من كريشتينا تان وكارين شتروهكر
هيجيشالوم (المجر)/فيينا 5 سبتمبر أيلول (رويترز) – فتحت
النمسا وألمانيا حدودهما أمام آلاف المهاجرين المنهكين اليوم السبت
بعد وصولهم على حافلات وفرتها حكومة المجر اليمينية التي حاولت في
البداية منعهم لكنها قبلت نقلهم بعد تزايد أعدادهم.
وبعد السماح لهم بالعبور إلى النمسا تم نقل المهاجرين
وغالبيتهم من الفارين من الحرب في سوريا بالقطار والحافلات إلى
فيينا حيث استعدت السلطات لنقل الآلاف منهم مباشرة صوب ألمانيا.
وقال مسؤولون بولاية بافاريا الألمانية إن ألفين من أصل نحو
سبعة آلاف لاجئ سوري يتوقع وصولهم إلى البلاد وصلوا اليوم السبت
إلى ميونيخ على متن قطارات خصصت لهذا الغرض. واصطف هؤلاء للوصول
إلى خيم يتم فيها تسجيل الوافدين الجدد.
وقالت الشرطة النمساوية إن ما يزيد على ستة آلاف شخص دخلوا
البلاد خلال ساعات الليل مع توقعات بوصول المزيد في أزمة لجوء
تعتبر الأكبر في أوروبا منذ حرب يوغوسلافيا في التسعينات.
وفي سالزبورج آخر مدينة نمساوية قبل حدود ألمانيا تدفقت فرق
تمثل منظمات إغاثة ومتطوعون لنقل ملابس وأحذية وسجائر عبر أبواب
قطارات توقفت على الأرصفة.
وقالت شرطة ميونيخ إن مترجمين يتحدثون اللغة العربية يساعدون
اللاجئين على فهم الإجراءات في مراكز التسجيل التي أعدت على عجل.
وتناقض الاستقبال الحار للاجئين في النمسا وألمانيا بشدة مع غياب
النظام الذي ساد في المجر.
وقال عمر الذي وصل برفقة عائلته إلى فيينا “كان الموقف مروعا
في المجر”
وقال هارالد نيمانس المتحدث باسم وزارة الداخلية المجرية إن
قرار برلين بفتح حدودها للسوريين كان حالة استثنائية لأسباب
إنسانية. وأضاف ان السلطات علقت العمل بالقواعد الأوروبية التي
تضمنتها اتفاقية دبلن التي تلزم الأشخاص بتقديم طلبات لجوء في أول
بلد يصلون اليه من بلدان الاتحاد الأوروبي.
وقال نيمانس “اتفاقية دبلن مازالت سارية ونتوقع تمسك الدول
الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بها.”
وفي بودابست التي خلت تقريبا من المهاجرين في الليلة السابقة
عادت محطة القطارات الرئيسية لتكتظ بوافدين جدد في تدفق لا يتوقف
عبر البلقان من تركيا واليونان.
وفي المحطة حصل الناس على ملابس وأحذية وأغطية بينما انخرط
الأطفال في اللهو ولعب كرة القدم.
لكن مع إلغاء رحلات القطارات المتجهة لغرب أوروبا وقف مئات
وقالوا إنهم سيقطعون المسافة إلى الحدود النمساوية سيرا على
الأقدام مثلما حاول آخرون يوم الجمعة. وتصل هذه المسافة إلى 170
كيلومترا.
وبعد أيام من المواجهات والفوضى وفرت الحكومة المجرية أكثر من
مئة حافلة خلال الليل لنقل آلاف الأشخاص إلى الحدود النمساوية.
وقالت النمسا إنها اتفقت مع ألمانيا على السماح للمهاجرين بالعبور
دون التقيد باتفاقية اللجوء.
والتحف كثيرون من المنهكين الأغطية ووقفوا في صفوف طويلة وقد
حمل غالبيتهم أطفالا صغارا نائمين. نزلوا من حافلات على الجانب
المجري من الحدود وساروا تحت زخات المطر باتجاه النمسا بعدما قدم
لهم عمال إغاثة الفاكهة والماء. وعلى الجانب الآخر وقف نمساويون
ينتظرون وقد رفعوا لافتات كتب عليها “مرحبا باللاجئين.”
وقال سوري قدم نفسه باسم محمد “نحن سعداء.. سنذهب إلى ألمانيا.
وقال آخر رفض التصريح باسمه “يجب طرد المجر من الاتحاد الأوروبي.”
وشددت المجر على أن رحلات الحافلات تلك لن تتكرر وإن تجمع
المئات من المهاجرين الآخرين في بودابست.
وعلى النقيض قالت شركة القطارات الحكومية في النمسا إنها أضافت
4600 مقعد إضافي للمهاجرين بتوسيع القطارات وتقديم خدمات خاصة لم
تكن في جداول الرحلات قبل ذلك.
* مهاجرون بائسون وتشدد مجري..
اتخذت المجر وهي نقطة العبور الرئيسية بالنسبة للاجئين إلى
داخل منطقة شينجن منزوعة الحدود في أوروبا موقفا متشددا فتعهدت
بحماية حدودها الجنوبية بسياج مرتفع جديد بحلول 15 سبتمبر أيلول
الجاري.
واعتبر مسؤولون مجريون الأزمة دفاعا عن الرخاء والهوية و”القيم
المسيحية” لأوروبا في مواجهة تدفق بشري غالبيته من المسلمين.
واليوم السبت قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إن بلاده
ستنشر قوات الشرطة بطول الحدود مع صربيا بعد 15 سبتمبر أيلول وربما
قوات من الجيش أيضا إذا وافق البرلمان على مقترح حكومي بذلك.
وقال أوربان “الأمر لا يقتصر على 150 ألف (مهاجر) يريد البعض
توزيعهم وفقا لحصص. الأمر لا يقتصر على 500 ألف وهو رقم سمعته في
بروكسل.. إنهم ملايين.. ثم عشرات الملايين لأن معين المهاجرين لا
ينضب.”
وانتظر آلاف وآلاف لأيام خارج محطة القطارات الرئيسية في
بودابست. وألغيت رحلات القطار إلى غرب أوروبا مع تأكيد الحكومة على
ضرورة تسجيل كل من دخلوا المجر وتقديم طلبات لجوء فيها وفقا لقواعد
الاتحاد الأوروبي.
لكنها وقعت في مأزق يوم الجمعة حين تطورت الأوضاع على أكثر من
جبهة بشكل منفصل ففر المئات من مخيم على الحدود المجرية مع صربيا
وهرب آخرون من قطار تقطعت به السبل وساروا على الطريق السريع
يهتفون “ألمانيا.. ألمانيا.”
وعند ذلك رضخت الحكومة لمطالب المهاجرين ووفرت اسطولا من
الحافلات لتقلهم إلى الحدود النمساوية.
وأصبحت هذه المشاهد رمزا للأزمة التي وصل فيها حوالي 350 ألف
لاجئ ومهاجر لحدود الاتحاد الأوروبي هذا العام ودفعت دول الاتحاد
للبحث عن حل وسط خلافات بشأن تقاسم الأعباء.
وفي اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورج اليوم
السبت غابت الكلمات الدبلوماسية المعتادة والحديث عن العيش المشترك
بعد الفشل في الاتفاق على أي خطوات عملية للخروج من الأزمة. ومازال
الوزراء مختلفين حول مقترحات بشأن تحديد حصة لكل بلد من طالبي
اللجوء.
وقالت يوهانا ميكل ليتنر وزيرة الداخلية النمساوية “بالنظر
للتحديات التي تواجه أصدقاءنا الألمان.. يتعين على أوروبا كلها أن
تستيقظ. عهد الأفكار الحالمة ولى.”
وأضافت “الآن قارة أوروبا أمام تحد. وأمام هذا التحدي العظيم
على القارة بكاملها اتخاذ موقف موحد. كل من يعتقد أن الانسحاب من
الاتحاد الأوروبي أو نصب سياج حول النمسا سيحل المشكلة.. مخطئ.”
وقال وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن إن على بريطانيا
وأوروبا منح اللجوء لأولئك الفارين من الاضطهاد لكن هناك حاجة أيضا
لزيادة المساعدات وهزيمة عصابات التهريب ومعالجة الصراع في سوريا
لنزع فتيل أزمة المهاجرين.
* صورة الطفل الغريق تهز الضمير الأوروبي
وتصاعد الضغط من أجل التحرك بعدما انتشرت صور الطفل السوري
أيلان كردي غريقا على شاطئ تركي الأسبوع الماضي في أبلغ تجسيد
لمحنة اللاجئين.
وانتقدت المجر ألمانيا التي يتوقع أن تستقبل 800 ألف من طالبي
اللجوء هذا العام بعدما قالت أنها ستقبل طلبات السوريين دون النظر
للمكان الذي دخلوا منه للاتحاد الأوروبي.
وقالت بودابست إن هذا الاعلان تسبب في زيادة تدفق اللاجئين.
ومثل غيرها من دول الكتلة الشرقية السابقة في أوروبا التي لم تعتد
استقبال أعداد كبيرة من الأجانب قاومت المجر دعوات من قادة بدول
غرب أوروبا لأن يقبل كل بلد عضو حصة من اللاجئين.
وقال وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو لدى وصوله إلى اجتماع
لوكسمبورج “ما حدث هو نتيجة سياسة الهجرة الفاشلة في الاتحاد
الأوروبي والتصريحات غير المسؤولة التي يدلي بها الساسة
الأوروبيون.”
ورغم أن عددا متزايدا من رحلات المهاجرين عبر البحر انتهى
بحوادث مروعة إلا ان الأعداد الهائلة ممن قرروا المخاطرة بحياتهم
في قوارب متهالكة لعبور البحر المتوسط تظهر أنهم لا ينوون التراجع.
وتوفي أكثر من ألفي شخص في البحر منذ بداية العام بينهم 30 إلى
40 شخصا يوم الجمعة ذكر أنهم غرقوا قبالة ساحل ليبيا.
وقالت قوات خفر السواحل اليونانية اليوم إن نحو 13370 مهاجرا
ولاجئا نقلوا في سفن من جزيرة بشرق اليونان إلى أثينا منذ الاثنين
الماضي.
ووصل عدد قياسي من المهاجرين بلغ 50 ألفا إلى الشواطيء
اليونانية في يوليو تموز الماضي وحده.
(إعداد سامح البرديسي للنشرة العربية – تحرير أحمد حسن)