تحليل: مسعود تشافيك ألب
إسطنبول (زمان عربي)- لاشكّ في أن قيام روسيا بعمليات جوية في سوريا أحدث تغيرًا جذريًا في معادلة وحسابات الموقف السوري. ويرى الخبراء والمعلقون السياسيون أنه في الوقت الذي يشهد فيه المعارضون السوريون خسارة معنوية كبيرة بسبب العمليات الروسية، بدأت الميليشيات الشيعية التي تقودها إيران تواصل الحرب بجانب نظام الأسد بشكل أكثر قوة. كما يرون أن نظام الأسد سيقوم بتوسعة حدود دولته (النصيرية) التي يرغب في تأسيسها بدعم القصف الروسي.
وفي الوقت الذي تمنح فيه تلك العمليات للنظام السوري إمكانية لم الشمل والتقاط الأنفاس مرة أخرى، شجّعت إيران من ناحية أخرى كلاً من حزب الله اللبناني والميليشيات الشيعية التي جاءت إلى سوريا من دول مختلفة من أجل الحرب في صفوف الأسد. فضلًا عن أن المجموعات الشيعية الموالية للأسد في المنطقة أرسلت إلى سوريا المئات من مقاتليها التي تسير على خُطى إيران.
وقالت مصادر دبلوماسية لصحيفة “زمان” التركية إن المجموعات المعارضة التي تعرّضت لخسائر بسبب الهجمات الجوية الروسية تشهد حاليًا حالة من فقدان الحافز والروح المعنوية. فيما تقول المعارضة السورية، بحسب تلك المصادر، إن نظام الأسد يجري حاليًا استعداداته لشن عملية برية واسعة ضدهم في ظل هذه الظروف.
وفي هذا السياق، يُقال إن الأسد عقب القصف الكثيف بدأ في إرسال جنود ودبابات إلى منطقة وادي الغاب الواقعة في ريف حماة ومنطقتين حول الرستن وتلبيسة وهما آخر منطقتين في يد المعارضة في مدينة حمص.
هدف الأسد إقامة روابط دائمة بين اللاذقية وحماة وحلب
تبعد منطقة وادي الغاب الواقعة بين مدن اللاذقية وحماة وإدلب مسافة من 45 إلى 50 كيلومترًا عن مدينة اللاذقية الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط التي يعتبرها النظام الحصن الحصين له. وإذا ما تمكنت قوات الأسد في السيطرة الكاملة على هذا الوادي ستكون بذلك قد أقامت رابطًا دائمًا على خط اللاذقية وحماة وحلب.
وتهدف دمشق عبر هذه العملية البرية إلى قطع نقاط تواصل المعارضة التي تعد استراتيجية للغاية. ويرى الخبراء أن هدف النظام بعد عملية وادي الغاب، في أغلب الاحتمالات، هو ضم مدينة إدلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة.
دولة الأسد تشمل حماة وحمص واللاذقية وحلب وإدلب والقنيطرة
ويرى الخبراء السياسيون أن الأسد يرغب في تأسيس دولة تشمل كلاً من مدن حماة وحمص واللاذقية وحلب وإدلب والقنيطرة. وفي هذا الصدد يقول ألبر داده الخبير في شؤون الشرق الأوسط بجامعة “ذِروة” التركية إن نظام الأسد الذي تقطعت به السبل بين دمشق ومدن ساحل الأبيض المتوسط يسعى لتوسعة رقعته أكثر من ذلك عن طريق شن عملية برية أخيرة بدعم روسيا وإيران.
ويضيف ألبر أنه على الرغم من أن العملية البرية التي ستدعمها القوات الجوية الروسية بالتعاون مع القوات البرية لإيران والمجموعات الشيعية ستجعله يكسب الوقت، إلا أن ذلك لن يكفي لبسط نفوذه على الدولة برمتها، بل على العكس من ذلك ستكون مآلات هذه المبادرة إبراز حالة الانقسام الموجودة في بلاده. إذ إن قيام الطائرات الروسية في الطلعة الأولى بضرب المركز السري الذي يتيح وسيلة التواصل والتنظيم بين المعارضة وأمريكا يُشير إلى تفاقم واحتدام الصدام العالمي عبر سوريا.
ويرى حسن كان بولاط مدير مركز الشؤون السياسية بأنقرة الخبير في الشأن الروسي أن مرحلة الانقسام المرتقبة في سوريا قد بدأت بسبب العمليات الجوية الروسية. ويقول إن نظام الأسد سيسعى عبر الحرب البرية التي سيخوضها بدعم حلفاءه إلى دفع وانسحاب المعارضة وتقهقرها من المدن الواقعة على ساحل المتوسط. ويضيف “وهذه الحرب الأخيرة ستبلور حدود المجموعات في سوريا. إذ إن الأسد يرسم حدود دولة النصيرية ومقرها اللاذقية بدعم روسيا وإيران”.