت بموضوعات فقه التعايش ودور المسلم في المجتمعات الغربية.