الاسكندرية (مصر) 5 سبتمبر أيلول (رويترز) – يطرح الفيلم
الوثائقي (رسائل من اليرموك) قضية تخص عصر ما بعد الإنترنت وإن لم
يشر إليها مخرج الفيلم الفلسطيني رشيد مشهرواي في التعليق الصوتي..
هي استحالة إخفاء كارثة إنسانية أو التستر عليها في ظل ثورة
الاتصالات.
فالمخرج الذي لم يذهب إلى مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في
سوريا تمكن من صنع هذا الفيلم كما صنع عن المخيم أنشطة أخرى ثقافية
دون أن يغادر مدينة رام الله حيث يقيم ويتواصل مع أحد أبناء مخيم
اليرموك بالصوت والصورة ويتلقى منه صورا فوتوغرافية ومقاطع فيديو
كشفت جوانب من كارثة إنسانية في مخيم يضم نحو 400 ألف فلسطيني.
وفي وسط القصف وانقطاع الخدمات الأساسية انحاز الفيلم مع أهل
المخيم إلى إرادة الحياة فكانت الموسيقى في الشارع أعلى صوتا من
الانفجارات.
والفيلم الذي تصل مدة عرضه إلى 59 دققية يتنافس ضمن مسابقة
الفيلم العربي الوثائقي الطويل بمهرجان الاسكندرية السينمائي لدول
حوض البحر المتوسط والمقام حاليا بالمدينة الساحلية بمشاركة أفلام
من 33 دولة في أقسامه ومسابقاته المختلفة.
ومشهرواي الذي ولد في غزة عام 1962 أول سينمائي فلسطيني ينجز
أفلاما داخل الأراضي الفلسطينية منذ فيلمه الوثائقي الأول (الملجأ)
عام 1986 واسس عام 1990 شركة ايلول للإنتاج الفني ومن خلالها قدم
عدة أفلام روائية طويلة بدأها بفيلم (حتى إشعار آخر) 1993 الذي نال
عنه عدة جوائز في مهرجانات دولية.
ويبدأ فيلم (رسائل من اليرموك) بتواصل المخرج بالصوت والصورة
مع الفتاة الفلسطينية (لميس) التي تحكي عن مأساة المخيم وكيف أنها
خرجت ووصلت إلى ألمانيا مع آخرين بعضهم سوريون طلبوا اللجوء
السياسي وأنها مازالت تنتظر الموافقة على طلبها لأنها كتبت في
أوراقها أنها “فلسطينية” وتضحك لأنهم في ألمانيا “لا يجدون دولة
بهذا الاسم” ومازالت تنتظر.
ويبدأ مشهرواي الاتصال بالشاب (نيراز سعيد) وهو خطيب لميس
فيمده بصور فوتوغرافية ومقاطع فيديو يصورها للمخيم الذي يتعرض
للقصف في ظل الحرب الأهلية في سوريا وما يترتب عليها من حصار
وانقطاع المعونات الغذائية والمياه والكهرباء.
ولكن سكان المخيم وسط الكارثة التي ربما تحصد روح أي منهم في
أي لحظة -حيث قتل شقيق نيراز فجأة- لا ينسون حقهم في الحياة
فيعيشون على أمل الخلاص حتى أن (أيهم) صديق نيراز يدفع البيانو
الضحم على عربة حديدية يجرها مع أصدقائه ويقدم معزوفات في وسط
الشارع ويتجمع السكان فيغنون وينتظرون.
وفي مشهد له دلالة يجيب نيراز عن سؤال المخرج: من أين؟ قائلا
“من قرية عولم بقضاء طبرية” فتنتقل الكاميرا إلى هناك وتتجول دون
أن يعوقها بيت أو أي من معالم ما كان القرية سابقا.
ويعلق المخرج قائلا إن قرية عولم لم تعد موجودة إذ “دمرت
بالكامل” ولا يعرف نيراز هذه الحقيقة ومن الأفضل أن يظل حيا على
أمل العودة إليها.
ومن الصور ومقاطع الفيديو التي صورها نيراز يقام معرض فني
بمتحف محمود درويش في رام الله يفتتحه وزير الثقافة الفلسطيني
ورئيس البلدية ويحظى بحضور كبير يتأملون الصور التي يغلب عليها
المعاناة على خلفية مقطع فيديو لدرويش يقول فيه..
“سنلتقي غدا على أرض أختك فلسطين / هل نسينا شيئا وراءنا؟
نعم.. نسينا تلفت القلب / وتركنا فيك خير ما فينا / تركنا فيك
شهداءنا الذين نوصيك بهم خيرا”.
وتتنافس في مسابقة الفيلم العربي الوثائقي الطويل عشرة أفلام
من المغرب والجزائر وتونس وسوريا ولبنان والأردن والإمارات وسلطنة
عمان وفلسطين ومصر.
والدورة الحادية والثلاثون للمهرجان ستختتم مساء الثلاثاء
القادم.
(تغطية صحفية للنشرة العربية من الاسكندرية سعد علي – تحرير سامح
الخطيب)