(لإضافة تفاصيل وتغيير المصدر)
من رودي سعيد وكريستينا تان
كوباني (سوريا)/بودابست 4 سبتمبر أيلول (رويترز) – دفن أب
سوري اليوم الجمعة زوجته وطفليه الذين غرقوا لدى محاولتهم الفرار
إلى أوروبا في حين قال رئيس وزراء المجر اليميني فيكتور أوربان
للأوروبيين إنهم قد يصبحون أقلية في بلادهم.
ومع تفاقم مشاعر اليأس والغضب بين الهاربين من الصراع والفقر
فر نحو 300 مهاجر من مخيم استقبال بالمجر بينما اشتبك نحو 200
آخرين مع الشرطة على جزيرة يونانية.
وقالت الشرطة النمساوية إن سائق شاحنة عثر عليها مهجورة
الأسبوع الماضي وبداخلها جثث 71 مهاجرا كان بين مجموعة من الأشخاص
اعتقلوا في المجر.
وكانت الأسرة السورية والمهاجرون الذين اختنقوا في الشاحنة ضمن
عشرات آخرين لاقوا حتفهم أثناء محاولة مئات الالاف من اللاجئين
التوجه برا وبحرا إلى دول شمال أوروبا الثرية مثل ألمانيا أملا في
الحصول على الأمان وبدء حياة جديدة. وكثير من هؤلاء لاجئون من
الحرب الأهلية المستعرة منذ أربعة أعوام في سوريا.
وفي مدينة كوباني السورية دفن الطفل أيلان كردي البالغ من
العمر ثلاثة أعوام إلى جانب والدته وشقيقه البالغ من العمر خمسة
أعوام بمقبرة الشهداء في المدينة التي يغلب على سكانها الأكراد
وتقع قرب الحدود التركية.
وأثارت صور جسد الطفل أيلان الذي جرفته الأمواج على شاطئ قرب
منتجع بوضروم التركي موجة من التعاطف الدولي هذا الأسبوع. وغرق
أيلان مع شقيقه غالب ووالدته ريحان وتسعة آخرين أثناء محاولة
الوصول إلى جزيرة كوس اليونانية على بعد عدة كيلومترات في قارب
صغير.
ومع تزايد الضغوط على الحكومات الأوروبية للتصدي للأزمة بشكل
أكثر فاعلية دعا عبد الله كردي والد الطفلين الدول الأقرب لسوريا
إلى التحرك. وقال كردي باكيا “أريد من الحكومات العربية -ليس الدول
الأوروبية- أن ترى ما حدث لطفلي وأن تساعد الناس من أجلهما.”
لكن رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين
أنطونيو جوتيريس دعا أوروبا اليوم الجمعة لتعبئة “كل قوتها”
للتعامل مع أزمة اللاجئين.
*هواء يكفي لتسعين دقيقة
وفي النمسا قالت الشرطة إن 71 مهاجرا عثر على جثثهم في شاحنة
مهجورة على طريق سريع قرب الحدود المجرية كانوا سوريين وعراقيين
وأفغان لكن لم يتم التعرف على أي منهم. وكان بينهم طفلة وصبي.
وأضافت الشرطة أن الهواء داخل الشاحنة لم يكف الناس لأكثر من
تسعين دقيقة وإنهم بدأوا يفقدون الوعي ببطء فيما يبدو واختنقوا قبل
أن تعبر الشاحنة من المجر. وكان السائق بين خمسة أشخاص اعتقلوا في
المجر.
وفي جنوب المجر قالت الشرطة إن نحو 2300 مهاجر في مخيم استقبال
هددوا بأن يحذوا حذو 300 مهاجر فروا بالفعل من المخيم ما لم تلب
طلباتهم خلال ساعتين.
ويرفض الكثير من المهاجرين تسجيل بياناتهم في المجر خوفا من أن
يمنعهم ذلك من الوصول إلى مقصدهم النهائي المفضل – ألمانيا في كثير
من الأحيان-. ولاحقت الشرطة المهاجرين الذين فروا واستدعت وحدة
لمكافحة الشغب لتأمين المخيم قرب بلدة روزكي.
وفي المجر أيضا بدأ مئات المهاجرين السير من محطة السكك
الحديدية الشرقية في العاصمة بودابست قائلين إنهم سيتجهون للنمسا.
وعلى جزيرة ليسبوس اليونانية اشتبك نحو 200 مهاجر غير مسجل كانوا
يحاولون الصعود على سفينة اليوم الجمعة مع الشرطة ومسؤولي خفر
السواحل.
وتناقضت دعوة رئيس مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مع
الموقف الصارم لرئيس الوزراء المجري الذي حذر من عواقب تدفق هائل
للمهاجرين بأعداد قد تصل إلى عشرات الملايين.
وقال جوتيريس إن الاتحاد الأوروبي بحاجة لبذل المزيد من الجهود
لمساعدة المزيد من اللاجئين على الدخول بشكل قانوني وتوفير نحو 200
ألف مكان لنقلهم وفقا لتقديرات مبدئية ودعم الدول التي تواجه ضغوطا
بسبب تدفق اللاجئين مثل اليونان والمجر وإيطاليا.
وقال في بيان “هذه لحظة فارقة بالنسبة للاتحاد الاوروبي ولا
خيار أمامه الا تعبئة كل امكانياته لمواجهة هذه الازمة. الطريق
الوحيد لحل هذه المشكلة هو ان يطبق الاتحاد وكل الدول الاعضاء
استراتيجية مشتركة قائمة على المسؤولية والتضامن والثقة.”
وغامر أكثر من 300 ألف شخص بأرواحهم هذا العام في محاولة عبور
البحر المتوسط ولقي أكثر من 2600 شخص حتفهم خلال تلك الرحلة.
وأوقفت السلطات التركية 57 شخصا كانوا يحاولون العبور إلى
جزيرة كوس اليونانية مساء الخميس في حين لم تردع وفاة الطفلين
المهاجرين الذين سيسلكون المسار ذاته.
*”أقلية في قارتنا”
لم يلق نداء إردوغان صدى يذكر لدى رئيس الوزراء المجري أوربان
الذي دافع عن موقف حكومته المتشدد من الأزمة.
وقال “الواقع هو أن أوروبا مهددة بتدفق بشري هائل. يمكن أن
يأتي عشرات الملايين من الناس إلى أوروبا. إننا الآن نتحدث عن مئات
الآلاف لكننا سنتحدث العام المقبل عن الملايين ولا نهاية لهذا
الأمر.”
وتابع قوله للإذاعة الرسمية “سنجد نفسنا فجأة أقلية في
قارتنا.”
ووجهت المجر انتقادات لألمانيا المقصد الأكثر شعبية بين
المهاجرين لقولها إنها ستقبل طلبات الهجرة من سوريا بغض النظر عن
المكان الذي دخلوا منه الاتحاد الاوروبي.
ومع تزايد الضغوط قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن
بلاده ستستقبل “آلافا آخرين” من اللاجئين السوريين.
وحتى الآن لم تستقبل بريطانيا سوى أعداد صغيرة من اللاجئين
السوريين الأمر الذي أثار انتقادات في الداخل والخارج.
وتعهدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأن بلادها لن تتسامح
مع كراهية الأجانب لكن استطلاعا للرأي أجراه تلفزيون (إيه.أر.دي)
أظهر أن شعبيتها تراجعت بشكل مفاجئ بسبب تعاملها مع أزمة اللاجئين.
ودخل 104460 من طالبي اللجوء ألمانيا في أغسطس آب وهو رقم
قياسي وتتوقع ألمانيا أن يتقدم 800 ألف شخص في المجمل بطلبات لجوء
هذا العام وهو ما يزيد عن مستويات العام الماضي بواقع أربعة أمثال.
(إعداد ليليان وجدي للنشرة العربية – تحرير أحمد حسن)