(لتحديث الموضوع)
من ليلى بسام وأندرو أوزبورن
بيروت/موسكو أول أكتوبر تشرين الأول (رويترز) – ذكرت مصادر
اليوم الخميس ان مئات الجنود الايرانيين وصلوا الى سوريا للانضمام
الى هجوم بري كبير لدعم حكومة الرئيس بشار الاسد في مؤشر آخر على
التدويل السريع لحرب أهلية أصبحت كل دولة رئيسية في المنطقة عرضة
للخطر بسببها.
وقصفت طائرات حربية روسية معسكرا يديره معارضون تلقوا تدريبا
على أيدي وكالة المخابرات المركزية الامريكية حسبما ذكر قائد
الجماعة واضعا موسكو وواشنطن في جانبي طرفين متنافسين في صراع
الشرق الاوسط للمرة الاولى منذ الحرب الباردة.
وقال مسؤول عسكري أمريكي ان الجيشين الامريكي والروسي سيجريان
محادثات في الساعة 11 صباحا بتوقيت شرق الولايات المتحدة (1500
بتوقيت جرينتش) عبر دائرة تلفزيونية مغلقة للبحث عن سبل للفصل بين
جيشيهما وهما يشنان حملتي ضربات جوية متزامنتين في سوريا.
ووجهت طائرات روسية ضربات لاهداف قرب مدينتي حماة وحمص في غرب
سوريا لليوم الثاني على التوالي من حملة جوية مفاجئة بدأت أمس
الاربعاء.
وقالت موسكو أنها ضربت مواقع لتنظيم الدولة الاسلامية لكن
المنطقة التي أغارت عليها يسيطر عليها تحالف مسلح منافس -على عكس
تنظيم الدولة الاسلامية. ويدعم هذا التحالف حلفاء للولايات المتحدة
بينهم دول عربية وتركيا.
وقال حسن حاج علي قائد لواء صقور الجبل المعارض لرويترز ان من
بين الاهداف قاعدة جماعته في محافظة إدلب التي ضربت بعشرين صاروخا
في طلعتين منفصلتين. وتلقى مقاتلوه تدريبا بواسطة وكالة المخابرات
المركزية الامريكية في قطر والسعودية في اطار برنامج تقول واشنطن
انه يهدف الى تعزيز الجماعات التي تعارض كلا من الدولة الاسلامية
والاسد.
وقال حاج علي ان روسيا تتحدى الجميع وتقول انه لا يوجد بديل
لبشار. وقال ان الطائرات الروسية تم التعرف عليها بواسطة أفراد من
مجموعته خدموا كطيارين بالقوات الجوية السورية.
وقال مصدران لبنانيان لرويترز ان مئات الجنود الايرانيين وصلوا
إلى سوريا في الأيام العشرة الاخيرة مع أسلحة لشن هجوم بري كبير.
وسيدعهم أيضا حلفاؤهم من حزب الله اللبناني الشيعي ومقاتلين شيعة
من العراق بينما سيقدم الروس دعما جويا.
وقال أحد المصدرين “طليعة القوات البرية الايرانية بدأت الوصول
في سوريا : جنود وضباط للمشاركة بوجه خاص في هذه المعركة. إنهم
ليسوا مستشارين.. نعني مئات مع معداتهم وأسلحتهم. وسيتبعهم
المزيد.”
* نفس الاعداء مع اختلاف الاصدقاء
قرار روسيا المفاجئ بالانضمام الى الحرب بهجمات جوية لدعم
الاسد وزيادة التدخل العسكري الايراني يمكن ان يصبح نقطة تحول
محورية في صراع جر معظم القوى العسكرية العالمية.
ومع قيادة الولايات المتحدة تحالفا يشن حربا جوية ضد مقاتلي
الدولة الاسلامية فان خصمي الحرب الباردة من القوتين الاعظم واشنطن
وموسكو تخوضان الان قتالا في نفس البلد للمرة الاولى منذ الحرب
العالمية الثانية.
وتقولان ان لهما نفس الاعداء – تنظيم الدولة الاسلامية المكون
من متشددين سنة أعلنوا الخلافة في أنحاء شرق سوريا وشمال العراق.
لكنهما لهما أيضا أصدقاء مختلفين وآراء متعارضة بشدة عن كيفية
حل الحرب الاهلية السورية المستمرة منذ أكثر من أربع سنوات والتي
قتل فيها أكثر من ربع مليون شخص ودفعت أكثر من عشرة ملايين شخص الى
النزوح من منازلهم.
وتعارض واشنطن وحلفاؤها كلا من الدولة الاسلامية والاسد
ويعتقدون أنه يجب ان يتنحى عن السلطة في أي تسوية سلمية.
وتقول واشنطن ان جزءا رئيسيا من استراتيجيتها هو تشكيل مجموعة
“معتدلة” من المعارضين للقتال ضد الاسد والدولة الاسلامية رغم انها
حتى الان تسعى حثيثا للعثور على كثير من المقاتلين الذين يقبلون
تدريبها.
وتدعم موسكو الرئيس السوري وتعتقد ان حكومته يجب ان تكون محور
الجهود الدولية لمحاربة الجماعات المتطرفة.
وهي تستخدم فيما يبدو حملة مشتركة ضد الدولة الاسلامية ذريعة
لتوجيه ضربات ضد الجماعات التي تدعمها واشنطن وحلفاؤها كوسيلة
للدفاع عن حكومة دمشق التي تتحالف معها موسكو منذ الحرب الباردة.
وتمثل الضربات الروسية خطوة جريئة من جانب الرئيس فلاديمير
بوتين لتأكيد نفوذ بلاده بعيدا عن دول الجوار : فهذه هي المرة
الاولى التي تأمر موسكو قواتها بالدخول في قتال خارج حدود الاتحاد
السوفيتي السابق منذ حملتها الكارثية في أفغانستان في الثمانينات.
* تغير كبير
في اليوم الثاني من الضربات قالت روسيا انها قامت بثماني طلعات
بطائرات سوخوي خلال الليل وأصابت أربعة أهداف للدولة الاسلامية.
غير ان تنظيم الدولة الاسلامية لا يسيطر على أي من المناطق التي
قالت ان الغارات وقعت فيها.
وقالت قناة الميادين التلفزيونية الموالية لدمشق إن الطائرات
شنت 30 ضربة على الأقل ضد تحالف لمقاتلي المعارضة يعرف باسم جيش
الفتح. ويضم التحالف جبهة النصرة جناح القاعدة في سوريا ولا يضم
الدولة الإسلامية التي أعلنت دولة الخلافة في مناطق بسوريا
والعراق.
وقالت الميادين في وقت لاحق ان القوات الروسية ضربت مواقع
للدولة الاسلامية في محافظة الرقة في الشرق.
يأتي التدخل الروسي والايراني لدعم الاسد في وقت تحولت فيه
القوة الدافعة للصراع ضد حكومته ويهدف فيما يبدو الى الغاء مكاسب
المعارضة.
وقال دبلوماسي يتابع الوضع في سوريا “الضربات الروسية تمثل
تغيرا في اللعبة. دمشق هي ورطتها.”
وحقق جيش الفتح تقدما في مواجهة القوات الحكومية بشمال غرب
سوريا في الشهور القليلة الماضية ويحظى بدعم دول في المنطقة تعارض
الرئيس السوري بشار الأسد والدولة الإسلامية.
تقول روسيا إن ضرباتها الجوية أكثر شرعية من ضربات التحالف
بقيادة الولايات المتحدة لأنها تنفذ بمباركة الأسد كما ترى أنها
أكثر فعالية لأن بوسعها التنسيق مع القوات الحكومية لتحديد
الأهداف.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن طائرات سوخوي-24 ام وسوخوي-25
نفذت ثماني غارات وأصابت مستودع ذخيرة قرب إدلب بالإضافة إلى مركز
قيادة تابع للدولة الإسلامية ومكون من ثلاثة طوابق قرب حماة.
وليس هناك وجود كبير للدولة الإسلامية في حماة أو حمص إذ
يتمركز التنظيم إلى حد كبير في شمال وشرق سوريا.
وقالت قناة الميادين الإخبارية اللبنانية إن المقاتلات الروسية
قصفت مناطق ريفية قرب بلدة جسر الشغور التي تقع في شمال غرب سورياد
وتخضع لسيطرة جيش الفتح. وأصابت الضربات أيضا مناطق أخرى في محافظة
إدلب شملت منطقة جبل الزاوية ومناطق في محافظة حماة إلى الجنوب.
وذكرت قناة أورينت نيوز المناهضة للأسد أن الضربات الروسية
أصابت مواقع لمقاتلي المعارضة في ريف حماة.
وتحظى محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة بأهمية استراتيجية
بالنسبة للحكومة السورية بسبب قربها من معقل الأسد المطل على البحر
المتوسط ومن القاعدة البحرية الروسية الوحيدة في البحر المتوسط.
وقال مصدر عسكري سوري اليوم الخميس إن الدعم العسكري الروسي
سيحدث “تغييرا كبيرا” في مجريات الحرب خاصة من خلال قدرات
الاستطلاع المتطورة التي يمكن أن تحدد الأهداف التابعة لمقاتلي
المعارضة.
(إعداد رفقي فخري للنشرة العربية- تحرير سيف الدين حمدان)