إسطنبول (زمان عربي) – أدلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومسؤولو حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذين يكبدون صورة الإسلام والمسلمين أضرارًا جسيمة بسبب السياسات التي ينتهجونها بتصريحات مؤثرة للغاية خلال الـ13 عامًا التي قضوها في الحكم. فمن ناحية جعلوا من الاتحاد الأوروبي أمرًا لا مفر منه من أجل إرساء الديمقراطية في البلاد ومن ناحية أخرى مدوا غصن الزيتون للأكراد والعلويين والجماعات الدينية إلى أن فاز الحزب بالانتخابات للمرة الثالثة.
لكن الغريب في الأمر هو ذهاب “أردوغان” الذي كان يحتضن الجميع ويحظى بإعجاب كبير في كل من العالم الإسلامي والغربي إلى جانب شعبيته العريضة في تركيا، وحلّ مكانه فجأة “أردوغان” يحتقر ويهين ويشتم الجميع ويفكر في الكرسي ويلهث وراء الإسراف والترف.
ومن ثمّ، جمعنا لكم عشرة تصريحات أدلى بها أردوغان ومسؤولون بالعدالة والتنمية إلا أنهم تراجعوا عنها بمقدار 180 درجة:
أرجينكون قصة خرافية!
ليس بعيدًا، فقبل بضعة سنوات كان الرئيس رجب طيب أردوغان ومسؤولو العدالة والتنمية يكيلون المديح للمدعين العموم الذين تولوا التحقيقات في قضايا محاولات الانقلاب العسكري مثل “أرجينكون” و”المطرقة الثقيلة” أو “باليوز” ورجال الأمن المشرفين على عمليات الاعتقال.
إلا أنه سرعان ما تغيّر فكرهم بمجرد الكشف عن ملفات الفساد والرشوة التي في 17 و25 ديسمبر/ كانون الأول 2013. فالحزب الذي أسسه أردوغان، والذي كان يقول إنه “المدافع عن قضية أرجينكون” و”المحقق” فيها، وإنه ينبغي التصفيق للذين كشفوا عن هذه المخططات، بدأ اليوم يزعم أنه حيكت مؤامرت ضد القوات المسلحة التركية عبر تلك القضايا والتحقيقات.
أردوغان نسى المسألة الكردية بمجرد تراجع أصواته!
يمكن القول بأن المسألة الكردية هي أكبر الأمور التي تغيّرت فيها وجهة نظر حزب العدالة والتنمية وأردوغان. إذ إنها لم تتغير مرة واحدة، بل تغيرت باستمرار. فعلى سبيل المثال؛ إن أردوغان الذي قال في وقت سابق “من يجلس مع حزب العمال الكردستاني للتفاوض فهو عديم الشرف” غيّر كلامه وقال “إن الدولة هي من التقت العمال الكردستاني وليست الحكومة”.
وقال أردوغان في وقت آخر “من الممكن أن تبدأ مفاوضات أوسلو (عملية السلام الداخلي مع الأكراد) مجددًا”، ليعطي بذلك تصريحات متناقضة مع بعضها البعض. لكن أردوغان ومسؤولي العدالة والتنمية الذين أدلوا بتصريحات بنّاءة وإيجابية إلى حد ما بشأن عملية السلام حتى الانتخابات الأخيرة، سرعان ما تبنوا لهجة مختلفة تمامًا في تصريحاتهم بمجرد أن اجتاز حزب الشعوب الديمقراطي الكردي الحد النسبي لدخول البرلمان، وحطّم حلم أردوغان في تطبيق النظام الرئاسي.
وبغض النظر عن التصريحات الهدّامة التي تبناها الحزب الحاكم، بدأت من ناحية أخرى نقاشات حول سيناريوهات إغلاق الحزب الكردي.
ويمكن القول بأن رئيس الوزراء آنذاك أردوغان اتخذ مسارًا متعرجًا باستمرار في موضوع المسألة الكردية. لدرجة أنه قال في وقت سابق “لا يمكن أن ألتقي بحزب يعد امتدادًا لمنظمة إرهابية”، في إشارة منه إلى حزب الشعوب الديمقراطي إلا أنه جلس مع هؤلاء الأشخاص على طاولة مفاوضات واحدة.
خلع عباءة الفكر الوطني “ميللي جوروش”!
حاول أردوغان في الأيام الأولى التي وصل فيها حزب العدالة والتنمية إلى سُدة الحكم لأول مرة أن يعطي رسائل مفادها أنه لن ينتهج سياسة “إسلامية” بقوله “خلعتُ عباءة الفكر الوطني” الذي كان يقوده رئيس الوزراء الراحل والزعيم الإسلامي نجم الدين أربكان” من أجل كسب رضاء الليبراليين والعلمانيين والديمقراطيين الاجتماعيين. إلا أنه بمجرد أن بدأ الحزب يفتقد الأصوات سرعان ما بدأ أردوغان يحمل المصحف في الميادين، لدرجة أنه نُشرت له صور أثناء الصلاة، لكسب مزيد من المؤيدين المحافظين الذين كثيراً ما ينخدعون بالصور والمظاهر.
من أردوغان يقول “أغلقوا حزبنا” إلى أردوغان يسعى “لإغلاق حزب كردي”
كثيرًا ما كان يقول أردوغان في السنوات الأولى من الحكم إنه رجل سياسي تم إغلاق حزبه وأنه أودع السجن بسبب قراءته أبياتاً من الشعر. إلا أنه الآن يفرض ضغوطا كبيرة على رجال القضاء من أجل إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي الذي أحدث ضجة كبيرة في السياسة التركية بعدما اجتاز الحد النسبي (10 في المئة من الأصوات). زد على ذلك أن هناك الكثير من الأكاديميين والصحفيين ومواطنين عاديين في زوايا السجون بسبب أفكارهم وآرائهم الشخصيّة.
من حزب كان يقول “جعلواالجوامع إسطبلات” لحزب “أغلق جامعًا”
كان ادعاءُ أن حزب الشعب الجمهوري المعارض جعل بعض الجوامع إسطبلات موضوعًا تلوكه ألسنة الإسلاميين في وقت من الأوقات. إلا أن الغريب في الأمر هو أنه في عام 2015 ذاعت حادثة أخرى بإغلاق أحد الجوامع، لكن مرتكبها هذه المرة هو العدالة والتنمية.
الموضوع باختصار هو أن المواطن مولود دونماز وجّه سؤالا لوزير الزراعة وشؤون الغابات وايسل أروغلو لدى خروجه من الصلاة في جامع “أولو جامع” الذي ذهب إليه لصلاة الجمعة في مدينة كوتاهيا غرب البلاد قائلا “معالي الوزير، لماذا أغلقتم الجامع المشيد قبل 36 عامًا في كوتاهيا؟ فأنا تعلمت قراءة القرآن فيه”. فرد عليه محافظ كوتاهيا شريف يلماز قائلا “أنا الذي أغلقت الجامع لأنه يتم فيه تخريج عملاء لإسرائيل. أخبروه بأنني أغلق كافة مؤسسات الخونة وسأغلقها جميعًا”، ليتم بذلك إغلاق جامع في عهد حزب يدافع عنه الجوامع.
نسوا “الاتحاد الأوروبي” وبدؤوا يتحالفون مع “خماسية شنغهاي”
كان هدف حزب العدالة والتنمية الذي تصدى في السنوات الأولى من الحكم للوصاية العسكرية العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي. وعليه، وقّع كل من عبد الله جول ورجب طيب أردوغان على الاتفاق المبرم لبدء المفاوضات في هذا الصدد. إلا أن أردوغان الذي قال “سننفذ معايير كوبنهاجن حتى إن لم ندخل الاتحاد الأوروبي”، وإن هدفه هو العضوية الكاملة بالاتحاد، حوّل وجهته إلى الشرق؛روسيا والصين، بعدما بدأ يبتعد عن الديمقراطية شيئًا فشيئًا. وقال في لقاء له مع بوتين “أدرجونا ضمن خماسية شنغهاي، وسننسى بدورنا الاتحاد الأوروبي”.
من التواضع إلى الغرور!
كان جميع أعضاء حزب العدالة والتنمية يقولون في الفترات الأولى التي تولى فيها الحزب الحكم إنهم سيمضون في طريقهم رافعين شعار “النواب البرلمانيون لن يسكنوا في مساكن فخمة تابعة للمسؤولين بل سيكونون وسيعيشون بين عامة الشعب”. وحلوا ضيوفًا على موائد الفقراء، وافتخروا بأنهم جاؤوا من بين الشعب.
ومع مرور الوقت لم يعد هناك أحد من العدالة والتنمية إلا وأصبح غنيًا. لدرجة أن غالبية الشخصيات المعروفة في الحزب والمقربة منه بدأت تُذكر بأحداث الفساد والرشوة. أما أردوغان فيسكن في قصر يضم 1150 غرفة وأصبح رمزًا للترف والإسراف.
أردوغان بات يصف حركة الخدمة بالتنظيم الإرهابي بعد أن كان يصف أفرادها بـ”جنود الخدمة”
كان أعضاء حزب العدالة والتنمية وعلى رأسهم أردوغان يكيلون المديح في الماضي على حركة الخدمة التي تستلهم فكر الأستاذ محمد فتح الله كولن. لدرجة أنهم كانوا يصفون هؤلاء الناس الذين يعملون بجد من أجل نشر السلام في كافة أنحاء العالم بـ “أبطال وجنود الخدمة”.
إلا أنه مع الكشف عن أعمال الفساد التي تورط فيها أردوغان ومسؤولون كبار بالعدالة والتنمية، سرعان ما أُعلن هؤلاء الجنود الأبطال كـ”إرهابيين” فجأة.
أردوغان من “أخي الأسد” إلى “العدو اللدود”!
كانت العلاقة بين كل من رجب طيب أردوغان والرئيس السوري بشار الأسد حميمة للغاية في وقت من الأوقات. فبغض النظر عن أن هذه العلاقة كانت تهدف إلى تحسين العلاقات بين البلدين أم لا، لكن توطدت علاقات حميمة بين الأسرتين. وسرعان ما تغيرت الأمور فيما بعد، وتحول الأسد “الشقيق” إلى “عدو”. وبدأ أردوغان وفريقه يحلمون بأداء صلاة الجمعة في الجامع الأموي بدمشق بعد فتجها.
ألم يكن “النظام الرئاسي” أحد أوجه فرض الإمبريالية!
إن الموضوع الذي لا يكاد يمر يوم إلا ويتم الحديث عنه في العام الأخير هو أحلام أردوغان في تطبيق النظام الرئاسي بنكهة تركية بدلا عن النظام البرلماني الحالي ليصبح رئيسًا للبلاد. إلا أن أردوغان نفسه قال قبل سنوات “إن ظهور النظام الرئاسي هو نتيجة لتقليد أعمى أو أمر وفرض لنا من الإمبريالية الأمريكية”.