ممتاز أر تركونه
أوردت صحيفة (أوزجور جوندام) التي ينشرها منظمة حزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي عبارة: “كم ستقتلون أيضا من الأطفال”؟ في عنوانها العريض! ولو رأينا هذا العنوان في جريدة جمهوريت أو يني تشاغ لكان ذلك أكثر منطقية.
حيث شهدت جيزره عملية إرهابية راح ضحيتها 20 مدنيا بينهم أطفال. بدايةً العمال الكردستاني هو المسؤول عن هذه الجرائم لسببين:
1- لأن عناصره يختبئون بين المدنيين ويطلقون النار على قوات الأمن.
2- لأنه يهدف إلى إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا في عملياته الإرهابية.
وكان الكردستاني قد أعلن الحكم الذاتي في بعض المدن والمناطق بجنوب شرق البلاد، وليس في جيزره فقط. وهو يعمد إلى ترسيخ ذلك بقوة السلاح. وهذا ما يُسمى بالحرب الأهلية التي بدأ بها الكردستاني. فبرصاص من قُتل المدنيون العشرون؟ الجواب بلا تردد هو “برصاص الكردستاني”. لأن مقاتليه البالغ عددهم 200 إلى300 مسلح لا يهدفون إلى قتل رجال الأمن والشرطة بل يسعون إلى قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين أيضا. وهكذا تسيّر “حرب الشعب الثوري” كما هي الحال في جيزره.
وحين نقول الحرب الشعبية تخطر على بالنا الأيديولوجيات الماركسية اللينينية التي تطمح للوصول إلى السلطة. وكان ماوتسي تونج قد طور هذه النظرية في الصين من خلال تطبيقات عملية متنوعة. وقد طُبِّقت هذه النظرية بنجاح في أمريكا اللاتينية في ستينيات القرن الماضي. وهي النظرية نفسها التي تبناها اتحاد المجتمعات الكردستانية التابع للعمال الكردستاني، والتي يطبقها اليوم في جيزره.علما بأن هذه النظرية تقوم على استراتيجية تهدف إلى تأسيس سلطة اشتراكية بالاعتماد على شرائح واسعة من المجتمع. وذلك عبر 3 مراحل:
1- حرب العصابات عن طريق مجموعات مسلحة صغيرة ترتكب الاغتيالات وتتوارى عن الأنظار. وهذه المرحلة تُسمى بمرحلة الدفاع.
2- مرحلة التوازن.
3- العمليات المباغتة أو الهجمات العشوائية كما يحدث الآن في جيزره. غير أن الكردستاني يستخدم هذه النظرية من أجل سيادة الفكر القومي اليساري الشمولي. وهذه النظرية لها نقطتا ضعف:
1- هذه الحرب ليست من أجل استقلال الأكراد، بل من أجل توسيع نفوذ الكردستاني. فنصف الأكراد يعيشون في المناطق الغربية من تركيا. في حين أن استراتيجية الكردستاني تهدف إلى السيطرة على منطقة محدودة لا الأكراد.
2- أن العمال الكردستاني يهدف إلى إنشاء ديكتاتورية شمولية لا تعترف بالرأي الآخر ولا حتى بأسلوب آخر للحياة.
والجدير بالذكر أن العمال الكردستاني قد خاض نفس هذه الحرب التي أدارها من شمدينلي، على الحدود التركية والإيرانية والسورية في 2012 ولكنه مُني بالهزيمة. ولكنه استغل مسيرة السلام بين المخابرات التركية وأوجلان، واتخذها وسيلة من أجل توسيع نفوذه وفرض سيطرته على سكان المنطقة. بيد أنه توقف عن عملياته بدءا من شهر مارس/آذار لينتظر نتائج انتخابات 7 يونيو. حيث وسع إطار مشروعيته من خلال الأصوات التي فاز بها الشعوب الديمقراطي. ولكنه استأنف العمليات في منتصف يوليو/ تموز حين أعلن الرئيس الدوري لاتحاد الجماعات الكردية “باسا هوزات”العودة إلى حرب الشعب الثوري. وقد أسفرت هذه الحرب عن استشهاد العديد من رجال الجيش والأمن يوميا، واستمرار الاشتباكات في مراكز العديد من المدن. ولكن ثمة نتيجتان مهمتان:
1- الأكراد لا يدعمون العمال الكردستاني في حربه. ولكن دعم السلام والحل يغيب عن أرض الواقع عندما تبدأ الحرب. علما بأن عدم استجابة الشعب لنداء الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش الذي دعا لمسيرة الشعب على غرار ماوتسي تونج، لها مدلولات كثيرة بما فيها الموقف الغضبي للشعب تجاه دميرتاش.
2- ما يتعلق بانتخابات 1 نوفمبر. وبالنظر إلى العنوان الذي أوردته جريدة أوزجور جوندام التي ذكرناها في مطلع هذا المقال، يتبين لنا أن الكردستاني عازم على توسيع دائرة الحرب ضد الشعب الكردي. وبذلك يكون الكردستاني قد قرر تقديم صندوق الاقتراع على طبق من ذهب إلى الحكومة.