جوست لاجنديجك
لم تغب المباحثات التي أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع زعماء الاتحاد الأوروبي لدى زيارته لبروكسل الاثنين الماضي عن انتباه الدول الأوروبية الأخرى.
وقد كان الموضوع الأساسي في جميع المباحثات التي أجراها أردوغان هو أزمة اللاجئين السوريين التي تتحدث عنها الصحف الأوروبية في عناوينها الرئيسية، وما هي السبل المثلى للتعاون بين تركيا والاتحاد الأوروبي في هذا الصدد. وبخلاف اللقاءات السابقة أصبحت أوروبا هي التي تقدمت بطلب من تركيا وهو: محاولة تركيا لإيقاف موجات اللاجئين الفارين إلى أوروبا.
وقد سُرَّ أردوغان كثيرا بهذا الطلب الذي عزز من موقفه. وقد شدد أردوغان على جهوده المالية والإنسانية في استقبال مليوني لاجئ على الأراضي التركية، كما ادعى تفوقه الأخلاقي منتقدا الاتحاد الأوروبي في المباحثات وما بعد المباحثات لعدم انتهاجه سياسة فعالة، ومعاناة الاتحاد مع أنه استقبل 200 ألف لاجئ فقط.
لقد استطاع أردوغان أن يتفاخر بهذا الموضوع، لأنه يعلم تماما أن أوروبا بحاجة إلى التعاون مع تركيا من أجل السيطرة على أزمة اللاجئين في أوروبا. ومن الواضح أن نظراءه الأوروبيين قد استاؤوا من هذا التظاهر بالتفوق الأخلاقي لتركيا وسياسة المساومة العنجهية. وعقب مباحثاته مع أردوغان كتب رئيس اللجنة الأوروبية تغريدة على تويتر قائلا: “بعض جيراننا يستخدمون اللاجئين كعنصر مساومة سياسية أو من أجل مآربهم القذرة” مشيرا بذلك إلى تركيا بشكل غير مباشر. ولكن ما هي العروض التي ناقشها الطرفان؟
في ختام زيارة أردوغان شكلت مجموعة عمل أوروبية- تركية رفيعة المستوى للنظر في شؤون اللاجئين. ولا شك في أنه لو تعهد كلا الطرفان بمزيد من الالتزامات المتعلقة بهذا الهدف لكان ذلك أفضل. ولكن لن يحصل شيء من هذا القبيل حاليا، وأردوغان يعلم ذلك. كما أن هذا الموضوع ينطبق أيضا على إصرار تركيا الدائم على طلب مساعدة أوروبا في إنشاء منطقة أمنية ومحظورة للطيران على طول الحدود التركية- السورية. لكن الاتحاد الأوروبي ببساطة ليس راغبا في تلبية مثل هذا المطلب السياسي، خصوصا وأن الأجواء السورية باتت بالغة الخطورة في ظل استعداد الطائرات الروسية.إذن فكلا الطلبين لتركيا لا يهدفان إلا إلى عملية تسويق في السياسة الداخلية.
أما فيما يخص المشاكل الأساسية فما من شك في أن المطالب تشمل حصول تركيا على الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي من أجل تقديم الخدمات التعليمية والصحية للاجئين السوريين. كما يمكن أن يتفق الطرفان على تقوية المراقبة الأمنية لبحر إيجة من خلال التعاون بين قوات الأمن التركية واليونانية. وبناء على ذلك ثمة موضوعان جدليان في الحقيقة:
الأول هو أن يطلب الاتحاد الأوروبي من تركيا أن تسمح له بافتتاح مراكز أوروبية للاجئين على الأراضي التركية للنظر في شؤون اللاجئين، وإعادة كل من يحاول تجاوز هذا الإجراء القانوني، وأن يعرض عليها قبول عدد معين من اللاجئين.
والثاني هو طلب تركيا من دول الاتحاد الأوروبي الإسراع في استصدار القرار بالسماح للمواطنين الأتراك بالتجوال في الدول الأوروبية من دون تأشيرة دخول. وهذا الأمر حساس جدا بالنسبة لبعض الدول الأوروبية، ولكن استعجال الوضع الراهن قد يكون أفضل فرصة بالنسبة لتركيا من أجل حصولها على بعض الامتيازات في هذا الصدد.
فإن كانت هناك إمكانية لتقدم الاتحاد الأوروبي في مجال تأشيرة الدخول، فحينها يمكن أن تصل مجموعة العمل إلى حل سريع على عكس التوقعات.
وسيطالب الاتحاد الأوروبي باتخاذ خطوة ملموسة خلال القمة الأوروبية المزمع عقدها في الأسبوع المقبل. والأهم من ذلك صدور قرار إيجابي بشأن تأشيرة الدخول. حيث إن هذا القرار سيكون كهدية لحكومة العدالة والتنمية، وخاصة في هذه الأيام القريبة من انتخابات 1 نوفمبر المقبل. وسنرى من هو الأكثر مهارة في موضوع المساومة.