(لاضافة اقتباسات من كارتر ومسؤولين روس وروايات سورية والبيت
الابيض)
من أندرو أوزبورن وفيل ستيوارت
موسكو/واشنطن 30 سبتمبر أيلول (رويترز) – شنت روسيا ضربات جوية
ضد أهداف في سوريا اليوم الأربعاء في أكبر تدخل للكرملين في الشرق
الأوسط منذ عشرات السنين وأبلغت القوات الجوية الأمريكية بالابتعاد
أثناء قيام طائراتها الحربية بمهام.
وتأكيد موسكو أنها هاجمت تنظيم الدولة الإسلامية طعنت فيه على
الفور واشنطن ومصادر المعارضة السورية.
ودفعت الضربات الجوية الروسية الحرب الأهلية المستمرة منذ أكثر
من أربع سنوات في سوريا البلاد إلى مرحلة جديدة متقلبة حيث تحرك
الرئيس فلاديمير بوتين بقوة لتأكيد النفوذ الروسي في المنطقة غير
المستقرة. وأثارت الهجمات الشبح الخطير لقيام واشنطن وموسكو بتوجيه
ضربات جوية في نفس الوقت وفي نفس المنطقة لكن بدون تنسيق.
وقال زير الدفاع الامريكي آشتون كارتر انه أمر مسؤولين عسكريين
أمريكيين بالاجتماع مع نظرائهم الروس “في أقرب وقت ممكن” لبحث سبل
التأكد من عدم حدوث تعارض في العمليات.
وقالت الولايات المتحدة ان مسؤولا روسيا في بغداد حذرها لتبقي
الطائرات الأمريكية التي تقوم بحملة قصف يومية على مواقع الدولة
الإسلامية بعيدا عن المجال الجوي السوري أثناء الضربات الجوية التي
تقوم بها موسكو. لكن الولايات المتحدة واصلت عملياتها قائلة انها
استهدفت الدولة الإسلامية بالقرب من مدينة حلب السورية.
وقال بوتين انه يوجه ضربات الى الدولة الإسلامية ويساعد الرئيس
السوري بشار الأسد الحليف الوثيق لروسيا في المنطقة منذ أمد طويل.
لكن واشنطن قلقة من ان موسكو مهتم بدعم الاسد الذي تقول
الولايات المتحدة منذ فترة طويلة انه يجب ان يتنحى عن السلطة أكثر
من اهتمامه بضرب الدولة الاسلامية. ويضم خصوم الاسد في الحرب
الاهلية جماعات معارضة له وللدولة لاسلامية وتدعمها الولايات
المتحدة ودول غربية أخرى.
وقالت وزارة الدفاع الروسية أنها نفذت نحو 20 طلعة جوية فوق
سوريا وضربت ثماني أهداف للدولة الاسلامية وقالت وكالات روسية انها
دمرت موقع قيادة ومركز عمليات للدولة الاسلامية في منطقة جبلية.
وقال سوريون يعيشون في مناطق يسيطر عليها معارضون في محافظة
حمص ان العنف الذي فجرته القوات الجوية الروسية أطلق مستوى جديدا
بالكامل من الدمار في بلداتهم. والطائرات التي تطير على ارتفاعات
شاهقة أعلى من القوات الجوية السورية لم ينبعث منها ضوضاء تحذر
الناس على الارض بالغارات التي اشارت تقارير الى انها قتلت 33
مدنيا على الاقل بينهم أطفال.
ويعني تدخل موسكو ان الصراع في سوريا انتقل خلال بضعة أشهر من
حرب بالوكالة قامت خلالها قوى خارجية بتسليح وتدريب معظم السوريين
على قتال بعضهم بعضا إلى صراع دولي تتدخل فيه القوى العسكرية
الرئيسية في العالم ماعدا الصين مباشرة في القتال.
وانضمت روسيا الى الولايات المتحدة وحلفائها العرب وتركيا
وفرنسا وايران واسرائيل في تدخل مباشر مع توقع انضمام بريطانيا في
وقت قريب اذا حصلت على موافقة البرلمان.
وقال كارتر عن الضربات “يبدو أنها كانت في مناطق من المحتمل
عدم وجود قوات للدولة الاسلامية بها وهذه بالضبط واحدة من المشاكل
في هذا الاسلوب بالكامل.”
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جون كيربي ان
الإشعار بالهجوم جاء من مسؤول روسي في بغداد طلب من القوات الجوية
الأمريكية تجنب المجال الجوي السوري أثناء المهام.
ويعني تحرك موسكو ان طائرات حربية من كل من الولايات المتحدة
وروسيا سيقتسمان المجال الجوي فوق سوريا.
وقال وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير في الامم
المتحدة “في هذا الموقف الساخن يوجد خطر كبير لحدوث مزيد من حالات
سوء الفهم.”
وقال مسؤول أمريكي لرويترز طالبا عدم نشر اسمه انه فيما يعكس
التوتر المتزايد بين القوى الكبرى اتصل وزير الخارجية الامريكي جون
كيري هاتفيا بنظيره الروسي سيرجي لافروف في وقت سابق اليوم
الاربعاء ليبلغه أن الولايات المتحدة تعتبر هذه الضربات خطيرة.
وقال المتحدث باسم البيت الابيض جوش ايرنست ان روسيا تتحرك
“لزيادة” الدعم للاسد مضيفا “لقد قاموا باستثمار عسكري مهم الآن
لدعمه أكثر.”
ووصف إيرنست ذلك بأنه “مؤشر على مدى قلقهم من فقدان نفوذهم في
الدولة الوحيدة الحليفة لهم في الشرق الأوسط.”
وفي موسكو قال بوتين ان الضربات الجوية ستكون محدودة في نطاقها
ويأمل ان يكون الاسد مستعدا لاصلاح سياسي والوصول الى حل وسط من
أجل بلده وشعبه.
وقال بوتين للصحفيين “أعرف ان الرئيس الأسد يدرك ذلك وهو مستعد
لمثل هذه العملية. إننا نعول على موقف نشط ومرن وعلى استعداده لحل
وسط.”
وقال كيري ان واشنطن سيكون لديها “مخاوف خطيرة” اذا ضربت روسيا
أهدافا سورية لا يوجد فيها مقاتلون للدولة الاسلامية. وعبر كيري
الذي كان يتحدث في مجلس الامن مجددا عن وجهة نظر واشنطن بأن
الجماعة المتشددة “لا يمكن هزيمتها مادام بشار الاسد رئيسا
لسوريا.”
وقال ناشطون وسكان محليون ومعارضون ان المناطق في محافظة حمص
السورية التي تعرضت لضربات جوية روسية اليوم الاربعاء تخضع لسيطرة
جماعات معارضة من بينها عدة جماعات تعمل تحت قيادة “الجيش السوري
الحر”.
ومنطقة حمص مهمة لسيطرة الأسد على غرب سوريا. وإذا سيطرت
المعارضة على هذه المنطقة فسيشطر ذلك غرب البلاد الذي يسيطر عليه
الأسد ويفصل دمشق عن مدينتي اللاذقية وطرطوس الساحليتين حيث يوجد
لروسيا منشأة بحرية.
“قنوات اتصال”
جاءت الضربات الجوية الروسية بعد يومين من اجتماع بوتين مع
الرئيس الامريكي باراك أوباما في الامم المتحدة واتفاق الاثنين على
ان قواتهما المسلحة يجب ان تجري محادثات لتجنب وقوع مواجهة بينهما
في سوريا.
وقال لافروف ان روسيا مستعدة لفتح “قنوات اتصال مستمرة” مع
التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الذي يقصف متشددي الدولة
الاسلامية.
وبدأت الطائرات الروسية في القيام بمهام بعد ان أعطى مجلس
الاتحاد بالبرلمان الروسي الرئيس فلاديمير بوتين تأييدا بالإجماع
على شن ضربات بعد طلب من الأسد بتقديم مساعدة عسكرية.
وكانت آخر مرة منح فيها البرلمان الروسي لبوتين حق استخدام
القوة العسكرية في الخارج وهو متطلب فني بموجب القانون الروسي
عندما استولت موسكو على منطقة القرم من أوكرانيا في العام الماضي.
وقال ان التدخل العسكري الروسي في الشرق الأوسط سيشمل فقط
القوات الجوية وسيكون مؤقتا.
وقال بوتين ان من أسباب التدخل ضرورة منع المواطنين الروس
الذين انضموا الى صفوف الدولة الإسلامية من العودة إلى الوطن
والتسبب في مشاكل.
وترسل روسيا باستمرار طائرات عسكرية الى قاعدة في اللاذقية
التي تعتبر معقلا للاسد بعد ان منيت الحكومة السورية بسلسلة
انتكاسات في ميدان المعركة.
وقال مسؤول روسي لرويترز ان موسكو أرسلت بالفعل خبراء عسكريين
الى مركز قيادة أقيم في الاونة الاخيرة في بغداد يتولى تنسيق
الضربات الجوية والقوات البرية في سوريا.
وتدخل روسيا في سوريا سيكون تحديا آخر لموسكو التي تدخلت
بالفعل في أوكرانيا في وقت يعاني فيه الاقتصاد من انخفاض اسعار
النفط والعقوبات الغربية.
(إعداد رفقي فخري للنشرة العربية – تحرير محمد عبد العال)