من أولف ليسينج
القاهرة 2 سبتمبر أيلول (رويترز) – تكافح الحكومة الليبية
المعترف بها دوليا لجذب شركات النفط الكبرى في مسعى للسيطرة على
عائدات الخام وإجبار الحكومة الموازية في طرابلس على توقيع اتفاق
سلام برعاية الأمم المتحدة حيث يخشى العملاء الأجانب من قطع
علاقاتهم بالمؤسسة الوطنية للنفط في العاصمة طرابلس.
وتقع معركة الموارد النفطية الليبية في بؤرة الصراع بين
حكومتين وبرلمانين كل منهم متحالف مع عدد من الجماعات المسلحة التي
تتقاتل على السلطة منذ أربع سنوات بعد أن أطاحت انتفاضة بحكم معمر
القذافي.
وتريد الحكومة المعترف بها دوليا التي تتخذ من شرق البلاد مقرا
منذ فقدت السيطرة على طرابلس قبل عام أن تناقش شركات النفط عقود
الشراء مع مسؤوليها هي وليس مسؤولي المؤسسة الوطنية للنفط الموجودة
في العاصمة طرابلس التي تسيطر عليها جماعة منافسة.
وحتى الآن يتجاهل المشترون الأجانب الصراع ويواصلون الشراء من
خلال المؤسسة الوطنية للنفط والبنك المركزي في طرابلس بالنظام
المعمول به منذ عشرات السنين عندما كان القذافي في سدة الحكم.
وبتعيين إدارة للمؤسسة الوطنية للنفط تدين بالولاء لها ودعوة
الشركات لمؤتمر في دبي تكون الحكومة المعترف بها قد صعدت الصراع
للضغط على منافستها في طرابلس للموافقة على حكومة وحدة وطنية بحسب
ما يقول رجال أعمال وأشخاص على دراية بقطاع النفط في ليبيا.
ورفض المؤتمر الوطني العام في طرابلس التوقيع على مسودة اتفاق
تتوسط فيه الأمم المتحدة ليعيق بذلك الاتفاق الذي تقول قوى غربية
إنه المخرج الوحيد للبلاد من الفوضى.
وقال رجل الأعمال البارز حسني بي “إنها البطاقة الوحيدة التي
لم تستخدم لإجبار المؤتمر الوطني العام على التفكير بمنطقية لصالح
ليبيا والقبول بحكومة وحدة وطنية” مضيفا أنه إذا لم يوافق المؤتمر
فستكون حكومة الشرق بحاجة لممارسة الضغط من خلال السيطرة على
عائدات النفط شريان الحياة للبلاد.
ويزداد الضغط على رئيس وزراء الحكومة المعترف بها عبد الله
الثني الذي يسعى جاهدا كي لا ينفلت منه زمام السيطرة على البلاد
حيث تعمل حكومته في مدينة نائية بشرق البلاد وتصدر قرارات يتجاهلها
وزراء طرابلس الذين يدينون بالولاء للحكومة المنافسة.
وقال ماتيا توالدو من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن
وضع الثني كرئيس للحكومة المعترف بها دوليا لن يعطي مسؤوليه الحق
في الادعاء بملكية الاحتياطيات النفطية.
أضاف “الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قالوا مرارا وتكرارا
إنهم لن يعترفوا بأي مؤسسة اقتصادية موازية… مدفوعات النفط
الكبيرة تذهب عبر أنظمة مثل سويفت الذي يسيطر عليه الاتحاد
الأوروبي والولايات المتحدة في الوقت الراهن.”
وطلب الثني بالفعل في مارس آذار دفع ثمن صادرات النفط من خلال
حسابات مصرفية جديدة في دبي لكن أحدا من المشترين لم يوقع على أي
اتفاق بسبب المخاوف القانونية المتعلقة بإثبات الملكية. ويجري حفظ
العقود والبيانات الجيولوجية بمقر مؤسسة النفط في طرابلس.
وفي الدعوات التي وجهها لشركات النفط العالمية لحضور مؤتمر دبي
أشار رئيس المؤسسة الوطنية للنفط الذي عينته الحكومة المعترف بها
دوليا ناجي المغربي إلى أن المؤسسة مقرها مدينة بنغازي بشرق البلاد
وليس طرابلس حيث يعمل المئات من موظفيها.
لكن لا توجد أي وحدة تابعة للمؤسسة الوطنية للنفط تعمل في
بنغازي فالمدينة ساحة قتال بين القوات الحكومية والجماعات
الإسلامية منذ العام الماضي ويعمل المغربي من البيضاء حيث مقر
الثني.
وتضغط الأمم المتحدة على الأطراف المتحاربة من أجل تشكيل حكومة
وحدة وطنية هذا الشهر لأن ولاية مجلس النواب الحالي والموجود أيضا
في الشرق تنتهي في أكتوبر تشرين الأول وفي ظل عدم التوصل لاتفاق
ستصبح الإجابة عن السؤال عن الجهة التي تمثل ليبيا أصعب بل وقد
يؤدي هذا الأمر إلى تأجيج الصراع.
ويطالب سكان الشرق الثني بالحصول على عائدات النفط لأن 60
بالمئة من صادرات النفط الليبي تأتي من مينائي الحريقة والبريقة
بينما تذهب المدفوعات إلى طرابلس.
ويقول البنك المركزي في طرابلس – الذي يحاول أن يظل بعيدا عن
الصراع – إنه يخدم ليبيا كلها لكن الحياة في الشرق باتت أصعب حيث
يعطل القتال تسليم الأموال من البنك المركزي ونقل الواردات
الغذائية والوقود.
ويقول أشخاص على دراية بقطاع النفط في ليبيا إن حكومة الثني
عينت المغربي كرئيس شرقي للمؤسسة الوطنية للنفط لأنه أقوى من سلفه
المبروك أبو سيف الذي أقيل من منصبه.
وينحدر الرجلان من قبيلة المغاربة التي ينتمي إليها أيضا
إبراهيم الجضران القائد السابق لإحدى المجموعات المعارضة للقذافي
والذي يسيطر على موانئ نفطية مهمة في الشرق ويقود قوة تضغط من أجل
مزيد من الحكم الذاتي في الشرق. وقد حاول بيع النفط من تلقاء نفسه
العام الماضي قبل أن يدخل في سلام مع الثني.
وقال شخص على دراية بقطاع النفط في ليبيا كان قد عمل مع
المغربي في إحدى شركات النفط الحكومية “ناجي أقنع الجضران أن
بإمكانه بيع النفط… لديه مطامح لكني متأكد من أن مؤتمر دبي
سيفشل.”
وقالت المؤسسة الوطنية للنفط في الشرق يوم الجمعة في دعوة
مليئة بالألغاز الناتجة عن الأخطاء الإملائية الكثيرة في نسختها
الإنجليزية إنها أجلت لمدة أسبوعين المؤتمر الذي كان من المقرر أن
يعقد يوم الثلاثاء بسبب حاجتها لمزيد من الوقت لإرسال مدراء.
وقال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس مصطفى صنع الله إن
المؤسسة ردت باجتماع مع 26 شركة نفط أجنبية الأسبوع الماضي ونشرت
صورة تظهره وتسعة أشخاص آخرين يجلسون في غرفة اجتماعات.
وقال توالدو “المؤسسة الوطنية للنفط في البيضاء (التي ليس لها
هيكل حقيقي يذكر) فشلت بشكل متكرر في أن تجتذب ولو شركة واحدة…
الشركات الكبرى تفضل الالتزام بالعقود والتعامل مع المؤسسة الوطنية
للنفط في طرابلس التي تعاملوا معها لعشرات السنين.”
(إعداد إسلام يحيى للنشرة العربية – تحرير أحمد إلهامي)