سيواس (تركيا) (زمان عربي) – إن زرتم مدينة سيواس الواقعة وسط تركيا فمن الأفضل أن تتجولوا في أزقتها في ساعات الصباح الباكر حتى تسمعوا حكاياتها التي تعيش بين ثناياها.. فما الذي ستسمعونه؟
ستسمعون ماتحكيه المباني التاريخية عن طراز العمارة التركية الذي انتقل من سهول آسيا الوسطى إلى الأناضول مثل ضريح الغازي عبد الوهاب الذي يقع على إحدى التلتين في مركز المدينة. وقلعة سيواس التي تقع على التلة الثانية ولم تعد لها أي مهام تذكر.
وكان الغازي عبد الوهاب حامل راية الرسول صلى الله عليه وسلم حسبما جاء في الروايات، وقد عاش عمرا طويلا حتى إنه جاء غازيا إلى سيواس في عهد عبد الملك بن مروان خامس الخلفاء الأمويين. فتُوفي بها.
إن حضن مدينة سيواس الدافئ شهد مأساةً بعد قرون عدة. حيث جرى فيه مقتل ودفن الأمير بايزيد مع أولاده بأمر من والده السلطان سليمان الذي يلقبه الأوروبيون بالسلطان الكبير.
فمن المعلوم أن الأمير بايزيد أعلن العصيان على والده السلطان، وذلك بعد أن قتل السلطان نجله الأكبر مصطفى، ومن ثم خاض حربا مع جيش السلطان القادم من إسطنبول. ولكنه لم يتمكن من تغيير واقعه آنذاك، فلجأ إلى ملك إيران طهماسب، ويقال إن طهماسب سلمه للسلطان لقاء مليون و200 ألف ليرة ذهبية.
وقد سُلِّم بيازيد لسفراء الدولة العثمانية الذين ذهبوا إلى مدينة قزوين، فشُنق مع أولاده، ونُقلت جثثهم إلى سيواس. ولا يزال أهالي سيواس يحزنون على هذه الحادثة المؤلمة.
وكان الملك تيمور لنك الذي قدم من أوزبكستان إلى الأناضول لم يترك فيها وحدةً ولا نظاما وتسبب بحقبة “الانقطاع” من عصر الدولة العثمانية. حيث إن سيواس من المدن التي تعرضت لبطش تيمور لنك. وكان أرطوغرول النجل الأكبر للسلطان بايزيد واليا على سيواس التي لا تزال تذكر مظالم تيمور لنك وجنوده الذين احتلوا سيواس.
وكان أرطوغرول الذي دافع بجنوده عن القلعة استُشهد، وتسبب استشهاده بكآبة السلطان بايزيد، حتى إن بعض المصادر تذكر أنه أراد التنازل عن العرش. ويُذكر أنه صادف راعيا يعزف الناي في سفوح جبل أولوداغ في بورصا (غرب تركيا). فقال له بيتا من الشعر بمعنى:
اعزف أيها الراعي اعزف ومن حقك أن تعزف…
هل سقط لك حصنٌ مثل سيواس؟
أو هل مات لك ابن مثل أرطوغرول؟
لننتقل الآن من العصر العثماني إلى العصر السلجوقي. لقد حان موعد صلاة الجمعة. ولا يزال جامع “قول أخي” باقيا مذ بُني في عهد الملك السلجوقي قطب الدين ملكشاه خلال القرن 12. وهو جامع يبعث على السكينة من خلال بساطته. فمثلا لا توجد نقوش على بابه، أما محرابه فيلفت الأنظار بزخرفته البسيطة.
أما بالنسبة للغداء فننصحكم بالأكل في مطعم “ميس كباب”. كما نوصيكم بتذوق الشاورما في سيواس.
وننوه بأن مدرسة جوك Gök Medrese الشهيرة ما زالت محافظة على هويتها وكذلك مجلس مدينة سيواس. وقد بُنيت من قبل الوزير الإيلخاني شمس الدين الجويني سنة 1271 حيث أفَلت شمس السلطنة السلجوقية، وبدأ عصر الإمارات.
كما نزور مدرسة “شفائية” التي بناها السلطان السلجوقي عز الدين كيغاوس الأول سنة 1217.
كاما ننصحكم بألا تنسوا زيارة الدكاكين التي تباع فيها الهدايا والتحف وقبر السلطان عز الدين كيغاوس.