بيروت 23 أغسطس آب (رويترز) – في ثاني أيام الاحتجاجات ضد
الحكومة اللبنانية وقعت أعمال عنف اليوم الأحد بينما هدد رئيس
الوزراء تمام سلام بالاستقالة مع تسبب السخط الشعبي في استقطاب
الآلاف للنزول إلى الشوارع.
وبلغ الغضب من حكومة الوحدة التي يقودها سلام وتضم ساسة
منقسمين في لبنان ذروته في الأسابيع الأخيرة بسبب الفشل في حل أزمة
تراكم القمامة. وهو ما يجسد إخفاقا أوسع للدولة الضعيفة.
وعانت حكومة سلام من حالة من التعثر جراء الخصومات السياسية
والطائفية التي فاقمتها أزمات أوسع نطاقا في الشرق الأوسط ومن
بينها الحرب في سوريا المجاورة.
وقال سلام في خطاب بثه التلفزيون “أنا بصراحة لست ولن أقبل أن
أكون شريكا بهذا الانهيار. خللي (دعوا) كل المسؤولين والقوى
السياسية يتحملوا.”
وأضاف “موضوع النفايات هو القشة التي قصمت ظهر البعير لكن
القصة أكبر بكثير من هذه القشة هذه قصة النفايات السياسية في
البلد.”
ونزل آلاف المحتجين إلى شوارع بيروت مطلع هذا الأسبوع جراء
أزمة النفايات في إطار حملة تحمل اسم (طلعت ريحتكم) ردا على
القمامة التي تراكمت في بيروت وحولها الشهر الماضي عندما أغلق مكب
نفايات دون الاتفاق على فتح بديل. ومع استئناف عمليات جمع القمامة
لم يتم ايجاد حل.
ووجهت مدافع المياه وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق
عدة آلاف من المتظاهرين بوسط بيروت. ورشق المحتجون شرطة مكافحة
الشغب بالحجارة والعصي مع تصاعد العنف بالقرب من مكتب سلام بوسط
المدينة.
وسمع دوي إطلاق نار حيث أطلق رجال الأمن النار في الهواء.
وفاحت روائح الغاز المسيل للدموع من شوارع وسط بيروت مع سعي الشرطة
لإجبار المحتجين على الخروج من المنطقة.
وردد المحتجون “الشعب يريد إسقاط النظام”.
وأشعل بعض المتظاهرين حرائق. وأُشعلت النار في شجرة بجوار
كنيسة كما حُطمت واجهات متاجر. وتفجرت أعمال عنف مساء السبت أيضا.
وأصيب العشرات خلال اليومين .وأُصيب ثلاثون من أفراد الأمن
الداخلي اليوم الأحد أحدهم إصابته خطيرة بحسب ما أوردته الوكالة
الوطنية للإعلام.
وقال حسن شمص وهو من القائمين على الحملة لمحطة تلفزيون الجديد
إن مندسين هم وراء أعمال العنف وإن الحملة بدأت سلمية وستستمر
سلمية.
وقال سامر عبد الله وهو ناشط (39 عاما) “الناس خرجوا لأنهم لا
يحصلون على الكهرباء أو الطاقة. لديهم مليون مشكلة ومشكلة القمامة
هي التي أشعلت الموقف.”
ولا توجد مشاركة ظاهرة لأي من الأحزاب السياسية الكبيرة التي
تهيمن على الدولة ومعظمها طائفي.
وكثيرا ما أعرب سلام (70 عاما) عن إحباطه من إخفاق حكومته التي
تضم الأحزاب اللبنانية الرئيسية بما فيها حركة المستقبل التي
يقودها سنيون برئاسة سعد الحريري بالإضافة إلى حزب الله الشيعي
والأحزاب المسيحية.
وتشكلت حكومة سلام بمباركة قوى إقليمية متصارعة كإيران
والسعودية.
وقال سلام إنه إذا لم يؤت اجتماع الحكومة يوم الخميس ثمارا في
القضايا التي من بينها عطاء متعلق بشركة جمع القمامة فلا ضرورة
لوجود الحكومة أصلا.
وفي حال استقالة سلام فستظل الحكومة لتسيير الأعمال. ولكن
استقالته ستتسبب في أزمة دستورية. فبحسب النظام اللبناني فإن
الرئيس هو من يعين رئيس الوزراء.
ولكن منصب الرئيس شاغر منذ انتهاء فترة رئاسته قبل أكثر من
عام. ويحتاج شغل المنصب إلى اتفاق سياسي يعتقد الكثيرون إنه لا
يمكن التوصل إليه إلا بوساطة إيران والسعودية.
وحذر سلام من أن الحكومة المثقلة بالديون لن تكون قادرة على
دفع الأجور الشهر المقبل. وإذا لم تتمكن من الاقتراض مجددا فسيكون
لبنان معرضا للوقوع في تصنيف الدول الفاشلة.
وقال مصدر حكومي إن إجمالي الديون على لبنان تصل إلى نحو 143
في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
وتعهد سلام بمحاسبة المسؤولين عما سماه الاستخدام المفرط للقوة
أمس.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن الشرطة اللبنانية لم تطبق
معايير حقوق الإنسان ودعت لإجراء تحقيق.