علي بولاج
إن العالم الإسلامي بتمامه تعمه الفوضى. ومع أن ثمة فروق في درجات العنف المنتشر في العالم الإسلامي، إلا أن هناك صراعا بين أتباع مختلف الديانات والمذاهب والقوميات والطبقات والدول ومؤسسات المجتمع المدني والجماعات.
وآخر أنواع الصراع هو الصراع بين الرجل والمرأة، وهو صراع يفتت العائلة. وتختلف الأسلحة والأدوات المستخدمة في هذا الصراع. فالأسلحة التي تُستخدم في هذه الصراعات متنوعة وتختلف حسب الزمان والمكان وتكون الأموال أحيانا هي السلاح المستخدم وفي حين أخر الإعلام والقوانين والمجالس التشريعية والمعتقدات والمؤسسات والبنادق والطائرات والقنابل والاتفاقيات السرية أو العلنية مع القوى الخارجية، تكون هي الأسلحة المستخدمة ضد الخصوم.
إن تسامح المسلم تجاه غير المسلم لم يختفِ تماما، فثمة موروث ولو كان ضئيلا من التاريخ، إلا أن تسامح المسلم تجاه المسلم وكأنه قد انعدم تماما. فالكل يرى خصمه بمثابة شر لابد من القضاء عليه. فالآخر بالنسبة لكل واحد هو الشيطان ويجب عليه أن يبغضه ويكرهه.
نحن نذبح بعضنا بعضا منخدعين بأنواع من التحريض المختلفة. ومن أبسط الأمثلة على ذلك أنه ليس بإمكاننا الاستعانة بكأس ماء لإطفاء نار الفتنة المشتعلة فيما بيننا نتيجة المذهبية السنية التي تثيرها أمريكا والشيعية التي يحرض عليها الإنجليز. وعلى العكس من ذلك فإننا نتعصب أكثر للمذهبية السنية أو المذهبية الشيعية. علما بأنه يحرم التعصب للسنية أو الشيعية إذا كان ذلك يتسبب في الفتنة، ويُستخدم سلاحا بيد القتلة. فكون المسلم المخلص الذي يسعى لتطبيق الأحكام الإلهية في حياته سنيًا كان أو شيعيًا أمرٌ يختلف عن كونه متعصبا للمذهبية السنية أو للمذهبية الشيعية.
فكل واحد من البشر يعتبر نفسه في مركز الحياة، ولايعترف بأنه يخطئ ولو قيد أنملة، ويرى بأن آراءه في قضيته محقة بالمطلق، ويريد أن يكون الغالب في صراعه. كما أننا لا نراعي الحدود في الحروب التي تدور بيننا. حتى إن إحدى الصحف المتدينة التي لا تترك الحديثَ عن الدين والإيمان، ولا تغفُل عن ذكر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تورد في صفحاتها مثل هذا الكلام عمَّن تظنه عدوًّا: “لا يمكن لتركيا أن تتغلب على عدوها بكونها “طيبا وبارا”، بل ينبغي علينا أن نصبح ظالمين وسمجين وغوغائيين وطائشين ووقحين وحقودين كي ننتصر في الحرب”.
إن الأنانية زائدة لدى الزعماء في كل دول في هذا العالم. وعلى الرغم من أنَّ أوزان أجسامهم تتراوح ما بين 80و90 كيلوجراما إلا أن أوزان أنانياتهم تبلغ 5 أطنان وكأنها بضخامة الفيلة. فالمسؤولون يتلاعبون بكامل المجتمع وفق حساباتهم السياسية الضيقة، في الوقت الذي يجعلون فيه الحرص على البقاء في السلطة غايتهم الكبرى. إذ يكفي لواحد منهم أن يكون طامعا ذكيا كي يصبح زعيما. ولا أحد يكترث بالخصال الحميدة كالعلم والحكمة والتقوى والفراسة والتضحية.
وليس هناك نظام سياسي يضمن الحريات والحقوق الأساسية في أيٍّ من الدول في العالم الإسلامي. فالمساكين والبؤساء لا يلجؤون إلى الدول في العالم الإسلامي بل يلجؤون إلى الدول الصليبية. فالنشاط الاقتصادي لا يستند إلى الإنتاج الحقيقي. كما أن دول العالم الإسلامي المنهارة أخلاقيا كلها غارقة في عمليات الرشوة والفساد. حيث إن تلك الأنظمة باتت قائمة على الخداع والفساد. علما بأن العالم الإسلامي يحظى على الأقل بثلثي الموارد الطبيعية في العالم، ومع ذلك لا تتمتع أيٌّ من هذه الدول بحق التصرف بمواردها الطبيعية وخطوط نقل الطاقة.
ولا تزال مقولة نيكسون التي قالها في سبعينيات القرن الماضي سارية، إذ قال: “بعض دول هذا العالم (الإسلامي) منتجة للبنزين، وبعضها الآخر عبارة عن مخافر للقوى العالمية. فالتصريحات والخطابات الرسمية في الظاهر كلها جوفاء، وعبارة عن الكلام الحماسي الفارغ”.
إن عالمنا مريض القلب والبنية، ولا يمكن للساسة تشخيص هذا المرض. إذ لا يمكن لأحد تشخيص هذا المرض ومعالجته سوى العلماء ذوي المسؤولية الأخلاقية العليا، والفقهاء، وعلماء الكلام، والصوفيين، والمثقفين الذين يتجنبون الموائد الغنية في قصور السلاطين.