كاليه (فرنسا)/بودابست 2 سبتمبر أيلول (رويترز) – تدفق مئات
المهاجرين الليلة الماضية على خط القطارات الذي يربط بين باريس
ولندن قرب ميناء كاليه الفرنسي فتقطعت السبل بمئات الركاب وسط
الظلام في قطارات شركة يوروستار.
وعلى بعد مئات الأميال جرف البحر جثث مهاجرين آخرين الى شاطئ
تركي. وانتشرت صور رضيع غارق ووجهه الى أسفل على الشاطئ على مواقع
التواصل الاجتماعي بسرعة شديدة. وهذه هي أسوأ أزمة هجرة تشهدها
أوروبا منذ حروب البلقان في التسعينات.
وخارج محطة للقطارات في بودابست اعتصم حشد غاضب مطالبا بركوب
القطارات المتجهة الى المانيا مع تداعي نظام اللجوء في اوروبا تحت
ضغط توافد أعداد كبيرة من المهاجرين.
ووصل مئات آلاف اللاجئين الفارين من الحروب والمهاجرين لأسباب
اقتصادية هربا من الفقر الى الاتحاد الأوروبي مما أربك زعماءه وغذى
صعود اليمين.
وغرق الآلاف في البحر المتوسط ولقي كثيرون حتفهم خلال محاولتهم
السفر برا منهم 71 عثر على جثثهم في شاحنة مهجورة في النمسا
الأسبوع الماضي.
ووعدت المفوضية الأوروبية بكشف النقاب عن سياسة جديدة الأسبوع
القادم لتسهيل عملية تقديم طلبات اللجوء وإعادة من ينتمون لدول
آمنة الى بلادهم وتوزيع من يحق لهم اللجوء على الدول أعضاء الاتحاد
وعددها 28.
في الوقت نفسه سعت السلطات جاهدة لتطبيق قواعد تسمح بحرية
الحركة بين معظم دول الاتحاد لكنها تضع قيودا على سفر المهاجرين
الذين لا يملكون الوثائق اللازمة.
واتجه المئات الى قضبان السكك الحديدية القريبة من محطة
كاليه-فريتون وهي أحدث هدف لمن يحاولون السفر الى بريطانيا
ويعتبرها كثيرون مكانا أفضل للإقامة من دول أخرى في أوروبا.
واضطرت شركة (إس.إن.سي.إف) الفرنسية للسكك الحديدية وقف
خدماتها قرب مدخل نفق القنال. ولم تتمكن ثلاثة قطارات تابعة لشركة
يوروستار من التحرك الليلة الماضية وفي النهاية استطاعت مواصلة
رحلتها الى لندن في وقت مبكر اليوم الأربعاء بينما عاد قطاران الى
محطتي المغادرة.
وفي إحدى المراحل طلب من الركاب في واحد من القطارات المتجهة
الى لندن والذي توقف على بعد أقل من 1.6 كيلومتر من النفق التزام
الصمت والإنصات لرصد أي أصوات تدل على صعود مهاجرين الى سطح
القطار. ثم حلقت طائرة هليكوبتر فوق القطار بينما سار الحراس على
القضبان بحثا عن مهاجرين لكنهم لم يرصدوا أحدا على ما يبدو.
وبعد قطع الكهرباء جلس الركاب في الظلام وسط درجة حرارة مرتفعة
لنحو أربع ساعات.
ويقيم ما بين ثلاثة وأربعة آلاف مهاجر من الشرق الأوسط وآسيا
وأفريقيا في مخيمات قرب كاليه ويرواغون الشرطة بينما يحاولون ركوب
القطارات والشاحنات المتجهة الى بريطانيا من خلال نفق القنال أو في
العبارات التي تنقل السيارات.
وقالت متحدثة باسم شركة يوروتانل التي تدير نفق السكك الحديدية
أسفل القنال إن مع تشديد إجراءات الأمن في ميناء كاليه وعند مدخل
النفق استهدف المهاجرون محطة كاليه-فريتون على بعد نحو خمسة
كيلومترات خارج المنطقة التابعة لشركة يوروتانل.
ارتباك
في المجر احتج مئات المهاجرين لليوم الثاني امام محطة للقطارات
في بودابست بعد أن منعتهم الشرطة من ركوب قطارات متجهة الى
المانيا.
وانتظر اكثر من الفي لاجئ بينهم أسر معها أطفال في الميدان عند
المحطة بينما تمكن المجريون الذين يحملون بطاقات هوية والأجانب
الذين أظهروا جوازات سفرهم من ركوب القطارات.
وبدأت المانيا التي استعدت لاستقبال اكبر عدد من اللاجئين في
قبول طلبات اللجوء من السوريين بغض النظر عن الدول التي دخلوا منها
الى الاتحاد على الرغم من منع سفر المهاجرين الذين لا يحملون وثائق
بين دول الاتحاد. وسبب هذا ارتباكا للدول المجاورة التي تأرجح رد
فعلها بين السماح بمرور المهاجرين ومنعه.
وأعلنت ايطاليا عن إجراءات جديدة لتشديد الرقابة على حدودها
الشمالية استجابة لطلب من المانيا.
وفي المجر وهي محطة الوصول الرئيسية لمن يعبرون منطقة البلقان
برا قال متحدث باسم الحكومة إن بلاده ستطبق قواعد الاتحاد الأوروبي
التي تحظر سفر من لا يملكون وثائق سليمة.
ارتباك
وبرزت مخاطر الرحلة مع ظهور صور رضيع يرتدي قميصا قطنيا احمر
وسروالا قصيرا أزرق اللون وحذاء صغيرا جرفته المياه الى شاطئ
بودروم في تركيا. وقالت الشرطة إن ما لا يقل عن 12 شخصا غرقوا من
مجموعة من 23 مهاجرا انطلقت في قاربين الى احدى الجزر اليونانية.
وأربكت أزمة الهجرة الاتحاد الأوروبي الملتزم بمبدأ استقبال
اللاجئين الفارين من خطر حقيقي لكن ليست لديه آليات لإجبار دوله
البالغ عددها 28 على اقتسام العبء.
ومن المتوقع أن يكشف رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر
عن مقترحات خلال خطاب حالة الاتحاد السنوي الذي يلقيه امام
البرلمان الأوروبي الأسبوع القادم. ويعقد وزراء الداخلية اجتماعا
طارئا بعد ذلك بخمسة ايام.
وتقول دول مثل ايطاليا واليونان والمجر التي يصل اليها معظم
المهاجرين قبل التوجه الى الدول الأغنى شمالا إنها بحاجة لمزيد من
المساعدة من شركائها الأوروبيين.
وأعلنت اليونان التي يصل الى شواطئها نحو 2000 لاجئ يوميا في
قوارب صغيرة عن خطط لإنشاء مركز عمليات جديد وقالت إنها ستحسن
الأوضاع في مخيمات وصفتها الأمم المتحدة بأنها “عار”. وقالت إنه تم
إلقاء القبض على أربعة من بلغاريا واثنين من تركيا لتهريبهم 103
مهاجرين في شاحنات.
وكانت المانيا الأكثر ترحيبا بالمهاجرين ووضعت خططا لاستقبال
مئات الآلاف من اللاجئين هذا العام وخصصت 3.3 مليار يورو (3.7
مليار دولار) إضافية لميزانية الرعاية الاجتماعية للعام القادم.
ووصل عدد قياسي من طالبي اللجوء الى المانيا الشهر الماضي بلغ
104460 وسجل اكثر من 400 الف مهاجر اسماءهم في نظام الماني لتسجيل
اللاجئين والمهاجرين منذ بداية العام.
(إعداد دينا عادل للنشرة العربية- تحرير سيف الدين حمدان)