أنقرة (زمان عربي)- عاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرة أخرى إلى مقولة “لقد خدعوني!” المقولة التي يلجأ إليها كلما أوقع نفسه في موقفٍ لا يُحسد عليه. فكما قالها من قبلُ كحجة للتغطية على حقائق قضية الفساد والرشوة المعروفة وتضليل الرأي العام بشأن حملات الافتراء والأكاذيب التي يشنها ضد حركة الخدمة بدأ يرددها الآن أيضًا فيما يتعلق بعملية السلام الرامية إلى تسوية المشكلة الكردية في الأساس.
اعترف أردوغان في تصريحات سابقة له بأن حزب العمال الكردستاني استغل مفاوضات السلام والتسوية في تخزين السلاح وأنه هو نفسه حال دون موافقة الولاة على تنفيذ الجيش عمليات ضد المنظمة الإرهابية؛ إلا أنه بدأ يزعم الآن أنه خُدِع طوال فترة المفاوضات ملقياً كل المسؤولية على عاتق المحافظين وموظفي الدولة.
وسلطت صحيفة “ميدان” التركية الضوء على عدد من الشخصيات المحيطة بأردوغان والتي يعتقد أنها تورطت في خداع الرئيس.. ونلخص ما ورد في الصحيفة في عددها الصادر اليوم الخميس حول الموضوع:
هل خدع أردوغان الفريق (أ) له؟
كان رفاق أردوغان وفريقه المقرب منه هم من يشرفون على مفاوضات السلام والتسوية بين الحكومة وزعماء منظمة حزب العمال الكردستاني. وكان على رأسهم وزير الداخلية السابق أفكان آلا، ورئيس جهاز المخابرات التركية خاقان فيدان، وكبير مستشاريه يالتشين أكدوغان. وكان أفكان آلا بين المشاركين في الاجتماع الذي عقد مع القيادات الكردية في حزب الشعوب الديمقراطي في قصر دولمه بهشه بمدينة إسطنبول للإعلان عن ملامح مستقبل عملية السلام. وظهر أكدوغان في الصور مصافحًا مسؤولي حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، بعد التوصل لاتفاق بين الطرفين حول الخطة المزمع تطبيقها لاستكمال هذه العملية.
أمَّا خاقان فيدان فقد كان يشرف بنفسه على اللقاءات واجتماعات الوساطة التي كانت تعقد في بريطانيا، بالإضافة إلى المفاوضات التي أجريت مع الزعيم الكردي المعتقل عبدالله أوجلان.
كما يُعرف بشير أطالاي، نائب أردوغان عندما كان رئيس وزراء، بأنه أول منسق لمفاوضات السلام والتسوية بين الحكومة والعمال الكردستاني.
عدم تزويد الجيش بأي معلومات عن مسيرة السلام
في الوقت الذي أشرف فيه أردوغان والمقربون منه على مفاوضات السلام والتسوية مع العمال الكردستاني، ظل الجيش على الهامش، ولم تقدم له أية معلومات عمَّا يدور في الكواليس. وأكد رئيس الأركان في ذلك الوقت الجنرال نجدت أوزل أن المفاوضات تجري بمعزل عن القيادات العسكرية، وأنهم لم يحصلوا على أي معلومات في هذا الصدد.
فضلًا عن أن الحكومة حرصت على تنفيذ كل مطالب حزب العمال الكردستاني خلال فترة المفاوضات، بل وصل الأمر بهم إلى التخلص من رجال الشرطة الذين كانوا على دراية بالتكوين الداخلي للتنظيم الإرهابي عبر حملات نفي وعزل وحبس شاملة بتهمة انتمائهم لحركة الخدمة وما سمي بالكيان الموازي.
وكانت انتخابات 7 يونيو/ حزيران الماضي نقطة تحول مهمة في المشهد التركي، إذ شهدت البلاد اندلاعاً مفاجئاً للأحداث الإرهابية التي أسفرت عن مقتل ما يزيد عن 140 من عناصر الجيش والشرطة حتى اليوم. ومنذ ذلك الوقت بدأت المعارضة تتهم أردوغان بالوقوف وراء كل هذه الأحداث، بعد هزيمته القاسية في الانتخابات البرلمانية وفشله في الحصول على الأغلبية اللازمة لتحويل البلاد إلى النظام الرئاسي.
وعندما يئس أردوغان من الحصول على الدعم الشعبي الذي كان يتوقعه جراء الأحداث الإرهابية بدأ يلقي كامل المسؤولية على عاتق ولاة وموظفي الدولة، متهمًا إياهم بعدم اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة في هذا المضمار.